ترجمات أدبية
نشأت خان: الجيران
قصة: نشأت خان
ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم
***
كان من سوء الحظ أن تقترب الأرامل من العرائس الجدد، لذلك شاهدت ميم من شرفتي. ذهبت إلى السطح في الصباح وطوت الملابس الجافة بأصابعها البطيئة. في الليل أشعلت مصباح الكيروسين وانتظرت زوجها. كان اسمه هيميل. وكان دارسا للقانون. كان يرتدي بدلة بيضاء ويحمل حقيبة بنية. فى بعض الأحيان، عندما كانت ميم تنسى إسدال الستائر، كنت أراه وهو ينضى عنها ملابسها.
قالت النساء الأخريات اللائى عشت معهن:
- يا لها من فتاة محظوظة! لكن كان بإمكانة العثور على فتاة أفضل منها .
وناقشن كيف أنها ليس لديها والدان ولا تستطيع القراءة أو الكتابة. وقال بعضهن إنها ساحرة، وأنها جعلت هيميل يتزوجها عن طريق ممارسة السحر الأسود.عند ذلك فكرت في يديه الداكنتين على بشرتها البيضاء وجلست للصلاة.
***
بعد ظهر أحد الأيام رأيتها عند مضخة المياه.وقفت هناك تنظر إليها، كما لو أنها لم ترها من قبل.
قلت لها:
- عليك أن تستخدمى ذراعيك وكتفيك.
لم تبدى حراكا ؛دفعت الرافعة وملأت دلوى ثم ملأت دلوها.
شكرتني وقالت :
- في الوطن نحصل على الماء من النهر.
كان صوتها ناعما.وشعرها مضفراً فى ضفيرة واحدة طويلة و كان وجهها يشبه ورقة التنبول. عن قرب، لم تكن جميلة كما قال الجميع. بدت في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة تقريبًا، فكانت أصغر مني ببضع سنوات.
مشينا مرة أخرى معا. صمتت ودخلت منزلها، لكنها انتظرتنى عند البوابة في اليوم التالي، وعندما انطلقت نحو المضخة، تبعتني فى صمت وخضوع .
***
في البداية كانت ميم خجولة، لكنها سرعان ما توقفت عن إخفاء وجهها بأنشول ساريها. هزّت شجرة العناب وأكلت الثمرة التي سقطت عند أقدامنا. كانت تطارد الحمام وتدندن بالأغاني الشعبية وهى تضع أوراق الشجر في شعري.
قالت:
- أنت محظوظة لأنك قصيرة جدًا.الجن لا يمسون سوى الفتيات ذوات الشعر الطويل.
سألت:
- ماذا لو كنت أنت الجن نفسه؟
مدت يدها إلى دلوها وسكبت الماء علي وهي تضحك فى نزق.
عدنا إلى المنزل وجلست على الدرج بملابسي المبللة.عندما عاد هيميل من المدرسة إلى البيت، تفاجأ، وقف مترددا أمام الباب؛ لقد شاهدني مبتلة.
سألت ميم عن زوجها. أردت أن أعرف ما الذي يحب أن يأكله وما إذا كان يتناول الحليب في كوبه الخاص. وهل كان يشخر أثناء النوم ؟ وهل أحضر لها الحلوى؟ وما نوع الأشياء التي يفعلها لها في الظلام؟
قالت ميم:
- تشي.
ثم غطت وجهها بيديها المزخرفتين بالحناء. أنزلت بلوزتها وأرتني المكان الذى قبلها فيه زوجها بشدة. في تلك الليلة، تقلبت فى السرير واستدرت، متجاهلة الألم بين ساقي.
***
قالت النساء الأخريات اللاتى عشت معهن:
- لكن كان بإمكانه العثور على فتاة أفضل منها .
عرضت عليها مساعدتها في الأعمال المنزلية. قمت بتنظيف الأثاث وترتيب الكتب على الرفوف أبجديًا، ولمعت حذاء هيميل وثبت أزرار قمصانه. لقد ساعدت ميم لكنها سرعان ما شعرت بالملل.
سألتنى:
- ألم تتعبى من ارتداء الأبيض طوال الوقت؟
سحبتني بالقرب من خزانة ملابسها وحلت القماش المربوط حول خصري. سقط على الأرض ؛وقفت عارية أمامها.
