شهادات ومذكرات
مجيد ملوك السامرائي: التعليم العالي - العـراق.. جامعة بغـداد أنموذجا
العلوم والمعارف المتاحة والمبتكرة بإستمرار؛ توجه رافق كل الحضارات بالتزامن مع الحروب التي تفضي الى تغيرات تطال منظومات التعلم والتعليم، وهذا ما شهده العراق منذ زمن بابل وأشور وبغداد الزوراء، وكان للحرب العالمية الاولى 1914 - 1918 وما تلاها من أحداث عبر أكثر من مئة سنة مضت؛ منعكساتها على التعليم في العراق، فكل خطوة للأمام تتبعها أحيانا خطوتان للخلف، وذلك ما يحاول المقال جغرافيا - تأريخيا وبالاعتماد على البيانات المكانية الوصفية والمنطقية - الرقمية الكشف عنه.
مؤسسات التعليم الاولى:
كانت أليات التعليم في العراق مطلع القرن العشرين مقتصرة على التعليم في بعض البيوت، والكتاتيب، والمساجد والجوامع، والمدارس الدينية، والحوزات العلمية، ضمن حلقات يقودها شـيخا، ويبدأ بالصبية صعوداً، وكذلك لحلقات النساء، وأطلق على هذه الحلقات أسماء محلية عديدة منها (الكُتاب) بضم الكاف، و(الكتاتيب)، وحلقة (الــمُلا/ الملاية) بضم الميم، وكان يتعلم فيها أفراد السكان بمختلف الأعمار أوليات القراءة والكتابة وتلاوة وحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والأحكام الشرعية، وهكذا وضعت الاسس الاولى للتعليم الحديث، وبعد انتشار المدارس في بغداد وبقية المدن العراقية تقلص عمل هذه الحلقات والكتاتيب تدريجيا.
المدارس العثمانية:
تضمنت المدارس العثمانية الاولى؛ الحكومية منها والأهلية كل من؛ المدارس الإسلامية والمسيحية واليهودية والأجنبية الأخرى، ومنها؛ اللاتينة للأباء الكرمليين 1721، الكلدانية 1843، والموصل 1855، والاتحاد الاسرائيلي 1865، (المدارس اليهودية/ مدارس الإتحاد الفرنسي/ الأليانس التي شملت؛ سبع منها في بغداد، وخمس في كل من؛ البصرة والعمارة وخانقين والحي وكركوك ). ومدارس كل من؛ السريانية الأفرامية، الأرمن المختلطة، الراهبات للبنات، البروتستانت للبنات، الاباء الدومنيكان. اضافة لمدارس كركوك 1868، وسامراء 1881، والنجف، 1882.[1]
شملت المدارس العثمانية النظامية التي تعتمد الاسس الحديثة أنذاك كل من؛ الرشدية المدنية، والفنون والصنائع 1869، والأعدادية العسكرية، والمدرسة الرشدية العسكرية/ كركوك 1870، والأعدادية المدنية 1871. وقد تم افتتاح المدرسة الرشدية العسكرية ببغداد سنة 1870، وموضعها قرب شاطئ نهر دجلة من جانب الرصافة (بناية المحاكم المدنية سابقا)، والواقعة عند يسار نهاية شارع المتنبي، الى يمين بناية القشلة، ويعود أصل البناء الى أواخر العصر العباسي (مدرسة الأمير سعادة، خادم الخليفة المستظهر بالله 1078- 1118م )، ثم أشُغل المبنى بدائرة/ الدفترخانة المعنية بحفظ الوثائق والسجلات العقارية والمالية زمن المماليك 1749- 1831، بعدها قرر الوالي مدحت باشا 1870 استخدامها مدرسة عسكرية حديثة لاستقبال أبناء بغداد بهدف تأهيلهم للدراسة في الكلية