قراءات نقدية

نبيه القاسم: سميح القاسم ومُساهمته في تطوّر الشكل والمَضمون في القصيدة العربية المُعاصرة

في الذكرى العاشرة للغائب الحاضر

في خمسينات القرن الماضي (القرن العشرين) بينما كان شعراء العالم العربي يجتهدون في كتابة القصيدة التي تُواكب تطوّر القصيدة الغربيّة بمضامينها وشكلها، ويهتمّون في الوقت ذاته بمُواكبة تطوّر الحِراك السياسي والاجتماعي في العالم العربي، خاصّة في الفترة الناصريّة، وتفجّر حركات التّحرّر  في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينيّة، وتشهد الحركة الشعرية العربية تطوّرا هائلا في بنية ومضمون القصيدة، وتبدأ مزاحمة قصيدة النثر لقصيدة التّفعيلة التي بدورها احتلّت السّاحات الشعرية، وقزّمت القصيدة التقليديّة، كان شعراؤنا العرب الفلسطينيّون هنا في البلاد ، والذين يحلو للبعض تسميتهم "عرب الـ 48 نسبة لعام النكبة 1948، يُتابعون ما يصلهم من الشعر العربي ويبنون لأنفسهم مَنهجا شعريا فرضه الواقعُ السياسي والاجتماعي للجماهير العربية في البلاد، في ظل الحكم العسكريّ والسياسات التمييزيّة للحكومات الإسرائيليّة، ويبتكرون أساليب جديدة للتّواصل مع الجماهير باللقاءات المفتوحة في ساحات البلدات العربية. ولهذا اتّخذ هذا الشعر مَنحى المباشرة والبساطة والعَفَويّة والصّدق، فتقبّلته الجماهير وحفظته وحوّلته لأهازيجها في المناسبات المختلفة. وتحوّل شاعرُنا هنا، بالإضافة إلى دوره الثقافيّ، إلى حامل لواء الرّفض والتّحدّي وصوت الجماهير العربية الصّارخ في وجه السياسات الحكوميّة الظالمة.

وكانت قصيدة محمود درويش "سَجّل أنا عربي" وقصيدة توفيق زيّاد " على صدوركم باقون" وقصيدة سميح القاسم "خطاب من سوق البطالة" قصائدَ الجماهير العربية وأناشيدَها الوطنيّة.

عَمَلُ سميح القاسم في الصحافة العربية، صحافة الحزب الشيوعي بالتّحديد، وإقامته في حيفا، واللقاءات الثقافيّة التي كان يُشارك فيها مع الكتّاب والشعراء العرب واليهود، والانفتاح على الثقافات الأخرى، جعله قابلا للتّأثر السّريع والاستفادة والرّغبة في تطوير القصيدة شكلا ومضمونا. وبدأت القصيدة عنده تتوهّج بالجديد الدّائم، وتحتلّ قلوبَ الجماهير، وتُلفت انتباه النقّاد، وتستأثر الدّراسات التي تنشرها الصحافة المحليّة، وتجد طريقَها، في صحافة وإعلام العالم العربي.

لقد استوعب سميح القاسم كلّ التّجديدات والتّغييرات التي طرأت على القصيدة العربية، واطّلاعه على الأدب العبري وعلى الجديد في الأدب العالمي وخاصّة الروسي منه، مَكّنه أن يكون بين الطّلائعيين من الشعراء العرب في دَفع تطوّر القصيدة العربية بخطوات حثيثة. وبسرعة تخلّص من المُباشرة البسيطة والسّطحيّة التي ميّزت قصيدة الستّينات الأولى من القرن الماضي، واتّخذ الرّمز ليكون الخطوة القويّة نحو انطلاقة القصيدة، واحتلّت الرّموز الدينيّة والأسطورية والتاريخيّة والأدبيّة والتراثيّة مَكانة واسعة ومتميّزة في شعره.

ويقول سميح القاسم: "إنّه أصبح يميل في شعره إلى القصائد المُركّبة، المُتعدّدة الأصوات. وبهذا تتحوّل الكلمة من حالتها العاديّة المُتعارَف عليها لتحمل دلالات رمزيّة تفرض على القارئ إعْمال فكره وثقافته وتجاربه للوصول إلى ما ترمي إليه.

كما أنّ سميح عمل على إحياء التراث الشعبي وإغناء قصيدته بالصّوَر الشّعريّة المفردة منها والمُركبة والكليّة كقوله في قصيدة "ريبورتاج عن حزيران عابر":

بين أنقاض حزيران التقينا

أنا والموت، تَداخلنا، اشتعلنا وأضأنا

وعلى أرصفة النكسة قابلتُ كثيرين -

اعذروني

فالعدد،

صار شيئا ونقيضه

والقصيدة عبارة عن مقاطعَ اتّبع فيها أسلوبَ السّرد القصصي، وتتخلّلها أصواتٌ للرّاوي والرّاعي حيث يتبادلان الأدوار. ويُدخل الشاعر مقطعا عموديّا بصوت الفدائيّ ثم يعود إلى صوت الرّاوي، ويُنهي القصيدةَ بخلاصة يُقدّمها الشاعر نفسه.