قالت وهى تضع يدها على صدري:
- أوه. ما أجمل خلقك!
لمس إبهامها حلمتي ثديى. سقطت أنفاسها على رقبتي. لفتني في ساري أحمر ووضعت أقراطًا في أذني. تذكرت الخلخال الفضي الذي أهداه لي زوجي في حفل زفافنا. كان يقول كل ليلة: "البسيه دائما ،أحب تلك الأصوات التى يصدرها".
وعندما مات قامت والدته بخلعهما من قدمي. ثم قامت بقص شعري حتى المنبت وباعت الأرغن الخاص بي. ثم أخذتني عبر النهر إلى منزل بنى للفتيات الأرامل مثلي. جدرانه عارية ولا موسيقى فيها، وتفوح منها رائحة البخور. لقد تركتني هناك.
أصبح من الواضح أن ميم لم تتعلم أية واجبات زوجية. لقد تركت القمامة تتراكم في المطبخ وتركت الأرز يطبخ أكثر من اللازم. كلما حاولت أن أوضح لها الطريقة الصحيحة لتقشير ثمرة الكاكايا، كانت تذهب إلى غرفتها وتخرج لوحة اللودو وتلعب لساعات، وترمى النرد مرارًا وتكرارًا.
قلت:
- هذه اللعبة طفولية.
لكنها لم تتوقف حتى سمعت خطى هيميل. وعندما خرجت لمقابلته أخفيت اللوحة خلف الستار. وفي اليوم التالي أريتها كيفية التطريز على منديل.
سألت:
- أين تعلمت أن تفعلى كل هذا؟
قلت:
-أمي.
أخبرتها كيف كانت أمي تقضي ساعات في تصحيح غرزتي عندما كنت طفلة. لقد استمعت لي وأنا أقرأ أو أغني وكانت تقاطعني في كل مرة تستاء فيها من صوتي. ذات مرة، بعد أن أحرقت الباذنجان بالكاري، ضربت كفي بعصا الخيزران حتى بكيت. وقالت إنني سأشكرها لاحقاً، عندما أكبر وأسعد زوجي بمهاراتي.
قالت ميم:
- لم تكن أمي تعرف من هو بابا. لقد تركتني في دار الأيتام.
أدخلت الإبرة للداخل والخارج ووخزت إصبعها. أخذته في فمي ومصصت الدم .أغلقت عينيها وافترقت شفتاها، تركت إصبعها، عند ذلك عدنا إلى عملنا ولم نقل شيئا.
***
في الربيع أصيبت ميم بالمرض. اشتكت من الصداع وسعلت في وسادتها. ذهبت لرؤيتها مرتين في اليوم، لكن الفتيات الأخريات قلن إن ذلك أمر مشؤوم.
قلن:
- الناس يتحدثون. إذا تدهورت صحتها، فسوف تتحملين أنت اللوم.
لذا اقتصرت زياراتي على المساء. فركتُ زيت السمسم على صدغيها وأطعمتها الحليب الدافئ بالعسل.عندما شرعت فى الخروج، مدت يدها وأمسكت بيدي. قالت، بينما صدرها يرتفع وينخفض:
- ابقى معى .غني لي.
***
عندما أغمضت عينيها،غطيتها ببطانية.غادرت غرفتها وانتظرت هيميل. تناولت منه حقيبته عند الباب وأعدت صندله الجلدي إلى الرف. ثم أعددت طاولة الطعام وجلست بجانبه وهو يأكل. صنعت له شايا وأحضرته إلى غرفة مكتبه. قال إنه كان يبحث عن كتاب فأحضرته له. قال:
- يمكنك مساعدتي في كتابة مقالتي .
- أستطيع.
جلست على مكتبه وقرأت ملاحظاته.عندما انزلقت أنشولتي لتكشف عن بلوزتي، لم أتحرك لإصلاحها. شعرت بيده تلتف حول كاحلي. لمست أصابعه كعبي. فكرت في ميم، وهى نائمة على الجانب الآخر من الجدار، لكنني لم أوقفه.
