الرئيسية
مذكرات جندي احتياط من منتصف1981 إلى منتصف1984 / عبد الرضا حمد جاسم
حرب خاضها العراق ضد الجارة إيران بالنيابة عن السعودية التي أخبرت القيادة العراقية الطامحة إلى شئ سخيف حفرت به قبرها (قالت السعودية: ألريّال عليكم والرِيال علينه) وأمريكا الراغبة باللأنتقام من إيران التي مسحت بكرامتها إن وجدت وشرفها إن وجد بالأرض.
حرب تسيد فيها الغباء العربي المتأصل وهبت الجموع والحناجر تهتف فرحاً كلما زهقت الأرواح البريئة...وهب الملايين من الأخوة المصريين الأبرياء بالتوافد للعمل في العراق بتنسيق أمريكي إسرائيلي مصري لامتصاص غضب الشارع المصري من مسيرة مايسمونه سلام مع إسرائيل وأغدقت السعودية أموال الشعب السعودي لتسديد فواتير أجور العمال المصريين وبعض فواتير الحرب ومعها كانت الكويت التي أصبحت الجسر البري وكذلك ألأردن الذي لم يكتفي بالثأر من الأبرياء لدم أولاد العم التي زهقت أرواحهم بأيدي عراقي ودفع وتمويل سعودي لتحطيم الاتحاد الهاشمي.
حرب جندت كل الدول الغربية ترساناتها العسكرية والدبلوماسية والأعلام لاستمرارها وعرقلت كل محاولات إيقافها
وجهد الأمم المتحدة وبعض الوساطات فقتلوا الوسيط الدولي السويدي وقتلوا الوسيط العربي الجزائري.
الحرب التي أرادتها بعض دول الخليج بغباء وحقد وطائفيه وأرادتها إسرائيل لإخراج مصر من أمتها وللإمعان بإذلالها وأرادتها أمريكا لتطبيق خططها لاحتلال الخليج بعد أن هرب حارس الخليج شاه إيران
حرب أرادت من خلالها السعودية تحطيم مشروع الوحدة العراقية السورية التي كانت على الأبواب كما فعلت مع الاتحاد الهاشمي.
حرب حرقت بلدين وشعبين من أرقى الشعوب وأكثرها رفداً للأنسانيه وكنز الحضارة البشرية ونبع القيم النبيلة التي ظلت
تقدم للأنسانيه مدادها الذي لاينضب أمام دول لاتاريخ لها ولاقيم.
حرب زهقت فيها مئات ألاف الأرواح البريئة وتيتم وترمل الملايين وحرقت فيها مئات المليارات كانت كافيه لتغير وجه العالم بأسره
هذه المذكرات انتزعتها من ذاكره حفرت فيها الأيام والمواقف الكثير وسطرتها للتذكير ولإعطاء أناس بعض حقهم وفي مقدمة هؤلاء محور هذه المذكرات الرجل البطل النبيل (النقيب سلمـــــان إسماعيل فرحان المياحي/من أهالي بلدروز وسكنة بغداد /حي الكماليه)
اعتمدت في تبويبها على الأماكن التي جرت فيها وحسب تسلسل الأحداث وتواريخها بالسنين مع الاعتذار عن ذكر بعض
ا
لأسماء كأمله أو التواريخ بالأيام لعطب بسيط أصاب محرك البحث الدماغي(هذا مدخل لتشجيع الرد والانتقاد)
وتقسم المذكرات الى جزئين الأول ويشمل: معسكر الصويره..والشيخان...وزاويته...وباكرمان
والجزء الثاني ويشمل..حانقين....ومندلي ....وزرباطيه....وبدره وجصان والشجره الخبيثه
1.معسكر الصويـــــــــــــــــــره
في منتصف 1981 تم دعوة مواليد 1955 ومن سيق معهم لأداء خدمة الاحتياط وقد شملني ذلك لأنني من خريجي الجامعة لعام 1974
التحقنا سوقاً من تجنيد الناصرية إلى معسكر المحاويل كمعسكر تدريب أولي وبعد الانتهاء نقلنا إلى معسكر الصويره لتشكيل لواء مشاة جديد تحت رقم 506 وكان يرمز له (لمش506)
عند وصولنا المعسكر تم تقسيمنا على الأفواج وكان نصيبا الفوج الثالث وكان المشرف على الفوج م.أول احتياط(رزق)
وهو خريج كلية الزراعة جامعة بغداد لعام 1975 أي بعدي بدوره ونحن نعرف بعض جيداً لقد فؤجئ بوجودنا ونحن
كذلك لقد تم توزيعنا إلى سرايا وكان تنسيبي إلى السرية الرابعة ولكوننا خريجين فد كلفنا بالأمور الكتابية( القلم)
كان المعسكر عبارة عن خيم وبعض الأبنية البسيط للضباط لأن المعسكر أصلاً لقطعات عسكريه أخرى
بداء النصاب بالاكتمال بوصول دفعات جديدة من المنقولين ألينا
كان م.أول رزق شاب وسيم طويل ضخم تليق عليه ألبدله العسكرية للقوات الخاصة التي كان يرتدي ولكنه بالمقابل شاب هادئ مؤدب جداً خجول ذو صوت ناعم خجول بشكل لا يتناسب مع العسكرية ولا يرغب با لالتقاء معها
لم يتكلم معنا أو يتعمد اللقاء لأن يكفي أنك خريج جامعه وليس ضابط يعني عليك علامات استفهام قدرنا ذلك وقد اختليت به لعدة دقائق فأعتذر بأدب وقال لقد عرفتك من أول لحظه ولكنها المشاغل قدرت له ذلك ولم أحاول الالتقاء به مره أخرى
كان م.أول رزق من أهالي كركوك ومن الديانة المسيحية
بعد اكتمال الفوج تقريباً نسب إليه آمر فوج جديد هو المقدم(ماهــــــــر) من الأخوة التركمان وهو ضابط متعجرف من المغضوب عليهم وغير كفء عسكرياً كما تبين فيما بعد
ثم التحق إلى الفوج ضابط جديد نسب آمر لسريتنا السرية الرابعة شاب اسمر يفيض حيوية رشيق معتدل الطول برتبة نقيب لكن رتبته أكبرمنه كما يظهر لنا با لمقارنه مع ما كان موجود من ضباط احتياط مترهلين نصبت له خيمة قرب القلم
أول لقاء له بنا بعد انتهاء العرضات لأنه لم يخرج للعرضات لانعرف لماذا وقت ذك دخل علينا الخيمة وعرف بنفسه وطلب من كل واحد منا تقديم نفسه ومن أي مدينه وعمله قبل العسكرية وكنا ثلاثة:
أنا عبد الرضا حمد جاسم مواليد1951 خريج كلية الزراعة جامعة بغداد مهندس أنتاج في المنشاة العامة لمنتجات أللألبان في أبو غريب ومن أهالي الناصرية
صباح عاجب عباس مواليد1955 من أهالي ألبصره خمسه ميل لحام فني أنابيب نفط
علي عناد عبد مواليد1955 من أهالي كربلاء موظف ذاتيه في أحدى الدوائر
بعدها رمقني بنظره خاصة توقعت أن تسفر عن أسئلة من قبيل لماذ لم تكن ضابط لكنه بكل احترام وعسكريه ودعنا وخرج من الخيمة
كنا نحن سكنه بغداد ننزل إلى بغداد بعد نزول الضباط ونعود في اليوم التالي وقد أخبرته بذلك عند التعارف وعند المساء وجدني لا أزال في المعسكر فأستفسر مني عن ذلك فقلت له سيدي أنت موجود (وبعدك ما نازل أو خاف تحتاج شئ) جاوبني ضاحكاً أنت إذا ورأي تره بعد ما راح تنزل (يله روح) لم أفهم قصده من عبارته تلك