العسكرية في إسطنبول، وفي 1891 تم نقل المدرسة الرشدية العسكرية الى بناية جديدة (خصصت لاحقا 1918 لدار المعلمين الابتدائية، وموضعها؛ بناية المدرسة الاعدادية المركزية العريقة، الحالية بالميدان). وتم الغاء المدارس العسكرية العثمانية بعد احتلال بغداد 1917. وقد شرعت دائرة (مجلس المعارف) العثمانية ببغداد بفتح المدارس الاتية؛ في سنة 1889 فتحت؛ مدارس؛ جديد حسن باشا، الحميدية/ الفضل، الكرخ، والاعظمية. وفي 1891 الصابونجية، والعثمانية. وفي 1907 مدرسة تطبيقات دار المعلمين الابتدائية. وفي 1908 الجعفرية الأهلية/ مكتب الترقي الجعفري العثماني، والحقوق، وتذكار الحرية/ البصرة. وفي 1910 (كلية/ مدرسة) الامام الأعظم. وفي 1911 الكاظمية الأهلية، والحلة 1911. وفي 1914 شيدت بناية مدرسة تطبيقات دار المعلمين الابتدائية التي سبق أفتتاحها في 1907. كما تم في 1914 الأنتهاء من تشييد وفتح مدرسة الاتحاد والترقي (لاحقا بناية مدرسة المأمونية الابتدائية 1922- 1959/ جوار الدفاع، عند ساحة الميدان).
مدارس الادارة البريطانية:
في عهد الإحتلال/ الأنتداب البريطاني أستند التعليم على النظام التعليمي العثماني، ونظام التعليم في مصر المتأثرين بالفكر الفرنسي، وتم تقسيم العراق لأربع وحدات إدارية حيث إستهدفت السياسة التعليمية (لإدارة المعارف) المباشرة بفتح المدارس الإبتدائية فيها، وعليه تم إعادة فتح (كلية/ مدرسة) الامام الأعظم 1917، ودار المعلمين 1918، وفي سنة 1919 أعيد فتح مدرسة الحقوق، كما تم افتتاح المدرسة الاهلية الإبتدائية. ثم تزايد إفتتاح المدارس الحديثة تدريجيا في عدد من مدن العراق الكبيرة والصغيرة ومنها؛ مدرسة العمارة 1917، الناصرية 1917، كربلاء 1918، الكوت 1919، الرمادي والفلوجة 1919. وفي 1921 تشكلت وزارة للمعارف لتتولى انشاء وفتح المدارس والكليات في عموم العراق.[2]
مرتكزات التعليم العالي وتطورها:
شهد التعليم العالي خلال السنوات المئة الماضية تطورا تدريجيا شمل؛ تزايد أعداد الطلبة، وتحويل المدارس المهنية الى كليات مع تنامي تشكيلها، لتنضوي إداريا وعلميا بعد مرور أكثر من ثلاثون سنة بجامعة بغداد/ الجامعة الام، وشمل ذلك ما يلي:
* دار المعلمين الأبتدائية؛ يعد أساس المدارس، لذلك تم فتح أول دار ببغداد 1907 ضمن بناية المدرسة الرشدية، وبعد أغلاقه 1914 أعيد فتحة 1918 في بنايته (موضع بناية المدرسة الأعدادية المركزية العريقة، الحالية بالميدان )، ثم انتقل بعد 1930 الى الاعظمية/ قرب المقبرة الملكية، وأستمر نواة لعشرات الدور التي تم أفتتاحها تباعا في العديد من مدن العراق خلال سنوات العقود العشرة الماضية.
* مدرسة الحقوق العثمانية؛ تأسست في بغداد سنة 1908 ثم أعيد أفتتاحها 1919، وتقع بنايتها مقابل مبانى السراي- القشلة تقريبا، والتي أعيد تشييدها 1934 على الطراز الانكليزي/ الفكتوري، ومن أبرز الشخصيات التي تخرجت منها؛ المحامي عباس العزاوي 1921.