***
استغرقت ميم بضعة أسابيع للتعافي. رفض هيميل أن يأكل طعامها، قال إنها وضعت الكثير من الملح في القدر ولم تضع ما يكفي من السكر في حلوى الأرز. أخبرها أن تتعلم كيفية تطوى ملابسه بشكل صحيح. وعندما لم يتمكن من العثور على كتابه المدرسي، صرخ عليها.
سمعتها تقول:
- لقد وضعته مرة أخرى على الرف.اعتقدت أنك لم تعد بحاجة إليه بعد الآن.
سأل:
- ماذا تعرفين عن احتياجاتي؟ أنت أمية جاهلة .
***
في وقت متأخر من الليل، جاء لرؤيتي. قال أننا لن نضطر إلى اللقاء سراً لفترة طويلة. سألته :
- ماذا عن ميم؟
لكنه قال لا داعي للقلق.التقط عنابًا من أسفل الشجرة ووضعه على شفتي، قضمت اللحم الحلو وتذكرت طعم دمها.
***
قال هيميل للمحكمة إن ميم كان لديها ميول غير طبيعية. وقال إنه سمعها تتحدث مع نفسها لساعات، وكثيراً ما تتحدث عن الجن.
قال:
- رأسها مصاب بالجنون.
أرسل القاضي طبيبًا لفحص ميم. لقد شاهدته من الشرفة وهو يطرق بابها.
***
لقد تجنبت الذهاب إلى مضخة المياه ولم أعد أخرج. قالت الأرامل الأخريات إنني أبدو مريضة. قدمن لى حليب الورد وقمن مكانى بالأعمال المنزلية. وكلما أكثرن من الأسئلة، شعرت بالسوء. لذا حبست نفسي في غرفتي ولم أتحدث إلى أحد.
جاءت ميم لرؤيتي. لقد طرقت وطرقت حتى سمحت لها بالدخول. كان شعرها متشابكًا وعيناها غائرتين . جلست على سريري وبكت. قالت إن زوجها يكرهها، وكانت تراودها أحلام سيئة، وأنها وحيدة في منزلها الكبير ولم يكن لديها من تتحدث إليه.
سألتنى :
- هل أنا زوجة سيئة؟ هل أنا صديقة سيئة؟ لماذا لا تنظرين إلي؟
دفنت وجهها في كتفي. قبلت رأسها. وعندما نظرت للأعلى، قبلت شفتيها. ارتجفت أصابعها عندما قامت بفك أزرار بلوزتي. كان فمها دافئًا ورطبًا بين ثديي. دفعتها إلى الخلف على وسادتي وباعدت بين ساقيها .
عندما استيقظت كانت لا تزال نائمة، وكانت يداها ملتفتين في قبضتين . ذهبت لأغسل آثارها عن بشرتي. عندما عدت كانت قد ذهبت.
***
سألتنى الفتيات الأخريات عما فعلته ميم في غرفتي. أظهرت لهن العلامات التي تركتها على جسدي وأخبرتهن أنها هاجمتني، وأنها لمستني كما يلمس الرجل المرأة.
قلت وأنا أبكي:
- كنت خائفة للغاية.
وقال هيميل للمحكمة إنه لا يستطيع الاستمرار في العيش مع مثل هذه الفتاة غير المستقرة. وقع القاضي على الأوراق وقال إن هناك مكانًا للتعامل مع هذا النوع من المرض.
احتجزوا ميم في السجن المحلي، وقاموا بقص شعرها وألبسوها ملابس بيضاء، ثم أخذوها بعيدا.
***
انتقلت عبر الشارع مع متعلقاتي. أثناء النهار كنت أطبخ وأنظف وأقرأ وأغني، لكن في الليل لم أستطع النوم. استلقيت على السرير وأحصيت الشعيرات الملتصقة بمشطها.
(تمت)
***
....................
المؤلف: نشأت خان/ Neshat Khan نشأت في بنغلاديش وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة شمال تكساس. وهى أيضا خريجة برنامج الماجستير في الفنون الجميلة بجامعة بوسطن. انضمت نشأت خان إلى AGNI كمساعدة تحرير في عام 2018. حصلت على جائزة فلورنس إنجل راندال للخريجين وجائزة الفنان الناشئ من نادي سانت بوتولف.تعيش في نيو إنجلاند