وعمل سميح على تطوّر شكل قصيدته، حيث عمل على مَدار السنوات المُتلاحقة على توزيع القصيدة إلى مقاطع، واستخدام البناء القَصصي وكتابة القصيدة القصيرة والطويلة كما شهدناها باسم "السّربيّات" عند سميح القاسم، واستخدم مختلف الأساليب الفنيّة كالتّكرار والحوار وازدواجيّة اللغة واستعمال كلمات غير عربية والأرقام وتداخل الشكلين العمودي والحرّ في القصيدة الواحدة، والتضمين النثري واستخدام الأفعال والأسماء في فنيّة رائعة.

سعى سميح القاسم إلى جعل الشعر الذي يُعبّر عن قضيّتة الوطنية شعرا جميلا حافلا بالفن الحقّ، وانتقل للتعبير عن قضيّة الإنسان عموما. هذا الطّابع الإنساني الرّحب كما يقول الناقد صلاح فضل "ارتفع إلى رؤية شموليّة تتّسم بالتّسامح بين الأديان وبالعُلوّ على الصّراعات البشريّة المصلحيّة العابرة".

لقد حرص الشاعر على الالتزام بالضوابط العَروضيّة، وتعامله مع العَروض يكشف حالات رائعة من التّواصل الإبداعيّ مع ظواهر قديمة، وبعثها على نحو جديد وفي إطار من التركيبات الحديثة. فالمُحسّنات الإيقاعيّة في شعره بارزة بشكل لافت وشديد، وصارت ظواهر الجناس والطباق والتّصريع والتّقفية المتقاربة والتكرار والتّوازي والتلاعب بالتفعيلات والبحور علامات بارزة في شعره.

قال سميح القاسم: "إنّني أعتبر إتقان العروض من أهم مَعايير كتابة الشعر وليست قيدا عليه. إنّ الادّعاء الذّاهب إلى أنّ أوزان الشعر العربي هي قيود هو وَهْم مبنيّ على جهل. فهذه الأوزان هي أجنحة حريّة. وعروض الشعر العربي تُعتَبر ثروة موسيقيّة للقصيدة لم يحظ بمثلها أيّ شعب باستثناء الشعب العربي."

ويسخرُ من هؤلاء الذين ابتعدوا عن الشعر الكلاسيكي في حواره مع الكاتب علاء حليحل، "الكرمل الجديد عدد 3-4 ربيع صيف 2012" بقوله: "تركوا الشعرَ الكلاسيكي ليس لأنّهم يريدون تركَه، بل لأنّهم لم يستوعبوه. أقولها صراحة: لم يكتشفوا عَبقريّة الأوزان العربية. العربُ فقط هم مَنْ يملك هذه الثروةَ من الإيقاعات. هذه ثروةٌ موسيقيّة هائلة. صاروا يقولون إنّها قيود. هي قَيْدٌ لمَنْ لا يعرفها. ولكنّها أجنحةُ حريّة إذا أنتَ استوعبتَ الأوزان وصارت جزءًا من تكوينك الداخليّ، من إيقاعك الداخليّ، من نفسِك، فهذه أجنحةُ حريّة ستأخذُكَ إلى أماكنَ لا تتخيّلُها".

ويقول إنّه جدّد في هذه الأوزان وأضاف: "في الكلاسيكيات ثمّة صدرٌ وعجزٌ في البيت الشعريّ. وفي قصيدة الرثاء التي كتبتُها في حافظ الأسد طلع معي صدران للبيت فأبقيتُهما، ثمّ جاء عجزان فأبقيتُهما".

"وبنـــــوا أميّــة يولمــــونَ خيــولَهـــم      وضيوفُهـــم قبل الأُفــولِ أُفــولُ

وسيوفُهم كَلِمُ الهوى المصقولُ

بغداد وقصائد أخرى ص51))

ودمشقُ تطوي الليلَ عن أهدابها

وتُطلُ ساهرةً على أحبابِها من قاسيونَ. وقلبُها قنديلُ)

بغداد ص54)

كما وشكّل الشاعر سميح القاسم ظاهرة مميّزة في الشعر العربي عامة والفلسطيني خاصة في جَمعه بين شكلَي القصيدة التّقليدي والتّجديدي. وحرصه على احتفاظ القصيدة بكلّ خصائص التراث العربي. فقد ظلّ حتى آخر أيام حياته يكتبُ القصيدة الموغلة في التّجديد والحداثةِ إلى جانب القصيدة المتمسّكةِ بعَمودية القصيدة ووحدة الوزن وجماليّة القافية الواحدة. وكما عمل على التجديد والتّحديث في قصيدة التّفعيلة، عمل على التّجديد والاضافة في القصيدة التقليديّة. وقد دأب سميح القاسم على كتابة القصيدة العموديّة على فترات متقاربة وفي مناسبات وطنيّة، وجد أنّ الشكلَ العمودي للقصيدة أكثر ملاءمة وقبولا لها من الشّكل التفعيلي، وهذا برز، بشكل خاص، في قصائد المناسبات الوطنيّة المختلفة، وفي قصائد الحماسة التي جمعها في ثلاث مجموعات، وفي القصائد التي خصّ بها العواصم العربية وجمعها في ديوان "بغداد".

