
يشكّل الذكاء الاصطناعي أحد أبرز ملامح الثورة التكنولوجية المعاصرة، إذ بات يمثل قوة دافعة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، وإعادة تعريف مفاهيم التنمية، والحوكمة، والعمل، والمعرفة. شهدت إفريقيا في السنوات الأخيرة تحولًا رقميًا متسارعًا، مدفوعًا بتوسع استخدام الإنترنت، وانتشار الهواتف الذكية، وتزايد الاهتمام بالحلول التكنولوجية المبتكرة. ويُعد الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أبرز ملامح هذا التحول، لما له من قدرة على إعادة تشكيل البنى الاقتصادية، وتحسين الخدمات الحكومية، وتطوير قطاعات حيوية مثل قطاعات البنية التحتية كالصحة والتعليم وريادة الأعمال وحفظ التراث الثقافي. ومع ذلك، فإن إدماج الذكاء الاصطناعي في القارة لا يزال يواجه عقبات متعددة ومخاطر، تتراوح بين التحديات التقنية والبنى التحتية وتزايد التبعية التكنولوجية للفاعلين الدوليين، وصولًا إلى الإشكاليات الأخلاقية والتنموية.
يتناول المقال أبعاد الذكاء الاصطناعي في إفريقيا من ثلاث زوايا مترابطة الأولى، تتعلق بالمميزات والفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للمساهمة في تطوير القطاعات الحيوية في إفريقيا جنوب الصحراء، والثانية، تركز على التحديات التي تواجهها القارة في تطبيق هذه التقنيات، سواء على مستوى البنية التحتية أو الكفاءات البشرية أو السياسات الرقمية، أما الثالثة، فتطرح المخاطر الكامنة وراء الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي دون ضوابط أو سيادة معرفية، بما في ذلك تهديد الخصوصية والأمن الرقمي، واحتمالات تكريس التبعية التكنولوجية. ومن خلال هذه المحاور، يسعى المقال إلى بناء رؤية تحليلية نقدية لفهم موقع إفريقيا في خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية واستشراف مستقبلها الرقمي.
ينُظر إلى الذكاء على أنه مهارة عقلية واسعة تتضمن مجموعة متنوعة من القدرات الأكثر تخصصاً، بما في ذلك التفكير والتخطيط وحل المشكلات وفهم المفاهيم واستخدام اللغة والتعلم.[1] أيضاً يمكن تعريفه بأنه "مجموعة من التقنيات التي تمُكنّ الآلات من العمل بمستويات ذكاء أعلى، ومحاكاة القدرات البشرية على الإحساس والفهم والتصرف"[2]. الذكاء الاصطناعي تقنية تساعد الإنسان في سرعة تنفيذ المهام والسؤال المطروح هنا ما هي أهمية استخدام آليات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا؟ أو بعبارة أخرى ما أهم المميزات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لإفريقيا جنوب الصحراء؟ يتضمن المحور التالي إجابة السؤال المطروح.
أولًا: أهمية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في عملية التنمية في إفريقيا
رغم التحديات البنيوية والاقتصادية التي تواجهها القارة الإفريقية، فإن تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة استراتيجية لإحداث نقلة نوعية في مسار التنمية المستدامة. فقد أظهرت التجارب الإفريقية الحديثة أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو مورد معرفي واقتصادي يمكن توظيفه لتعويض النقص في الموارد البشرية والبنى التحتية التقليدية. تتجلى مميزات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا في قدرته على دعم الابتكار المحلي، وتحسين كفاءة الخدمات العامة، وتحقيق قفزة في مجالات الصحة والزراعة والتعليم والإدارة الحكومية. كما يفتح المجال أمام الشباب الإفريقي للمشاركة في الاقتصاد الرقمي العالمي، بما يرسخ مبدأ "التحول الذكي" كأحد محركات التنمية المستقبلية في القارة. للذكاء الاصطناعي امتيازات ينبغي على المستخدمين الاستفادة منها ليس فقط على مستوى الأفراد وإنما على مستوى المؤسسات والهيئات الكبرى، وفي إفريقيا للذكاء الاصطناعي أهمية للتنمية في قطاعات متعددة أهمها:
تطوير البنية التحتية في إفريقيا؛ يعُد استخدام الذكاء الاصطناعي خطوة أولى مهمة نحو سد فجوة البنية التحتية في إفريقيا، إذ يزُود صانعي السياسات بمعلومات أفضل، ويمُكنهم من اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن البنية التحتية التي ينبغي بناؤها، وأين ومتى، بالإضافة إلى ضمان قدرة المشاريع الحالية على خدمة النمو السكاني المتزايد في إفريقيا خلال الخمسين إلى المئة عام القادمة[3].
