قراءات نقدية
كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة "قصيدة من نور" للشاعرة رشا السيد أحمد
![](/images/2/1045_rasha_alsayed_ahmad.jpg#joomlaImage://local-images/2/1045_rasha_alsayed_ahmad.jpg?width=&height=)
قصيدة /قصيدة من نور/ للشاعرة رشا السيد أحمد هي نص شعري يعبر عن لحظة من النور الداخلي والسكينة الروحية التي تتولد في القلب والروح، حيث تحاكي تجربة فنية ونفسية ذات طابع جمالي راقٍ. يمكننا تحليل القصيدة نقديًا عبر بعض النقاط الأسلوبية والجمالية التي تشكلها.
1. البنية اللغوية والصور البلاغية:
القصيدة تتميز باستخدامها للصور البلاغية بشكل مكثف، حيث تقوم الشاعرة بخلق صور مرئية سمعية ونفسية تربط القارئ بالحالة الشعورية التي تعيشها الذات الشاعرة. على سبيل المثال:
/كقصيدة دافئة في برد البعد/: هنا تستخدم الشاعرة التوصيف المزدوج بين /القصيدة/ و/البرد/، ما يجعلنا نشعر بالصراع بين البعد والدفء الذي تحمله القصيدة، وبالتالي يجسد الصراع الداخلي بين العزلة والنور الذي تطرحه.
/فرحت كفراشة سعيدة برشفة الرحيق/: تمثيل الفرح هنا بـ/الفراشة/ يدل على حالة خفيفة ورقيقة من السعادة، إذ تحاكي صورة لطيفة تعكس الطمأنينة التي تعيشها الروح.
هذه الصور الشعرية تحمل دلالات عاطفية قوية وتضفي طابعًا جماليًا يوحي بالصفاء الداخلي والحب.
2. التراكيب الاستعارية والمجازية:
القصيدة ككائن حي: استخدام الشاعرة للقصيدة ككائن حي /قصيدة دافئة/ التي /تخلل قلبي/ يُظهِر الشِعر كحالة تنبض بالحياة والروحانية. كما أنها تُفعِّل الوعي الإنساني وتحاكي تجارب عاطفية ومعرفية داخلية.
الأنوثة والروحانية: هناك تلميحات مباشرة إلى الأنوثة في الشطر: /فوقفت على رؤوس أصابعها وراحت ترقص فرحًا به/. الرقصة هنا كاستعارة تمثل البهجة الداخلية التي تفيض من الروح، بالإضافة إلى تمثيل الحركة النعمة والجمال الأنثوي.
الضوء والنور: العنصر المهيمن في القصيدة هو النور، ويظهر في جمل مثل /تخلل قلبي/ و/عزفت بموسيقى عذبة/، حيث يكون النور رمزا للسلام الداخلي والتحرر من الظلام الروحي. النور يتخلل الحياة ويرتبط بالسلام الداخلي والحب، مما يعكس الحالة الشعورية المضيئة التي تحيا بها الذات.
3. الأنماط الإيقاعية:
الإيقاع الشعري في القصيدة يشكل وحدة تناغمية بين الأفكار والعواطف. من خلال الألفاظ السلسة والتركيبات السمعية التي تنساب بسهولة، تنجح الشاعرة في خلق موسيقى داخلية تتناغم مع موضوع القصيدة. العبارات مثل /ثم عزفت بموسيقا عذبة/ توحي بتكرار النغمة الموسيقية في الطرح الشعري، ما يعزز تأثير الفكرة العاطفية وتراكمها في ذهن المتلقي.
4. المفارقة والرمزية:
القصيدة تمثل حالة من التوازن بين الضوء والظلام، النور والظلام، ولكن تظل المفارقة الوحيدة التي تظهر في النص هي الازدواجية بين البُعد القاسي والمضيء، حيث تبدأ القصيدة بالحديث عن /برد البعد/ قبل أن ينتقل النص إلى لحظة تذوب فيها هذه المسافة ويمتلئ بالضوء، كما في الجمل /عبرتني برقة إشراقته/ و/روحي وقلبي لعوالم النور السعيدة/. هذا التحول يبرز معركة بين الألم الذي قد يصاحب البعد وبين التجديد الذي يجلبه النور.
5. الحالة الفكرية والعاطفية:
القصيدة تعكس حالة من الرفعة الروحية التي تنبثق من الداخل وتضئ كل الزوايا المظلمة في النفس. تتحدث عن ذلك الانفتاح العاطفي الذي يغمرها، لتخلق حالة من التأمل والانسجام الداخلي، /لكوني قصيدة من ضياء/. هذا الإحساس بالانبعاث يُعيد الشاعرة إلى حالة من الطمأنينة حيث تتحول الروح إلى قصيدة مضيئة بفضل هذا النور الذي يملأ القلب والروح.
6. الأسلوب الشاعري:
الشاعرة استخدمت أسلوبًا معبرًا عن التفاعل بين الإنسان والعالم المحيط، ولكن الأسلوب يجسد روحًا تحلق في الفضاءات الروحية أكثر من أي شيء آخر. اللغة هنا بسيطة ورقيقة، لكنها تحمل في طياتها الكثير من العمق العاطفي والفكري.
الخاتمة:
قصيدة /قصيدة من نور/ هي بمثابة إعلان عن حالة من السمو الروحي والتصالح الداخلي، حيث يُرمَز إلى النور كإشراقة عاطفية وفكرية تغير مسار الروح وتعطيها طاقة جديدة. الشاعرة استطاعت أن تتلاعب بالكلمات لخلق صور ذهنية تبعث في القارئ شعورًا بالسلام والبهجة والتطهير الروحي، مستخدمةً الأسلوب البلاغي المتين الذي يعكس براعته في تصوير الأحاسيس الداخلية وتحويلها إلى تجربة شعرية ناعمة ومتدفقة.
***
بقلم: كريم عبد الله – العراق
..........................
قصيدة من نور
كقصيدة دافئة في برد البعد ذاك النور تخلل قلبي فجأة وعبر ردهات روحي فوقفت على رؤوس أصابعها وراحت ترقص فرحا به كفراشة سعيدة برشفة الرحيق ذات صباح ربيعي ثم عزفت بموسيقا عذبة و غنت الكون حبا بينما كانت ملكات روحي العليا تلتقط من الكون تلك الإشراقات الرائعة و تحدث داخلي تلك الومضات السعيدة فتولد بصدري كل الأفكار البراقة وهي تقول هكذا أنت مثل بدر في قبة السماء يعبرني برقة إشراقته هكذا أنت برق يحدث داخلي الانخطاف الذي ينقلني وروحي وقلبي لعوالم النور السعيدة لأكون قصيدة من ضياء.
***
سيدة المعبد - المانيا - سوريا.
6.2.2025م