قراءات نقدية
حميد عقبي: نقاش للمرة الثانية حول الرواية القصيرة جدًا أو الميكرو نوفيلا

هذه مقالتي الرابعة من سلسلة مقالات نناقش فيها الرواية القصيرة جدًا أو الميكرو نوفيلا، يطلق عليها أيضًا مسميات متعددة مثل الرواية المكثفة، الرواية المصغرة أو الرواية القصيرة القصيرة،
ترجمة انجليزي
الرواية القصيرة جدًا أو الميكرو نوفيلا، يطلق عليها أيضًا مسميات متعددة مثل الرواية المكثفة، الرواية المصغرة أو الرواية القصيرة القصيرة، عندما تضع هذه المصطلحات على موقع من مواقع الترجمة والذكاء الأصطناعي ويمكنكم فعل ذلك سيترجم لنا كالأتي:
The very short novel
or micro novella
or the short short story.
يمكنكم جميعًا الدخول في نقاشات مع" الشات جي بي تي" أو "ديبسيك" أو أي موقع آخر أو البحث على منصات الكتب العالمية، ستجدون عشرات الروايات صدرت في العقود الماضية تصنف بوصف ميكرو نوفيلا، بعض أغلفتها يوجد هذا الوصف وبعضها نجد الصفة في عرض الناشر أو المقالات النقدية وتوجد عشرات النماذج صدرت بداية هذا القرن، كنت اشرت في أحدى مقالاتي لوجود المصطلح في قاموسِ أكسفورد، وتعريفًا للنوفيلا القصيرة: “روايةٌ قصيرةٌ، اسم. قصةٌ متوسطةُ الطولِ لها خصائصُ الرواية. أي ظهرَ المصطلحُ في الأدبِ الإنجليزيِّ منذ زمن بعيد.
عندما نطلع على المقالة الأولى للكاتب العراقي حميد الحريزي، فهو يدعي ابتكار المصطلح ويقول كتب مقالة في 2015 ثم نشر أول رواية قصيرة جدًا في 2019، مدعيًا أنها أول رواية قصيرة جدًا في الكون، نناقش هذه النقطة بموضوعية، نفهم من كلامه أنه ابتكر المصطلح حسب زعمه ثم انتظر أربع سنوات ليكتب أول عمل، ثم توقف ثم نشر إلى أن تواصلنا معه قبل شهور ونظمنا ندوات نقاشية وبدأنا البحث بجدية وكذلك كتبت أربع ر.ق.ج وخمسة أصدقاء نشروا رواياتهم مع الوصف على الأغلفة.
حقيقة تطور النقاش وكان الحريزي يردد نفس الأسطوانة في تعريف المصطلح بأنه نوع جديد هو من ابتكره والرواية القصيرة جدًا ضرورية ورفيقة سفرنا في القطار، خمس أو عشر عبارات يرددها في كل لقاء ومقال وحوار ويطلب من الجميع الأعتراف به ويقول تنظيراتنا واختراعي، طبعًا هو يجهل أو يتجاهل وجود مصطلح الميكرو نوفيلا والتي ولدت ما بين الحربين بحسب مقال الأكاديمي البريطاني ديفيد جيمس، نشر المقال في عام 2009 بعنوان (توطين الحداثة المتأخرة: الإقليمية بين الحربين ونشأة الرواية القصيره) في في مجلة الأدب الحديث.
الحريزي لم يعلم مطلقًا بتجربة الكاتبة الأمريكية نانسي ستولمان وزملاء لها، حيث كتبوا ما يسمى الرواية القصيرة والقصيرة جدا بحجم (100 × 100) أو بحجم (100 × 50) رواية «مئة في مئة»، أي مئة فصل، وكل فصل يكون مئة كلمة فقط. فيكون عدد كلمات الرواية عشرة آلاف كلمة فقط أو خمسون وفصل وكل فصل مئة كلمة
أو (50 × 50) أي خمسين فصل وكل فصل خمسين كلمة فقط أي الرواية تساوي الفين وخمسمائة كلمة فقط.
كذلك ران ووكر، قاص وروائي وأستاذ جامعي أمريكي له روايتين مئة فصل كل فصل مئة كلمة، يذكر أن مصطلح ميكرو نوفيلا ليس جديدا ابدا ولكن الأكثر صعوبة هو الأشكال التجريبية الجديدة والابتكار خلق نصوص إبداعية جديدة وتتجدد عند كل تجربة وهناك عدد قليل كتب بهذه الطريقة وقد جربتها روايتي ليليث وهايل بحجم (100 × 50)، صدرت عن دار أطياف في يناير 2025.
كما أعيد واشير إلى مقال منشور بالقدس العربي بتاريخ 9 سبتمبر عام 2008
بعنوان/قراءة في قصة ‘حلم وردى للكاتب الليبي غازي القبلاوي، بقلم محمد المصراتي، ذكر مصطلح الرواية القصيرة جدًا ووصف أعمال بورخيس واحسان عبد القدوس أنها تندرج تحت خانة ‘روايات قصيرة جداً، أي أن هذا المصطلح متداولا عربيا أيضا قبل أن يعرفه الكاتب العراقي حميد الحريزي وغيره من الذين اصدروا بيان الرواية القصيرة جدًا أو المصغرات.
هذه الإشارات والإستدلالات ليس تلفيقًا مني، تجدونها بسهولة وتجدون مقالات كثيرة باللغة الإنجليزية يتداولون مصطلح رواية قصيرة جدًا لوصف بعض أعمال كتاب مثل: إرنست همنغواي، ألبرت كامو، دونالد بارثلمي، فرانسيسك ميراليس، سارة مازي، خورخي لويس بورخيس، فرانز كافكا، أوغستو مونتيروسو وغيرهم.
حتى على المستوى العراقي نجد أن نقاشات كثيرة حدثت لوصف أعمال حمدي مخلف الحديثي وعلي غازي وراسم الحديثي، هذا حدث قبل 2015، مما يجعلنا نستنتج أن الحريزي التقط المصطلح ثم كتب وهو لا يذكر هؤلاء في تنظيراته الضعيفة جدًا، رغبته ليكون المخترع انساه الأمانة الأدبية والعلمية وحتى عندما يكتب أحدنا ويورد مادة أو غلاف كتاب غربي موجود عليه ميكرو نوفيلا، يقول أننا نجير المصطلح للغرب.
خلال بحثي وجدت احدى المدونات الإبداعية الأدبية الفرنسية تعمل ورش ونقاشات حول الإبداع السردي ومنها الميكرو نوفيلا والأشكال الوجيزة المكثفة، هذه المدونة تأسست قبل سنوات وفيها مقالات ونقاشات وملخص ورش واصدارات.
أختم بالقول نحن في المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح والنقاد والكتاب ناقشنا موضوع الميكرو نوفيلا أو الرواية القصيرة جدًا، لتحسين إبداعنا وتشجيع هذا النوع الموجود أصلاً منذ عقود طويلة، ومتابعة الجديد وأشكال تجريبية متجددة، لم يكن هدفنا تتويج فلان أو علان كرائد عظيم أو مخترع عبقري، وعبارة أنا مخترع الرواية القصيرة جدًا، سذاجة والأغرب أن الحريزي أصبح يخدع نفسه ويوهمها أنه العبقري الفذ.
***
حميد عقبي