الصحة، ينُظر إلى الذكاء الاصطناعي غالباً على أنه وعد مستقبلي، وهو يحُدث تغييراً سريعاً في الرعاية الصحية في إفريقيا، ويجب على القارة الاستعداد لهذه القوة الحتمية. لا تزال إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية في إفريقيا موضع نقاش، لا سيما فيما يتعلق بإدارة عبء الأمراض العالمي، الذي يبلغ حالياً 25 %. يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الممارسين الصحيين على إنجاز المزيد بموارد أقل من خلال أتمتة العمليات الطبية[4].
التعليم؛ يحُدث الذكاء الاصطناعي تغييراً سريعاً في العالم، بما في ذلك التعليم. ففي إفريقيا، حيث غالباً ما يكون الوصول إلى التعليم الجيد محدوداً، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إحداث نقلة نوعية في التعليم وجعله في متناول الجميع. هناك بالفعل تطبيقات متنوعة للذكاء الاصطناعي في التعليم الإفريقي. على سبيل المثال، يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تقديم دروس ودعم للطلاب، بينما توفر أنظمة التعلم المدعومة بالذكاء الاصطناعي تجارب تعليمية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات كل طالب. بالإضافة إلى ذلك، يمُكن للذكاء الاصطناعي أن يسُاعد في زيادة كفاءة التعليم وفعاليته. على سبيل المثال، يمُكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة مهام مثل تقييم الأوراق ووضع خطط الدروس، مما يتُيح للمعلمين التركيز على أمور أكثر أهمية، مثل منح الطلاب اهتماماً مخُصصّاً.[5]
الابتكار الرقمي وريادة الأعمال؛ لقد حفزّت الثورة الرقمية في إفريقيا منظومة نابضة بالحياة من الشركات الناشئة ومراكز الابتكار، مما حفزّ الابتكار وريادة الأعمال في جميع أنحاء القارة. برزت مدن مثل نيروبي وكيب تاون كمراكز تكنولوجية رئيسية، وجذبت الاستثمارات، وعززت ثقافة الابتكار. وتستفيد الشركات الناشئة في قطاعات مثل التكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الصحية، والتكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا التعليمية، من التقنيات الرقمية لمواجهة التحديات المحلية وابتكار حلول قابلة للتطوير[6].
الذكاء الاصطناعي وأهميته في حفظ التراث الثقافي الإفريقي؛ يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايد الأهمية في فهرسة وتفسير وإدارة القطع الأثرية الثقافية، بما في ذلك تلك العائدة للتراث الإفريقي. فمن خلال استخدام خوارزميات متقدمة، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الحفظ الرقمي للقطع الأثرية، وإنشاء قواعد بيانات شاملة، بل وحتى تقديم رؤى تفسيرية قائمة على الأنماط وتحليل البيانات. من خلال التعلم الآلي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد الاتجاهات وتصنيف الأشياء واقتراح المعاني، مما يجعله أداة قيمة في إدارة التراث. بالنسبة للتراث الثقافي الإفريقي، الذي يشمل عناصر مادية وغير مادية مثل الطقوس والتقاليد الشفوية، يوفر الذكاء الاصطناعي القدرة على توثيق هذه الممارسات والحفاظ عليها للأجيال القادمة، فضلا عن تسهيل الوصول الأوسع إلى هذا التراث على نطاق عالمي[7].
الوظائف والمهن قد تستفيد بعضها من الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، الترجمة والتي كانت في الماضي مهنة متخصصة تتطلب معرفة شاملة باللغتين المصدر والهدف، لكن التعلم الآلي جعل الترجمة، على سبيل المثال، عبر جوجل ترانسليت في متناول الجميع. على الرغم من الجهود الأخيرة المبذولة لتحسين دقة جوجل ترانسليت للغات قليلة الموارد ومع ذلك، هناك إشارة إلى أن المترجمين سيتكيفون مع الذكاء الاصطناعي. أيضاً في مهنة المحاماة، يسُتبدل المحامون والكتبة جزئياً ببرمجيات تحُدد الوثائق ذات الصلة بقضية المحكمة، يسُتخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل في مكاتب المحاماة في إفريقيا، لا سيما في كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا وتنزانيا وأوغندا. يرى بعض الباحثين أن الذكاء الاصطناعي من المرجح أن يفُيد مهنة المحاماة من خلال تحرير المحامين من المهام الروتينية مثل مراجعة الوثائق، مما سيمُكنّهم بدوره من التركيز على واجباتهم الأساسية، ألا وهي تقديم المشورة للعملاء[8].
