قضايا

مجدي إبراهيم: لعلها تنقاد..!

الخواطر مدعاة تأمل لكل ما عسانا نفكر فيه ونمضي لأجله، ومن أجله، وهى بذرة التفكير في مسائل الدنيا ومسائل المصير، يبدأ الخاطر لمحة عابرة فيختلط بأجواء النفس وسرعان ما يتحوّل إلى عمل بعد مروره في أطواء نفوسنا بمراحل من العمل الباطن، أولها: الخواطر وهى حديث النفس، ثم الميل ثم الاعتقاد، ثم حكم القلب، ثم العزم على الفعل.

ومراقبة الخواطر عمل القلب الباطن لأن الخواطر تسبح في ملكوتين ليس بينهما ثالث، أمّا ملكوت الله أو ملكوت الشيطان، ومن راقب خواطره الباطنة عصمه الله في جوارحه الظاهرة. 

وهنالك خواطر تأتي من لمّة الشيطان ويقابلها خواطر ترد من لمّة الملك الرحمن، الأولى إيعاذ  بالشر، والثانية إيراد بالخير. وأكثر ما يمنع خواطر الشر ويُدني من خواطر الخير قطعاً ويوظف حركة القلب الباطنة توظيفاً في صالح العبد هو أسهل العبادات وأكملها، كثرة الصلاة والتسليم على خير الأنبياء والمرسلين.

وإذا وردت الخواطر على هذه الصفة فمن بينها كلمة أقولها لنفسي لعلها تنقاد :

أجهل كل شيء، أغفل عن كل شيء، أترك التفاهات، أترك هاتفك المحمول الذي يضيع وقتك، والوقت عمر والعمر لحظة، واجعل تلك اللحظة حاضرة مع الله، واشغل وقتك كله بكثرة الصلاة والتسليم على خير الأنبياء والمرسلين.

هنالك ترى العجب العجاب من رب الأرباب ..

ترى الرحمة تتنزل عليك من فورها ... 

فإنّ ثورات الغضب الإلهي تنطفئ بكثرة الصلاة والتسليم على سيد الأنبياء والمرسلين، لأن الله تعالى يصلي عليك، وصلاته رحمة والرحمة مقدّمة على الغضب، والانشغال بالصلاة على خير المرسلين انشغال بالرحمة وهو صلوات ربي وسلامه عليه رحمة للعالمين ... الإكثار يفوق الآلاف ليحدث التوحد مع الذات المحمدية مجلى الأنوار البهية، ثم اجعل لسانك هو الذي يُذكّرك إذا غفلت، وخاطرك على الحضور هو ممدك، وقلبك هو مددك، أبحث عن الحب في هذا الكنز الثمين.

دع عنك مقاطع الهواتف التي تشاهدها ونصائح المشايخ التي تلاحظها، وأعكف على خير عبادة وأسهل عبادة ينفتح بها مغاليق القلوب إلى رب الملكوت .. استغرق وتفرد، وكلما استغرقت تفردت، وذقت حلاوة المحبّة وجاءت الأنوار المحمديّة لتنقذك من الضلال.

لا حاجة لك إلى دليل شرعي تسمعه من أفواه الناس، بل أسمع دليك من نفسك، وأبحث عن الوصلة، لعلها ضعُفت فيك من أغلال الدنيا وقيود العوائق فيها، واستشرف نوره الباقي، حتى تدركه، فإذا ادركته وصلت، واذ ذاك انفتحت لك طاقات المعارف والأسرار بمفتاح واحد لا مزيد عليه : هو كثرة الصلاة والتسليم على خير الأنبياء والمرسلين مع الاستغراق والحضور. 

استغرق فالدنيا فانية.

والزمن فيها أنفاس معدودة.

ولن تنال الرحمة وأنت خطاء ابن خطاء ابن خطاء، ولك في الخطيئة نسبٌ عريق إلا أن تعرف نبيك بكثرة الصلاة عليه ليعرفك ويحاجيك، ويتم نعمته عليك، ويواليك.

***

بقلم : د. مجدي إبراهيم

في المثقف اليوم