أقلام ثقافية

ثامر الحاج امين: حال الكتاب ماضيا وحاضرا

يشهد سوق الكتاب حاليا تراجعا ملحوظا في حجم مبيعاته وتسويقه وذلك بسبب التحولات الكبيرة والتكنولوجيا المتطورة التي أفضت الى ظهور الكتاب الالكتروني والمنصات الرقمية والتي أثرّت بشكل واضح على عزوف قطاع كبير من القراء على شراء الكتاب، كما ان حال الكتاب والى سنوات قريبة مختلفا عما عليه اليوم، فالكتاب في السابق كان محميا من آفة التزوير والقرصنة وكذللك حقوق المؤلفين هي الاخرى محمية من الانتهاك بموجب مواثيق موقعة من قبل دور النشر على عكس ما نراه اليوم من الفوضى وغياب المعايير في النشر والسطو على الملكية الفكرية، كما كان الكتاب يتمتع بأهمية وضرورة لدى القارئ وتتنافس دور النشر على اصدار الكتاب الاكثر رصانة والأجدر بالقراءة وهذا التوجه لا ينحصر في الساحة المحلية فحسب انما يتجلى بشكل واضح في الساحة العالمية، ففي كتابه الممتع (ماركيز.. لن أموت أبدا) يحكي مؤلفه " كونرادو زولواجا " عن الظروف التي كتب فيها ماركيز رواياته والظروف التي رافقته في رحلته لنشرها والمعوقات التي واجهته وتحديدا عند نشر روايته (مئة عام من العزلة) حيث يذكر كونرادو ان دار النشر التي قامت بنشر الرواية المذكورة أخبرت ماركيز ان الطبعة الأولى من الرواية سوف تكون في حدود ثمانمئة الف نسخة مما اثار تعجب ماركيز باعتبار الكتاب الجديد يحتاج الى معرفة بالكاتب في حين هو ما زال في بداية مشواره الأدبي، فجاء تعليقه: " أليس هذا كثيرا للغاية؟ " فأكدت له الدار انها ستبيع هذه النسخ في غضون عام، ولكن المفاجأة ان كل نسخ الرواية بيعت في اول  خمسة عشر يوما، وهناك شائعات في عالم النشر تذكر بأنه بعد أربعة اعوام من نشرها بيع منها ما يزيد على الخمسين مليون نسخة في الأربعين لغة التي صدرت بها، وهذا الاقبال و التهافت على اقتناء كتب ماركيز ليس بالأمر الغريب والمحصور في بيئة الكاتب التي تتكلم بلغته والقريبة من أجواء رواياته انما دول عديدة  شهدت هذا الاقبال على كتب ماركيز ومن بينها العراق، فأنا اتذكر في العام 1986 وهي السنة التي شهدت وصول روايته (الحب في زمن الكوليرا) الى مكتبات العراق كنت انتظرــ مع جمهرة واسعة من القراء ــ ساعات عند باب معرض بغداد الدولي الذي احتضن معرض الكتاب لتلك السنة من أجل الفوز بنسخة من تلك الرواية،  وعندما فشلتُ في المرة الاولى من الفوز بنسخة لسرعة نفادها من الجناح المخصص لبيعها لجأت الى الكلام الناعم والرجاء من الفتاة الحسناء المشرفة على الجناح ان تحجز لي نسخة وفعلا عدت في اليوم التالي وسلمتني الكتاب مع ابتسامة انستني بها مرارة ثمنه الباهض في حينه .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم