أقلام حرة
صادق السامرائي: سرقة أبيات شعر!!
يُذكر أن إبن أبي الشاعر كتب إلى أهل مكة بيتين من الشعر وقال أجيبوني عنهما، وهما:
"هذا كتاب فتى طالت بليته
يقول يا منتهى شوقي وأحزاني
*
هل تعلمين وراء الحب منزلة
تدني إليك فأن الحب أقصاني"
ولما نظر أهل مكة بهما وإذا البيت الثاني ليعقوب بن إسحاق المخزومي، فوجهوا إلى المدينة وارتفعوا إلى عاملها فأدبه على سرقة البيت!!
حضرتني هذه الواقعة التي حصلت منذ قرون عديدة، وأحد الأخوة يستل بيتين من إحدى نصوصي المنشورة وينسبها لنفسه، وتنهال عليها إشارات الإعجاب والتهليل.
قرأت البيتين اللذين أعجباه والكثيرون من متابعيه، وما أشرت إلى عائديتهما، ولماذا إستولى عليهما، فالمهم أن الفكرة ذات صدى.
وسرقة المنشور ظاهرة شائعة في مجتمعات توهمت الديمقراطية والحرية، وحسبتها بلا معايير ولا ضوابط وأخلاق، وكأنها إنفلات وتسيّب.
البعض كان يذكر لي أنه ينشر في الصحف الورقية، وما أسهل ذلك، فنسخ والصق، وكفى، فما أيسر الكتابة والنشر المستباح.
عجائبنا السلوكية تحط من قيمة الإبداع والعطاء الأصيل، وتشوه الواقع وتدفع به إلى البهتان والخسران، فالحقوق ضائعة، والجهود مبددة، والتناحر والاقتلاع ديدن تفاعلي هدّام، ومستدام، من أعلى الهرم إلى قاعه، وكل يغني على ليلاه التي لا يعرفها، ويتسبب لها بأمراض قاتلة، ويخشى أن يكون طبيبها المداويا، لأنها إذا تماثلت للشفاء يفقد مبررات وجوده المكين.
و"ليس هناك شيئ لا يستحق السرقة"!!
و"لعن الله السارق"!!
***
د. صادق السامرائي