* دار المعلمين العالية و كلية التربية؛ تأسس دار المعلمين العالية سنة 1923، وضم قسمين/ العلوم الطبيعية والعلوم الانسانية بضمنها الجغرافية، وأضيف اليها قسم الرياضيات فيما بعد، ويقبل فيه خريجو دار المعلمين الأبتدائية وخريجو المدارس الثانوية، وقد شغل في بدايته الطابق الثاني من مدرسة المأمونية الابتدائية (جوار الدفاع، عند ساحة الميدان)، ثم انتقل الى جوارها في ( بناية المدرسة الاعدادية المركزية العريقة، الحالية بالميدان، والتي سبق وأن شغلها دار المعلمين الأبتدائية ). وقد أغلق دار المعلمين العالية خلال السنوات 1931- 1935. ثم انتقل مرة أخرى الى الأعظمية - مجاور المقبرة الملكية (بناية دار المعلمين الأبتدائية)، والتي أصلها أحد مباني جامعة آل البيت العراقية الملغاة 1930. بعدها أستقر دار المعلمين العالية في؛ بنايته الرئيسة مع ملحقاته من الأبنية الادارية والخدمية، والمشيدة سنة 1952، وأفخم وأشهر ما فيها؛ البناية التي حضر فيها الألاف عبر أكثر من ستون سنة مضت ولحد الان، (قاعة ساطع الحصري) مؤسس الدار/ 1923 وعميده الأول، وموضع بناية الدارهذه بمحاذاة مسار (سدة المدينة الترابية المشيدة 1917، وهي السدة الأقرب من مسار سدة ناظم باشا الاسبق منها)، وتقابل بناية الدار موضع المقبرة البريطانية من الاتجاه الغربي، (وحاليا هي مبنى الكلية التقنية- معهد الادارة). ولقد أستمر الدار بهذه البناية لغاية إلغائه 1958 بعد تأسيس (كلية التربية) التي ضمت الدارنفسه، وفي بنايته ذاتها.
بعد مرور عشرة سنوات أغلقت كلية التربية 1969 ثم أعيد فتحها 1972، وتدريجيا أنتقلت عمادتها واقسامها الانسانية الى مبانيها الجديدة، مقابل مبنى كلية الأداب وسط مجمع كليات باب المعظم، حيث تشكلت منها لاحقا 1988 (كلية التربية/ الأولى/ أبن رشد). أما اقسامها العلمية فقد بقيت بمبناها (المقابل للمقبرة البريطانية)، وتشكلت منها ايضا (كلية التربية/ الثانية/ ابن الهيثم 1988) والتي أنتقلت لاحقا الى (مبنى كلية العلوم/ الاعظمية/ ساحة عنتر التي سبق وان أنتقلت بدورها الى مبناها الحديث في مجمع الجادرية لجامعة بغداد 1983).
* جامعة آل البيت العراقية؛ تأسست 1924 من عدة (كليات/ مدارس) ومنها؛ الحقوق، الهندسة، العلوم المالية، ودار المعلمين العالية، وتوزعت بعدة مباني في الاعظمية، ومنها مبنى (الكلية او الشعبة الدينية)/ موضع الجامعة العراقية الحالي) وقد الغيت هذه الجامعة 1930.
* كلية الطب الملكية العراقية؛ تأسست 1927 جوارمستشفى باب المعظم (موضع مدينة الطب الحالي)، وأتخذت نظام ومناهج الكلية الطبية الملكية البريطانية.
* كلية الصيدلة؛ تأسست 1936 جوار كلية الطب، ثم انتقلت الى بنايتها الأحدث خلف موضع سايلو باب المعظم 1973.
* كلية الهندسة؛ تأسست 1942 بضم (مدرسة الهندسة السابقه)، وتقع البناية الأولى لكلية الهندسة والمشيدة 1956؛ يمين شارع ابي طالب - جوار المبنى السابق لوزارة الري ( وحاليا؛ ملحق الجامعة المستنصرية - كلية الهندسة)، وقد انتقلت كلية الهندسة الى مبناها الحديث في مجمع الجادرية لجامعة بغداد 1983.
