قراءات نقدية

سعاد الراعي: انبثاق الحياة من سكون الفن!

قراءة موجزة لقصيدة الشاعر طارق الحلفي "الراقصة"

القصيدة تتهادى بين ثنايا الخيال والرهافة، متجسدة في صورة لوحة تسكن الجدار، لكنها ليست جامدة، بل كيان نابض بالحياة يتوق إلى الانعتاق.  يرسم الشاعر مشهدًا شديد الحساسية، حيث الضوء يتسلل ببهائه، والنسيم يخفق بعشق:

"ونسيم شفه وجد الهبوب"

 فيبعث الحياة والحيوية في اللوحة الساكنة، حتى تغدو الرقصة قدرًا حتميًا، لا مجرد رغبة عابرة للراقصة:" نزلت خجلى من اللوحة جذلى"

يبرع النص في تصوير العلاقة بين الحركة والسكون، بين التجريد والتجسد، حتى يبدو النسيم عاشقًا لعوب والراقصة معشوقة مولّهة وشغوفة تهفو إلى الالتحام به.

لحظة المسّ الأولى بينهما ليست مجرد تفاعل عابر، بل هي احتراق وجداني يهزّ الجمود والصمت، ويوقظ فتنة دفينة في أعماق راقصة اللوحة.

تنساب الكلمات كرقصة خجلى، تتدرج من التردد إلى الاندفاع، حيث يتجلى التحول الجمالي من السكون إلى الحركة، من الجمود إلى الحياة:

 " هي قد مدت ذراعيها اليه

ـ أيدس الرقص ما بين يديّ وسيسأل؟

ابتهالًا: راقصيني"

ثم، في لحظة مهيبة، يتلاشى النسيم، تاركًا خلفه ضحكات الستائر ودهشتها:

" دهشة غصت من الضحك

أكاليل الستارة

حينما حركها الريح

وغادر"

وكأن الحكاية كلها كانت ومضة عابرة بين الحقيقة والخيال، بين الحضور والغياب.

 هذه الخاتمة المدهشة تترك القارئ بين غموض ساحر ودهشة تتراقص في فضاء النص، حيث يبقى السؤال معلقًا: هل كانت الرقصة حلمًا أم انبثاقًا للحياة من سكون الفن؟

القصيدة تأخذنا الى حكاية ممتعة تستحق قراءتها بتمعن وباستمتاع.

لقد أحببت راقصتك أيها الحلفي  

**

سعاد الراعي

................

راقصة

لوحة فوق الجدار

ابيضًا كان الجدار

وشعاع يهرق الضوء بهاء من خلال النافذة

ونسيم شفه وجد الهبوب

فتثنى مرحًا تحمله

لوعة رقص.. فاستدار

حينها مست ذراعيه بعفو معصميها

نزلت خجلى من اللوحة جذلى

ضرجتها فتنة وارتج صمت

حينما طاش عليها الامر

اختالت طروبا

وتأنت بابتسام محض لحظة..

بأناة..

هي قد مدت ذراعيها اليه

ـ أيدس الرقص ما بين يديّ وسيسأل؟

ابتهالًا: راقصيني

لم يهفهف حولها الا هنيهه

ما احتضنها!

ما اعتصرها!

حينما مست ذراعيه يديها

ومضى يلتاث في الصالة وقتا

منذ.. لا تدري ولكن!

وتلاشى..

.....

.....

دهشة غصت من الضحك

أكاليل الستارة

حينما حركها الريح

وغادر

***

طارق الحلفي

https://almothaqaf.org/nesos/979942

في المثقف اليوم