أقلام حرة
صادق السامرائي: ثوب التأريخ المهترئ!!

لا توجد أمة منغمسة بالتداعيات التأريخية ومعتقلة في أروقة الغابرات مثل أمتنا. فهل وجدتم أمة موسوسة بالتأريخ مثلنا؟
الأمم والشعوب منشغلة بحاضرها وبمستقبلها، ونحن نلغي الزمان ونتخندق في حفر تأريخية لا نعرف عنها إلا ما وردنا على ظهور القيل والقال.
ما نقرأه في معظم الكتابات، أن ما كانَ (مضى) تتحقق قراءته وفقا لما هو كائن أو معاصر، وفي ذلك تجني على ما حصل في زمان ما ومكان ما.
فعندما ينظرون لتأريخ الأمة، يرونها وكأنها في معزل عن محيطها آنذاك، فتتداعى تصورات وهذيانات لا صلة لها بالواقع الذي كانت فيه.
فلكل زمان أحداثه وتفاعلاته ومعطياته، وما عندنا اليوم لم يكن عندهم، وما نعرفه ما كانوا يعرفونه.
وعالمهم ربما سمي كذلك لندرة المعارف حينها، فتمكن من هضم ما متوفر من العلوم المتوارثة، وهي قليلة بالمقارنة لما لدينا اليوم.
فواقعنا عيونه غير عيون واقع الأمس، فالأرض تدور وما فوق التراب يتحول إلى أحوال تفترسها أحوال.
فليس من المعقول طرح تساؤلات معاصرة على حالات غابرة.
ربما الوعي القائم يرفدنا بقدرات تبصرية غير مسبوقة، لكنها لا تعني أن علينا أن نتحامل على الماضي.
الكتابات التحاملية عدوانية وإنفعالية، لا تمت للواقع الحقيقي للحالة التي ننظرها.
فتأريخ الأمة لا يختلف عن تأريخ الأمم التي عاصرتها، ولا يجوز ربط أحداثها بالدين، فالدولة لها آلياتها وأساليب إدارتها، ويمكن إتخاذ الدين كوسيلة للحكم، فالدولة فوق الدين مهما توهمنا وحاولنا خداع أنفسنا، حتى الأنبياء يعرفون ذلك!!
و"الدهر كالدهر والأيام واحدة...والناس للناس والدنيا لمن غلبا"!!
***
د. صادق السامرائي