أقلام حرة
صادق السامرائي: المقاومة العقلية والبدنية!!
الدنيا تغيرت وإنتقلت إلى مراحل غير مسبوقة، فبعد أن سيطر السيف والسهم والرمح على مسيرتها التصارعية، إكتشفت البارود وإستعملته لأغراض العدوان على بعضها.
وربما تغفل البشرية أن الأسلحة المبتكرة لا تزال دون ما فعلته الأسلحة القديمة من قتل فظيع، فجز الأعناق كان سلوكا معتادا ويشير إلى الغدر والنصر.
الأسلحة القديمة كانت تقتل مئات الآلاف ولكن بوقت أطول مما تفعله الأسلحة الحديثة.
عتادنا وأسلحتنا المعاصرة تقتل عشرات الآلاف في لمح البصر، وهذا يتناسب مع زيادة النفوس فوق التراب، فالأرض لم يسبق لها أن حملت على ظهرها أكثر من ثمانية بلايين، ففي مطلع القرن العشرين المشحون بحربين عالميتين، لم يتجاوز العدد ثلاثة بلايين، وحاضرا الأعداد في تزايد متسارع وكل يوم يُضاف للبرايا عشرات الآلاف من المواليد الجديدة، ومهما إشتد المحق والإفناء فقدرات الإنجاب تتنامى.
ومن هنا فالمقاومة بالسلاح ما عادت مجدية، لأن الخسائر ستكون فادحة على جميع الأطراف، فلا نفع للكثرة ولا للعضلات والمواجهات البدنية.
التكنولوجيا تنتصر وتتفوق على كل شيئ مولودٍ من رحم القديم حتى أسلحة الحرب العالمية الثانية، ما عادت ذات جدوى.
بل أن أسلحة العقد الأخير من القرن العشرين أضحت عديمة الصلاحية.
المطلوب مواجهات عقلية، ذات مفردات تكنولوجية، وبدونها فالهزيمة حتمية، لأي طرف يتوهم أن البندقية تحسم المواقف، وتعلن الوصول إلى تحقيق هدف ما.
المناورات العقلية والحكمة والوطنية والحلم عناصر مهمة وفاعلة في التواصل مع دول الدنيا وقواها بقدراتها المتنوعة.
فالحكم ليس سلوك مافيات وعصابات ونهب وسلب وفساد وفئويات وعشائريات، إنه تعبير عن إرادة وطنية حرة وإلتزام بمصالح البلاد والعباد، والعمل الجاد على صيانتها من أي سوء.
فهل لدينا عقول قيادية بحجم أوطانها، ومستوعبة لتأريخها ومسيرتها عبر العصور؟!!
***
د. صادق السامرائي