* كلية الملكة عالية؛ تأسست سنة 1946 بمبنى صغير/ بباب المعظم، وتحولت الى كلية التحرير للبنات 1958، ثم إلى كلية البنات 1963، وأخيرأدمجت مع كلية الاداب 1969. وكانت كلية الملكة عالية بديلا لدار ( المعلمات الاولية )، والمنشطر بالأصل من (دار المعلمات الابتدائية، المؤسس سنة 1926، والذي سبق وان أنشطر 1943 الى؛ دار المعلمات الابتدائية، والى دار المعلمات الاولية).[3]
* كلية الاداب و العلوم؛ تعد الأداب والعلوم من الكليات المركزية لكل جامعات العالم، وقد تأسست سنة 1949 في بغداد، وكان عميدها الاول الدكتور عبد العزيز الدوري 1949 - 1958، وضمت قسمين/ العلوم الطبيعية، والعلوم الانسانية بضمنها الجغرافية، وأضيف اليها قسم الرياضيات فيما بعد، وكانت بنايتها الاولى متواضعه في منطقة باب المعظم (بناية المدرسة القديمة للفنون المنزلية )، مقابل (كلية الملكة عالية - لاحقا التحرير ثم البنات)، وبنايتها حاليا؛ ملحق المعهد الطبي التقني (عند مجسر مشاة باب المعظم - شارع الخلفاء/ الجمهورية).
في سنة 1956 أنقسمت كلية الاداب والعلوم الى كليتين مستقلتين هما؛ (كلية الاداب) التي انتقلت الى بنايتها بمنطقة الاعظمية، وتحديداً خلف المجمع العلمي العراقي/ في البناية التي تشغلها حاليا كلية القانون. (ولاحقا في سنة 1969 أنتقلت كلية الاداب الى مبناها الحالي - بمجمع كليات باب المعظم -، والمشيد 1960، والذي كانت تشغله قبلها كلية التجارة ). اما (كلية العلوم) فقد توزعت اقسامها في بنايتين مؤجرتين في الاعظمية/ شارع المشاتل، ثم استقرت في بنايتها الجديدة أنذاك في الأعظمية/ ساحة عنتر.
* كلية التجارة؛ تأسست 1946 من معهد العلوم المالية المؤسس 1936، والذي كان ضمن كلية الحقوق، وأنتقلت كلية التجارة الى مبناها الجديد المشيد 1960 (مجمع باب المعظم، مبنى كلية الأداب الحالي)، وتحولت كلية التجارة سنة 1968- 1969 إلى كلية الادارة والاقتصاد بمبناها المجاور لكلية القانون/ الوزيرية.
* كلية الشريعه؛ تشكلت 1946 في الأعظمية، وإلحقت بجامعة بغداد 1963، وحاليا كلية العلوم الاسلامية.
* كلية الزرعة؛ أسست 1952 في ابي غريب/ بغداد، وتخرجت أول دوراتها 1956 برعاية ملك العراق فيصل الثاني.
* كلية طب الاسنان؛ أسست 1953 بجوار كلية الطب (جوارموضع مدينة الطب الحالي).
* كلية الطب البيطري؛ أسست 1955 في ابي غريب/ بغداد، بموقعها/ العامرية غرب بغداد.
* جامعة الحكمة اليسوعية، مؤسسة أكاديمية أهلية تم تأسيسها سنة 1955، وفي سنة 1969 تم تأميم جامعة الحكمة وإلحاقها بجامعة بغداد. سميت جامعة الحكمة سنة 1956 وبدأت بثلاثة اقسام؛ ادارة الاعمال والهندسة والفنون الحرة والدراسات العربية، وأنجزت بنايتها 1959 على قطعة أرض (272 دونما) في الزعفرانية جنوبي شرقي بغداد، واعتبارا من 1969 اصبحت بناية معهد التكنولوجيا/ بغداد.