بعد يومين عرفت من مسئول قلم الفوج الأخ محمد هاشم/رسام وخطاط محترم وهومن أهالي الناصرية أن السيد النقيب منقول عقوبة وعليه مجلس تحقيقي من وحدته السابقة وهو موقوف لحين أنجاز المجلس وتبين من الأوراق ألتحقيقيه انه حاول الاعتداء على آمر وحدته السابقة وأن القضية: في أحد الأيام وأثناء الفطور قال الأمر أن هذا المكان للقاده والأمرين وكأنه يقول للآخرين اتركوا المكان فترك البعض ورفض نقيب سلمان ذلك وعندما أعادها الآمر باتجاه النقيب أنفجر به صائحاً هذا مكان المقاتلين وليس (الخاتلين) بالمكاتب المقاتل لايخرج ثم تهجم على الآمر عندما نهره على رده هذا
أما رتبة النقيب فهو خريج جديد من الكلية العسكرية وعند الهجوم على إيران ساهم في اقتحام مضيق (كولينا) في القاطع الأوسط ومنح تكريم رتبه ثم تمت ترقيته إلى نقيب حسب الاستحقاق
هذه المعلومات انتشرت في الفوج مما زاد من احترام الجنود له وكذلك تواجده المستمر معهم وقربهم وروح الدعابة التي يتمتع بها وقربه من قلوب الآخرين واحترامه لهم وشخصيته الواثقة التي تشيع الاطمئنان بعكس بعض الضباط الاحتياط الذين يتسقطون الزلات على الجنود وتعجرف البعض منهم
كان الجميع يقارنوه مع الآخرين المترهلين المزعجين المنطوين المتعالين وعدم اهتمامه بموضوع الحزبية بعكس الآخرين فأحدهم عضو قيادة فرقه ومنسب آمر السرية الأولى من بيت السعد ون ومن أهالي الحي والأخر احتياط وهمه الاستفسار من الجنود عن ألدرجه الحزبية والعناوين وطلب المعلومات والأخر يهتم بشعر رأسه أكثر من الجنود ويحمل معه دفتر الجرد الحزبي
في احد الأيام استدعاني نقيب سلمان إلى خيمته وبعد أداء التحية العسكرية قال أريد إن أكلفك بشيء خاص عائلي(بيني وبينك) فقلت حاضر وأطمئن سيدي ثم قال أريد إن أخبرك بشيء خاص أيضا وهو أنني موقوف وغير مسموح لي با النزول لذلك قلت لك قبل أيام إذا(تظل وراي ماراح تنزل) وكان في تصوره انني لااعرف ثم أعطاني ورقه مكتوب فيها عنوان سكنه في بغداد مكتوب بخطه الجميل ومع ألورقه رسالة مغلقه قال أن فيها مبلغ من المال أريدك توصله للعائلة اليوم ثم قال(عرفت العنوان فقلت له نعم لكنني لم أذهب سابقاً إلى المنطقه فشرح لي طريقة الوصول وكان العنوان هو( بغدادـ الكمالية ـ شارع الجامع ـالفرع الثاني على اليسار ـخامس بيت) (أو سابع بيت لا أتذكر بالضبط) وتجيبلي خبر منهم ضروري(باجر مثل جيتك كل يوم)
أنجزت المهمة وعدت في اليوم الثاني فوجدته أمام خيمة القلم بألأنتضار سلمته الجواب فرح كثيراً وشكرني وبعد التعداد الصباحي استدعاني إلى خيمته وقال كنت على يقين بأنك ستحضر التعداد (ويمكن لو غيرك جان يضربله كم يوم بحجة مايندل المنطقه وقال مزهواً(قال أسمع أخويه هسه لو أظل بعد سنه محروم من الأجازة ما يهمني) كان النقيب حسب ما عرفت من أهله مسئول عن عائلته الكبيرة وعائلته الصغيرة حيث انه متزوج حديثاً . ثم قال(كلهم /يقصد الضباط/ هنا وهناك كَالوا قدم استرحام ألي أمر فوج الذي إذا وافق يرفعه إلى أمر اللواء للحصول على موافقة للنزول يوم يومين ماسويتها ولاراح أسويها)وبعصبيه قال هسه أنت زرت بيتي وأستدرك قائلاً(خوب ماضليت واكَف بالباب فأجبته ..لا..دخلت بين ما كتبوا الجواب)
أستمر الحال والحرب على أشدها في ذلك العام وإشاعات تحرك اللواء إلى الجبهة منتشرة وتحوم حول اللواء ألي أن استلم اللواء كأمر للواء (أللواء الركن قوات خاصة علي حمدي مصطفى/كان آمر مدرسة القوات الخاصة ونقل مغضوباً عليه إلى لواء مشاة احتياط ) كان أمر اللواء الجديد قائد عسكري محترم وسيم طويل القامة ممتلئ رياضي البنية كانت تلك العقوبة له خير على اللواء حيث توقفت نهائياً إشاعات النقل وتبين لنا أن هناك سياق عسكري كان معمولاً به في تلك الأيام يقضي بعدم تنسيب أي وحده عسكريه ألي وحده أكبر إذا كان أمر الوحدة الصغيرة أقدم من حيث الرتبه أو التخرج من أمر الوحدة الكبيرة
وبعد عدة اشهر تحرك اللواء إلى قاطع دهوك لتبدأ مرحله جديدة
ألشــــــــــــــــــــيخان:
استلمت السرية منطقة عين سفني ...أتروش وكان مقر السرية في مخفر الشيخان القريب جداً من مزاراو محج ألأخوة الأيزيديين مرقد( الشيخ عدي بن مسافر الأموي)في بداية عام 1982
بعد استقرار السرية أول ما قام به آمر السريه هو زيارة المرقد وأدى ذلك باحترام كبيروألتقى العائله الكريمه التي كانت تدير المرقد وجالسهم الأرض وتناول وشرب بعض ما قدم له وأوصى رب العائله بأبلاغه شخصياً إذا حصلت أي أساءه من أحد وأعتذر منه قائلاً أنني سأكرر الزيارة عدة مرات في الأسبوع إذا سمحتم لأقف على احتياجاتكم لأنني على يقين أنك لم تخبرني عن تصرفات الجنود وكانت المسافة بين مقر السرية والمرقد ليست أكثر من عدة أمتار.
وعند عودته جمّع السرية (المقر ومن كان متواجد من الربايا) وأوصاهم باحترام المرقد والقائمين عليه وممارساتهم وعاداتهم وطقوسهم )قائلاً كل مخالف حتى مخالفه بسيطة سيتعرض إلى عقوبة عسكريه شديدة جداً وعقوبة شخصيه مني(رافعاً يده اليمنى) ثم قال(من يريد أن يجرب فليفعل) وقال من الآن ممنوع الذهاب إلى المرقد ومن يريد يطلب ذلك من قلم السرية
وبعد المحاضرة استدعاني لمكتبه وقال: (شفت شلون ناس فقره...وبتهم حلوه....حيث قامت بتقديم الفواكه لنا بكل احترام وأردف قائلاً قد يفكر بعض الجنود تفكير سئ (ذوله أمانه بركَبتي ألي يعتدي عليهم يعتدي على عائلتي وزوجتي والي يسويها أقتله أهنا وخلي يحاكموني) أريد منك أن تتابع الموضوع في هذه الأيام لأنه إذا سارت الأمور من اليوم الأول بشكل جيد ستستمر جيده
وصادف في احد الأيام بداية موسم الحج حيث تقاطر على المرقد المئات من العوائل من كل مكان امر السيد النقيب جميع السرية بعدم الخروج واكتفى بحماية المرقد من بعيد وفي اليوم الثاني اصطحبني معه إلى زيارة المرقد دون سلاح حتى سلاحه الشخصي ودون حماية وقام بالسلام على من كان متواجداً وأخرج من جيبه عدة قطع نقدية معدنية و(دقها) في جذع شجره كبيره تتوسط المكان كما يفعل الأخوة الأيزيديين.
