أقلام ثقافية

عبد الخالق الفلاح: القراءة من أسباب رقي المجتمع

تعاني الامة العراقية اليوم من الامية بعد ان كانت مصدرا للمعرفة وهي امة الكتابة  ليس بمفهومها الأبجدي  فحسب، ولكن من جهة الجهل  بآليات العلم وطرق التحصيل، وتفعيل آثاره على الفرد والمجتمع،بسبب التحولات السياسية التي حدثت خلال العقود الاخيرة،والابتعاد عن الكفاءات والعقول الكبيرة والنيرة التي لم تحصل على المكان الذي يستوجب ان يكونوا فيها وحسب اختصاصتهم، فيوجب بنا مراجعة ما تبعثر من الأوراق، وإعادة الاعتبار لهذه العقول والخبرات بكل اطيافها ومكوناتها وهم اهل لحمل الامانة و أمة القراءة والعلم والمعرفة، أمة المجد، أمة الإبداع والابتكار، واستثمارهم للعلم والمعرفة بدل تخريبهم وانزوا هم في الظلمة بدل نشر المعرفة ، فالعقل في حاجة اليوم إلى حمايته من جهة الوجود والعدم كما هو مصرح به في كل مصادر المعرفة .

من خلال المتابعة نجد اليوم إن مفتاح تطوّر الشعوب وتقدّمها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقراءة، فهي التي تفتح بصيرة الأمم نحو التطلع والمنافسة والتقدم و الأمة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها وتفقد مشعل المعرفة .

 ماتت  الكثير من الامم منذ أن تربعت على عرش الفتن، ماتت منذ أن تحول الكتاب إلى عدو وباتت الرفوف تزين به، لتنوب عنه وسائل التواصل الاجتماعي  التي قتلت ولاتزال  كل أشكال  البحث العلمي.

ان القراء تساعد على تنمية القدرة والتحليل والنقد من خلال توظيف الفرد مهارة التفكير الناقد، وذلك من خلال ما يلاحظه من التفاصيل التي يقرأها ويحدد فيما إذا كانت قد كُتبت  و و صفت بطريقة جيدة أم لا، وأن يحدد أثناء قراءته لموضوع ما إذا ما كانت مكتوبة بشكل جيد أم لا، وينتقد، والجدير بالذكر أن امتلاك المرء مهارة التفكير الناقد ضروري في مختلف جوانب الحياة الخاصة به، ومما لاشك فيه إن إنجاز الشعوب وبناء حضارتهم وتاريخهم العريق، والذي جعلهم في حقبة من الزمن.. مراكز فكرية، وثقافية وتجارية واقتصادية وسياسية وعملية ونجدها ان وجودها كانت بعد القراءة! الدقيقة والسليمة في النقل .

 ان القراءة تمنح الفرصة للأفراد لاكتساب المعرفة والمعلومات من خلال قراءة الكتب والمقالات والصحف والروايات، ليتعرف الأفراد على أفكار جديدة وثقافات مختلفة ومجالات معرفية متنوعة، تسهم في توسيع آفاقهم وتطوير قدراتهم العقلية والفكرية. وقد يكون القارئ عنصراً فاعلاً في تطوير المجتمع وارتقاء مستواه المعرفي والحضاري ويترك ذلك الأثر الذي تتركه القراءة في حياة كل فرد في المجتمع  وتزيد عملياً من مستوى إنتاجية الفرد وتفاعله، وتعاطفه ووعيه، وهذا سينعكس حتماً على المجتمع بقدرته على التفاعل الإيجابي، ونبذ التطرف والانحراف، فالقراءة أداة حقيقية لتنمية الفرد والمجتمع معاً

تمنح القراءة للمرء القدرة على التنقل بين الماضي والحاضر وتجعله يتطلع نحو المستقبل وآماله، كما تمكن القارئ من العيش في مختلف العصور من خلال قراءته لقصة أو رواية ما وتمنح القراءة المرء المعرفة حول أحوال الأمم السابقة، كما تمنحه القدرة على التفريق بين طرق الخير وطريق الشر

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

مركز الوعي الفكري للدراسات والبحوث

في المثقف اليوم