* جامعة بغداد؛ (الجامعة الام) أقدم جامعة حديثة في العراق، وشرع لأول مرة قانون تأسيسها سنة 1956.
* كلية التمريض؛ فتحت 1962 قرب كلية الطب (جوارموضع مدينة الطب الحالي).
* الجامعة المستنصرية، أستحدثت (جامعة خاصة) 1963، وأستقرت سنة 1968 بمبناها الجديد الذي شيدته مؤسسة كولبنكيان الخيرية، وهو المبنى الحالي الذي يقع في الرصافة من مدينة بغداد/ شارع فلسطين، وأعتبرت جامعة رسمية حكومية سنة 1974. وتضم حاليا 13 كلية وبكافة التخصصات، (سميت نسبة إلى؛ المدرسة المستنصرية العباسية العريقة ذات المركز العلمي والثقافي، والتي تم تأسيسها ببغداد سنة 1233م على يد الخليفة العباسي المستنصر بالله 1192 - 1243م ).
* جامعة البصرة، أستحدثت سنة 1964 من خمسة كليات، وتضم الان 22 كلية بمختلف الاختصاصات العلمية، وشيدت بنايتها الاولى شرق شط العرب/ التنومة، ثم انتقلت الى مبانيها الجديدة في كرمة علي 1983.
* كلية التربية الرياضية؛ تشكلت 1966 - 1967 من ضم المعهد العالي للتربية البدنية، واستقرت بمبناها (التي تشغله حاليا كلية التربية الرياضية للبنات) يسارمدخل شارع المغرب ومقابل منطقة الوزيرية، ثم أنتقلت الى مبناها الحديث في مجمع الجادرية لجامعة بغداد 1985.
* اكاديمية/ كلية الفنون الجميله؛ فتحت 1967، في بنايتها الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من منطقة الوزيرية/ يمين شارع ابي طالب، (وكانت بنيتها قبل توسيعها وتطويرها دارا لرئيس الوزراء الأسبق نوري سعيد).
* جامعة الموصل؛ تأسست سنة 1967 في مبانيها في الجانب الايمن/ المجموعة الثقافية. وسبق تأسيسها فتح كليات عديدة؛ أولها كلية الطب/ وزارة الصحة، والتي ألحقت بجامعة بغداد 1960، وتبعها فتح كليتا العلوم والهندسة 1963، وكلية الزراعة والغابات وكلية الصيدلة 1964، وكلية البنات 1967.
* جامعة السليمانية، أستحدثت سنة 1968، ثم نقلت الى اربيل سنة 1981 باسم (جامعة صلاح الدين /الحالية)، وفي سنة 1992 أعيد فتح جامعة السليمانية/ الحالية.
* الجامعة التكنولوجية، ببغداد/ حي الوحدة - شارع الصناعة، وتم أستحداثها سنة 1975، وتضم 13 (كلية/ قسما) هندسيا علميا، وأساسها ( المعهد الصناعي العالي) المؤسس 1960، والذي تحول الى (كلية الهندسة التكنلوجية) التي أرتبطت لعدة سنوات بكلية الهندسة/ جامعة بغداد.
جامعـة بغـداد:
أقدم جامعة حديثة في العراق (الجامعة الام)، ولم تبدء بالأدارة لافتتاح الكليات لاحقا، انما بدأت بضم كليات مضى على تشكيل بعضها أكثر من ثلاثون سنة، وشرع لأول مرة قانون تأسيس جامعة بغداد رقم 60 لسنة 1956، وتشكل مجلسها الاول 1957 برئاسة الدكتور متي يوسف عقراوي/ فلسفة (أول رئيس للجامعة)، وفي 1958 صدر قانون رقم 28 تنفيذا لقانون 60، وترأسها الدكتور عبد الجبار عبدالله الشيخ سام/ فيزياء 1958 (وحاليا؛ يتصدر تمثاله النصفي ساحة برج جامعة بغداد في الجادرية)، وفي 1963 ترأسها الدكتور عبد العزيز عبد الكريم الدوري/ تأريخ، وفي 1968 ترأسها الدكتور جاسم محمد خلف الركابي/ جغرافيا. وتنقلت رئاستها بعدة أبنية تابعة لكلياتها ومعاهدها وفي بناية وزارة التعليم، وذلك في كل من؛ باب المعظم والاعظمية والطيران/البتاوين، ثم انتقلت الى بنايتها في الجادرية.
