تقارير وتحقيقات
المندائيون في العالم
الديانة المندائية: هي من أقدم الديانات الموحدة. كانت منتشرة في بلاد الرافدين وفلسطين ما قبل المسيحية ولا يزال معتنقيها موجودين في العراق في بغداد والمحافظات الجنوبية وهناك تواجد للمندائيون في اقليم الأحواز في ايران إلى الآن ويطلق عليهم في اللهجة العراقية الصبه كما يسمون بالمندائيين أو الصابئة المندائيين حيث اشتقت كلمة المندائيين من الجذر (مندا) والذي يعني بلغتهم المندائية المعرفة أو العلم أما كلمة الصابئة فهي مشتقة من الجذر (صبا) والذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، تعمد، غط أو غطس في الماء وهي من أهم شعائرهم الدينية وبذلك يكون معنى الصابئة المندائيين أي المصطبغين أو المتعمدين العارفين لدين الحق أو العارفين بوجود الخالق الأوحد الأزلي. تدعو المندائية للإيمان بالله ووحدانيته وهي اول الديانات الموحدة ويسمى بالحي العظيم أو الحي الأزلي حيث جاء في كتاب المندائيين المقدس كنزا ربا أن الحي العظيم أنبعث من ذاته وبأمره وكلمته تكونت جميع المخلوقات والملائكة التي تمجده وتسبحه في عالمها النوراني كذلك بأمره تم خلق آدم وحواء من الصلصال عارفين بتعاليم الدين المندائي وقد أمر الله آدم بتعليم هذا الدين لذريته لينشروه من بعده
وهجرتهم أصل الصابئة المندائيين
بعد ترجمة ليدزبارسكي للنصوص المندائية الى اللغة الألمانية، تغيّر رأي المستشرقين وعلماء الأديان والمؤرخين. فهناك مؤشرات في النصوص المندائية تقول انهم قدموا من الغرب، أي فلسطين وسورية. لأن هناك نصوصاً تشير الى أن المندائيين الأوائل تعرضوا لاضطهاد اليهود، الأرثوذوكس منهم على وجه الخصوص، فتركوا سورية وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر تلال الجزء الشمالي من وادي الرافدين الى الجزء الجنوبي منه، ربما في رحلة استغرقت نحو 100 عام وبدأت في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا الى جنوبي وادي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية، لكن لا بد أنه كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قدموا من الغرب. وأعتقد بأننا لا نستطيع تفسير كل ما يتعلق بالمندائيين من ميثولوجيا وثيولوجيا وأيديولوجيا وغيرها إستناداً الى أواني والرقوق والأدعية والعملات المندائي التي عثر عليها في مناطق مختافه من ايران وسوريا
وحدها.. لكنها
- أحد أشهر النصوص المندائية الذي يتحدث عن هذه الهجرة هو "هران جويثا" (حران الداخلية، الجوانية). صابئة المندائيون أناس يمتازون بالطيبة والتسامح والخلق السمح ولطافة المعشر، عانوا من ظلم الحكومات المتعاقبة على حكم العراق ومورس بحقهم شتى أنواع الأضطهاد والأهمال وإنكا ر لحقوقهم القومية والدينية بشكل مميز، هاجر العديد منهم الى الدول الأوربية طلبا للحرية الدينية والرفاه القومي تحررا من الضغط المستمر. عمل العديد منهم في ممارسة المهن الحرفية مثل صياغة الفضة والذهب وفي صناعة الأدوات الزراعية في المناطق الريفية