اهتمّ سميح القاسم بالقصيدة التّراثيّة كقيمة يجب المحافظة عليها، ليس فقط في كتابة القصيدة العمودية، وإنّما أيضا في الجو التراثي الذي يُضْفيه على القصيدة والصّور الشعريّة التي ينقلنا بها لجوّ الصحراء وكينونتها:

بنصال أظافره الوَسخة

حكّ البدويّ السّاخطُ غرّته السّائبةَ على مَدرَجة الرّيح

لم يأبه بضَراعة أرواح الموتى المُعترضين على حربِ الطبقات

مَسّدَ عينيه الصّافيتين كقلب نبيّ

وبخفّة وحش صحراويّ دَمْلقَ ساقيه الهائجتين بسُخْط "بلو جينز" السّمل الكالح

وتأهّبَ لمطاوي الخسّة خلف زوايا الليل الفادح

أو بالشكل أو المُفردات التي يستعملها أو الاقتباسات أو الكلمات الغريبة أو الجَزالة. وهذا برز أيضا في استحضاره لبعض المعاني والنّصوص لشعراء قدامى مثل طرفة بن العبد بقوله:

وظلمُ ذوي القربى أشدّ مضاضة    

على المرء من وقع الحسام المهنّد

فيقول سميح:

لكنّ ظلمَ ذوي القربى أشدُّ على

روحي الجريحة من ظلم يُقاويني

ويُذكِّرنا بقوله:

نحنُ الأبُ المحرومُ زقّ فراخَه   

   والتوأمُ المنفيُّ عنه التّوأمُ

بقول الحطيئة:

ماذا تقول لأفراخ بذي مَرخ        زُغْبِ الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ

ألقيتَ كاسبَهم في قَعْر مُظلمة      فاغفر عليك سلامُ الله يا عمرُ

ونجده في اتّباعه للشكل العَموديّ لم يلتزم القيودَ الخليليّة وإنّما عمل على تطوير القصيدة. ورَفْضِ قوقعتها في تعريفها الجاف "كلاسيكيّة"، ورأى في هذه القصيدة قيمةً تراثيّة ثمينة وقابلة للتطوّر والتّعايشِ في كلّ عصر، ومع كلّ مُتَغيّر وجديد. ورفَضَ ادّعاءَ البعضِ بأنّ الأوزانَ الشعرية القديمة عبءٌ ثقيلٌ وغيرُ مُواكبٍ للتطوّرات الحديثة.

ومن مظاهر التأكيد على قيمة التراث الأدبي في القصيدة القديمة اهتمامُ الشاعر سميح القاسم باستخدام الألفاظ الجَزلة التي تُعَزّزُ الانتماء للتّراث الشعري. والجَزالة "تعني قوّةَ الكلام التي تبدو في التّفخيم. وهي مَتانةُ الُألفاظ وعذوبتُها في الفمّ، ولذاذتُها في السّمع، ومواضعُ استعمالها وصف مواقف الحروب، والتّهديد، والتّخويف".(مجدي وهبة معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب). وهو ينقل المُتلقي إلى أجواء قومه العرب وتراكيبِهم اللغويّة ونمَطهم العمودي:

صالوا كماةً دارعين وجالوا مُستقتلين.. وليس ثَمَّ قتالُ

من كَدرة الماضي السّحيق تسلّلوا لتموتَ في آمالهم آمالُ

شقّوا بحارا من دم بعِصِيّهم وبكَوْا على صدر الشعوب ونالوا

وعلى ضحاياهم تسيلُ دموعُهم   ودمي على أنيابهم سَيّالُ

أعرفتَهم يا جرحُ.. عفوك إنّما بعض الجواب كما علمتَ سؤالُ

عاج السّعيدُ عن الطلى متسائلا   وأنا سألتُكِ أنتِ يا أطلالُ

قربانتي بهظتْ، فهل كفّارة  شفعتْ؟ وهل تتبدّل الأحوالُ

كما ونقف على الكلمات الغريبة التي لا تُستخدَم في اللسان العربي المعاصر لوجود بدائلَ متعدّدةٍ مستخدمةٍ. والكلمةُ الغريبة كما عَرفَتْها كتبُ البلاغة " أنْ تكونَ الكلمة وحشيّةً، لا يظهر معناها، فيحتاج في معرفتها إلى أن يُنَقّر عنها في كتب اللغة المبسوطة" (الخطيب القزويني" الإيضاح في علوم البلاغة ص3"

يقول سميح هاجيا:

يعربيّون راية ولسانا                       بيغنيّون نيّةً ومنمّا

شيخهم مهطع ينادي بمصر       في مزاد يبيع بالغُرم غُرما

هيرع في الصّدام نزّاعُ سلم       دونه الموت في الكريهة غمّا

- الهيرع الذي لا يتماسك. الجبان الضعيف.