لقد تشكلت جامعة بغداد من؛ تسعة كليات سابقة التأسيس هي؛ الحقوق، التربية، الطب، الصيدلة، الهندسة، الأداب، العلوم، التجارة، الزراعة. كما الحقت بها المعاهد العالية الاتية؛ العلوم الادارية، اللغات، المساحة، الهندسة الصناعية، والتربية البدنية. وخلال السنوات العشرة اللاحقه لتأسيس جامعة بغداد ضمت عدد من الكليات الأقـدم والمستحدثة وهي؛ الشريعة، طب الاسنان، التمريض، التربية الرياضية، أكاديمية/ كلية الفنون. وتبع ذلك ايضا أستحداث كليات عديدة منها؛ اللغات، العلوم السياسية، التربية للبنات. وتضم جامعة بغداد حاليا 24 كلية و4 معاهد و16 مركزا بحثيا و36 مجلة علمية، وتخرجت منها الدورة 66 لسنة 2023. ومن حيث التأسيس عدت جامعة بغداد الأولى عراقيا، والثانية عربيا بعد جامعة القاهرة/ 1816م، وفي سنة 2023 صنفت جامعة بغداد علميا بالمرتبة الاولى من بين 122 جامعة عراقية، والمرتبة 41 من بين 1365 جامعة عربية، والمرتبة 1571 من بين 12002 جامعة عالمية.
مجمع كليات باب المعظم
تشكلت جامعة بغداد من عدة كليات كانت تابعه لوزاراتها التي استحدثتها لأول مرة، وبالمقدمة وزارة المعارف/ مجلس التعليم العالي، وتركزت مؤسساتها منذ البدء بمركز منطقة باب المعظم لكونها المركز الحكومي الأول منذ العهد العثماني، وبالتالي تزايد الروابط فيما بين تلك المؤسسات خاصة الابنية والتجهيزات والعلاقات التعليمية والعلمية، ومنذ سنة 1943 بدء البحث عن الموقع المناسب لتشييد جامعة بغداد، وفي سنة 1955 شرعت وزارة المعارف بتشكيل لجنة تضم عدة أعضاء من وزارات ودوائر عدة برئاسة الدكتور عبد العزيز الدوري، لتشييد مباني للكليات خارج مبانيها القديمة/ المتفرقة بمركز منطقة باب المعظم، وذلك بسبب؛ التزيد السنوي لأعداد الطلبة، وتصاعد احتجاجاتهم ومظاهراتهم قرب المؤسسات الحكومية/ بباب المعظم في أعقاب الاضرابات الادارية المطلبية، والتظاهرات السياسية المتعاقبة منذ 1948، وخصوصا تلك التي جرت سنة 1952 بالساحة المقابلة لكلية الاداب والعلوم ( باب المعظم/ موضع مجسر مشاة تقاطع شارع الخلفاء/ الجمهورية)، وهكذا تم اختيار عدة مناطق ببغداد، وبوشرأولا بالانتقال الى محيط مركز منطقة باب المعظم.