واشتهر فيهم العديد من الشعراء الذين تميزوا بالاصالة والأبداع كما برز منهم من أثرى التراث والثقافة والعلم فبرز منهم العلماء والشعراء والفنانين اشتهر الصابئة المندائيون منذ القدم بحبهم للعلم والأدب والمعرفة واتقان الحرف كما إشتهروا بعلم الفلك والطب ومنهم غني بتدوين التأريخ ومنهم الشعراء والمفكرين. / ثابت بن قره كان طبيباً وفيلسوفاً بارعاً في علم الرياضيات/ سنان بن ثابت بن قره كان رئيس الأطباء في بغداد في زمن الخلافة العباسية. / إبراهيم بن سنان بن ثابت كان مهندساً مشهوراً وله كتابات مهمة في علم الفلك./ البتاني وهوعالم رياضي وفلكي وله كتابات مهمة في علم الفلك./ أبو أسحق الصابي صاحب ديوان الرسائل ./ سنيجر شاعر تنبوئي./ الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد هو اول من صاغ الكتاب المقدس للطائفة الكنزا ربا صياغة للغوية الى العربية . الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة. عالم الغيزياء عبد الجبار عبدالله وهو احد العباقرة الذين يعتز بهم العالم انشتاين. صاحب نظرية الهواء المظغوط في علم الاعاصير / عالم الفلك عبد العظيم السبتي مدير المرصد الفلكي في لندن وقد سمي نجم اكتشفه باسمه . والكثير غيرهم من العلماء والادباء. نلمس في هذه الأيام ومع الأسف خنقا لهذه الطائفة الأصيلة والمتجذرة اصولها في تربة وماء العراق، نلمس ممارسات تؤدي الى تشريدهم وابادتهم وتعمل على انقراضهم من خارطة الوطن العراق، ان البلدان الراقية تحاول حماية الحيوانات النادرة والأصيلة في اراضيها ونحن مع الأسف لم نستطع ان نحافظ على هذه الأمة التي علمتنا فن النقش على الذهب والفضة وعلمتنا كيف يكون التعايش مع الأخرين لا نريد ان نفقدهم مثلم ا فقدنا قبلهم الأخوة من الديانة اليهودية .ان تعاليم دينهم كلها تعاليم سمحاء تدلك على القيم الأصيلة والروح الهادئة في تعاملاتهم وعلاقاتهم
االلغة المندائية
لقد كانت اللغة المندائية ـ والمندائية بالمناسبة تعني العرفانية ـ لغة العلم والمعرفة ولغة التداول اليومي جنبا الى جنب مع اللهجات الأخرى مثل النبطية والبابلية الكلدانية (القريبتان جداً من المندائية) الى ان اخذت بالضعف والأنكماش التدريجي امام اللغة العربية التي هيمنت على العراق بعد الفتح العربي الأسلامي في القرن السابع الميلادي، فتخلى عنها المندائيون في العراق تماما لصالح اللغة العربية لأسباب عديدة ومن اهمها الاضطهادات الدينية والعرقية، وأصبحت تقتصر حاليا على رجال الدين المندائيين الذين يؤدون بها الطقوس الدينية اي لغة طقسية liturgical language
وتنتمي اللغة المندائية الى نفس المجموعة من اللغات السامية التي ت نت مي ال يها الأكدية والعبرية والعربية والآرامي ة والفيني قية والكنعانية . والمندائية هي اللهجة الآرامية الوحيدة التي حافظت على نقاوتها اللغوية من الألفاظ والتعابير الخارجية خاصة من الألفاظ العربية،
وتمتاز بسهولة تعلمها وبمرونة اصواتها وعذوبة الفاظها، ومازالت اللغة المندائية لغة الأدب ولغة الطقوس لدى المندائيين في العراق والعالم بالأضافة الى انها لغة التخاطب لدى صابئة ايران. وتشترك المندائية في كثير من مفرداتها مع اللغة العربية ويمكن تمييز ذلك بدون صعوبة تذكر، كما انها تحتوي على الكثير من المكونات السومرية مثل ملواشا (الأسم الفلكي) واشكندا (مساعد) وكذلك المئات من المفردات الأكدية مثل ديمتو (دمعة) ودالو (ارتفع) وهبالو (خوف) وهشالو(صائغ). ان اللغة المندائية ذات انسيابة شعرية خاصة تعبر عن الأفكار الثيوصوفية التي يمتاز بها الأدب الديني المندائي
اعداد: خليل ابراهيم الحلي / سدني