- مهطّع – نزّاع خنوع ذليل.

وفي قصيدته التي خاطب فيها الجواهري:

يا دجلة الخير ضجّت كلّ جارحة        منّي وأنتَ مُشيح لا تُلبّيني

وارنْتُ وجهكَ من أعماق مجزرتي فهل تراني بعينَيْ مفشغٍ دونِ؟

همُ الأيابس والأسياف مهزلة تُبْكي وتُضْحك أيّام الهوى الجونِ

تفشقوا.. العَلَم المخضوبَ واخترقوا إلى الحياة قَتاما غيرَ مأمون

*وارن- واجه قابل. مفشغ- الرجل قليل الخير والكسول. الأيابس- ما تُجرّب عليه السّيوف وهي صلبة، الجون- الأسود المُشْرب حمرة، تفشّق – توشّح بثوب.

وعمل سميح القاسم على استحضار الشخصيّات وصبغها بملامح العصر الحديث، وكثيرا ما كان يتقمّص الشخصيّة ويتّخذها قناعا إسْقاطيّا يتماهى فيه، وينطلق من خلالها إلى التّعبير عن ملابسات تجربته المصوغة. فقد تقمّص شخصية الشنفرى، وشخصيّة الصحابي ابي ذرّ الغفاريّ. واستحضر الرّموزَ الدينية وتقمّص بعضها مثل شخصية النبي يوسف وهاجر والنبي أيوب والرسول محمد وهابيل والحسين والحاكم بأمر الله.

زمّليني يا خديجة

زمّليني

فقد أبصرتُ وجهي

في حراء الموت

محمولا على رؤيا بهيجة.

أنذا يتقمّصني روحُ رسول الله

وإنّي لأضيفَ إلى أسماء الله الحسنى

اسمَ "الثورة"

فلتأتِ وفودُ الحجاج إليّ

لتأتِ إليّ جموعُ البؤساء

ولنشهر سيف الله

لنُصرة رايتنا الحمراء.

وموسى

ضرب البحرَ الصّاخبَ بعصاه السّحريّة

فانشقّ البحر

ألقى في القوم عصاه فصارت أفعى

تتلوى وتفح وتسعى

سحر؟

لا تصمت.. كذبَ السحر.

والمسيح

حوّلْتُ خدّي دائما

لصَفْعة العدوّ والصّديق

يا ربّنا وربّهم متى تفيق؟

ويستعير نداء المسيح الأخير "إلهي إلهي"

لماذا قتلتني. نبذتني. تركتني.  زنحتني.

وهابيل والحسين والحاكم بأمر الله.

وأخذ بالمُتلقي إلى أجواء الصحراء العربية في سربية الصحراء حيث يعيّشه في أجواء البداوة العربية الكاملة.

هدوءا

سيكتملُ البدرُ عمّا قريبٍ

سيدنو رهيبا بطيئا

سأصرخُ رعبا

وأُمسخُ ذئبا

هدوءا.

على سُنّة الله واللات والأنبياء

تدبُّ العقاربُ

هكذا أيضا في مجموعة "سُبحة للسجلات" اعتمدت القصائد على الأفكار والمعتقدات الباطنيّة، واستفادت منها كثيرا. وسيطرت الأجواء الصّوفيّة بشكل واضح وقد أبدع الشاعر في توظيف الرموز والإشارات والاصطلاحات الباطنية في خدمة إنسانه وقضيّته.

متى تكونين لي ضيقي ومتّسعي في ضجعة الموت؟ أمْ في رَجعة المتع

وهل تكونين، والأكوانُ ذاهلة     عن غيبها لحضورِ الجوع والشّبع

سميح القاسم الشاعر المتطوّر المُتجدّد الحداثي

كما تمسّك سميح القاسم بالتراث والتاريخ والطبيعة العربية الصحراوية حيث رأى في الصحراء مَلجأه ومَهربه ومَأمنه، فقد عمَد إلى التّجديد والتّطوير والتّحديث، وقد اعتبر الحداثة "عمليّة مُستمرّة مُتجدّدة لدى كلّ الشعوب. لا شيء يبقى على ما هو في كل مَناحي الحياة المعيشة يوميّا، وفي مجالات الإبداع المختلفة، دائما يسعى الإنسانُ لتطوير أدواته ومستوى مَعيشته وتغيير نمَط حياته، دائما يتغيّر ويتجدّدُ. قد تُصيبُه النّكساتُ، ويتراجعُ إلى الوراء، ولكن حتى في هذا، يكون التغييرُ وتحديثُ الموجود وثورة على القائم".

