علوم
شاكر عبد موسى: الذكاء الإصطناعي وسوق العمل
المقدمة: إن المناقشة الحالية حول الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها إلى حد ما، مما يجعلها موضوعا غامضا يظهر ويختفي مثل شروق الشمس في الصحراء، ويتسبب في توقعات ومخاوف مبالغ فيها، ويسبب مشاكل جوهرية في المجتمع.
ويقال إن التغييرات سوف تحدث، كل مجال من مجالات الحياة يؤدي إلى نهاية العالم، أو كليهما، ويجب أن نعرف ذلك على الفور، ومن ناحية أخرى، فهو يقدم أيضًا إجابات لأسئلة جوهرية حول هذا الموضوع : ما هو بالضبط؟ كيف يعمل؟ من أين أتى؟ أين سيذهب؟ - مصطلحات جافة لا يفهمها معظم الناس.
حين بدأت المئات من الشركات الكبرى في جميع أنحاء العالم موجة من تسريح العمال وخفض الوظائف، والتي ينطوي بعضها على استبدال الموظفين بالذكاء الاصطناعي، آذ تسعى هذه الشركات إلى تعظيم النتائج المالية عن طريق خفض التكاليف، وهناك أسباب اقتصادية أخرى مرتبطة بهذا الجهد أيضا.. ففي 25 مارس/آذار/ 2024، جمعت صحيفة "وول ستريت جورنال" قائمة بأبرز الشركات التي أعلنت عن خطط لخفض عدد الموظفين في فروعها حول العالم.
وبحسب الدراسات، فإن 25 بالمائة من الشركات الكبرى في مختلف القطاعات حول العالم تستعد لإلغاء نحو5 بالمائة من وظائفها بسبب الذكاء الاصطناعي.
أولا: البطالة التكنولوجية
البطالة التكنولوجية : هي فقدان الوظائف بسبب التغير التكنولوجي. تتضمن مثل هذه التغييرات بشكل عام إدخال أجهزة توفير العمالة (العضلات الميكانيكية)، أو بشكل أكثر تحديدًا، الأتمتة (العقول الميكانيكية). مثلما تم استخدام الخيول كمحركات، جعلتها السيارات تدريجيًا عتيقة الطراز وأثرت على العمل البشري طوال العصر الحديث.
ومن الأمثلة التاريخية على ذلك النساجون الذين أصبحوا فقراء بعد ظهور النول الآلي، فخلال الحرب العالمية الثانية، تمكنت آلة صنع القنابل الخاصة بآلان تورين من فك العديد من الرموز في غضون ساعات، والتي لم يتمكن البشر من حلها لآلاف السنين.
ورغم أن هذه الفكرة مقبولة بشكل عام، فإنها لا تقضي على معدلات البطالة المرتفعة، هناك متفائلون ومتشائمون في المناقشة حول البطالة التكنولوجية، وفي حين يتفق المتفائلون على أن هذا التطور من شأنه أن يزيل التأثيرات السلبية الطويلة الأجل على الوظائف، فإن المتشائمين يزعمون أن التكنولوجيا الجديدة تعمل على خفض العدد الإجمالي للعمال في أماكن العمل.
انتشر مصطلح "البطالة التكنولوجية" في ثلاثينيات القرن العشرين على يد جون ماينارد كينز، الذي قال إن "سوء التكيف ليس سوى مرحلة مؤقتة"، لقد كانت مسألة استبدال العمل البشري بالآلات محل نقاش منذ زمن أرسطو حتى أواخر العام / 2023، عندما بدأت الشركات في الإعلان عن تسريح العمال والتركيز على الكفاءة العلمية .
ثانياً: تقليص أيام العمل
أصبح أسبوع العمل المكوَّن من أربعة أيام وشيكاً، حسبما صرح عملاق صناديق التحوط والملياردير ستيف كوهين، مالك فريق نيويورك ميتس (New York Mets)، لأندرو روس سوركين، مؤخراً في برنامج سكواك بوكس (Squawk Box) على قناة سي إن بي سي (CNBC).
بات إقرار هذا النظام وشيكاً، ليس لأن العاملين كانوا يتوسلون من أجل اعتماده، أو لأن الدراسات أكدت أنه يحسّن نتائج العمل، أو حتى لأنه يحظى بشعبية عارمة، بل لأن تنفيذ نظام أسبوع العمل المكوَّن من أربعة أيام أصبح ممكناً أخيراً بسبب سرعة انتشار الذكاء الاصطناعي، على حد قول كوهين الذي يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط، (Point72 Asset Management)، ورئيس مجلس إدارته.
قال كوهين لسوركين: "أعتقد أن أسبوع العمل المكوَّن من أربعة أيام قادم لا محالة؛ إذ نسمع عموماً منذ ظهور الذكاء الاصطناعي أن العاملين لا يكونون منتجين في أيام الجمعة؛ لذا أعتقد أن هذه الاحتمالية واردة بقوة".
فيما تستعد شركتا "أوبن أيه آي" وميتا لإطلاق نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، قالتا إنها ستكون قادرة على "التفكير والتخطيط"، ما يعد خطوات حاسمة نحو تحقيق الإدراك الخارق في الآلات، والتقليل من فرص العمل بحسب ما أوردته صحيفة "فايننشال تايمز".
***
شاكر عبد موسى/ العراق
....................
المصادر:
World Economic Forum. "The Future of Jobs Report 2020." World Economic - Forum، 2020.
- الوثيقة نت، صحيفة الكترونية مستقلة/ الخيال العلمي صار واقعاً: الروبوتات تقود سفناً عن بعد/ 8 مارس أذار 2024. https://www.alwathika.com/.
- موقع الجزيرة/ الروبوت في زمن التكنلوجيا الذهبي / أحمد عنتر/ 11 كانون الأول 2023.
https://www.aljazeera.net/tech/2023/12/11.
-