أقلام ثقافية
نايف عبوش: قريبًا من الطبيعة.. بعيدًا عن صخب العصرنة
في ضوء ما باتت تشهده الحياة العصرية من تطورات تقنية، وصناعية، وعلمية، وبوتيرة متسارعة، وصاخبة وفي مختلف المجالات، حيث اخترقت التكنولوجيا بشكل حاد، كل جوانب الحياة العصرية، ليجد الانسان نفسه مستلبا أحيانًا، وبعيدا عن حقيقة وجوده، وعن الطبيعة التي خلقه الله فيها، ليستمتع بجمالها. فالإنسان كائن طبيعي بحس مرهف، وابتعاده عن الطبيعة بانشغالات صاخبة، قد يُفقده جزءًا من سعادته، ويسلبه راحة باله.
ويجدر بالذكر ان اثر جماليات الطبيعة على الإنسان، يتمظهر في صفاء الذهن، وهدوء النفس، وراحة البال، بما تحقنه في وجدانه من جرعات تهدئة للمشاعر، تُخفف من توتره، وتزيح عنه الهموم وألاحزان.
كما ان الطبيعة تُحفز الإبداع، وتُشعل الخيال، وتذكي إرهاف الحس، فيلاحظ ان كثيرا من الشعراء، والادباء، والفنانين، وجدوا في الطبيعة, مصدرًا لإلهاماتهم، وابداعاتهم.
فالطبيعة ليست مجرد مكان من الجمادات الصماء، بل هي فضاء مفتوح، يغمر الإنسان بحالة من السكينة، والطمانينة.ولذلك حاول الانسان أن يكون أكثر قربًا منها، ليسترجع حقيقة وجوده المتفاعل مع عناصرها، وهادا، وصحارى، وجبالا، وانهارا، وغابات، لنجده، متغنيا وجدانيا، بسحر امكنتها، وقديما قال الشاعر :
تلك الطبيعة قف بنا ياساري
حتى اريك بديع صنع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزتا
لروائع الايات والاثار ..
وهكذا تمنح الطبيعة الإنسان، بوهج جمالياتها، فرصة التواصل مع الذات، بالتفاعل مع ذلك الوهج.. ومن ثم فالابتعاد عن الضوضاء، وصخب الحياة اليومية، يمنح الإنسان فرصة للتأمل، والتواصل مع نفسه، ويفجر عنده حس الإبداع المتوهج، في تفاعله مع المكان، وعناصر جمالياته الطبيعية، حتى نجد أن راعي الغنم، وهو يرعى اغنامه في الفلاة، ياخذه وهج الحس المرهف والارتياح الوجداني، فيصدح بالغناء على نايه باعلى صوته، تعبيرا عن سعادة معنوية، وحس مرهف، يفتقر لها في اجواء صخب العصرنة، بجوانبها السلبية .
ولاريب ان تلك الارهاصات تنعكس ايجابيا، وبالارتياح على من يمشي في ربوع الطبيعة،
حيث يتجسد الاقتراب من الطبيعة بالخروج إلى الأماكن المفتوحة، وقضِاء وقت في ربوعها، غابات، او جبال، أو شواطئ، بشعور حالم من الارتياح والسكينة.
***
نايف عبوش






