ترجمات أدبية

كارول آن دَفي: السيدة فاوست

بقلم: كارول آن دَفي

ترجمة: د. عادل صالح الزبيدي

***

السيدة فاوست

اولا وقبل كل شيء-

اقترنت بفاوست.

تقابلنا طلابا،

سكنا معا، انفصلنا،

تصالحنا، تزوجنا،

اقترضنا مالا لنقتني منزلا،

نجحنا اكاديميا،

بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه، لا اطفال.

حوضا استحمام مع مناشف منقوش عليها: لها. له

*

اجتهدنا في العمل. ادخرنا.

انتقلنا الى منزل ثان.

سيارات سريعة. زورق شراعي.

منزل ثان في ويلز.

احدث المنتجات – حواسيب،

هواتف جوالة. اثرينا.

انتقلنا مرة اخرى. كانت تلوح على وجه فاوست

سيماء الدهاء والجشع وبعض الجنون.

لم اكن أفضل منه.

*

اصبحت اعشق ترف الحياة،

ليس الحياة.

اصبح هو يعشق المجد والشهرة،

ليس الزوجة.

ارتاد بائعات الهوى. انا شعرت، لا بالغيرة،

ولكن بنوبات غضب متكررة.

لجأت الى ممارسة اليوغا والفنون القتالية

والتصميم المنزلي والعلاج النفسي وتنظيف القولون.

*

وكان فاوست يتباهى

خلال حفلات العشاء

بكلفة عقد صفقاته في الشرق.

ثم يأخذ شهواته

بسيارة اجرة الى سوهو،

باختصار،

ليرتاح،

يغرب عن وجهي، ينغمس بملذاته

برفقة الضواري امثاله.

*

اراد المزيد.

عدت الى البيت في وقت متأخر من احدى الأماسي الشتائية،

لم اكن قد تناولت شيئا.

كان فاوست في مكتبه بالطابق العلوي

يعقد اجتماعا.

شممت دخان سيجار،

فضيع، مثير على نحو غريب، وممنوع في منزلنا.

سمعت فاوست والآخر

يضحكان بصوت عال.

*

بعد ذلك، فرجت الدنيا

ساقيها، بعبارة فاوست.

ابتدأها بالسياسة –

مقعد مؤمًن. عضو برلمان، رتبة فارس.

ثم حسابات مصارف –

خاصة بالصفوة في الداخل والخارج –

رجل اعمال تنفيذي –

نائب رئيس. رئيس. صاحب املاك. سيد.

*

هل يكفي هذا؟ لا، المزيد، المزيد!

اصبح فاوست الكاردينال، البابا،

اصبح يعرف اكثر من الرب؛

يطير اسرع من سرعة الصوت

حول الكرة الأرضية،

يتناول غداءه؛

يسير على سطح القمر،

يلعب الغولف، يضع الكرة في الحفرة بضربة واحدة؛ يشعل سيجار هافانا سميكا بالشمس.

*

ثم قدحت قريحته –

فاستثمر في تكنولوجيا القنابل الموجهة،

في صناعة العنف،

تاجر فاوست بالسلاح.

صب الكثير من امواله في هذا المجال ثم انسحب.

اشترى مزارع،

استنسخ الأغنام.

بحث فاوست في الانترنيت

عن بو بيبات يفكرن مثل تفكيره.

*

اما انا

فقد فعلت ما يخصني،

ذهبت في رحلة سريعة الى روما،

استغليت كل شيء لمصلحتي

عملت عملية تجميل لوجهي،

كبرت ثديي،

شددت مؤخرتي؛

ذهبت الى الصين وتايلند وافريقيا،

وعدت محملة بالحكمة الروحية.

*

بلغت الأربعين، عزفت عن الجنس،

وعن المشروبات الكحولية وعن اللحوم،

مارست البوذية، بلغت الواحد والأربعين.

صبغت شعري باللون الأشقر،

ثم الأحمر، ثم البني،

تصرفت كالسكان المحليين لكل مكان ازوره،

كالقرود، كالوحوش، ثم جننت؛

هربت من البيت، عشت لوحدي؛

ثم عدت.

*

كان فاوست في المنزل. طلب مكالمتي

وقال لقد امضيت الليل مستمتعا

مع محاكاة صورية لهيلين ملكة طروادة.

الوجه الذي اطلقت من اجله الف سفينة حربية.

قبلت شفتيها.

كل هذا لأنني –

عقدت صفقة

مع مفيستوفيليس،

صبي الشيطان.

*

انه آت

ليأخذ

ما ادين له به

ليحصد ما زرعت.

مقابل كل هذه السنين

من الانغماس في الملذات،

وجمع الثروات،

واشباع الرغبات،

لقد بعت روحي.

*

حينئذ سمعت

فحيح افعى

تحسست طعم الشر، عرفت رائحته،

اذ بيدي الشيطان المحرشفتين

تثقبان بلاط الأرضية من السيراميك التوسكاني

عند قدمي فاوست الحافيتين

وتجرانه في الحال مباشرة نحو جهنم

وهو يبتسم ابتسامة غريبة.

*

وهكذا كان الحال.

اوصى فاوست

بترك كل شيء –

اليخت،

منازلنا،

طائرتنا الخاصة،

مهبط المروحية،

المغانم، الخ، الخ،

كل شيء –

لحضرتي.

*

هكذا هي الحياة.

مرضت وعانيت كثيرا.

زرعت كلية

اشتريتها بواسطة بطاقة ائتماني،

وتحسنت صحتي.

ولم ابح بسر فاوست حتى الآن –

السافل الماكر المخادع الجلف الفظ

لم يكن لديه روح ليبيعها.

***

......................

كارول آن دَفي: شاعرة وكاتبة مسرح اسكتلندية من مواليد غلاسكو للعام 1955 نشرت أول مجموعة شعرية بعنوان (الوقوف أنثى عارية) عام 1985 تلتها عدة مجموعات منها (اصوات مرمية) 1985؛ (البلد الآخر)1990؛ و(زوجة العالم) عام 1999 . نالت العديد من الجوائز الأدبية أبرزها جائزة ت. س. اليوت للشعر كما منحت وسام الإمبراطورية مرتين. شغلت منصب شاعر البلاط البريطاني للأعوام 2009-2019 . ("بو بيبات" الواردة في القصيدة مفردها "بو بيب" شخصية راعية الأغنام القصيرة التي ترد في احدى تهويدات الأطفال الانكليزية).

 

في نصوص اليوم