ولو تتبّعنا مسيرةَ سميح القاسم الشعرية منذ مجموعته الأولى "مواكب الشّمس" (1958) لوَجدْنا الشاعر الحَداثيّ بامتياز، حيث نجد التّغيير والتّجديد والتطوّر والإبداع المتَفَرّد في كل عمل إبداعيّ جديد يصدرُ له. وقد قالت سلمى الجيوسي إن سميح القاسم هو الشاعر الوحيد الذي تظهر في أعماله مَلامح ما بعد الحداثة في الشعر العربي.

وقد تفرّد سميح القاسم في قصائده الحواريّة في مجموعاته "دخان البراكين" و "دمي على كفي" و "الموت الكبير"، وخاصّة في "سربية انتقام الشنفرى" باستخدام أسلوب البناء الدّراميّ الذي يعتمدُ على عناصر التعبير الدراميّ من حوار (ديالوج) وحوار داخلي (مونولوج) وسَرْد قَصَصي في البناء الشعري وذلك لتَمثيل الصراع والحركة.

وفي الوقت الذي أحسّ فيه الشاعر بتصدُّع المعركة الوطنية وتراجعها، أعلن، على عَجَل، عن ميلاد مرحلة فنيّة جديدة في تجربته الشعرية. مرحلة ديدنُها الانتصارُ للقيَم الجماليّة من خلال نُزوع الشاعر إلى الذّات بتصَدُّعاتها وتشققاتها، الشيء الذي جعل شعرَ هذه المرحلة يمتاز بالغموض الفنيّ الأصيل.

والشاعرُ سميح القاسم، نفسُه، أكّدَ في غير ما مرة، على أنّ منجزه الشعري في المرحلة الثانية، قد تميّز بخفوت الصّوت وتسرَب شعاع الشك إلى يقينيّاته المُطلقة، تلك التي ميّزت المرحلة الأولى. الشكّ هذا ما كان له أنْ يتحقّق لولا التراكم المَعرفي الذي تحصّل لهذا الشاعر من خلال اطّلاعه العميق على خبايا الفلسفة المعاصرة. هذا الأمرُ جعله يُعيد طرح السؤال الأنطولوجي من جديد، مثلما حفّزه لإعادة النظر في قيَمه الجماليّة، وبذلك استطاع سميح القاسم أنْ يؤسّسَ حداثته الخاصة، نقصد حداثةَ الابتداع لا حداثة الإتّباع. والشاعر لم ينتبه إلى هذا الأمر إلا بعدما قرأ دراسة للناقدة الأمريكية تيري دي يونك المعنونة بـ "سميح القاسم وتحديث الجناس». يقول سميح القاسم في إحدى حواراته عن هذا الأمر: «وبهذا لفتت [دي يونك] نَظري إلى مسألة كنت أعيشها من دون أن أنتبه إليها، وهي مسألة المُحاولة المستمرة لتكوين حداثة على أسس تراثية أصيلة، حداثة لا تتنكّرُ للماضي، ولا تتقزّم أمام حداثة الآخر الغربي أو الأجنبي».

رفض سميح القاسم قوقعةَ القصيدة العربية في تعريفها الجافّ "كلاسيكيّة"، ورأى في هذه القصيدة قيمةً تراثيّة ثمينة وقابلةً للتطوّر والتّعايش في كلّ عصر ومع كلّ مُتَغيّر وجديد. ورفَضَ ادّعاء البعض بأن الأوزان الشعريّة القديمة عبءٌ ثقيل وغير مُواكب للتطوّرات الحديثة.

وكان في القصيدة الواحدة يكتبُ المقطعَ الجديدَ وبعده القديم، فتارة ينسج على منوال التّفعيلة وطورا على نسَق بحور الخليل، وحينا يعود لالتقاط نَبْضِ الكلام اليومي، ساحبا البلاغة من عليائها العاجيّ ليرفدَها بصرخات اليومي والمباشر كما كان يهتم بتضمين قصيدته بالأغنية الشعبية والأهزوجة بشكل خاص. ونجد بعضَ المقاطع ليست قصيرة فقط، بل تتقلّص أحيانا إلى أبيات ذات كلمة واحدة، وتُسيطر عليها حركة الفعل:

تبعتُ وبعْتُ

عبدتُ وبدتُ

أُسِرْتُ وسرتُ

بعُدْتُ وعُدْتُ

ومتّ ومتّ

وعُدت بُعثْت

الحداثة في التّعامل مع المخترعات التكنيولوجية الجديدة وأنسَنة بعضها وتعريب أسماءها

يتعاملَ سميح القاسم مع هذه المُستجدّات الجديدة المُتلاحقة، ويُطوّعها للإبداع الشعري، وجعلها جزءا لا يتجزأ من الحياة اليوميّة للإنسان، ويُعَرّب أسماءها بقبولها كما هي في لغتها الأصلية إيمانا منه أنّ المحافظة على اسم ولفظ المخترَع أو المنتوج الجديد من حقّ صاحبه، ولغتنا العربية قادرة على استيعاب الألفاظ الجديدة. الشاعر سميح القاسم واع للتغيير الذي يحدث يوميّا على حياتنا ويعرف خطر هذا علينا نحن الذين نتردّد في تقبّل الجديد الغريب:

لا فينوس. لا تمّوز. ولا أفروديتَ

ولا نرسيسَ. ولا سيزيف. ولا عَشْتارْ

هذا زمنُ ستار أكاديمي

والهامبورغر والكوكاكولا والبَمبرز واللبتون والسوبر ستارْ

الويل لنا والويل لكُمْ

دبليو. دبليو. إس.و. إس. دوت. كوم..