إن المميزات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للقارة الإفريقية ليست مجرد مكاسب تقنية آنية، بل تمثل رصيدًا استراتيجيًا يمكن أن يعيد صياغة موقع إفريقيا في النظام الاقتصادي العالمي. غير أن تحقيق هذه المكاسب مرهون بقدرة الدول الإفريقية على بناء منظومة رقمية متكاملة تراعي خصوصياتها الثقافية والاجتماعية، وتعزز من سيادتها التقنية والمعرفية. فالمطلوب ليس فقط نقل التكنولوجيا، بل توطينها وتكييفها بما يخدم التنمية المحلية ويحدّ من التبعية الخارجية. ومن ثمّ، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتحول إلى رافعة حقيقية للتنمية الإفريقية إذا ما اقترن برؤية سياسية واقتصادية واعية، تستثمر في الإنسان الإفريقي باعتباره محور الابتكار ومصدر الإبداع. وعلى الرغم من هذا التقدم، لا تزال هناك فجوة رقمية كبيرة، مع تفاوتات كبيرة في الوصول إلى الإنترنت بين المناطق الحضرية والريفية، وبين مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية[9].
رغم ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من فرص واعدة، فإن مسار تطبيقه في إفريقيا لا يزال محفوفًا بعدة تحديات بنيوية ومعرفية ومؤسساتية والتي تحدّ من قدرته على تحقيق الهدف المطلوب. فالقارة تواجه فجوة رقمية واسعة بين دولها، وضعفًا في البنية التحتية التقنية، ونقصًا في المهارات الرقمية المتخصصة، إلى جانب محدودية الاستثمارات في البحث والتطوير. كما تتقاطع هذه التحديات مع مشكلات الحوكمة الرقمية، وغياب الأطر التشريعية والأخلاقية التي تضمن استخدامًا آمنًا ومسؤولًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وفي خلفية كل ذلك، تستمر هيمنة الشركات العالمية الكبرى على موارد البيانات والتقنيات، مما يجعل إفريقيا ساحة استهلاك أكثر من كونها مصدر للإنتاج المعرفي والتكنولوجي. والسؤال المطروح الآن ما هي أبرز التحديات التي يمكن أن تواجهها إفريقيا جنوب الصحراء في تطبيق أليات الذكاء الاصطناعي؟ يتضمن المحور التالي الإجالة على السؤال المطروح.
ثانيًا: التحديات التي تواجهها إفريقيا لتطبيق آليات الذكاء الاصطناعي
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يقدم لإفريقيا امتيازات رائعة إلا أن هناك تحديات جسيمة تواجهها إفريقيا في تطبيق آليات الذكاء الاصطناعي. فيما يلي أبرز التحديات التي تعوق استخدام الذكاء الاصطناعي في إفريقيا جنوب الصحراء بصورة أفضل.
التحديات الأخلاقية؛ تمثل مخاوف كبيرة فيما يتعلق باعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي في إفريقيا. حاولت العديد من المبادرات، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والوكالات الحكومية والمجموعات غير الحكومية والصناعة، معالجة التحديات الأخلاقية والقانونية التي نشأت بسبب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ولكن تأثير هذه الجهود لا يزال ضئيلاً في إفريقيا.[10]
التحديات في البنية التحتية الرقمية؛ على الرغم من التقدم المحُرز، لا تزال هناك تحديات عديدة تعُيق تطوير بنية تحتية رقمية متينة في إفريقيا. وتشمل هذه التحديات نقص إمدادات الكهرباء، وارتفاع تكاليف خدمات الإنترنت، ومحدودية الاستثمار في البنية التحتية للنطاق العريض، والعوائق التنظيمية. ويتطلب التصدي لهذه التحديات جهوداً منسقة من الحكومات والقطاع الخاص والشركاء الدوليين لتهيئة بيئة ممُكنّة للنمو الرقمي[11].
التحديات في الصحة الرقمية؛ يواجه تبني تقنيات الصحة الرقمية في إفريقيا تحديات عديدة، منها ضعف البنية التحتية، وضعف الثقافة الرقمية لدى مقدمي الرعاية الصحية والمرضى، والعوائق التنظيمية. إضافة إلى ذلك، تشُكل قضايا خصوصية البيانات وأمنها مخاطر كبيرة على تطبيق حلول الصحة الرقمية. وتتطلب معالجة هذه التحديات الاستثمار في البنية التحتية، وبناء القدرات، ووضع أطر تنظيمية متينة لضمان الاستخدام الآمن والفعال لتقنيات الصحة الرقمية[12].
تحديات في إدارة التراث؛ يثُير الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في إدارة التراث الثقافي الإفريقي توتراً بين خطر الإمبريالية الثقافية وإمكانية التمكين التكنولوجي. فمن ناحية، ثمة خطر يتمثل في أن الذكاء الاصطناعي، الذي طوُرّ أساساً ضمن الأطر التكنولوجية والفلسفية الغربية، قد يفرض تفسيرات وقيماً أجنبية على التقاليد الإفريقية، مما يؤدي إلى شكل من أشكال الإمبريالية الثقافية[13].