كان من عادته النزول إلى الموصل صباح كل يوم جمعه ومعه أنا وحمايته من أهالي الموصل أسمه محمد (وهو بمواصفات وتقسيمات هذا الزمن الردئ من الأخوة الشبك) وسائقه محمد مكَطوف (من أهالي البطحاء/ الناصرية)
وكان خلالها يحضر الاجتماع الحزبي أن كان هناك أاجتماع,
مساء أحد أيام الخميس استدعاني إلى غرفته وكان منزعجاً نوعما وبعد التحية العسكرية قال(شوف أخويه أبو محمد أنه أحبك أحترمك وأنت تستحق وأدري أنت وربعك مو بعثيه وانتم بكفالتي وماسمحت لأحد من ذوله يتدخل/كان يعني ضابط التوجيه السياسي وجماعته/ لكن أكَلك جاكم واحد نقل [أمر أمر الفوج وهو حلاق أمر الفوج أسمه (محمد) من أهالي الموصل وهو بعثي ويعمل بالأعاشه) كان النقيب لايحترم أمر الفوج ولم يذهب إلى الفوج مطلقاً حتى لايؤدي التحية العسكرية لأمر الفوج لأنه لايستحق حسب قول النقيب وكثير ما كان أمر الفوج يعرقل أجازة أمر السرية أيؤخرها يوم أو يومين يظن بذلك أن النقيب سيتصل به ويترجاه كما يفعل الأخرين ولكنه لم يفعلها مطلقاً فكان يظن أمر السرية أن هذا الجندي على اتصال مع أمر الفوج وبأ لمناسبة فهو من منطقة أو ناحية ( المحلبيه) التابعة للموصل ويتكلم التركمانية بطلاقه رغم أنه يقول أنه عربي(وأمر الفوج كما ذكرنا هو من الأخوة التركمان)) فقلت لأمر السرية (هله بيه) التحق الأخ محمد في اليوم الثاني ( كان قصير سمين) وتبين أنه إنسان طيب و( ما يهمه غير بطنه) والسيد أمر الفوج نقله إلى السرية حتى لاينحسب عليه وبعد الكلام عن (محمد الحلاق كما صار يسميه) قلت له أنت منزعج هل هناك شئ أخر ضحك وقال(أدري بيك تفهم عمك) ثم قال (باجر ما راح ننزل للموصل راح ننزل الأحد) حيث اتصل اليوم مسؤلي الحزبي وقل لي:أنت نصير متقدم منذ فتره طويلة وهسه رشحناك للعضويه ويجب أن تحضر الأحد الساعه العاشرة صباحا إلى المكتب العسكري في الموصل للامتحان الشفوي ويجب إن تقدم وقتها أطروحة من (5000) كلمه عن الأطماع الفارسية في الخليج العربي(تبين إن النقيب نصير متقدم منذ الكلية العسكرية)
قلت له مبروك هذاشئ جيد قال(اخويه هاي لغوه أنه مالي خلكَهه ومنين أجيب خمس تالاف كلمه) (كَتله هاي خليهه عليه كَال شلون ) قلت له أنني امتلك مصادر كثيرة ولكنها في البيت في بغداد ويجب أن أذهب غدا فجراً لأعود مساءً وفعلاً نظمت كتاب مأموريه لي إلى بغداد مع سيارة أمر السرية وسائقه هو وقع مكان أمر السريه وأنا وقعت مكان أمر الفوج وذهبنا صباح ألجمعه وعدنا مسائها وجلبت معي العشرات من مجلة (آفاق عربيه) التي كانت تصدر في بغداد ورئيس تحريرها(د.محسن الموسوي شقيق الشهيد عزيز السيد جاسم) وكانت تحتوي على العديد من البحوث والدراسات حول الموضوع والتي نشرت قبل وفي بداية الحرب مع إيران
تم خلال ليلة ألجمعه/ السبت كتابة المسودة ويوم السبت تم أنجاز الدراسة بشكل منظم من مقدمه...وفصول..وخاتمه ...وفهرست والمصادر..بشكل استخدمنا فيه ما متوفر من ألوان وخطوط) وسلمتها للنقيب بعد قليل من منتصف الليل الذي أنبهر بها وقال(أعرف كَدهه والي تكَوله تسويه).
المهم حضر ألمقابله وقدم الأطروحة في وقتها وعدنا إلى مقر السرية بأنتظار النتيجة التي جاءت بعد عدة أيام وكان ناجح حسب قوله(5) (خمسه على الشفوي وخمسين على الأطروحة) وأصبح النقيب رفيق حزبي وقال(هسه أطيح حظ الرفيق وكان يقصد ضابط التوجيه السياسي الذي يحاول التدخل في السرية دائما ويمنعه السيد النقيب)
زاويتــــــــــــــــــــــــــــه:
تحركنا إلى زاويته في نفس العام وكان مقر السرية في مكان قرب دهوك على اليسار باتجاه زاويته والقلم في سيطرة زاويته ــمانكَيش وكان قد مسك المنطقه قبل وصولنا قاطع جيش شعبي من الديوانية وكان القلم ضيف على مقر القاطع وفي اليوم الأول زار السيد آمر السرية مقر القاطع للتنسيق لتواجد القلم وكان في استقباله ضابط ركن القاطع الذي دعانا إلى غرفته فصدمنا حيث وجدنا إن ضابط الركن قد نضد(سفط) بشكل ملفت قناني مشروب العرق(بطالةالعركَ) من الأرض حتى سقف الغرفة في الجدران الثلاثة للغرفة ومكتبه يتوسط ذلك ضحك النقيب وقبل أن يتكلم قال ضابط الركن مخاطباً النقيب(عيني وصي ربعك يديرون بالهم تره ربعنه من المغرب يبدون يشربون للصبح بس همه ناس فقره وكلهم يشتغلون بالحي الصناعي بالديوانيه يعني فيترجيه وسمكريه أو وايرمنيه)
عندما خرجنا أوصاني آمر السريه بالحذر وقال من يوم غد سوف أرسلك ثلاثة جنود توزع واجباتهم على السيطره مع الجيش الشعبي(أخاف ذوله والين العالم وليه ويأخذون العرك من الناس بلاش) لأن أمر السرية أستفسر من ضابط الركن عن مصدر العرق فقال له (ربعنه يوصون السواق يجيبولهم بالسيطرة) يعني عرق محلي
تبين بعد عدة أيام أن ألجماعه ناس طيبين ويحترمون السكان ويشترون العرق(بفلوسهم) ولايفتشون حتى السيارات(يعني مالهم علاقه لابالرايح ولابالجاي) عندها اطمئن النقيب والغي الواجب المشترك
كنا نقضي الليل والنهار معهم وكان كلامهم (عمي أحنه ناس فقره جايبينه بالكَوه نريد نخلص القاطع ونرد لأهلنه لانكتل ولانريد واحد منه ينكتل وأحنه مو بعثيه وتره آمر القاطع لايحل ولايربط ولايكَدر علينه) وكان القاطع هادئ ولم تطلق فيه رصاصه واحده إلى مره واحده حيث كنا ننام ليلاً خارج الغرف في ساحة القاطع وبعد منتصف أحدى الليالي حصل أطلاق نار كثيف جداً لبعض الوقت ومن كل الاتجاهات وبعد أن توقف سألت أحدهم ماذا حصل وكان ثملاً فقال ( شفت ضوه أجه عليه ورميته صليه والجماعه كلمن سحب أقسام وكَام يرمي من مكانه) تبين بعد ذلك أن الضوء مصدره حشره منتشره في المنطقه هم يسمونها (الفسفوريه) تعكس الضوء عندما تطير,
وفي صباح اليوم التالي تكلمنا بالموضوع وقلت لهم أن القاطع هادئ(ماكوشئ) فأجاب أحدهم (عمي همه تره داير مادايرنه ويمكن يعرفونه ناس فقره وزينين ويه الناس هل ما يسوون شئ وأذا كَتلك منو مسؤول عليهم ماتصدك..كَتله منو كَال هاي الممثله ناهده الرماح فضحكت وكَتله جا هلزلم كلها تخاف من مره.....بس أنت شلون عرفت ..كَلي سامعين صوتها وأسمها باللاسلكي)
هذا الطرح حرك شئ....هل يكون أصدقائي وزملائي الذي تركوا البلد مرغمين هم من يحيطون بنا وقد نقتل بعض في أي لحظه وقد يقعون أونقع اسرى عند الطرف الأخر ...هل يعرف أحدهم أنني هنا أو هل أن أحدهم يتربص بيّ وهل هدوء القاطع متعمد لأنهم كما قال أحدنا (يعرفونه ما لنه علاقه..)