ويتقبّل الهاتف النَّقّال والفاكس بحبّ ويجدُ فيه الوسيلة الأسْرع للتّواصل بين العشّاق:

لنَقّالِكِ الحُلْوِ أشرحُ أسبابَ موتي عليكِ

وبالفاكسِ أٌرسلُ قلبي إليكِ

باي! (ص35)

لا يُخْفي الشاعر عدمَ رضاه عن هذه الوسائل الجديدة السّاحقة لكل حسّ إنسانيّ وإظهار ميله للتلفون القادر على إيصال الصوت الإنساني بكل روعته:

بينَ نقيقِ الفاكس

وصمْتِ الإي.ميل السّاديّ

ينسحبُ التليفون حَيِيًّا

ويظلّ وفيًّا

للصوتِ الإنسانيّ

وهو مقتنع بأنّ المَشاعر الإنسانية والجمال الطبيعي الحقيقي وكلّ ما خلقَه الله هو الأجمل والأبقى والأفضل، لكنه لا يرفضُ الجديدَ ويتعاملُ معه، ويحاولُ أنسنَتَه والتّعايُشَ معه:

لا تُخيّرْني رجاءً

بين أسرار الفراشَه

وجمالِ الهليكوبتر!

استعمال اللغات الأجنبية لخدمة التّشكيل الجَمالي الدّلالي في قصائده

يقول سميح القاسم: "لا مجال لتَقسيم المفردات إلى شعرية ولا شعرية إذا هي تداخلت بصدق فنيّ في حالتها الشعريّة المناسبة، ولعلّ هذا يُفسّر حقيقة تعاملي مع ألفاظ أجنبيّة وتكنولوجيّة تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن الشّعر".

استعمال اللغة الإنكليزية

تُواصل اللغة الإنكليزيّة اندفاعَها لتكونَ اللغة العالمية الأولى، ولغةَ الشباب، حتى أنها تفرض حرفَها على كل اللغات نتيجة لطغيان وسائل التّواصل المختلفة، وقد كان الشاعر سميح القاسم واعيا لهذا التحوّل المتواصل، وأبرزه في الكثير من القصائد في مجموعاته المختلفة إضافة إلى انفتاحه على باقي اللغات، ووعيه لأهميّة التّواصُلِ والتّداخُلِ بينَها.

منْ قاعِ الجَهلِ وقاعِ البؤسِ وقاعِ الدِّستْ

East is east and west is west

من قاعِ الحزنِ وقاعِ الموتِ وقاعِ الفاشيّةِ والفاشِسْتْ

هولوكوست

The twins shall never meet

هولوكوست

That game can't run

And west is east and east is west

No more

وقد يستخدم اللغة الأجنبية مكتوبة بالحرف العربي:

توتو توتو

هعربيم يموت

بيوم ريشون.(ص58)

و (نوك أوت) (ص59)

لا قُدسيّة للغة، ويرفضُها طائعة ذليلة

يختلف الشاعر سميح القاسم عن مُعظم المُبدعين إنْ لم يكن كلّهم، في موقفه من اللغة، فقد اعتدنا تأكيدَ الجميع على قُدسيّة اللغة، وأنّ المُبدع الخَلّاق هو الذي يستطيع تطويعَ اللغة وجعلها تأتيه تُجرّرُ أذيالَها مُستجيبة ذليلة. لكنّ الشاعرَ سميح القاسم لا يجدُ في اللغة القُدسيّة، ولا يُريدها مُطيعة مُنقادَة مُستجيبة، تأتمرُ بأمْره:

وكم أزدري اللغةَ العَبْدةَ الطائعهْ

إنّها لغةٌ ضائعهْ

اللغة الطائعةُ هي اللغة الضائعة التي تفقدُ الهالة التي ترتسمُ حولها والقدسّية التي نُغلّفها بها، واللغة كالمرأة، إذا استجابت وانقادت واستسلمت دون تمنّع وعِناد وتَردّد سرعانَ ما تُرمى وتُبعَد وحتى تُزدَرى، وتكون قيمتُها وقدسيّتُها وحرصُنا على الاحتفاظ بها والدّفاع عنها إذا ما لاقينا الأمرّين وكلّ الصّعاب وتجاوزنا المستحيلات في الوصول إليها والفَوْز بها. وعندها فقط نعرفُ قيمتَها وكيف نتعاملُ بها ونستخرجُ المكنونات النادرة والمُتجدّدة التي فيها.

