ترجمات أدبية
روبرت بلاي: اربع قصائد نثر / ترجمة: عادل صالح
بقلم: روبرت بلاي
ترجمة: عادل صالح الزبيدي
***
صدفة محار
الصدفة متقرحة، كأنها قعر نهر متدفق، تخدشه الاشجار الكبيرة اثناء انجرافها. احيانا يكون كلسها الضارب الى البياض قد انطوى على نفسه، مثل الصخر المذاب حين ينساب خارجا؛ لذا فان شيئا لا يزال غاضبا. حين نقلبها، نشعر ان الصدفة من الداخل اشد تكتما، اشد اكتمالا، اشد بشرية. اصابعنا تتحسس الداخل الناعم وتعلم عن ثمار العنبية، المتعة المكتسبة، العزلة الحلوة للرجل العجوز في وقت متأخر من الليل، حين تواصل الملائكة البحث عنه في الفجر الباكر، وهم ينادون عبر الحقول التي يكسوها الثلج.
***
وردة متفتحة
لماذا نقول ان الوردة متفتحة؟ انها تنفتح مثلما ينفتح الطريق امام المسافر، مثلما ينفتح الماء لهنيهة بعد ان يكون الغطاس قد اختفى... يتغذى الأسد سرا في الأعشاب العالية بينما هو لا يزال نائما في الكهف. الجوف المعشب لا يزال مختفيا تقودنا اليه الخشخاشات الحمراء على المنحدر... ليس سوى رأس التدرج يبرز فوق اعشاب اكتوبر التي تهب عليها الريح الجديدة. ان رأيت الماء يعلو حافة صخرية، فما يحفزني هو ان اتبعه (نسمع بتلك الحوادث المميتة بعد موت الصديق ببضع شهور). اشعر بعزلة "ذلك الذي ليس معنا"—ذلك المكان البعيد داخل الماء الملتف، بعيدا داخل بتلات الوردة. حيث تذهب اذهب...
***
كوز الصنوبر
كوز الصنوبر الذي طوله حوالي ثماني بوصات يبدو كأنه جذع لم ينمُ لها رأس. جذع الكوز يحمل ذراعين صامتتين متيبستين. حين نرفعه نحو الأنف، فالعطر يوحي بالحانات الريفية، المناقشات في اماكن وقوف السيارات، الأقزام الذين اخترعوا وقودا. ولكن ان امتد اللسان فالنسغ يغلف اللسان المعقوص؛ الشفتان تلتصقان ببعضهما. نشعر بصعوبة التحرر من حالات الصمت... الرجل الأجير في الغرفة الاحتياطية... ما حدث في ذلك الربيع. لا تقلق. عائلتنا كلها كذلك.
***
الفتى الذي كان لديه فكرة واحدة
يحكى انه في سالف الزمان كان هناك فتى يحمل في داخله فكرة واحدة فقط، فكرة الحماية، وكان يتفكر بها ليلا ونهارا. انها حقل اخضر يجري عبره نهر صغير. مشى الفتى يوما ودخل الغابة ثم جلس تحت شجرة. قالت الريح: "الدجاجة الحاضنة تخفي بيضها في الأيكة." قالت الغيمة: "البجعة الأم تطعم صغارها من دمها." فجأة ارتفع نحو الشجرة واصبح ورقة؛ اصبح ذراعاه مخددين لذلك تغلف في توقه النباتي. في هذه الأثناء تنفست الخيول تحت نفسها المنغولي، واعدت الدجاجات الغينية بحوثها الكيميائية، واستلقى الكبش والنعاج بين الأحجار. ونفث الصيف نفسه. في احد الأيام خرجت الأسنان من الرمل المتيبس، وعلقت البلورات على جانب خزان الماء. في تلك الليلة، تزلج اللقلق الأب فوق حافة البركة. الآن تأمل الفتى فكرته الثانية وسقط.
***
............................
روبرت بلاي: شاعر وكاتب وناشط اميركي من مواليد ولاية منيسوتا عام 1926 لوالدين من اصول نرويجية. تلقى تعليمه في كلية القديس اولاف وجامعة هارفرد ثم بجامعة ايوا. حصل على منحة فلبرايت للسفر الى النرويج لغرض ترجمة الشعر النرويجي الى الانكليزية فاطلع على شعراء عالميين لم يكونوا معروفين في الولايات المتحدة حينها مما دفعه لتأسيس مجلة لترجمة الشعر العالمي وتقديمه للجمهور الأميركي. ارتبط اسم بلاي بـ (حركة الشعراء الاسطوريين الرجالية) التي بدأها مع مجموعة من الشعراء بعد نشره عام 1990 اهم مجموعاته الشعرية وأوسعها انتشارا (جون الحديدي: كتاب عن الرجال). كما اسس عام 1965 جمعية (شعراء اميركيين ضد حرب فيتنام). نشر العديد من المجموعات الشعرية نذكر في ادناه بضع عناوين منها: (صمت في الحقول الثلجية) 1962؛ (الضوء حول الجسد) 1967 (حازت على جائزة الكتاب الوطني)؛ (عجوز يفرك عينيه) 1974؛ (الوقوع في غرام امرأة في عالمين) 1986؛ (تأملات في الروح النهمة) 1994؛ (تناول عسل الكلمات: قصائد جديدة ومختارة) 1999؛ (دافع السفر لمسافات طويلة) 2005 و (التحدث في اذن حمار: قصائد) 2011.