ترجمات أدبية

البيرتو ريوس: عيد الميلاد على الحدود، 1929

بقلم: البيرتو ريوس

ترجمة: عادل صالح الزبيدي

***

عيد الميلاد على الحدود، 1929

مقتبسة عن تقارير الصحف المحلية

وذكريات عن ذلك الوقت.

*

1929، الأيام الأولى من الكساد الكبير.

كان هواء الصحراء قارصا، لكن روح الموسم كانت حية.

*

على الرغم من الأوقات الصعبة، صمم اهالي بلدة نوغاليس بولاية اريزونا

على اقامة حفلة عيد ميلاد مهيبة.

*

بالنسبة لأطفال المنطقة—احتفال سيتحدى

كآبة العام وعناوين الصحف والشتاء نفسه.

*

في قلب البلدة، انتصبت شجرة عيد ميلاد شاهقة،

شجرة صنوبر في الصحراء.

*

سوف تزين اغصانها، كما وعدوا،

بما يزيد على 3000 هدية، 3000.

*

كانت الفكرة في البداية ان تنور الشجرة مثلما في المنزل،

بالشموع، لكنها كانت يابسة قليلا.

*

كانت الابر تبتدئ التفكير بالقفز.

اصبع على طول الغصن جعلها كلها تتساقط.

*

جلب الناس الشموع على اية حال. ارسلت الكنيسة

ايضا بعضا منها مستعملا.

*

بعض الأكياس الورقية التي رتبت الأوضاع.

كان الجميع يعرف ما يفعل.

*

ملأوا الأكياس بالرمل من مركز الاطفاء،

وضعوا الشموع فيها، صانعين بركة كبيرة من المصابيح الورقية المضيئة.

*

عن بعد، كانت الشجرة تطفو على بحيرة من الضياء—

النار التي هي عادة رعب في الصحراء، لكنها هنا اقرب للمعجزة.

*

للشجرة نفسها جلب الناس اكاليل من منازلهم، اكاليل

مصنوعة من كل شيء، من الجوز واليقطين والزهور،

*

وحتى الفلفل الأحمر الحار—الفلفلات نفسها تبدو

كأنها السنة لهب صغيرة.

*

ثبتها ناس البلدة كلها على الوحش—

كانت بعد كل ذلك تكبر وتكبر مع كل اضافة جديدة.

*

هذا الحمار الفضولي الذي كان حمله بهجة.

في النهاية كانت اللمسة الأخيرة البهرجان، البهرجان في كل مكان، مزيد من البهرجان.

*

دعي الأطفال من التجمعات القريبة وكذلك الأطفال

من عبر الحدود، في نوغاليس، بولاية سونورا، مسافة رمية حجر.

*

لكن كان هناك مشكلة. الحدود.

واذ اقترب يوم الاحتفال، اصبح واضحا بشكل مؤلم—

*

الأطفال في نوغاليس، بولاية سونورا، لن يتمكنوا من العبور.

كانوا، بعبارة دقيقة، على الجانب الخطأ من عيد الميلاد.

*

مصممين على ان يجدوا حلا، تعاون الناس في نوغاليس

بولاية اريزونا مع السلطات المكسيكية على الجانب الآخر.

*

بحركة كريمة مثلما هي جريئة، سعيدة مثلما كان الجو باردا:

عشية عيد الميلاد، 1929،

*

لبضع ساعات متسامية،

تحركت الحدود.

*

نقلها المسؤولون شمالا، متجاوزين المجلس البلدي، ليضعوا بهذه الطريقة

شجرة عيد الميلاد بمتناول الأطفال من كلتا البلدتين.

*

في نهار عيد الميلاد، تجمع آلاف الأطفال—

اميركيون ومكسيكيون، سكان اصليون وايتام—

*

حول الشجرة، بأيدِ ممدودة، وأعين فاغرة،

يتصايحون ويغنون معا.

*

وزعت الهدايا، لعقت الحلوى وقصبات السكر،

وليوم واحد، لم يكن هناك حدود.

*

حين وزعت آخر هدية،

حين عاد آخر طفل الى منزله،

*

استعادت الحدود اماكنها المعتادة،

لتفصل البلدتين عن بعضهما مرة ثانية.

*

غير انه، خلال تلك الساعات القليلة، اختفى الخط الماثل في الرمل.

الشيء الوحيد الذي كان مهما هو عيد الميلاد.

*

لم تذكر الصحف اية حوادث في ذلك اليوم، لا شيء يتجاوز

تراكض الأطفال، وجيوبهم مليئة بالحلوى والألعاب،

*

والناس المتجولين على كلا الجانبين،

وموسيقى فتح اغلفة الكثير من حلوى النعناع.

*

في ذلك اليوم القارس من شهر ديسمبر،

تجمع اهالي نوغاليس وفعلوا ما كان يبدو مستحيلا:

*

مهما نظروا نظرة هادئة الى العالم الخارجي،

فانهم ببساطة قد اعادوا رسم الحدود.

*

بعملهم هذا، اضافوا شيئا من الدفء الى شتاء الصحراء.

على الحدود، في هذا اليوم، كان عندهم مشكلة وحلوها.

***

......................

* البيرتو ريوس: شاعر اميركي من مواليد نوغاليس بولاية اريزونا لعام 1952. تلقى تعليمه في جامعة اريزونا. نال شعره جوائز عديدة ويشغل منصب شاعر ولاية اريزونا الأول منذ عام 2013 كما اختير ليشغل منصب رئيس اكاديمية الشعراء الأميركيين في عام 2014. من عناوين مجموعاته الشعرية: "همس لخداع الريح" 1982؛ "بستان الكلس" 1988؛ "مسرح الليل" 2006؛ "القميص الخطر" 2009؛ "اصغر عضلة في جسم الانسان" 2014؛ و "قصة صغيرة عن السماء" 2015.

 

 

في نصوص اليوم