قراءات نقدية
كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة "قلبي والجدران والمسمار"
لمنيرة الحاج يوسف / تونس
الأسلوب والصورة الشعرية:
القصيدة تتسم بالأسلوب السردي التعبيري الذي يعكس حالة من الصراع الداخلي والتحدي. الشاعرة تستخدم صورًا شعرية متشابكة، مثل (أطرافك المرتجفة) و(قلبي ربيع مؤجل)، مما يوحي بمشاعر من الألم والأمل المؤجل. الصور تنقل القارئ إلى حالة نفسية مليئة بالاضطراب، والمرونة بين الحرية والظلم.
التكرار والتركيز على الفعل (سأسرقك):
التكرار القوي لجملة (سأسرقك) يظهر الاستعجال والتصميم على التحرر. الفعل هنا يحمل دلالات من القوة والمقاومة، وكأن الشاعرة تتخذ من السرقة وسيلة لتحرير الحلم والجمال المقهور. التكرار يعمق الإحساس بأن الفعل قسري لكنه لا مفر منه.
الرمزية والمعاني العميقة:
الرمزية في القصيدة واضحة، حيث يُرسم (الربيع المؤجل) و(الضفائر) و(الصفاد) كرموز للأمل الذي أُطفئ، والقيد الذي كان يحبس الذات، والظلم الذي أدمى الجمال. الشاعرة تستخدم الرمزية لتوصيل معاني الحرية، الألم، والصراع ضد القمع والتشويه. كما أن مفهوم (الهوية المائعة) و(دق المسمار في الجدار) يعبر عن ضياع الهوية الثقافية والشخصية في ظل الظروف الصعبة.
اللغة والمفردات:
اللغة في القصيدة قوية وعاطفية، وتحتوي على مفردات مؤثرة مثل (الظلم) و(التشويه) و(الفجيعة)، مما يعكس حالة من الهزيمة النفسية. كما يتم استخدام العبارات بلغة شاعرية مثل (حروفي)، (لوحتي)، و(أغنيك لحنا يفزعهم)، لتشكيل صورة حية للمقاومة الداخلية وتأكيد الهوية.
البنية والإيقاع:
القصيدة تكتسب إيقاعًا دراميًا من خلال البناء المتلاحق والتزاوج بين الفعل المباشر والتأمل الداخلي. استخدام الجمل الطويلة، والتكرار، والجمل المنتهية بنقاط متفجرة يجعل الإيقاع مشحونًا بالتحفز. هذا الإيقاع يعكس تطور الصراع من الداخل إلى الخارج، كما يعكس محاولات التحرر والخلاص.
الخلاصة:
قصيدة (قلبي والجدران والمسمار ...) لمنيرة الحاج يوسف تمزج بين الصراع الداخلي والتعبير عن الظلم والتشويه، مع تسليط الضوء على الحرية المنتظرة. الأسلوب السردي يستخدم الرمزية القوية والتكرار لتقوية المشاعر الثائرة، ويعكس معركة الذات ضد القوى القامعة، ما يجعل النص تجربة شعرية تنبض بالأمل والتحدي.
***
بقلم: كريم عبد الله – العراق
....................
قلبي والجدران والمسمار ...
سأسرقك، ليس أمامي غير ذلك، فكرت طويلا وقررت أن افك قيد ظفائرك، جدائلك التي رسموا بها حدود عذابي كانت حبالا ربطت أحلامي في معاقل الخوف والخيانات، أطرافك المرتجفة، يبسها القحط وأحرقها برد الصقيع، وقلبي ربيع مؤجل يشتهي أن يُنبت فيك بيلسانا من الفرح، بعد أن أحرقوا كل امالك وانتهكوا حرمة جمالك...أيتها المنسية في دروب الضياع على حواف الفجيعة، تتقدمين نحو هزائم رسموا فخاخها فتضاعفت فراخها، كخلية خبيثة، ساسرقك، هكذا قررت لا أملك بندقية، لكنني سأرسل عليهم حمم حروفي، حتى تتحرري من اصفاد الظلم والتشويه....قررت أن اعتقك من ربق عبوديتهم...قررت أن أغنيك لحنا يفزعهم وانظمك بيت شعر احتمي به اذا اشتد كربي وغربتي... قد ارسمك لوحة أعلقها على جدار ذاكرتي ستكونين بلا حدود، واسعة وجميلة، ناصعة ونبيلة....حرة، عالية، على جبين الحقيقة
سأسرق دفاتر الملكية لألقي بها في يم النسيان، فكرة الهوية مائعة، كلنا أوراق مختلطة...هبت عليها ريح ديسمبر فبعثرتها في طرقات الوداع، الملمك جزءا جزءا حتى تكتمل لوحتي ستسخر الجدران من مسمار يحملك بلا تأفف وتنسى انك دققت في خاصرتها..
***
منيرة الحاج يوسف - تونس