هكذا يتعاملُ الشاعرُ سميح القاسم مع اللغة، وهكذا تتحوّلُ اللغةُ لتكونَ التي يُعطيها دورَها الإبداعي في تأدية ما رَسمَ لها وما أرادتْ أنْ تُؤدّيه.

واهتمامُه ينصبُّ على الحرْف لأنّه الأصل، فهو الأهمّ، وهو المكوّن للكلمة والمُتحَكم بها ومُغيّر صُوَرَها ومَعانيها. ويؤكّدُ أنّ موقفَه من الحرف يتغيّر تبَعًا لما يُنجزهُ الحرفُ ويُقدّمُه، فالحروف تُبهره إذا أتت بالروائع من الكلام والعبارات، وهو يزدريها إذا ما أدّتْ إلى فكرة خانعة:

للحروف تقاليدُها الفاجعهْ

مرّةً، للحروفِ انبهاراتُنا،

حينَ تصطفُّ في آيةٍ رائعهْ

مرّةً، نَزْدَريها طريقًا يُؤدّي

إلى فكرةٍ خانعهْ.(ص136)

هو يحبّ الحروفَ التي تُعبّرُ عمّا يُريده، والتي يجتهدُ في استحضارها ليُبْدعَ من حرارة توهّج جَمْرها لغتَه التي هي ثمرةُ ونتيجةُ ثورته التي اشتعلت، وتجد في اللغة وحروفها مُتنفّسَها وأداةَ توصيلها وانتشارها ووصولها إلى حيث يُريد:

للحروفِ مَسالكُها

وأنا لا أحبُّ الحروفَ قَطيعًا

وأحبُّ الحروفَ التي

صوتُها مِلَّتي

وأحبُّ الحروفَ التي

جَمْرُها.. لغتي

وعلى نارِها نضجَتْ ثورتي

واحبُّ الحروف..

التّلاعب بالحروف وترتيبها ودلالاتها

الحرفُ هو القيمةُ وهو الأساسُ لإبداع الكلمة وتكوين الجملة وإيصال الفكرة، وأيّ تغيير على موقعه يتغيّر معنى الكلمة ويتبدّلُ الهدفُ وتنقلبُ المواقفُ، وهذا صحيحٌ في الكلمة الواحدة أو الجملة:

قَمَرٌ. رَقْمٌ. قرمٌ. رَمَقٌ.

صقْرٌ. قُرْصٌ. قَصْرٌ. رقْصٌ.

دَهمٌ. هَدْمٌ. مَهْدٌ.

لمسٌ. سَمْلٌ. سلْم (ص18)

و

سَقْفٌ

فَقْسٌ

فِسْقٌ (كولاج 3 ص34)

ويتلاعبُ بمواقع الكلمة في الجملة، فالكلمةُ التي يُنْهي بها الجملة تكونُ بدايةَ الجملة الثانية

ليلي يا عيني

عيني يا ليلْ (ص50)

خطايَ تعيبُ عليّ الطريقَ

أعودُ.

يعيبُ عليَّ الطريقُ خُطايَ

أعودُ ببدئي إلى مُنتهايْ

ومن مُنتهايَ أعودُ لبدْئي. (ص89)

وكثيرا ما نجدُ إيقاعَ الحرف أو الكلمة يُسيطرُ على الشاعر فينسابُ معه ويتفاعل ويأتي بالمزيد:

كونغو

سانتو دومينغو

رينغوٌ يرقصْنَ الرومبا

لومومبا

رومبا

سامبا. (ص142)

ووصف لعبة المَحْبوسة مُصوّرا حركة تقلّصات أصابع اليد الخمسة كما تفعل القطّة عندما تستعدّ للهجوم على الخَصم.

قِطَطٌ خمْسٌ

في خطّةِ صَيْدٍ مَدروسَه

إقْذفْ زَهْرَك

واقطُفْ نَصْرَك

يا مَلِكَ المَحْبوسه! (كولاج3 ص57)

المَزج بين النثر اليومي والحوار العادي في القصيدة الواحدة.

أكثر سميح من التّضمينات النثرية في سياقات بعض أعماله الشعرية حيث يستدعي الموقف وتتطلب الضرورة. مثل تضمين خبر صحفي، تضمين نصوص دينيّة، استعمال الكلمات البذيئة، اللغة المحكيّة والفلكلور لتوثيق دلالة، أو تأكيد موقف، أو ترسيخ معنى.

الرموز الدينية والتاريخية أغنت قصائد سميح القاسم واحتلت مكانا مهما في ترسيخ الحَفْر في الماضي.

كذلك اهتمّ بالشخصيات النضالية مثل:    هوتشي منه، جيفارا، كاسترو، ثوار الفيتكونغ، عمر المختار، لومومبا، جميلة بوحيرد إضافة إلى شهداء وشخصيات الشعب الفلسطيني.