أيضاً من بين التحديات التي تواجهها إفريقيا؛ الافتقار إلى المهارات التقنية، وعدم اليقين، ونقص البيانات المنظمة، والافتقار إلى السياسات الحكومية. يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تحسين الإنتاجية في الشركات واكتساب معرفة أعمق بعملائهم. ومع ذلك، لا يوجد عدد كاف من الأفراد ذوي الخبرة والقدرات اللازمة لتشغيل هذه التطبيقات. كما يلزم وجود معرفة كافية بكيفية استخدام التكنولوجيا بفعالية. وتمتد هذه المهارات إلى ما هو أبعد من المعرفة التكنولوجية الأساسية وقد تعالج صعوبات أخرى مثل الافتقار إلى المعرفة الإدارية الكافية أو حتى تطوير الأفكار التجارية[14].
هناك جهود إفريقية لمواجهة التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية في استخدام الذكاء الاصطناعي، تشمل هذه الجهود مبادرات من الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية لتوسيع البنية التحتية للنطاق العريض، وزيادة القدرة على تحمل التكاليف، وتعزيز الثقافة الرقمية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك استراتيجية الاتحاد الإفريقي للتحول الرقمي لإفريقيا (2020 – 2030) والشراكات مع مؤسسات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل وفيسبوك لتوفير الوصول إلى الإنترنت بأسعار[15].
مما سبق؛ إن التحديات التي تواجه القارة الإفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي تكشف عن عمق الإشكال الهيكلي الذي يربط التكنولوجيا بالتنمية والسيادة. فهي ليست مجرد عقبات تقنية، بل مؤشرات على ضرورة بناء رؤية إفريقية مستقلة تضع التحول الرقمي في صلب مشروعها الحضاري. فتمكين القارة من تجاوز هذه التحديات يتطلب الاستثمار في التعليم والبحث العلمي، وتعزيز التعاون الإقليمي، ووضع سياسات رقمية تراعي العدالة الاجتماعية والاقتصادية. بذلك فقط يمكن تحويل الذكاء الاصطناعي من مصدر هشاشة تبعية إلى أداة للتحرر المعرفي والتنمية الذاتية. إن تجاوز هذه العقبات لا يعني فقط اللحاق بالعالم الرقمي، بل المشاركة الفاعلة في صياغة مستقبله. والسؤال المطروح الآن هل تواجه إفريقيا جنوب الصحراء تحديات في الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي فقط؟ أم أن هناك مخاطر حقيقية جراء استخدام آليات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا؟ يتضمن المحور التالي إجابة السؤال المطروح.
ثالثًا: خطورة استخدام آليات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في إفريقيا
في الوقت الذي يُنظر فيه إلى الذكاء الاصطناعي كأداة لتحفيز التنمية وتعزيز الابتكار، تبرز في المقابل جملة من المخاطر التي تهدد إفريقيا على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسيادية. فاعتماد القارة المتزايد على التقنيات الغربية يثير مخاوف من إعادة إنتاج أشكال جديدة من الهيمنة التكنولوجية، فيما يُعرف بالاستعمار الرقمي، حيث تتحكم القوى العالمية في البيانات والبنى التحتية والمعرفة التقنية. كما يطرح الذكاء الاصطناعي تحديات أخلاقية وإنسانية عميقة، تتعلق بالخصوصية وحماية البيانات والتمييز الخوارزمي، إلى جانب خطر تفاقم البطالة بسبب الأتمتة، واتساع الفجوة بين من يمتلك المعرفة التقنية ومن يفتقر إليها. هذه المخاطر تجعل من الضروري التعامل مع الذكاء الاصطناعي بوعي نقدي واستراتيجي يوازن بين التطور التكنولوجي ومتطلبات العدالة الاجتماعية والسيادة الرقمية. وفيما يلي أبرز مخاطر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي:
أولًا، على الرغم من أن شركات التكنولوجيا العملاقة وفرّت بنية تحتية رقمية لعشرات الحكومات، بدءاً من الخدمات السحابية ووصولاً إلى حزم البريد الإلكتروني والمكاتب المتكاملة. قد قادت أمازون ومايكروسوفت هذه العملية، وتبعتهما فيسبوك وجوجل بفارق ضئيل، إلا إن قيام دولة بأكملها بتفويض خدماتها الرقمية عبر الذكاء الاصطناعي لشركة أجنبية أمر مثير للقلق. إذ لا يقتصر دور الشركة على التعامل مع وثائق حكومية بالغة الحساسية فحسب، بل تمتلك أيضاً معلومات بالغة الأهمية تتعلق بالدولة بأكملها[16].