كان القاطع الممتد من الشيخان ..اتروش ..زاويته...دهوك...زاخو هادئ لوجود آمراللواء اللواء الركن علي حمدي مصطفئ الذي لم يستطيع أحد من ألاعبين على (الحبلين) من دفعه لمقاتلة الأبرياء أو الاعتداء على الممتلكات أو ترويع اللأمنين الفقراء(أتمنى من يعرف عن ذلك شيء ينشره)
باكرمــــــــــــــــــــــــــان:
يعتبر جبل باكرمان رابع أعلى جبل في العراق وفي منطقه خلابة
تحركت سريتنا لاستلام المنطقه وتأمين الحماية للشركة اليوغسلافية التي كانت تقوم ببناء سد باكرمان العملاق وكان مقر السرية في ألربيه المحاذية للشارع الرئيسي عند قرية(شيرمان) أو قرية الزيباريين كما أخبرونا بها من أستلمنا منهم القاطع وكان ذلك قبل نهاية عام1982 إي في الشتاء وفي اليوم التالي استطلعنا قمة جبل باكرمان وأطلينا على السهول المحيطة به وجمال الطبيعة,
بعد عدة أيام زار مقر السرية شاب مع مسلح والتقيا بالسيد آمر السرية وبعد حوالي الساعة غادرا الموقع وأخبرني آمر السريه إن الشاب هو خريج كلية الأداره ولاقتصاد حديثاً واسمه (فرزنده) وهويعمل مع الحكومة لضبط الأمن في القاطع وهو من الزيباريين ( أحد الزيباريين اسمه أرشد الزيباري كان مستشار للرئيس صدام حسين بدرجة وزير) وكان للمتعاونين مع الحكومة دور كبير في تأجيج القتال لأنهم منتفعين منه وعلى سبيل المثال كانوا يقومون بأعمال عسكريه بحجة مطاردة المسلحين ثم يقدمون طلب في اليوم الثاني لتعويضهم عن الأعتده والأسلحه التي خسروها وكانوا يقدمون كشوفات أضعاف ما تم استخدامه من الأعتده بعشرات المرات وكانوا يتاجرون بهذه الأعتده حيث تبين بعد ذلك أن المقاتلين في المنطقه هم أخوة وأقارب المتعاونين مع الحكومة,
في أحد الأيام أستلم آمر السرية اتصالا من آمر أحدى الربايا عند منتصف الليل تقريبا يخبره بهروب أثنين من الجنود مع أسلحتهم هما (خالــــد وعمــــر) وهما من الأخوه الأكراد وكان أمر ألربيه هو عريف احتياط(عبد عرنوص) من أهالي ألعماره وهوأنسان فقير وطيب وخجول حد البلادة يضاف لها أنه كان يمتمت بشده عندما يتكلم كلمني النقيب من موضعه الملاصق للقلم وقال(شردوا من هذا إل.......) وكان عصبي جدا فقرر أبلاغ الفوج الذي طلب القيام بتمشيط المنطقه حالاً للبحث عنها وعند انتهاء الاتصال قلت له ما العمل قال(هذا مخبل يريدني أمشط المنطقه) فقلت له ماذا ستفعل قال سترى وبعد أكثر من ساعة قام بتعبير موقف اللفوج فحواه قمنا بالتمشيط ولم نعثر على أثر لهما,
ثم وحهه كلامه لي قائلا هذا التصرف الصحيح فقد يكون الهروب هو طعم لنقع في كمين فإذا هرب أثنين لا أتسبب بقتل الآخرين,موقف وتصرف رجل حكيم ومتزن وقت الشدة وأكبر من عمره ورتبته
وفي ضحى اليوم التالي اصطحبني معه إلى القرية وتناولنا الغداء هناك ولم يتطرق للموضوع ولم يتطرق أهل المضيف للموضوع,
تم تشكيل مجلس تحقيقي برئاسة م.أول شاكر(وكيل أمر السرية)وهو خريج الكلية العسكرية من أهالي بغداد حي القاهرة إنسان كريم وهاديء ومؤدب جداً للحد الذي عندما يقوم مقام أمر السرية يخلع ألرتبه ويعيش معنا ويلعب الدومنه ويقول لي أنت آمر السرية تعرف ربعك تم أنجاز المجلس بتبرئة الجميع وأرسل إلى مقر الفوج وفي نفس اليوم أتصل بالسيد أمر السرية النقيب مجيد العبيدي ضابط التوجيه السياسي وأثناء الكلام دس عبارة خطيرة هي(كيف يقوم أمر ألربيه بوضع أثنين أكراد معاً في الواجب) هذه العبارة أستفزة السيد أمر السرية فرد بعنفه المعهود قائلاً(ذوله عراقيين ومايختلفون عن الأخرين وأحنه موأفهم من القياده التي دعتهم للخدمة العسكرية أو لوتعرض موضع ألربيه للقصف ما راح تفرق القذائف بين عربي لو كردي....),
بعده فتره غير قصيرة صدر قرار بالعفو عن الهاربين من الأكراد ومن يعود يتسلم هدية رئيس الجمهورية مسدس عندها التحق خالد فقط فقلت له(كاكه ما تكَلي وين رحتوا)وكان يتكلم العربية بطلاقه عكس عمر قال: أحنه سوينالكم جاي ذك اليوم يقصد زيارتنا للقرية في ألنهار التالي لهروبهم أي إنهم تركوا ألربيه وعبروا الشارع ليختفوا في قرية شيرمان,
بعد فتره التحق بالقاطع قاطع جيش شعبي من كربلاء بقيادة (صباح السمرمد) شقيق أمين سر البعث في كربلاء(صلاح السمرمد) وكان مقر القاطع على جبل بأكرمان وبعد عدة أسابيع أقام أمر القاطع دعوة عشاء على شرف آمر السرية الذي اصطحبني معه وكذلك سائقه وحمايته وبعد وجبة الشرب(بالمناسبة نقيب سلمان لايشرب الخمر ولايدخن ولايصلي)وأثناء العشاء طرح أمر القاطع على آمر السرية أنه سيقوم غداً بتفتيش القرى ألواقعه في سهل باكرمان واقترح مشاركة السرية فرفض آمر السرية قائلاً أن حركة السرية وواجباتها يحددها الفوج واللواء,
وفي اليوم التالي أتم قاطع الجيش الشعبي التفتيش وعاد وكنا في ربية السريه في جبل باكرمان وهي ليست بعيده عن مقر السرية في شيرمان وعندما عاد القاطع التقى أمر السرية مع أمر القاطع الذي كان مصدوم من جمال الطبيعة والبنات هناك وقال أنها قرى مسيحيه والبنات لابسات الكاوبوي ثم اختلى بأمر السرية ليس ببعيد وقال له أن وجهاء القرى طلبوا
منه نقل تحياتهم لسيادة الزعيم عبد الكريم قاسم .
