قراءات نقدية
علوان السلمان: التناص واثراء المعنى في "سؤال غير عفوي"

ورقة التوت
يحيى السماوي
أنا ليس لي أخوة
والطريقُ يخلو من بئرٍ وذئاب
كنتُ عارياً إلاّ من ورقةِ التوت
فمَن الذي قتلني
وأتى إليكَ بقميصي الملطّخ بدمي يا أبي؟
***
النص الشعري نوع من المعادل الحياتي للانسان الذي تأخذه اللحظة صوب التلاشي.. انه عملية تكثيف وخلق من خلال ارتطامه بالواقع.. لتحقيق التوافق بين الوجود الانساني والحلم الذي يولد وسطه..
وباستحضار النص الشعري (سؤال غير عفوي).. لمنتجه الشاعر يحيى السماوي.. الذي نسجه على بناء فني يحتضن حكاية الزمن (قصة يوسف واخوته) التي لا تنتهي مع قدرة على منح الصورة الشعرية بعدها الحقيقي.. اضافة الى اعتماده تقنية التناص الذي ظهر في الشعر المعاصر بحكم الترجمة وتأثيرها على المنتج والنتاج الادبي.. لانه يكشف عن ثقافة شمولية كما في نص الشاعر السماوي الذي يتخذ من سورة يوسف ثيمة متمثلة في (اخوة يوسف والبئر والذئب) التي شكلت جسد النص وفضائه.. فضلا عن اضفائه قيمة فنية ودلالية وإبداعية على عوالم النص ألتي تقوم بتوضيح فكرة محركة للذاكرة واثراء معنى وخلق صورة شعرية تمتاز باستطالتها ووقوعها في اسر السردية الشعرية.. المحققة للتكنيك الشعري الذي يعتمد التكثيف والايجاز والاختزال الجملي والضربة الاسلوبية المفاجئة في نهاية النص.. فضلا عن اعتماده تقنيات فنية واسلوبية كالاستفهام الذي من خلاله يجسد المنتج معاناته وتجاربه الشعورية من خلال التساؤلات الاستفهامية التي تعد وسيلة من وسائل اتساع المعنى وإثرائه وتنويع الأفكار والصور والمواقف وكل هذا يكشف عن عمق تجربة المنتج، وبراعته في التعبير عما أحس وأدرك خلال مسيرته الشعرية...
أنا ليس لي أخوة
والطريقُ يخلو من بئرٍ وذئاب
كنتُ عارياً إلاّ من ورقةِ التوت
فمَن الذي قتلني
وأتى إليكَ بقميصي الملطّخ بدمي يا أبي؟
فالشاعر يمزج العاطفة والطبيعة بالواقع.. كي يحقق ربطه بين الوجد والوجود والكلمة.. ومن ثم توحده والطبيعة ونقلها من حالة استاتيكية سلبية مستقرة الى موقف انساني باسلوب فني حي بدينامية التفاعل والتجاوب مع الوجود الانساني..
وبذا قدم المنتج (الشاعر) نصا تداخلت مكوناته واللحظة المخترقة للثابت والمتجاوزه لعوالمه.. كون الابداع تجاوز وتخطي.. مع اتكائه على المضامين اليومية باحداثها ولغتها واسلوبها القائم على التناص الذي يكتنز دلالتين مترابطتين: الدّلالة الأولى جماليّة تمنح النص توهّجًا وعمقًا وخصبًا وانفتاحًا على الكثير من الاحتمالات والرّؤى... والدّلالة الثانية هي المنفة الفكرية التي تدفع المستهلك (المتلقي) لقراءة النّص والغوص في مكوناته المشهدية الملائمة لكل زمان ومكان وبعث الحــياة فيها عــبر العــلائق القائمة على التّـــلاقي أو التّــعارض أوالتكثيف او التوسع... كي ينقل تجربة صادقة مؤثرة بحسها الانساني الواقعي...
***
علوان السلمان – ناقد عراقي