قضايا

حسن عجمي: النظام السياسي السوبر خلاّق

من منطلق المنهج التحليلي السوبر خلاّق، النظام السياسي السوبر خلاّق = إنتاج الحضارة الكامنة في الإبداع الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والثقافي × إنتاج العدالة الكامنة في الحرية والمساواة والسلام والتطوّر المستمر. وهذا النظام السياسي سوبر خلاّق لأنه فعّال في إنتاج الحضارة والعدالة. وبما أنَّ هذا النظام السياسي مُنتِج للحضارة والعدالة بدلاً من أن يكون وارثاً لحضارة وعدالة مُحدَّدتيْن سلفاً، إذن هذا النظام السياسي السوبر خلاّق يُحرِّرنا من أيّة نماذج ماضوية للحضارة والعدالة مما يضمن حريتنا وفعّاليتنا في صياغة الحضارة والعدالة بدلاً من أن نكون مجرّد وارثين لعدالة الآخرين وحضارات الماضي. وفي هذا فضائل عديدة منها ضمان الحرية وفعّالية الحضور الإنساني مما يشير إلى أنَّ النظام السياسي السوبر خلاّق هو النظام السياسي الحق.

إن لم يكن النظام السياسي مُنتِجاً للحضارة الكامنة في الإبداع بأنواعه كافة كالإبداع الاجتماعي والثقافي، فحينها النظام السياسي سوف يُنتِج التخلف نقيض الحضارة والإبداع. لذلك النظام السياسي السوبر خلاّق قائم على إنتاج الحضارة الكامنة في الإبداع بأشكاله ومضامينه كافة. وإن لم يكن النظام السياسي مُنتِجاً للعدالة الكامنة في الحرية والمساواة والسلام والتطوّر المستمر، فعندئذٍ سوف يُنتِج النظام السياسي الظلم. لذلك النظام السياسي الحق قائم أيضاً على إنتاج العدالة الكامنة في الحرية والمساواة والسلام والتطوّر المستمر. كلّ هذا يرينا صدق المعادلة القائلة بأنَّ النظام السياسي السوبر خلاّق = إنتاج الحضارة الكامنة في الإبداع الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والثقافي × إنتاج العدالة الكامنة في الحرية والمساواة والسلام والتطوّر المستمر.

أما الانتخابات السياسية المتكرّرة وتداول السلطة والفصل بين السلطات وفصل الدين عن الدولة فليست سوى آليات لتعزيز حرية الأفراد. مثل ذلك أنَّ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية يؤدي إلى عدم حصر السلطة في فرد مما يجنبنا أن نقع في الديكتاتورية فيضمن بذلك سيادة الحرية. لكن النظام السياسي السوبر خلاّق يتكوّن من إنتاج العدالة الكامنة في الحرية بينما الحرية لا تتحقق بلا وجود الآليات السابقة كالانتخابات النيابية والرئاسية الدورية والفصل بين السلطات. بذلك النظام السياسي السوبر خلاّق يستلزم وجود تلك الآليات السابقة من أجل ضمان سيادة الحرية. هكذا ينجح النظام السياسي السوبر خلاّق في احتواء الآليات السابقة الهادفة إلى تعزيز الحرية مما يدلّ على أنه النظام السياسي الحق.

بالإضافة إلى ذلك، المساواة بأنواعها المختلفة كالمساواة أمام القانون والمساواة الاقتصادية والاجتماعية فضرورية في النظام السياسي السوبر خلاّق لأنه من دونها يفقد الفرد حريته. هذا لأنه بلا مساواة أمام القانون، يَسُود التمييز العنصري والطائفي بين الأفراد مما يُقيِّد حرياتهم. وبلا وجود مساواة اقتصادية واجتماعية، يفقد العديد من الأفراد حرياتهم من جراء قِلة ما يملكون من موارد. هكذا المساواة بأنواعها كافة ضرورية في النظام السياسي السوبر خلاّق تماماً كضرورة سيادة السلام والتطوّر المستمر. فإن لم يَسُد السلام، حينئذٍ تسود الصراعات والحروب المؤدية إلى عدم احترام حقوق الأفراد كحقهم في الحياة وحقهم في حرية التعبير والتنقل. وإن لم يتطوّر الفرد باستمرار، فحينها يغدو الفرد سجين ما هو عليه فيفقد حريته. من هنا، سيادة السلام والتطوّر المستمر بالإضافة إلى المساواة بمضامينها المتنوّعة ضرورية لتحقيق الحرية. لذلك النظام السياسي السوبر خلاّق قائم على إنتاج العدالة الكامنة في السلام والتطوّر المستمر والمساواة.

من فضائل النظام السياسي السوبر خلاّق أيضاً فضيلة خلقه للتعدّدية الاجتماعية والثقافية والأخلاقية. فبما أنَّ النظام السياسي السوبر خلاّق = إنتاج الحضارة الكامنة في الإبداع الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والثقافي × إنتاج العدالة الكامنة في الحرية والمساواة والسلام والتطوّر المستمر بينما الإبداع الاجتماعي والأخلاقي والثقافي يتمثل في إنتاج أنماط اجتماعية وأخلاقية وثقافية جديدة ومتنوّعة ومختلفة (علماً بأنَّ الإبداع يتصف بما هو جديد ومختلف)، إذن النظام السياسي السوبر خلاّق يتضمن إنتاج التعدّدية الاجتماعية والأخلاقية والثقافية مما يضمن حرية كلّ فرد في اختيار إنتمائه إلى نمط اجتماعي وأخلاقي وثقافي أو آخر ويضمن أيضاً حرية أيّ فرد في إنتاج نمطه الاجتماعي والأخلاقي والثقافي الخاص. هكذا النظام السياسي السوبر خلاّق مُنتِج للتعدّدية الاجتماعية والأخلاقية والثقافية. وهذه فضيلة كبرى دالة على أنه النظام السياسي الحق.

***

حسن عجمي

في المثقف اليوم