خانقيـــــــــــــــــــن :
لحد هذه الفترة كان اللواء ومنتسبيه يتمتعون بنعمة عقوبة آمر اللواء علي حمدي مصطفى وبعد عدة أيام أحيل اللواء الركن على التقاعد ونقل اللواء إلى قاطع خانقين ونسب للواء أمر جديد برتبة مقدم ركن وهو المقدم(جاسم) وهو شاب يعتقد أن جزء من رتبته كانت تكريم وبدأت ماسي اللواء مع طموحات المقدم الشاب أستلمت سريتنا المواقع الأمامية على أساس أن أمر السرية ذو خبره ومشارك في معارك سابقه وبقية الضباط هم من ا لاحتياط فقرر النقيب تقسيم القلم إلى خلفي للأعاشه والأمور أللأخرى والمتقدم قلم لأداره وسحبني معه للمتقدم وقال لي(أنت ما تكَدر تعيش وي ذوله بالخلفيات تره يشلعون كَلبك)وبعد عدة أيام كان أمر السرية يتكلم بعصبيه على التلفون ويهدد ويتوعد ووصلت بالقرب منه وهو يقول (أسع ولك راح أسد التلفون وأنزلك للخلفيات وأصعدك بالجلاقات للمتقدم....وبعد برهه...قال(لعد لاتتكلم بالموضوع مره ثانيه) وأغلق الهاتف...وقال لي (يريدونك تنزل...يكَول ممنوع قلم بالمتقدم ..أكَله ماكو شي مهم بس الموجود والراتب يوزعه يكَلي ممنوع....كَتله نقيب مجيد كَال أي ..كَتله وهسه كَال ياكل........)
وبعد أقل من أسبوعين زار السرية وفد أولجنه من حركات اللواء وبعد استطلاع الموقع قررت اللجنة أن تتقدم السرية عدة مئات من الأمتار حيث كنا على قمم تلال تليها أرض منبسطة(دشت) تتوسطها مجموعة تلال أقل ارتفاعا من مواقعنا وكانت حجتهم أنه يمكن أن يتسلل إليها العدوا وفي اليوم التالي تقدمت السرية وتم نقل إل(جينكوا) لبناء مواضع جديده تم رصد تحركنا بسهوله من قبل الإيرانيين لأنهم ليسوا بعيدين وكان إل(جينكوا) الجديد يعكس أشعة الشمس وبعد وقت قصير تعرضنا لقصف كثيف التجأنا إلى شقوق المواصلات وبعد أن توقف القصف اكتشفنا استشهاد أثنين من الجنود هما (صدام سدخان من أهالي ألعماره ومحمد طاهر من أهالي الموصل /حمام عليل وكان عامل في كلية الزراعة قبل التحاقه بخدمة الاحتياط) وقد مزقتهم قذيفة سقطت عليهما مباشرتاً وقمنا بتجميع الأشلاء معتمدين على الاختلاف في لون ألبشره حيث كان الشهيد البريء محمد طاهر ذو بشره بيضاء بالقياس لبشرة الشهيد البريء صدام سدخان
مندلــــــــــــــــــــــــــــي:
أصبح اللواء لايستقر في منطقه لفترة طويلة وكان يتحرك ضمن القاطع الأوسط بعد كل معركة أو تعرض لمسك مواقع اللألويه المتضررة من تلك المعارك,
جاء أمر التحرك من خانقين إلى مندلي قريب منتصف الليل وكان الوقت شتاء والوديان ممتلئة بالمياه وكانت الأوامر تنص على ترك كل شيء من عتاد وأسلحه ثقليه أن وجدت وحتى اللوازم الشخصية واليطغات وفقط الأسلحة الخفيفة ولأعتده الشخصية وكانت السماء قاسيه جداً المطر شديد وريح شديدة وكان التحرك راجلاً من دون عجلات وكان كل جندي يمسك ب(نطاق) الذي قبله وكل مجموعه من هذا القبيل تتكون من خمسه إلى عشرة أشخاص وقد جرفت المياه الكثير من المنتسبين مما اضطرتهم الحالة إلى ترك السلاح والعتاد والنجاة با النفس حتى وصلنا إلى الطريق المعبد الذي يربط خانقين بالسعدية حيث كان التجمع بانتظار العجلات للتحرك إلى مندلي كان الجميع بحاله يرثى لها (الملابس مبلله مطينه والبعض اصيب بجروح وقسم حفات) وقد تخلف عدد من المراتب الذين لم يستطيعوا عبور الوديان أو من ظل الطريق واستمر الحال إلى ظهر اليوم التالي من دون أرزاق أو أفرشه وعند حاولي منتصف النهار تحركت القافلة مع دليل باتجاه قزانيه في قاطع مندلي وقد وقع الدليل في خطاء كان يمكن إن يكلفنا الكثير لأنه قاد القافلة باتجاه مندلي مروراً بمحاذاة النفط خانه وعند الاقتراب من مفرق مندلي قزانيه تعرضنا إلى قصف شديد أدى إلى أن تتوقف القافلة ويترجل الجنود والضباط مذعورين حينها تدخل النقيب سلمان بخبرته العسكرية وذكائه الميداني وأمر القافلة بالتحرك السريع [اتجاه بلد روز مبتعدين بالعمق وبعد توقف القصف وابتعادنا أوقف عجلته الواز وترجل منها بطلاً غاضباً كاد غضبه أن يفتك بالدليل وبحث عن الذي أمر القافلة بالتوقف قائلاً(كان يمكن أن نكون هدف سهل لنيران العدو لوأستمرت القافلة بالوقوف ولكان هناك ضحايا كثر)(بالمناسبه فأن نقيب سلمان من أهالي بلدروز وكان قد اشترك بمعارك القاطع الأوسط كما أسلفنا)
أستقر الفوج في معسكر خلفيات بلدروز وتحركة السرايا إلى مواقعها الأمامية وكان مقر السرية الرابعة في قزانيه ومسكت مواقع المتقدم والحجابات
وبنفس السياق ترك نقيب سلمان جزء من قلم السرية في الخلفيات وأنا معه في المتقدم,لقد سبقتنا كارثة في معركة مندلي حيث كانت لاتزال جثث جنود الطرفين في الوديان وقام كل طرف عندما لم يتمكن من أخلاء الشهداء( وكلهم شهداء لأنهم أبرياء) قام بعل دنيء وهو تلغيم الجثث وبقيت تتفسخ في مكانها,
في أحد الأيام أخبرني النقيب أن ضيفاً قادما ألينا وهو رفيق حزبي تنسب للسرية للقضايا الحزبية وفعلاً مع سيارة الأرزاق وصل الرفيق بدون سلاح ولا (يطغ)....دخل على أمر السرية وبعد دقائق استدعاني أمر السرية وبعد التحية العسكرية سلمني كتاب تنسيب الرفيق وطلب مني نشر ألتحاقه ثم قال (شوفوا للرفيق مكان يمكن يرتاح بيه) خرجنا أنا والرفيق عندها قال لي أنت فلان قلت نعم فقال تشرفنا وقدم نفسه(الرفيق محمد الجبوري عضو عامل بالحزب من أهالي الموصل/البعاج وأنا معلم )رحبت بيه فقال (اكو عدكم سجل معلومات لوجرد بالقلم لأن عند جماعتكم بالخلفيات ماكو وبالفوج ماكو معلومات كافيه حتى عليكم أهل القلم) في هذه الثناء استدعاني النقيب إلى موضعه واستقبلني ضاحكاً (ها أخويه الرفيق شنو أخباره النوبه دزوه وراكم لهنا...كَال شي كَتله والله يسأل عن التنظيم والسجلات ويريد يسوي طلب معلومات جديد عله كل السرية ..كَال ...شوفه شلون نشط خو مو مثل الرفيق ويأشر عله نفسه)
