أقلام حرة

صادق السامرائي: داحس والغبراء!!

ليس واضحا طبيعة علاقة القبيلتين قبل إجراء المسابقة بين الفرسين أو الحصانين، وتم التركيز وبتكرارية متواصلة على أن سبب الحرب التي إستمرت لأربعة عقود، هو ما جرى أثناء المراهنة التسابقية بين رمزين لحالتين مبهمتين.

لا يمكن مهما توهمنا أن تكون الحادثة المذكورة السبب الرئيسي للحرب الطويلة، وإنما على الأكثر كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.

لقد إنغرست الفكرة في أذهان الأجيال بإقترابات إستصغاريه وأحيانا إستهزائيه، وإيهاميه بأن العرب هكذا طبيعتهم، ونشرت العديد من الدراسات والمقالات المؤكدة لما أريد له أن يترسخ في وعينا الجمعي، وهو منافٍ للطبيعة السلوكية البشرية وعناصر تأججها ومركباتها التفاعلية.

من منظار نفسي بحت يصعب تصديق الرواية، ولا بد من النظر إليها بعيون أخرى وتبصر أعمق، فليس كل مدون يعبّر عن الحقيقة.

نعم الحرب إستمرت أربعة عقود، وحرب كهذه لا يبررها سباق خيول، بل أنها ناجمة عن تراكمات متعادية بلغت ذروتها فكانت تحتاج لقدحة ما، وكانت القدحة بهذه الحادثة المعروفة.

زهير بن أبي سلمى وصفها بمعلقته، لكنه لم يتوسع بأسبابها الحقيقية، ولا توجد مدونات ذات إحاطة شاملة ببواعثها ومعززات تواصلها لعقود.

من أهم أسباب معاناتنا ونوائبنا، إننا نصدق بسهولة ونميل للتبعية، فهيمنت علينا الخرافات والأضاليل والأساطير، وأضحت العديد من الأكاذيب مسلمات مقدسة، لا يجوز التفاعل معها بغير ما يؤكدها ويمنحها صفة الثبات والنزاهة.

فهل أن ما عرفناه عن هذه الحرب الطويلة بصادق؟

وهل سببها من فبركة مستشرق مغرض؟!!

"تداركتما عبسا وذبيان بعدما...تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم"

"فلا تكتمن الله ما في نفوسكم...ليخفى ومهما يكتم الله يعلم"

"رأيت المنايا خطب عشواء مَن تصب...تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم"

أكاذيبٌ بها الأسماع تشقى

مكررةٌ مواصلة الخداع

فأزهقنا بها الأرواح ظلما

وأمسينا بدائرة الضياع

بداحسةٍ وغبراءٍ عُرفنا

فأُسْقِطنا بدائرةِ التداعي

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم