نصوص أدبية
عدنان البلداوي: اسْتهدَفوك ببيت اللهِ

المَـجْــدُ، والعِــزُّ، والعَـلـياءُ، والــشِـيَــمُ
فـي جَـوْهرٍ، عجَـزَتْ عن وصفِه الكـَـلِمُ
*
لـمّـا الـعَـلِـيُّ قــضى، أنْ يُــولـدَ الأمَــلُ
فـي الكعــبةِ، ازدانَـتْ الأركانُ والحَـرَمُ
*
وشـاءَ أنْ يَصطفي للمُصطفى، عَـضُـداً
بــه المَـسِـيـرَةُ، نِــبْــراسٌ ومُــعـتَـصَمُ
*
لــلأفــقِ إشــراقــةٌ، فــي يـوم مـولِــدِه
ولِـلكـواكـبِ مِــــنْ عَـــليائــهِ، سَـــهَــمُ
*
إرادةُ الـلــهِ، أنْ يــخــتـارَ فــاطـــمــةً
لـِـمَـنْ، لـِـوالِـدهــا أزْرٌ، بـــه شَــمَـمُ
*
فَـحـاطَ بالـنـور نـورٌ، فــي اقـتـِرانِهـما
وبـارَكَ الـمُصطفـى، فانْهـالـت النِـعَــمُ
*
ولــلـكـرامـاتِ أحْــداثٌ، مُــؤرَّخَــــةٌ
ولـلمَـواقِــفِ رأيٌ، فـــيــه تـنـحَــسِــمُ:
*
لمّـا فـدَيْـتَ رســولَ الـلـه، مُــلـتَـحِــفــا
تصدّعَ الـقـومُ، حـــتى بــانَ مَــكـرُهُـمُ
*
والـشمـسُ مَـدّتْ سـناهــا فــي تـألُـقِـهـا
فانـسـابَ بـين يـديـهـا الحِـلـمُ والحِــكـَمُ
*
وَزانَـهــا، أنّ طـيْـفـاً مـِــن مَـحـاسِـنِـهـا
نــظِـيرُه فــيك، حـيـث الـنـورُ يـرتــسِـمُ
*
مَـن رامَ وَصْـلَ المَعالي، صِرتَ قدْوَتَه
والـشـأنُ تـُـعْـلِـيـه أســـبابٌ، لـــهـا قِــدَمُ
*
خُـلِقْـتَ أن لا تُـحابـي فــي الخَـفـاء يَـداً
لأن كــفَّــكَ فـــي وضح الـنـهــار، فَــمُ
*
لـلـتِّـبْـرِ أمْـنِــيــةٌ، فــــي أنْ تُــقَــلِــبَــه
يَــداك، حــيـث تَـباهـى الـسـيفُ والـقـلـمُ
*
والعَـبْـقــريـةُ، مُـذ فـعَّـلـتَـهــا سَــجَـدَتْ
لله، إذ أصـبحَـتْ لـلـعَــدلِ، تـحـتَـكِــمُ
*
أكــرَمْـتَ كــلَّ يـَـدٍ، الـعَـوْزُ ألجَـأهــا
حــتى وأنــت تُـصَلـي، نالـهـا الـكَــرَمُ
*
وفـي القضاء، انحَنى كلُّ القُضاةِ لـِـما
حَـكَـمْـتَ فــيه، فزالَ الـشـكُ والـوَهَــمُ
*
أنصفْـتَ حتى عَلا، في الأفق صوتُـهُـمُ:
(عَــدلُ عَــلـيٍّ) صِراط ٌ، فــيـه نـلـتَـزِمُ
*
حــتى السِــراجُ بـبـيـت الـمال صار لــه
حديثُ حــــقٍ، بـــه الأمـثـالُ تُـــخـتَــتَـمُ
*
والـمَعْـنَـويَّـةُ قـــد فَــعَّـلـتَ هــاجِسَـهــا
فـي نَـفْـسِ مَـن قـد غزاهُ الوَهْـنُ والهَـرَمُ:
*
فـكان عـدلك، فــي قــوْمِ الـمسـيـح لـــه
صدىً يُــعـززُ فـــي الأخــلاق نهْـجَهُـمُ
لــِذي الـفــقـار اقــتـِرانٌ فــيــك، أرَّخَــهُ
مـا كـلُّ سـَــيـفٍ، بــه الأعـداءُ تَـنهـَـزِمُ
*
ســـيـفٌ، إذا كـفُّـك الـمهــيـوبُ أمْـسَـكـهُ
قــبـل الـنِـزالِ، يَـحُـلُّ الـيـأسُ عــنـدهُـمُ
*
بـه، قطعتَ جــذورَ الشِـركِ، مُـرتَـجِـزاً
واسـتسـلمَ الخَـصمُ، لا ســيـفٌ ولا عَـلـمُ
*
خـُـطىً مَــشــيـتَ، بإيـمانٍ وتــضحـيــةٍ
فـانْهارَ مِــن وَقْـعِهـا الطاغـوتُ والصَّـنَـمُ
*
يامَـن أخَـفْـتَ الـعِــدا فـــي كـلِّ مَـلحَـمَـةٍ
إذ كـلـمـا قَــيـل: ذا الــكـرّارُ، هـالَـهُــمُ
إذا رجَــزْتَ، فـلِلأجـواءِ هــيْــبَــتُـهـــا
ولـِلحَـمـاســةِ، فــــي أصـدائهــا حِــمَـمُ
تَــزلزَلَ الخَـصمُ، فـــي (بَـدرٍ) وأرَّقَـهُـم
قـبـل الطِعـانِ فـتىً، فـانهـارَ عَــزمُــهُـمُ
*
طـيّـبتَ نَــفْــسَ رســول الله، حـيـن دعـا
في (خندق) الحَـسْـمِ، حيثُ الحربُ تَحتدِمُ
*
زَهْــوُ الـرؤوس تَـهـاوى بـَعـدَ مُـعـجِـزةٍ
بـ (بابِ خـيـبـرَ) أوْدَتْ، واخـتـفـتْ قـِـمَـمُ
*
دَيْـمـومَـةُ الـنصرِ، فــي قــوْلٍ يـُجَـسِّــدُهُ
فِـعـلٌ، وقـــد فُـقْـتَ في التجْـسيدِ خَطوَهُمُ
*
أعطيتَ دَرسـاً لِمَن ضَلَّ السَـبـيلَ، وعـنْ
مَـن اهـتدى، زالَ عـنه الـوَهْـمُ والـعَـتَـمُ
*
إذا تـصَعَّـرَ قــومٌ، فــي الــذي كــسـَـبـوا
ثـمّ اقـتـدوا بـك، زال الـزّهْـو والـزَّعَـمُ
*
تَـبـاشَــرَ الجُـنـدُ لمّـا الــنـصرُ حالـفَـهـم
وكَــبَّـروا: لا فــتـىً إلّاكَ، بَــيــنَـهـُــمُ
*
مـــا دارَ طـرْفُــكَ، إلّا الـحَـقُ هـاجِـسُـهُ
والحـقُ صِنْـوُكَ، مـوصولٌ بـــه الـرَحِـمُ
*
نـاداهُــمُ المصطفـى : انــتَ الولِـيُّ لـهـم
فـصَــوَّتَ الــقـومُ، بالإيــجـاب كُــلُـهُــمُ
*
إنّ الأنـاةَ ونــهْــجَ الحِـلـمِ، إنْ جُــمِـعَـتْ
كـما أشَــرْتَ لــها ...تـعـلو بـــها الهِـمَـمُ
*
والصَّـمْتُ إنْ لاءَمَ الأجْواءَ، يَسْـمو بهـا
والـهَـذْرُ آخِـــرُه ... الإحْــبـاطُ والــنَـدَمُ
*
كــلامُــك الــدُّرُ، والآفـــاقُ تَــشــهَــدُه
قــد حَـرّكَ الـوعـيَ (فـيـمَـن قـلبُه شـبِـمُ)
*
فـي سِـفْـرِ نَـهْـجِـك، للأجـيـال مَـدرسَـةٌ
تَـبْـني الـعُـقـولَ، وفيـهـا تـزدهي الـقِـيَـمُ
*
الخُــلــدُ لــلــعـلــم، والآدابُ تَــصــحَــبـُـه
(أيـن الأسِـــرَّةُ، والـتـيـجـانُ)، والــخَــدَمُ
*
عَـقـلٌ بــلا أدبٍ، مِـثـلُ الشــجـاع بــلا
ســيـفٍ، وقــولـك هــذا مــنه نَـغْــتَــنِـمُ
*
بــلاغـة الـقـول، للـفـرســان مـوهـبـة
والمقـتـدون بـهــم يـسـمـو ســلـوكُـهُــمُ
*
بَـلغْـتَ فــــي صِـلةِ الأرحـام مَـرْتَــبَــةً
مَـن ســارَ سَــيْـرَك، لـم تَـعْـثـرْ به قَـدَمُ
*
طـمْأنْــتَ أنْــفُـــسَ أيــتـامٍ، جَـعـلـتَـهُــُم
يَــرَونَ فــيـك أبـاً، يـَـجْـلـي هُـمُـومَـهـُمُ
*
أوْصيْـتَ: أنْ يَسْـتَـشيرَ المرءُ مَنْ وثقتْ
بــهِ العُـقـولُ، ومَـنْ بالـرأي يـُــحــتَـرَمُ
*
كـمـا اسـتَـشَـرْتَ عقيلاً، إذ أشــارَ الى:
(أم البنين).. بِــبَـيـت الطُـهْـرِ تَــنْــتَـظِـمُ
*
فـكان مـنهــا ابـو الـفضل الــذي افتَخَـرَتْ
بــنَـهْــج سَـــيْـرِه، فـي تـاريـخـهــا الأمـمُ
*
أرسـى ابــو الحـسَـنيـن، الـعِـزَّ فـي عَـمَلٍ
بـــه الـكــرامــةُ غَــرْسٌ، لــيس يَــنـفـطِـــمُ
*
لاطـائـفـيّــةَ، لا تــفــريــقَ فــــي زمَـنٍ
قــد كـان رأيـُك، فـيــه الحَـسْـمُ والحَـكَـمُ
*
فـــي قـولِـك: الناسُ صِـنـفـان فـإمـا أخٌ
فـي الدِّينِ، أو فــي صفات الخَـلْقِ يَــتّـَسِمُ
*
لـمّا الخِـلافــةُ قــد حـيَّـتْـك قــلــتَ لـــهـم :
بــسـيرة المصطفى، الأجــواءُ تـنـسـجـمُ
*
ناديــتَ : إنّــي بــجُـلـبـابــي أتــيْــتُــكُــمُ
وفـــيـه أخـرُجُ، حيث الحــقُ والـنُـظُـمُ
*
اسْـتـهـدَفـوك بـبـيـت الــلـهِ، إذ غــدَروا
ما اسْـتمكـنوا منـك فـي حـربٍ، لها ضَرَمُ
*
إنّ الــــشــهـادةِ قد عَــززّتَ رُتْـــبَــتَــهـــا
إذ قلتَ : فُــزْتُ، وفــــيما قُــلـتَــه قَـسَـمُ
*
الحَــقُّ يَعْـلـو، فـطُـوبى لـلـذيـن سَــعَــوا
أنْ يَــقْــتَـدوا، لِــيَـزولَ الـظُـلْـمُ والـظـلَـَمُ
***
(من البسيط)
شعر عدنان عبد النبي البلداوي