يقع (مجمع كليات باب المعظم) في الركن الشمالي الشرقي لمدينة بغداد القديمة (المسورة)، مابين (منطقتي الفضل والشيخ عمر، وطريق محمد القاسم من الجهة الجنوبية الشرقية)، وبين ( شارع صفي الدين الحلي/ منطقة الوزيرية شمالا، وشارع ابي طالب غربا). لقد كانت عائدية أرض مجمع كليات باب المعظم تابعة للأوقاف، وهي بالاصل حقول زرعية للرز ومحاجر للطابوق وخندقا لتجمع المياه، وبعد 1917 شيد البريطانيون فيها كل من؛ سدة المدينة الترابية 1917- على طول حافتها الشمالية تفاديا لفيضان نهر دجله، وهي السدة الأقرب للمدينة من مسار سدة ناظم باشا 1911. كما شيدو؛ مقبرة لجنودهم، وحديقة عامة/ المعرض، ومعسكرا للخيالة، وخطا متريا لسكة حديد. مع بناء المسقفات والمخازن والدور السكنية للعاملين بمحطة قطار باب المعظم (محطة قطار شمال بغداد/ خانقين - كركوك - أربيل)، والمرتبطة بمحطة قطار باب الشيخ (محطة قطار شرق بغداد/ بمنطقة النهضة - مقابل مستشفى الكندي).
لقد حضي مجمع كليات باب المعظم لأهميته المكانية بالأهتمام الجامعي المبكر، فقد تم تشييد البناية الأولى (دارالمعلمين العالية 1952/ لاحقا كلية التربية 1958) قبل صدور قانون جامعة بغداد 1956، ثم (( بناية كلية التجارة 1960 - التي ضمت البناية الأقـدم منها/ ثانوية الصناعة والمشيدة 1953 - وحاليا هي بناية كلية الأداب))، ثم تبع ذلك تشييد بنايات الكليات السابق ذكرها، كما شيدت بنايات علمية وخدمية ذات أهمية علمية وجامعية وهي؛ المكتبة المركزية 1959/ يسار مسار شارع صفي الدين الحلي/ مقابل منطقة الوزيرية. وشيد مجمع الوحدة السكني/ دار الطلاب 1960، يسار مدخل شارعي (الكفاح/غازي، والشيخ عمر) من جهة باب المعظم. وأعيد مقابل كلية اللغات تشييد البناية الجديدة لمركز بحوث التأريخ الطبيعي (متحف التأريخ الطبيعي) سنة 1973. وتم كذلك بناء مجمع التعاون لأسكان الطالبات/ وسط المجمع في يسار مبنى كلية اللغات سنة 1975.
يضم المجمع حاليا عدة كليات تم تجديد أبنيتها مرارا مع توسيع ملحقاتها على مدى أكثر من نصف قرن وهي؛ الاداب، التربية/ابن رشد، الصيدلة، العلوم الاسلامية/الشريعة، اللغات، التمريض، والكلية التقنية، ومعهدي الادارة والرياضة. إضافة الى (ملحق الجامعة المستنصرية/ كلية الهندسة). كما تنتشر أبنية كليات المجمع بأتجاه نهر دجلة (المجموعة الطبية/ كليات الطب وطب الاسنان)، وتتبع المجمع أيضا كليات اخرى؛ الفنون الجميلة/ في الوزيرية. والادارة والاقتصاد، والقانون، والتربية/ أبن الهيثم في الاعظمية.
مجمع الجادرية
في سنة 1955 تم أختيار الجادرية أرضا (بمساحة 1300 دونم = 325 هكتار) لأبنية جامعة بغداد وفقا لأحدث التصاميم الهندسية للجامعات العالمية أنذاك؛ وتم الاختيار على اساس بعدها عن المركز، وفرادت موقعها وموضعها، وسعة مساحتها للتوسع المستقبلي. وتقع أرضها جنوبي شرقي مدينة بغداد الكبرى، يسار مجرى نهر دجلة الذي كون تعرجه تلك الارض الأقرب لشبه جزيرة، وفي 1957 أنجز تصميم برجها، وبوشر بالبناء 1963، وأكتمل تشييد برج الجامعة ( 19 طابقا بارتفاع 80م ) سنة 1967، وتم لاحقا توسيع أبنيتها الاخرى سنة 1982، وقد أنتقلت الادارة/ رئاسة الجامعة (ببرج مجمع الجادرية) ابتداء من سنة 1975، ثم تبعتها كليات العلوم، الهندسة والرياضة سنة 1983، ولاحقا كليات البنات، الاعلام، الزراعة، السياسية، والطب البيطري.