ثانيًا، خطورة تصل إلى الفصول الدراسية؛ يوُفرّ التعليم أرضاً خصبة لهيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى؛ إذ يمُكن استخدام تسويق المنتجات في المدارس للاستحواذ على الأسواق الناشئة وتشديد قبضة منتجات وعلامات ونماذج وأيديولوجيات شركات التكنولوجيا الكبرى في دول الجنوب العالمي. يشُاد عموماً بالجهود المبذولة لجلب التكنولوجيا إلى المدارس. لكن هذا يخُفي وراءه دبلوماسية استعمارية تقُدم للشركات أكثر مما تتطلبه لتقديم هذه الخدمات. لا يقتصر تأثير شركات التكنولوجيا المهيمنة على الطلاب الأفراد فحسب، بل تشمل أيضاً البيانات التعليمية التي أصبحت الآن في أيدي هذه الشركات، مما يسمح لها بتطوير المزيد من المنتجات التجارية بدلاً من تسهيل " موارد بيانات تعليمية مشتركة" من شأنها مساعدة الدول على تطوير خدمات رقمية للصالح العام[17].
ثالثًا، من أهم المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؛ احتمال فرضه دون قصد لنماذج غربية لإدارة التراث على الثقافات الإفريقية. فالعديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي مبنية على مجموعات بيانات وخوارزميات وأطر تفسيرية تعكس المثُلُ والممارسات الغربية والأولويات التي تحُركها قوى السوق. نتيجة لذلك، قد تعجز هذه الأنظمة عن استيعاب الجوانب الفلسفية والروحية والجماعية الفريدة للتراث الإفريقي. على سبيل المثال، قد يعُاد تفسير المفاهيم الإفريقية التقليدية لملكية الأراضي، والطقوس المجتمعية، والممارسات الروحية من منظور غربي يعُطي الأولوية للفردانية، والتسليع، والقيمة المادية. بهذه الطريقة، يمُكن للذكاء الاصطناعي تجريد التقاليد الإفريقية من معانيها العميقة، مخُتزلا إياها إلى مجرد مواد استهلاكية أو ترفيهية للجمهور العالمي[18].
رابعًا، هناك مخاوف من اعتماد المستهلكون الأفارقة اعتماداً كبيراً على هذه المنصات الأجنبية. فمن خلال السيطرة على النظام البيئي الرقمي، تكتسب الكيانات الأجنبية أو شركات التكنولوجيا الكبرى نفوذاً مباشراً على المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في القارة على الرغم من أن البنى التحتية الرقمية ضرورية لتطوير المشهد الرقمي للقارة عندما تسيطر عليها جهات خارجية، إلا أنه يمكن استغلالها واستخدامها بسهولة "للسيطرة الإمبريالية على مستوى بنية النظام البيئي الرقمي" ويمكن أن تؤثر على الشركات المحلية والابتكار، فاحتكار شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات الأجنبية للقارة يمنحها حرية مطلقة في جمع كميات هائلة من البيانات من المستخدمين الأفارقة عبر منصاتها وخدماتها. وهذا يعني أن البيانات من المنصات والخدمات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث، وتطبيقات الهاتف المحمول والتي غالباً ما تتطلب من المستخدمين توفير المعلومات الشخصية والتفضيلات، يتم استخراجها وجمعها وتخزينها[19].
علاوة على ذلك، عندما تعتمد إفريقيا بشكل كبير على شركات التكنولوجيا الدولية في البنية التحتية والخدمات الرقمية، يصبح خطر الاعتماد الاقتصادي على هذه الجهات الخارجية كبيرا، يمكن ربط القرارات التي تؤثر على المجتمعات المحلية بمصالح جهات أجنبية، مما قد يؤثر على المصير الاقتصادي للدول الإفريقية ويتلاعب به. فعندما تهُيمن الكيانات الأجنبية على الأسواق الرقمية وتجمع بيانات واسعة، تواجه الشركات المحلية عوائق في الدخول والمنافسة. كما تعُيق محدودية الفرص نمو شركات التكنولوجيا المحلية، إذ تمتلك الجهات الأجنبية موارد وخبرات وشبكات يصعب منُافستها. وقد تؤُدي هذه الهيمنة إلى تفاوت في الفرص، ويعُيق تطوير منظومة تكنولوجية نابضة بالحياة[20].