رمز الأسطورة

لجأ الشاعر إلى توظيف الأسطورة في تجربته الشعرية، بسبب ثرائها الدّلالي بما تحمله من شحنات إشعاعيّة.

أسطورة أوديب ملكا، أوزيريس وإيزيس، إيكاريوس ووالده ذيذالوس والجناحين من الشمع  (قصيدة جنازة في ثلاثاء الرماد) عن الشهداء الذين قُتلوا في بيسان. ، أُخذة الأميرة يبوس"  التي ارتكز فيها على ديانة الكنعانيين عَبَدة الأوثان.

أنا هملتُ العربيُّ اشهدوني

أدرّبُ عقلي على أحجيات الجنونِ"

أبي مَيْتٌ لا يموتُ

وأمّي أمّي

ومُلكيَ نَهْبٌ لعمّي" (كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه)

ثم مجموعة «مقدّمة ابن محمد لرؤى نوستراسميحداموس "

) 2006، التي وصفها البروفيسور إبراهيم طه: «بأنّها في مُحصّلتها العامّة نصّ شعريّ واحد مُتضخّم »Hepertext« في منظومة تناصّاته العديدة وإحالاته وإشاراته السّريعة إلى محطّات بارزة في الموروث الثقافيّ العربيّ والإسلاميّ والحضاريّ العالميّ. ولعلّ المنظومة التّناصيّة التي تَنبني على أساسها هذه المجموعة تقوم أوّل ما تقوم على قائمتين اثنتين:

-1 علاقات حواريّة كبرى مع تنبؤات نوستراداموس.

-2 علاقات حواريّة صغرى من إحالات إلى القرآن الكريم وإشارات إلى الموروث الحضاريّ بصفة عامّة.

كان أقصى ما يطمح إليه نوستراداموس في تنبؤاته هو دقّ ناقوس الخطر المُحدق بالبشر، ولقد خاف سميح القاسم من خوف الناس وارتكانهم إلى السّراب والزّيف والهَلع كاستراتيجيّة دفاعية، وتعلّقهم بقشّة نوستراداموس، فعاد إلى نوستراداموس واخترقَه في وسَطه تماما، وحطّم الخَرابَ المُعشّش في جوانب تنبؤاته، ونقل الكرة من ملعب الغيب إلى ملعب الحاضر المُقدّس، وحوّل تنبؤاته التي تحرقُ كلّ بقعة خضراء إلى رؤى دافئة تبعثُ الإنسان في الإنسان» (إبراهيم طه. “قراءة هيكلية في مقدّمة ابن محمد لرؤى نوستراسميحداموس ) 111 رؤيا في 111 ثلاثية(”. جريدة الا تحاد، 16 / 1/ 2009 ).

رؤيا رؤى نوستراسميحداموس،

على متاهة الزمان والمكانْ

ينتصر الله على الشيطانْ

ويبعثُ الإنسانُ في الإنسانْ

ويولدُ الإنسان للإنسانْ

ويفرحُ الإنسانُ بالإنسانْ.

(سميح القاسم. مقدّمة ابن محمد لرؤى نوستراسميحداموس ) 111 رؤيا في 111 ثلاثية (ص 153)

لكنّ الشاعر رغم هذا الجوّ السريالي، وخَلخلة المألوف وإعادته للواقع في صياغة بشكل جديد يُريده هو، إلاّ أنّه يُبرز ويُؤكد ثوابت أصبحت من مميّزات شعر سميح القاسم منذ سنوات، يدلّ عليها برموز خاصة به، تتمثّل في (الحجر) الذي يرمز به إلى الحقيقة الثابتة و(الوردة) التي ترمز إلى الجمال الروحي و(التفاحة) التي يقصد بها المُتعة الحسيّة في الحياة والوجود الحسّي.

أخيرا واستخلاصا لكل ما قيل، فإنّ الشاعر سميح القاسم ساهم مساهمة كبيرة في التّغيير الذي طرأ على شكل القصيدة، وذلك برز في:

توزيع القصيدة إلى مَقاطع

البناء القصصي

القصائد القصيرة

السِّربيّات

التّكرار

الحوار

ازدواجيّة اللغة

استعمال كلمات غير عربية والأرقام

تداخل الشكلين: العمودي والحرّ في القصيدة

التضمين النثري

استخدام الأفعال والأسماء

وفي مضمون القصيدة:

المُباشرة المنبريّة

الرمز

الرموز الدينيّة

الرموز الأسطوريّة

الرموز التاريخيّة

الرموز الأدبية والتراثيّة

احياء التراث الشعبي والصورة الشعريّة

***

د. نبيه القاسم

................................

* ولد الشاعر سميح القاسم في مدينة الزرقاء الأردنية في الحادي عشر من شهر آب 1939، وتوفي في مستشفى زيف في مدينة صفد حوالي الساعة التاسعة مساء يوم 19.8.2014

في المثقف اليوم