رجعت إلى موضعي وجدت الرفيق (مدوخ المراسل وسائق الأمر وحمايته) قلت له اليوم وين تنام كَال لا انه أنزل للخلفيات وباجر أجيب الاستمارات حته أنطيكياها تمليها وتدزهه الي للخلفيات....قلت له أخي أنت تأتي هنا وتقوم بما تريد وإن أ حتجت للمساعدة أنا موجود) المهم نزل مع سيارة الأرزاق وكعادته ليلاً خرج النقيب (يتمشه) بين مواضعنه وقال لي تعال سولفلي فقلت له ما جرى فقال(زين سويت) فقلت له سيدي (أخاف يحجي يمك زايد فأنا لايمكن أن أكتب أي استماره) قال والله لو لم تقل له هكذا لأزعجتني كثيراً(ومو ابو محمد العرفه لو ما كَتله هلكلام)
تطور موضوع الاستمارات إلى عدم تعاون مع الرفيق في رأي ضابط التوجيه السياسي الذي رد عليه السيد أمر السرية (هم مو كتاب يشتغلون عند الرفيق هذا واجب الرفيق وأنا طلبت من القلم ذلك حتى لايحصل أشكال أو خطأء)
بعد ليلتين عاد الرفيق ومعه الاستمارات ودخل موضع النقيب دون حتى أستأذان ولم ينطق كلمة سيدي من اليوم الأول وكان كلما يخاطب النقيب يقول رفيق في تلك اليله كان النقيب يفكر بشيء لم يخبرني به ولما استدعاني ووجدت الرفيق معه كانت الأمور تختلف قال لي النقيب هذه استمارة طلب المعلومات العائدة لك أملئها لأن السابقات يقول الرفيق تعود ومؤشر عليها مجهول محل السكن ...فقلت تأمر سيدي وأخذت الأستماره لأنجزها في القلم وأديت التحية لأخرج فقال النقيب رفيق محمد (راح يجي وياك يستلم سلاح وعتاد ويذهب إلى الحجابات فقلت تأمر سيدي
أستلم محمد السلاح وقبل تحرك السيارة خرج النقيب ليبلغ جماعة لأعاشه أن يكون المقعد الأمامي (الصدر) للرفيق عاد إلى موضعه وأنا عدت إلى القلم مستغرب الذي يحصل وانتظرت أن يناديني النقيب لكن دون جدوى أقترب منتصف أليل وإذا به (يصيح تعال ولك) عرفت أنه يقصدني فدخلت الموضوع وجدته يضحك وقال(أكَلك أوليدي هسه الرفيق يمكن وصل للحجابات...شتكَول وضحك ضحكه قويه) قلت له سيدي (شنو القضيه..كَال ذوله البلحجابات كلهم موثقه أو مو بعثيه وأحنه بحرب) لأول مره أسمعه يتكلم بهذا الأسلوب وهذه الطريقه....شعر بذلك وقال هذا كلام الرفيق(يعني ذوله موشرفاء ومو وطنيين او موثقه) وقال(تكلمت معه بنفس كلماته وقلت له أريد منك خدمه كَال حاضر رفيق كَتله يعني تسويهه كَال على كَص ركَبتي كَتله ألزم شاربك لزم شاربه كَتله أريدك تروح معايشه للحجابات لأن أنه هم خايف منهم.....وكَلي ها شلون خطه حته يعرف الشرف والوطنيه وين ...شنو رأيك وليدي...وضحك وقال...يمكن الرفيق راح يستفاد خبره نضاليه وقتاليه)
منذ اليوم الثاني (شتغلت التلفونات والواسطات من الفوج من الأستخبارات من اللواء) إلى أن وصل أمر إلغاء تنسيبه ألينا فرفض النقيب وطلب مني أن اكتب كتاب(رنان) وسري وشخصي يؤكد حاجة السرية إلى خدماته وثناء على ما قام به وتطوعه بالذهاب للحجابات لمعايشة رفاقه وتشجيعهم والوقوف على احتياجاتهم....و وو و) ولم يلغى تنسيبه إلى بعد عشرة أيام وعندما عاد من الحجابات استقبله النقيب بأرتياح وثتمين وطلب منه البقاء تلك ألليله (خطار) فكان جوابه بين كلمه وأخرى سيدي (كَلي روح لأن عندي أعمال متراكمة)
وبعد تحرك السيارة قال لي النقيب سوف لن ينسى هذا الدرس ...وهو ليس أشرف من الجنود شفت شلون صاير يشرد من الدفاع عن الوطن هذا رفيق هذا يعني تموت الناس الفقره مو مشكله المهم هو وغيره مرتاحين ثم أردف قائلاً(وليدي أنت شمسويله..كَتله ليش كَال عبالك جاي عله مودك...كَتله من طرفي ماعندي شي ...كَال لا لازم طيحت حظه)
بدره وجصــــــــــــــــــــان:
تحرك اللواء إلى قاطع بدره وجصان وكان واجب السرية في المناطق القريبة من مخفر الشهابي وكان الوضع هادى تقريبا إلى من المنغصات التي كان يثيرها الفوج ومن يسكن الخلفيات حيث كلما كان القاطع هاديء كلما نشط الرفاق ومن معهم وبالذات عندما كان يتمتع آمر السرية بأجازته الدورية حيث منذ فتره ليست بالقصيرة كنا لانذهب معاً بالأجازة وكان هذا اقتراح من م.أول شاكر وكيل آمر السرية لأن ضابط التوجيه السياسي ألنقيب مجيد العبيدي يتكرر شبه يومياً على السرية عسى إن يجد شيء ضد النقيب وفي أحد الأيام ليلاً أتصل طالباً حضوري إلى مقر الفوج غدا صباحاً ومعي سجل
الأجازات الدورية وكان صباح نفس يوم الاتصال أشرف على توزيع ألأجازات الدورية للمراتب وفوجئ بوجود أسم أحد جنود السرية معهم وكان قد سأل عنه في الأسبوع الماضي وأخبرناه أنه مجاز وهو مقاول كان يشرف على بناء بيت نقيب سلمان في بلدروز ولكنه (بالهجه العاميه كلاوجي يعني يحصل على أجازه لمدة شهر لايخدم منها يومين أوثلاثه يعني مرتب حاله وأسمه(محمد نعيس) من أهالي الناصريه.
عرفت القصد فقمت بتبدليل سجل الأجازات الدوريه لسنه كامله تلك الليله بحيث تكون أجازة محمد نعيس ومعه جندي اسمه(غني) من أهالي الناصرية أيضا كان عمله الأصلي(خلفة بناء)
المهم ذهبت بالموعد ووجدت قلم السرية الأولى وسرية الإسناد أيضا وعندما دخلت وأديت التحية قال أهلاً بقلم البطل أبا خلود ويقصد نقيب سلمان الذي رزق قبل أشهر بمولودة البكر وكانت بنت أسماها خلود أخذ الدفتر وبدأ يقلب وفؤجيء أن محمد نعيس يستحق الأجازة هذا الأسبوع فقال كان مجاز الأسبوع الماضي قلت له سيدي هذا السجل وإذا تريد أن تدققه
تفضل وهذا توقيع نقيب سلمان على السجل(كان يوصييني النقيب في حالة التعرض لأي شيْ في غيابه نقول نقيب سلمان قال هذا أو أسالوا النقيب عندما يعود)
لقد تعرض النقيب إلى مضايقات كثيرة خلال هذه الفترة وأهمها أن كان كل من ثلاثة ليالي ألي أربعة ليالي يكلف بواجب الدورية الليلية قرب خطوط التماس أو في الحجابات وهولم يعترض لأن القصد منها أنهم يريدونه إن يعترض ليحاسب أو يتوسل ليذل وهو كان واعي للأثنين وينفذ الواجب بكل بطوله وإخلاص وفي أحدى المرات كان الواجب ليلة أجازته الدورية.