أيضاً في حين أن المساعي الرقمية مفيدة للمجتمع بشكل واضح، إلا أن لها جانباً مظلماً في إفريقيا. وفي هذا الصدد، فإن أحد أكثر أشكال التكنولوجيا غدراً هي التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي يتم استخدمها بثبات من قبل الديكتاتوريات الرقمية، والتي تُساعد الحكومات بتتبع حريات مواطنيها والتحكم فيها وتقويضها. هناك إشارة إلى أن دول مثل جنوب إفريقيا مثل أنغولا وزيمبابوي، تسُتخدم التكنولوجيا الصينية مثل تلك التي تنتجها Cloud Walk لمراقبة المعارضين السياسيين على نطاق واسع. وفقاً لمسح عالمي أجُري عام 2020 حول التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، تلجأ 81 دولة على الأقل إلى نوع محدد من أنشطة التصيد الإلكتروني، يسُمى "الجنود السيبرانية"، 13 منها دول إفريقية تعُرفّ هذه القوات بأنها "جهات حكومية أو حزبية سياسية مكلفة بالتلاعب بالرأي العام عبر الإنترنت"، وتعمل عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر[21]. تكمن خطورة الذكاء الاصطناعي في الاعتماد شبه كلي على التكنولوجيا الأجنبية، وعلى وجه الخصوص الشركات الأمريكية والصينية في البنية التحتية والبرمجيات والمنصات. مما تقدم يمكن إيجاز المخاطر في النقاط التالية:
- المخاطر الأخلاقية؛ تخوفات من استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة الجماعية أو التمييز الخوارزمي.
- فجوة رقمية متزايدة؛ على الرغم من التقدم، لا تزال العديد من المناطق الإفريقية تفتقر إلى البنية التحتية الرقمية، كانقطاعات متكررة للكهرباء، وضعف شبكات الإنترنت في مناطق كثيرة. مما يوسع الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، وبين الدول المتقدمة والنامية داخل القارة.
- نقص المهارات البشرية؛ تفتقر أغلب الدول الإفريقية إلى الكوادر البشرية المتخصصة في علوم البيانات والبرمجة وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
- مخاوف الخصوصية واستخدام البيانات؛ ضعف الأطر القانونية والتنظيمية يجعل من حماية البيانات الشخصية تحديًا كبيرًا، في ظل احتمال سوء استخدام التكنولوجيا لأغراض غير أخلاقية أو قمعية.
- اعتماد مفرط على التكنولوجيا المستوردة؛ لا تزال معظم حلول الذكاء الاصطناعي تُستورد من الخارج، ما يعرض إفريقيا لمخاطر التبعية التكنولوجية والهيمنة الرقمية.
- غياب إطار سياسي واستراتيجي شامل؛ تفتقر معظم الدول إلى استراتيجيات وطنية واضحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، وتضمن تكامله مع أولويات التنمية المستدامة.
أن الذكاء الاصطناعي والمجال الرقمي اليوم سلاحاً ذا حدين للدول الإفريقية. فمن جهة، يتُيح وصولاً غير مسبوق للمعلومات، والتواصل الشبكي، وفرصاً للتطوير والتحديث؛ ومن جهة أخرى، يدُخل تبعيات ونقاط ضعف جٍديدة، لا سيما مع تزايد اعتماد الدول الإفريقية على التقنيات الرقمية التي تطُورّها وتسُيطر عليها جهات أجنبية في الغالب. ولا تشُكلّ هذه التبعية تحدياً لسيادة الدول الإفريقية فحسب، بل يتُير أيضاً مخاوف بشأن التوزيع غير المتكافئ لمزايا الثورة الرقمية[22].
الدور الإفريقي لمواجهة المخاطر
على الرغم من المشاكل التي تواجهها إفريقيا إلا أن القارة الإفريقية تتمتع ببيئة فريدة تمُكنّها من الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي المحلي، بما في ذلك من خلال القدرة المحتملة على تجاوز البنية التحتية التكنولوجية المرتبطة بالثورة الصناعية الثالثة، وشباب متنام وحيوي مستعد للتكيف مع أشكال العمل الرقمي وريادة الأعمال الجديدة. ينبغي على الحكومات الإفريقية إعطاء الأولوية لاعتماد حلول الذكاء الاصطناعي التي تدعم تحقيق أولويات التنمية الوطنية وتساهم في بناء مجتمعات مزدهرة وشاملة[23]. ولكي تستطيع إفريقيا مواجهة المخاطر المترتبة على استخدام آليات الذكاء الاصطناعي ينبغي عليها:
اولاً: وضع استراتيجيات أساسية أهمها؛ أولاً، اتباع سياسات السيادة الرقمية: ينبغي للدول الإفريقية وضع وتنفيذ سياسات تعُطي الأولوية للسيادة الرقمية. ثانياً، قوانين حماية البيانات والخصوصية: إن تعزيز وتطبيق قوانين حماية البيانات الخصوصية من شأنه حماية بيانات المستخدمين والحد من استغلال الجهات الخارجية للبيانات الإفريقية. ثالثاً، تعزيز تقنيات المصدر المفتوح: إن تشجيع استخدام تقنيات المصدر المفتوح يمكن أن يقلل الاعتماد على البرمجيات الملكية ويزيد من السيطرة المحلية على الأدوات الرقمية. رابعاً، الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: يعُد الاستثمار المستمر في توسيع البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة ومراكز البيانات، أمراً ضرورياً لتقليص فجوات الاتصال. خامساً، دعم المحتوى المحلي: يمكن للحكومات والمنظمات تحفيز إنشاء واستهلاك المحتوى الرقمي المحلي، بما في ذلك التطبيقات والخدمات والمواد التعليمية. سادساً، اتفاقيات التجارة المتوازنة: ينبغي للدول الإفريقية التفاوض على اتفاقيات تجارية تحمي مصالحها الرقمية وتضمن استفادتها من المعاملات الرقمية وتدفقات البيانات.
