أقلام ثقافية
علي شدري معمر: أريج الورق وذكريات الماضي
وأنا في العاشرة من عمري كنت أتلهف لشراء جريدة الشعب وكبر هذا الشغف والولع بالصحف والمجلات وفي مكتبة المدينة "عمر خوجة" عرفت الأهرام والبرافدا الروسية والشرق الأوسط والفبس ومجلات العربي والمستقبل وروز اليوسف والجيل كنا نستمد غذاءنا الفكري المتنوع من هذه الإصدارات الهامة، كانت تربطنا بالعالم وما يحيط به وبداية العشرينيات بعدما كنت أقرأ لكتاب عرب كبار يكتبون أعمدتهم على هذه الصحف والمجلات صرت أنا واحدا منهم أكتب وأنشر مقالاتي باستمرار وبعدها بسنوات كتبت اعمدة لصحف يومية وأسبوعية استمرت مدة طويلة كان عبق الورق يثير في أعماقي اشجان الذكريات ولكن للاسف مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي هاجر القراء الصحف الورقية إلى القراءة الالكترونية فيحمل الجريدة على هاتفه أو يقرأها من الموقع فيربح بعض المال يقتصده خاصة مع ظروف الحياة الصعبة وقررت كثير من الصحف الكبيرة ذات التاريخ العريق لأسباب مادية وعزوف القراء عن شرائها فكان قرار التوقف عن الصدور الورقي قرارا صعبا على الكتاب والأوفياء من القراء الذين يفتحون أعينهم كل صباح على جريدتهم المفضلة فيسبحون في عوالمها الفكرية والثقافية مع ارتشاف جرعتهم من قهوتهم..
يقول الدكتور المعز بن مسعود، الأستاذ الجامعي والباحث في علوم الإعلام والاتصال بالجامعة التونسية، في دراسة نشرها "مركز الجزيرة للدراسات" : "في السادس من ديسمبر من العام الماضي، أن عدد مستخدمي الإنترنت بلغ في العام 2015 نحو 140 مليون مستخدم عربي بينما لم يكن يتجاوز العدد حاجز 600 ألف مستخدم في العام 1997، وعلى النقيض فإن الصحف الورقية بدأت في التقليل من نسخها المطبوعة، ففي مصر -على سبيل المثال- انخفض عدد النسخ الورقية المطبوعة إلى 800 ألف نسخة فى عام 2015، بعد أن كان يقدر بنحو مليوني نسخة في عام 2010، وفى لبنان توقفت صحف كالسفير والنهار واللواء، نظرا للأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد "(1)
مع هذا الواقع المرير غابت كثير من الصحف أو قللت من أعدادها ولجأ الكتاب إلى النشر الالكتروني ولم يبق من الورق إلى أريج ذكرى زمن ولى وفات.
***
الكاتب: علي شدري معمر - الجزائر
.........................
هوامش:
1- أشرف السبع، هل بات اختفاء الصحف الورقية مسألة وقت؟ مدونات الجزيرة.