خلال هذه الفترة وصل السرية الجندي (كريم) منقولاً من خارج اللواء ومعه توصيه بعدم تسليمه سلاح وعدم تكليفه بأي واجب لأنه مريض عقلياً (يعني طباكَات كما يقال) وكريم شاب وسيم جداً (راهي) الطول رشيق ذو شعر أسود فاحم منسدل طويل خريج ثانوية زراعه ومن أهالي ألعماره ويسكن مدينة الثورة ومعاقب بواسطة مجلس تحقيقي لمحاولته استخدام سلاحه الكلاشنكوف في ساحة العرضات وتهديده للضباط في تلك أللحظه
ترك كريم في مقر السرية يتحرك كما يريد دون أي واجبات وأصبح من الذين يرتاح لهم النقيب لأنه ذو نكته (وسوالف تخرب ضحك يمزج بها مايريد من شتم للقياده والحزب والجيش مع حركات بهلوانيه) وكان يقول له النقيب كل مره(أبو حاتم ولك أحنه المخابيل موأنت ولك خوش جاي تضحك علينه روح بفالك)
في أحد الأيام قبل المغرب نادى أمر السرية باسمي بصوت عالي فهرعت إلى موضعه وجدت هناك (كريم) يقف في حالة الاستعداد ويعتمر ألخوذه الفولاذية وبادرني النقيب قائلاً ولك هذا المخبل يريد يروح للمتقدم فقلت له(ها أبو حاتم منو مضوجك تريد أجازه كَال انه موجبان لازم تنطوني سلاح وأروح للحجابات وأذا ما تقبلون اليله أروح مشي) هدئت من حالته وقبلته وأنا أعرف أنه يحبني ويحترمني و(يريد خاطري) فأصر على تهديده بالذهاب مشياً حينها أخبره النقيب بموافقته فتقدم من النقيب ليقبله فمنعته وقبلته وخرجنا وكان فرحاً جداً فعدت للنقيب الذي طلب مني الانتباه من أن لايسرق سلاح أحد المراتب وطلب مني عدم تسليمه سلاح والبقاء معه حتى يصعد سيارة الأرزاق وأن أبلغهم توخي الحذر إثناء الطريق وترك لي أقناعة بخصوص السلاح خرجت إلى كريم وجدته قد (لف يطغه) ويسأل عن السلاح فأخبرته سيجد السلاح هناك وسيستلم سلام الجندي الذي سيحل محله فاقتنع
تحركت ألعجله وكريم يرفع علامة النصر وماهي إلا نصف ساعة حتى حصل قصف معادي وعند الاستفسار علمنا أن عجلة الأرزاق تعرضت للقصف ولم تصب وعند توقف القصف لم يلتحق كريم إلى ألعجله وهو مفقود فكلف أم السرية جنود لأعاشه الذين وصلوا إلى مواضع توزيع الأرزاق بالبحث عنه فوجدوه ممزق الجزء الأسفل من جسمه بالكامل.
كان يقول المسكين البريء أنه مستعد أن يفقد أطرافه العليا أو السفلى ولايصاب وجهه بخدوش وفعلاً وجدوه قد دفع برأسه داخل حفره
لم أرى نقيب سلمان باكياً قبل هذه أللحظه وكان يحاول التماسك ولم يقترب من أحد وكلفني شخصيا بمرافقة جثمان كريم ألي أهله فرفضت بشده وقلت له الم أفعلها ولن أفعلها
زرباطيـــــــــــــــــــــــــه:
تم تشكيل سرية مغاوير اللواء وكان مقرها زرباطيه ونسب آمراً لها النقيب سلمان ومنح صلاحية سحب ما يحتاج اليه من كل تشكيلات اللواء على أساس أنها القوه الضاربة للواء
فقام وهذا طبيعي بسحب كل قلم السرية الرابعة وسائقه وحمايته وكان مقر السرية في زرباطيه وكان ذلك قبل اشهر من معركة شرق زرباطيه تكاملة السرية مع تواصل نقل المراتب إليها وكان الأغلبية الساحقة من منتسبيها من أهالي البصره ومن القرنه
وفي احدى اليالي تعرضت السريه الى قصف لعدة دقائق وبعد توقف القصف تم إحصاء الموجود فتخلف أحد الجنود الذي وجد مستشهداً على فراشه حيث تعود إن ينام فوق الموضع وتبين أن شضيه صغيره اخترقت مؤخرة رأسه وقتلته وكان من أهالي القرنه ويدعى (طارق حيال)
كان هناك مايثير خلال هذه الفترة التي سبقت معركة شرق زرباطيه المعروفه والتي حدثت يوم 29/07/1983 وأستمرت حتى يوم 01/08/1983
في ليلة 28 على29 تموز تعرض القاطع إلى هجوم كاسح من القوات الإيرانية التي استطاعة اختراق مواقعنا ليلاً وتمكنت من إدامة زخم هجومها حتى الفجر إلى إن وصلت قوات الحرس الجمهوري صباح يوم 30/07 حيث استطاعت أن تتعامل مع الموقف ولكن الملفت فيما جرى هي حكمة هذا الضابط الشاب نقيب سلمان إسماعيل فرحان وكان المكلف ليلة التعرض بصفته أمر القوه الضاربة للواء فقد أمر السرية بالبقاء في مواضعها وأخبرني أن غداً يوم توزيع الرواتب هل أنت مستعد للقيام بذلك وتسلم الرواتب للمقاتلين في المتقدم فقلت له نعم سيدي فقال هذا ليس أمر عسكري فقلت له هوامر عسكري أنا مسئول عن تنفيذه وأنت تعرفني
كان امتحان عصيب وذو قيم هل إنا كما هو يعرفني كل تلك الفترة أم لا هل أنا إنسان أثمن الثقة أم لا وفعلاً وجدني في الحجابات اسلم الرواتب عندما وصل مع آمر اللواء وقيادة طيران الجيش فقبلني من راسي وقال (أبرئك الذمة وأرجو أن تبريني الذمة كنت كما توقعتك إلى اللقاء....طفرت من عيني دمعه الأعرف عليه أم على نفسي) وأنا هناك شاهدت ما لا يمكن أن ينسى شاهدت شخص إيراني من شق المواصلات أستطاع أن يدمر ثلاثة دبابات من الحرس الجمهوري قبل إن تتم معالجته وأسره فكان رجل مسن مدني تم أسره وسلم ألينا لنقله للخلفيات ورغم حرارة الجو وحرارة المعركة قدمنا له الماء ليشرب فبصق في وجهنا وكان له من العمر ما يفوق السبعين عام
ولا أزال أتذكر جيداً عندما نقيب سلمان أعطاني منظاره وقال لي انظر فنظرت ورميت المنظار وقلت هل نحن هنا لهذا الشئ الموت والجراح وفقدان الأحباء والأصدقاء ومن تعايشنا معه هل في ذلك وسام لنجاح هل نفرح غداً لو هزمناهم وفقدنا أحبه وهل هم بدون أحبه وأهل ينتظرونهم
انتهت معركة زرباطيه وانتهى معها موقفها ولم تنتهي المهزلة التي نصفق لها مجبرين.
لم تمس السرية بمكروه بفضل قائدها الصغير الكبير النقيب سلمان إسماعيل فرحان المياحي الذي يكبر في عيون معيته كلما اشتدت المعارك.