ثانياً: تعزيز الابتكار المحلي وتنمية المهارات الرقمية من خلال أولاً، برامج التعليم والتدريب: إن تطوير برامج شاملة للتعليم والتدريب الرقمي في جميع مراحل التعليم من شأنه أن يزُود الشباب الإفريقي بالمهارات اللازمة للمشاركة في الاقتصاد الرقمي. ثانياً، الوصول إلى التمويل: ينبغي توسيع نطاق الوصول إلى رأس المال الاستثماري وآليات التمويل للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا ومشاريع الابتكار لتشجيع الابتكار المحلي. ثالثاً، برامج محو الأمية الرقمية: تعتبر المبادرات الرامية إلى تحسين محو الأمية الرقمية بين عامة السكان ضرورية لضمان استفادة الجميع من التقنيات الرقمية. رابعاً، البحث والتطوير: إن الاستثمار في مؤسسات ومبادرات البحث والتطوير يمكن أن يدفع عجلة الابتكار والتقدم التكنولوجي في المجالات الحيوية[24].
ولكي تدُير أنظمة الذكاء الاصطناعي التراث الثقافي الإفريقي وتحافظ عليه بفعالية، يجب تصميمها بوعي عميق بالسياقات الثقافية الإفريقية. تحمل العديد من التقاليد والطقوس والقطع الأثرية الإفريقية معان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ المحلي والمعتقدات الروحية والممارسات الاجتماعية. لذلك، لا ينبغي تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المطبقة في هذا المجال بمعزل عن هذه التعقيدات الثقافية؛ بل يجب أن تسترشد بالمعارف المحلية وأن تسترشد بخبراء يدركون الأدوار الرمزية والوظيفية للتراث في المجتمعات الإفريقية. وبدون هذه الحساسية الثقافية، فإن الذكاء الاصطناعي يخاطر بتشويه أو تقليص ثراء التراث الإفريقي إلى مجرد نقاط بيانات، مما يؤدي إلى فقدان المعنى الدقيق الذي يشكل ضرورة للتفسير الأصيل. لتطوير ذكاء اصطناعي يراعي الثقافات، من الضروري إشراك المجتمعات المحلية والجهات المعنية بالثقافة في تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي وتنفيذها. يضمن هذا النهج التشاركي توافق التكنولوجيا مع أنظمة المعرفة المحلية واحترام سلامة القطع الأثرية والتقاليد التي تسعى إلى الحفاظ عليها. وبهذه الطريقة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل كأداة داعمة تعمل على تعزيز السياقات الثقافية التي يتجسد فيها التراث الإفريقي بدلا من تقويضها[25].
إن المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في إفريقيا لا تكمن في التقنية ذاتها، بل في طبيعة السياقات التي تُطبَّق فيها. فحين تُدار التكنولوجيا خارج إطار من الحوكمة الرشيدة والسيادة المعرفية، تتحول إلى أداة لتكريس التبعية بدل أن تكون وسيلة للتحرر. من هنا، يتوجب على الدول الإفريقية تطوير سياسات رقمية مستقلة تُخضع الذكاء الاصطناعي لمبادئ الأمن السيبراني، وحماية الخصوصية، والعدالة الاجتماعية، وتضمن مشاركة المواطنين في رسم ملامح المستقبل الرقمي. إن مواجهة هذه المخاطر ليست خيارًا تقنيًا فحسب، بل هي معركة من أجل السيادة والكرامة المعرفية للقارة الإفريقية في عالم تحكمه البيانات والخوارزميات.
