قراءات نقدية
قراء لرواية نخب الأولى للروائية ليلى عامر
نَخبُ الأُلَى للكاتبة ليلى عامر بجوار خلوة عبد الرحمن بن خلدون بتيارت عاصمة الرستميين الجزائر اغترفنا من رواية.
لم أكن أقصد في هذه القراءة النقد الثقافي أو النقد الأدبي إنما هي قراءة لبنيتها السيمائية وأنساقها المضمرة بعد تفكيك النص، أيضا على منوال ما ذكره عبد الله الغذامي في النقد الثقافي أن الكاتب له حضور مزدوج كاتب ينتج انساقا أدبية وجمالية بشكل واعي وكاتب ينتج انساقا ثقافية بشكل غير واعي.
من خلال الدراسة السيمائية لهذا المنتوج الجميل بدءًا من صورة الغلاف التي تحمل بعدا سرياليا لرجل وظل امرأة في ظل شجرة عراها الخريف وباغتها الشتاء تشعبت فروعها وعلى كل فرع ممطرة (تقلبات نفسية قاسية) يمكن تفسيرها بالأمال والألآم، كل المياه بلون الغرق عنوان كما ال إميل سيوران.
بدأت المؤلفة ليلى عامر سردها بوضع الحجر الأساسي للولوج في الحكاية بحبكة مركبة بدأت الأحداث من النهاية رجل فاقد الذاكرة، منهار، على سرير يريد استرجاع الذكريات فتذكر الشخصية المهمة في وعيه إمرأة جميلة تسمى مريم تعلق بها ذات مرة في ساحة الجامعة أيّما تعلق لكن سرعان ما تغير كل شيء، وضعت الأديبة هذه التغيرات تحت حبكات فرعية متعلقة بالحبكة الرئيسية ليتغذى عنصر الإبداع والتشويق كما يتغذى النهر من روافده.....
منها:
ذهاب عمر للخدمة العسكرية ومعاقرته للخمر والنساء ثم وقوعه في فخ النساء ليجد نفسه في السجن العسكري...... ...
زواج مريم من عبد الرحيم الذي تعرض لاغتيال إرهابي لتبقى أرملة وأما لبنتين.........
زواج عمر المنهك نفسيا من نبيلة فتكون بذلك ضحية إنسان مدمن على الخمر وعلى ذكريات عشيقته الأولى مريم.... .....
مريم تتعرض لمرض سرطان الثدي ويتم استئصاله ترك أثرا عميقا في مسار حياتها........
تعرضت نبيلة لابتعاد عن بيتها لتبقى في بيت أهلها، ولما تعود تحت إلحاح أبنائها وأثناء غياب الزوج في دوريات مجونه وسكره تتعرض العائلة لاعتداء إجرامي تموت نبيلة وهي تقاوم وتغتصب سعاد البنت التي لتزال في الإكمالية .
حمل سعاد واضطرارها تحت الضغط الاجتماعي والعائلي الزواج من مغتصبها.....
نأتي إلى السرد اعتمدت على السرد المتسلسل في شكل رسائل وأصوات تتناوب على المسرود عمر ثم مريم، نبيلة، سعاد *
الأنساق المضمرة في هذا النص الروائي
- الحب وبناء الأسرة
- هل ينتهي الحب بمتعة الجسد؟
- الشخصية السوية الصالحة لبناء الأسرة المثالية
- تدهور الظروف السياسية وانتشار الأفات الاجتماعية
- ضرورة بقاء الدولة مهما كان الخلاف
- تأثير الغزو الثقافي على البيئة العربية المسلمة
- الحب بين المتعة وتكوين الأسرة
دراسة أنثروبولوجي للمنطقة التي وقعت فيها أحداث الرواية
هي تيارت أو تهيرت سكنتها عدة قبائل عربية هلالية وغيرها شكلت وحدتها الثقافية والاجتماعية ومنها تنحدر قبيلة بني عامر والتي تنتسب إليها الكاتبة ،كانت عاصمة للدولة الرستمية ،ألف فيها عبد الرحمن بن خلدون مقدمته فلسفة التاريخ ،انتشرت بها زوايا كثيرة رحمانية وتجانيه حافظت على بعدها العربي المسلم أمام الغزو الفرنسي وكانت ساحة للمقاومة والفروسية ،نجد الزواج فيها مبني على شروط منها الكفاءة فلو تزوجت المرأة بغير كفء فللأولياء أن يعترضوا ولا يقروه فلا تصيبهم معرة الصهر وبهذا تتحقق المصلحة, هذا السلوك الذي تحمله متون المالكية التي هي مرجعية هذه الزوايا قبل أن يدب إلى بعضها داء الانحراف. فالبيوت لا تبنى دائما على هذا الحب والعشق الجنوني الذي يعمي البصيرة، ولا يراعي قيمه الاجتماعية بل تبنى كما جاء في كلام الله على المودة والرحمة.
كثير من قصص العشق تعثرت لمعارضة اجتماعية قبلية أو لمانع عند أحد الطرفين لما كانت مصلحتها في ذلك وإن كان فيها بعض الإجحاف كقصة عنترة، جميل، مجنون ليلى، ابن زيدون
بعد الاستقلال زادت حركية التعلم والتحضر لكن تبعها غزو ثقافي مفتوح على مصراعيه دست فيه حركات التحرر المنسلخ عن كل قيم شجعت على فكرة (دايها ولباس والله ويكون عليها الرصاص) و(توحمت في الغابة وولدت في البحر)
حب جنوني وصفته المؤلفة ليلى عامر بالآن أومن أن الحبّ ليس خرافة وليس بدعة أفلام السابعة كما كنت أومن قبل أن أرى عينيك،
يقول المتنبي:
وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه
ولكن من يرى عينيك يعشق
هكذا آمن فرعون بربه وهو يغرق وأومن بك وأنا أغرق
هنا الشيء زاد عن حده فانقلب إلى ضده، فمعرفة الحالة النفسية والعقلية وأشياء أخرى لا أريد ذكرها ضروري في بناء الأسرة فالحب كما قيل أعمى حين لا ينظر إلى مآلات الأمور الأساسية لبناء الفرد والأسرة المتينة. .....
***
كتبه رابح بلحمدي
البليدة الجزائر