أستمرت السرية في مواقعها بعد انسحاب الحرس الجمهوري وتم تعزيزها لوضوح أهميتها وأهميه قائدها في حماية اللواء وتجنيبه المشاكل في ساحة المعركة ومع القيادة العليا
سارت الأمور بهدوء ويسر وسهوله فكانت الأجواء تدعو للارتياح النسبي الذي يزيده النقيب سلمان اطمئناناً فالكل يثق فيه ويرتاح له يقابل ذلك ارتياح النقيب من أن الأمور تسير بهدوء ويسرو بما يرتاح له
وكان هناك ما يثير أمر السرية ويعجب له ويتابعه ولايعلق عليه ولا يعارضه ولا يجهر باستحسانه أو تأييده وكان يسرح معه ويغيب معه ومع نفسه ولايسر أحد بمشاعره
كان مسئول ألبداله عريف احتياط من أهالي ألبصره لاأتذكر أسمه شاب هادئ صلب جريء مؤمن لا يغادر موضعه من الأجازة إلى الأجازة قليل الكلام منضبط كان كل يوم وقت العشاء يعتلي موضعه ليؤذن بصوت رخيم عالي واثق وعندما يصل إلى(أشهد أن علياً.....) يلحن ويضيف ويطيل وكان آمر السرية وقت الأذان يخرج من موضعه ليتابع ألأذان وعند الانتهاء يدخل الموضع
لم يكلمني في ما يشعر وما يعني له ذلك ولماذا يحرص على متابعة ذلك ....لقد كنت أشعر وأنا القريب إليه أنه يرتاح جداً ولم يحاول مره إن يتكلم مع مسئول ألبداله في ذلك ولم يتقرب إليه لأنه كان يعرف أنه جريْ ولايجا مل وشعرت مرات أنه كان يتعلم شيْ منه
وقد شعرت دائماً انه معجب بشجاعة العريف ورباطة جأشه وإخلاصه لعمله ولما يؤمن به ولم يتطرق الشك إلى قلب النقيب أبداً
افترقنا ولم أسأله عن هذا الموضوع ولكني كنت أشعر أنه يبادل العريف الإعجاب والتقدير والاحترام
في نهاية الشهر الثالث من عام 1984 وعندما كنت أتمتع بأجازتي الدوريه راجعت مدينة الطب في بغداد وبعد الفحص والأشعة تبين إنني مصاب بحاله صعبه في العمود الفقري ناتج عن مرض أصبت به في طفولتي وبعد عودتي إلى المعسكر أخبرت السيد النقيب بذلك فطلب تنظيم كتاب إرسال إلى مستشفى الرشيد العسكري وطلب الذهاب في اليوم التالي
وفعلاً تم ذلك ومنحت أجازه مرضيه لمدة 45يوم أعرض خلالها على اللجنه الطبية وتم تحديد الموعد وعرضت على اللجنه التي أوصت بعدم إصلاحيتي للخدمة العسكرية المسلحة وغير المسلح وسيتم أعلام وحدتي بكتاب رسمي
أنتهت مدة الأجازة والتحقت بوحدتي دخلت على السيد آمر السرية لأداء واجب التحية والسلام بادرني قائلاً (ها أخويه خلصت ال45 يوم عبالك ما تخلص عبالك تخلص منه ماتكَدر) وعند محاولتي الرد على كلامه المتواصل قال(أكَعد أخويه أكَعد يا مهندس زراعي) أستغربت لهذا الطرح الجديد وانأ في تلك أللحظه من التيهان قال(الليله نظل نسولف للصبح شتكَول أخويه.....لو تعبان) قلت له العفو سيدي (بس شنو القضيه)قال :
وبداء يتكلم وكأنه يودعني الوداع الأخير وبدء بذاكره طريه يعيد ما مر من أول وصوله إلى السرية في معسكر الصويره حتى هذه أللحظه بحلوها القليل ومرها الكثير وعرج على احترام الإنسان لنفسه وقيمه ومبادئه واحترام الآخرين وذكرني بحاله أو حادثه قد نسيتها وتعمدت أن لا اسردها لعدم أهميتها ولكن فوجئت بأنها عالقه في ذهن السيد النقيب رغم مرور فتره طويلة حيث قال(تتذكر ليلة الشجرة الخبيثة)
الشجرة الخبيثة:
في إحدى أمسيات عام 1983 وكعاته كان السيد آمر السرية يجلس خارج موضعه ونتحلق حوله (جماعة القلم والحماية والسائق والمراسل ومن موجود في مقر السرية) وكان كثير ما يكون الحديث لأغراض ألتسليه وكان محورها انثنين الأول حمايته (محمد) ومن أهالي الموصل وهو طويل رشيق وذو شوارب متميزة جداً وكان(يسميه النقيب الطويل أبو شوارب)
والثاني أسمه(محمد مكَطوف) من أهالي البطحاء/الناصرية وهو كما قلنا سابقا طيب وفقير حد البلادة كان يستغلها أبو شوارب لإثارة الضحك..تطور الحديث في تلك ألليله بأن سأل أبو شوارب بخبث للضحك (ليش يكَولون الشجره الخبيثه)
موجه كلامه إلى(محمد مكَطوف) الذي لايعرف أن يرد حتى لو سؤل عن أسمه فتردد كعادته ولم يجاوب سوى (هسه سيدي النقيب موجود وراها أنه لك) ضحك الجميع ثم بطيبه ولأجل الضحك أيضا وجهه السيد النقيب كلامه لي (ها أخويه شتكَول) فوجدتها فرصه كبيره قد لاتتكررفقلت:
الشجرة الخبيثة عبارة أطلقها القائد البريطاني عندما كبده الثوار الأبطال عند تقدم الجيش البريطاني لاستكمال احتلال العراق عام 1914حيث حصلت معركة في منطقة(اللحيس) بين الناصرية وسوق الشيوخ تكبد فيها البريطانيين خسائر لم يتوقعوها وقد تمترس بعض الثوار خلف شجرة سدر(سدره) ضخمه فأمر قائد الحمله البريطانية بأزالت هذه الشجرة التي سماها بالخبيثة
أثار هذا الطرح الجميع ثم قلت أن من يطلقها هو حفيد من أطلقها أول مره وكانت هذه العبارة انتشرت بكثرة في تلك ألسنه وكان يقال أن ورائها كان صدام حسين فقلت للسيد النقيب :
أن من أطلقها وأنت تعرفه هو الخبيث لأنه يطلق مثل هذه العبارة على أبناء مدينه قدمت الكثير للحضارة الأنسانيه ثم سألته هل كل أهل تكريت أو الرمادي أوالبصره كلهم طيبين وهل أن سريتك كل منتسيبها طيبين
وهل تعلم أنك ونحن كلنا خبثاء لأن الجيش العراقي خبيث فهو يتشكل من أبناء تلك المدينه بنسبه لا تقل عن 70%
وأن أبو الأنبياء خبيث لأنه عاش فيها وبيته لازال هناك ومعه كل الأنبياء ومن علم الأنسانيه ألكتابه خبيث ومن يتعلم ألكتابه خبيث وكل كتاب خبيث بما فيها الكتب ألمقدسه.
هنا قام النقيب وصاح أحنست أستاذ (بس خلصنه يا معود أحنه دنضحك)
أعود لليلة الوداع ......أقترب الفجر وأنا لاأعلم ماذا هناك غالبني النعاس ....قال النقيب (كَوم أدي التحية وأوكَف بالاستعداد...فامتثلت لذلك وأعطاني مجموعة أوراق قال قدمها للتوقيع فقدمتها ...فتبين أنها معاملة تسريحي حيث كان كتاب اللجنة الطبية قد وصل قبل التحاقي وأكمل النقيب كل معاملة التسريح وطلب من القلم عدم أخباري حينما ألتحق
والمفاجأه تعقد لساني والنعاس الذي تركني...لم أعرف ما أقول أو كيف أتصرف أو كيف أودع فقال السيد النقيب مع أول الضياء سينقلك سائقي إلى الخلفيات وتغادر اليوم حتماً فحضنته وبكيت وهو يضحك وقال أتمنى أن نلتقي
لم أراه بعد ذلك حيث تحرك اللواء ليزج في مذبحة (نهر جاســــم) حيث فقد النقيب سلمان إسماعيل فرحان المياحي(أباخلود)
كان رجلاً أكبر من عمره ...شجاعاً...صادقاً.....أميناً.....مخلصاً لوطنه ومهنته
قال نحن في معركة وكلنا أبرياء وألأخلاص والوطنية ليست بالانتماء الحزبي ...كان لايفرق بين معيته لا على أساس العشيرة أو القومية أو المدينة أو الدين..كنا العربي والكردي والتركماني ولشبك ...كنا معاً المسلم السني والشيعي وكان المسيحي بأنتماأتهم وكان اليزيدي
كنا عبد الرضا وعبد القهار وحسين وعمر ومحمد وأوديشو وكاكه خالد وعمو....كنا من ديالى وكربلاء والبصرة والموصل والرمادي والناصرية والعمارة ودهوك وأربيل.....كنا العراق
ألرحمه لكل من كان بريئاً ومات بريئاً
(أتمنى من الذوات الذين وردت أسمائهم أو من يعرفون عنهم أن يكتبوا ما يعرفون)
عبد الرضا حمد جاسم/فرنسا
14 تمـــــــــوز 2010
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1482 الاثنين 09/08/2010)