من خلال هذا العرض يتضح أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة تاريخية لإفريقيا لتحقيق قفزة نوعية في مجالات التنمية المستدامة، إذا ما تم توظيفه بطريقة عادلة وشاملة. فرغم التحديات البنيوية والتقنية التي تواجهها القارة، فإن الإمكانات الكامنة في شبابها، وغناها بالموارد، وتنامي الوعي السياسي، تشكل عناصر قوة يمكن استثمارها لبناء مستقبل رقمي متوازن. يتطلب الأمر توجيه الاستثمارات نحو التعليم التكنولوجي، وبناء البنية التحتية الرقمية، ووضع سياسات أخلاقية وتشريعية تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي بما يخدم المصلحة العامة. إن التحول الرقمي في إفريقيا ليس خيارًا، بل ضرورة استراتيجية، ويبقى نجاحه مرهونًا بالقدرة على تكييف التكنولوجيا مع السياق المحلي واحتياجات المجتمعات الإفريقية. فالذكاء الاصطناعي فرصة لبناء إفريقيا رقمية قادرة على المشاركة الفاعلة في صياغة مستقبلها ومكانتها في العالم. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه إفريقيا في طريق التحول الرقمي، فإن القارة تمتلك إمكانات واعدة يمكن أن تجعل منها فاعلًا مهمًا في الاقتصاد الرقمي العالمي.
***
بواسطة/ دعاء عبد النبي حامد
باحثة دكتوراه تخصص فلسفة إفريقية حديثة ومعاصرة – كلية الآداب جامعة القاهرة- مصر
..........................
[1] - Ade-Ibijola, Abejide & Okonkwo, Chinedu. (2023). Artificial Intelligence in Africa: Emerging Challenges. In Responsible AI in Africa, Social and Cultural. Palgrave Macmillan. P. 103.
[2] - Artificial Intelligence for Africa: An Opportunity for Growth, Development, and Democratisation. P.4.
[3] - Nyugha, Lord Pefela Gildas. (2024). The Importance of Artificial Intelligence to Africa's Development Process: Prospects and Challenges. P. 22. https://www.researchgate.net/publication/384243740
[4] - Ibid. P. 19.
[5] - Ibid. P. 20.
[6] - Ogunbukola, Matthew. (2024). Digital Africa: Transforming the Continent through Technology. P. 9. https://www.researchgate.net/publication/381339406
[7] - NDUBISI, Ejikemeuwa J. O. (2024). ARTIFICIAL INTELLIGENCE AND THE MANAGEMENT OF AFRICAN CULTURAL HERITAGE: TOWARDS ECONOMIC GROWTH AND DEVELOPMENT. Journal of African Studies and Sustainable Development Vol. 7, No. 5. P. 173.
[8] - Susan Brokensha, Eduan Kotzé, Burgert A. Senekal. (2023). AI in and for Africa A Humanistic Perspective. CRC Press. P. 74.
[9] - Ogunbukola, Matthew. (2024). Digital Africa: Transforming the Continent through Technology. P. 4.
[10] - Ade-Ibijola, Abejide & Okonkwo, Chinedu. (2023(. P. 110.
[11] - Ogunbukola, Matthew. (2024). P. 4.
[12] - Ibid.
[13] - NDUBISI, Ejikemeuwa J. O. (2024). P. 173.
[14] - Ade-Ibijola, Abejide & Okonkwo, Chinedu. (2023). P. 111.
[15] - Ogunbukola, Matthew. (2024). P. 4.
[16] - Avila, Renata. (2020). Against Digital Colonialism. Platforming Equality. P. 3. https://autonomy.work/wp-content/uploads/2020/09/Avila.pdf
[17] - Ibid. P. 4.
[18] - NDUBISI, Ejikemeuwa J. O. (2024). P. 179.
[19] - Salami, Aishat Oyenike. (2024). Artificial intelligence, digital colonialism, and the implications for Africa’s future development. P. 2, 3. https://www.researchgate.net/publication/386431459_Artificial_intelligence_digital_colonialism_and_the_implications_for_Africa's_future_development
[20] - Salami, Aishat Oyenike. (2024). P. 6.
[21] - Susan Brokensha, Eduan Kotzé, Burgert A. Senekal. (2023). AI in and for Africa A Humanistic Perspective. CRC Press. P. 51.
[22] - Navigating Digital Neocolonialism in Africa. (2024). CIGI. Tyler Stevenson. P. 1.
[23] - ADAMS, RACHEL. (2022). AI in Africa KEY CONCERNS AND POLICY CONSIDERATIONS FOR THE FUTURE OF THE CONTINENT. P. 3.
[24] - Salami, Aishat Oyenike. (2024). P. 8, 9.
[25] - NDUBISI, Ejikemeuwa J. O. (2024). ARTIFICIAL INTELLIGENCE AND THE MANAGEMENT OF AFRICAN CULTURAL HERITAGE: TOWARDS ECONOMIC GROWTH AND DEVELOPMENT. Journal of African Studies and Sustainable Development Vol. 7, No. 5. P. 174.