تطورالمستوى العلمي للتعليم العالي:
في سنة 1958 أستحدثت وزارة التربية والتعليم بدلا من (وزارة المعارف/1921)، وتتبعها كل مؤسسات التعليم، وفي 1970 تشكلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المسؤولة عن الجامعات والكليات والمعاهد والمراكز البحثية مما زاد من تنظيمها اداريا وعلميا، والتي كانت لسنوات تدار من قبل وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم.
لقد أنطلقت من جامعة بغداد الملاكات التدريسية والفنية والإدارية المدربة تدريباً عال المستوى لصالح المؤسسات الحكومية. ولتنتشر ايضا في الجامعات العراقية التي تم تأسيسها في مدينة بغداد وخارجها، إعتماد على امكانات جامعة بغداد من حيث إعداد التدريسيين والكوادر الادارية والفنية وخبرات التشييد والتطوير والأداء العلمي ومنها؛ جامعات المستنصرية، البصرة، الموصل، السليمانية. ومجموعة جامعات 1987 وهي؛ الكوفة، القادسية، تكريت، الانبار. وجامعة المتميزين/ النهرين حاليا ببغداد/ الجادرية. كما أسست الجامعة العراقية ببغداد/ الاعظمية 1989. وتبع ذلك تدريجيا تأسيسس العشرات من الجامعات المستحدثة ومنها على التوالي؛ ديالى، سامراء، كركوك، ودهوك. وعبر السنوات الخمس والعشرين اللاحقة لتأسيس جامعة بغداد أمست جامعات البصرة، الموصل، المستنصرية؛ ذوات مكانة وشهرة علمية رصينة محليا وخارجيا، وتضاهي قي ذلك المكانة المرموقة لجامعة بغداد من حيث الإداء والكفاءة.
في أعقاب التدني التدريجي لنسبة الأمية في العراق، وتنامي مستويات التعليم بكل مراحلة، تسببت الأحداث المتكررة؛ بالتراجع التدريجي لتلك المستويات وبضمنها التعليم العالي، مما أدى الى تزايد هجرة الكفاءات التي لها دورا علميا كبيرا، كما ان التسرع بأستحداث الأعداد الكبيرة والمتزايدة للجامعات الحكومية والخاصة، والتوسع العام، قد أربك توجهات التعليم العالي نتيجة؛ الضغط المتزايد على الأمكانات المتاحة العلمية منها والأدارية وكذلك البنى الأرتكازية.[3]
هكـذا بـدا مشهد التعليم في العراق عبر أكثر من مئة سنة، مشرق النشأة التي تصاعد تألقها الذهبي تربويا - تعليما وعلميا في عقد الخمسينات وعقد السبعينات من القرن العشرين. ولازال التعليم ينحو جاهدا رغم الأحداث القاسية للإتجاة المستقيم، وذلك بالجهد المتراكم عبر السنيين للعقول النيره لكل من الساده؛ المشايخ، الائمة، الخطباء. والمعلمين، المدرسين. والتدريسيين، الأساتذه. والعلماء، والمفكرين المبدعين ... وجميعهم يستحقون الإحترام.
***
مجيد ملوك السامرائي
جغـرافـي، كاتـب ومـؤلف وأستاذ جامعي - ويكيبيديا.
.........................
المراجــع:
1. مجيد ملوك السامرائي، سامراء رؤية جغرافية للتأريخ، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان،2022. صص 154-156. منشور على موقع – نيل وفرات، https://www.neelwafurat.com https .
2. ابراهيم العلاف، تطور التعليم الوطني في العراق، 1982.
3. علاء خميس الحميري، تطور التعليم في العراق،2019.
4. عقيل عبد ياسين حسين، مشاكل التعليم العالي في العراق،2023.