قضايا

شيماء هماوندي: أقلام فلسفية معاصرة في خدمة الإنسان والمجتمع

أهمية تركيز الفلسفة المعاصرة على الإنسان

إن تركيز الفلسفة على الإنسان ومشكلاته الحياتية وهمومه المجتمعية من شأنه أن يساهم في مساعدة الإنسان على فهم نفسه ومجتمعه بشكل أفضل، وتوجيهه نحو حل المشكلات بدلاً من الحزن والقلق بشأنها، من خلال الإهتمام بمشكلاته، والسعي الفعال لإيجاد حلول عملية لها، إن دور الفلسفة المعاصرة لا يقتصر على الإرشاد والتوجيه فحسب، بل هو دور (إصلاحي وتعليمي)، يحدد المشكلة بدقة عالية، ويعمل بشكل فعال على علاجها مستخدما كل ادواته الفلسفية، من أجل مجتمع سعيد ومتطور.

إن الفلسفة  بطبيعتها هي علم يبحث في الوجود والمعرفة والأخلاق، وكانت الفلسفة قديماً (أم العلوم)، وقدم الفلاسفة في مختلف العصور العديد من النظريات في قضايا تخص الوجود، والأخلاق، والمعرفة، والميتافيزيقا، ولكن بعد الثورة الصناعية، والتكنولوجية، التي أدت الى تطور البيئة والمجتمع الذي يعيش في الإنسان، ومن ثم  أعقبها تغير  في نوع وطبيعة المشكلات التي يعاني منها الإنسان، وإختلاف طبيعة الأسئلة التي يبحث الإنسان عن أجوبتها، لذلك صار لزاماً على الباحثين في الفلسفة والأقلام الفلسفية أن تواكب هذا التطور الحاصل في نوع المشكلات وطبيعة تفكير الإنسان المعاصر، فلم يعد الخوف من المجهول هو الموضوع الوحيد الذي يُقلق الإنسان ويثير مخاوفه، بل أصبح يتسائل كيف يواكب التطور الجنوني والسريع الحاصل في الذكاء الإصطناعي، وعالم الروبوتات الذي بدا يغزو الأسواق والمجتمعات، وكذلك الأخلاق الطبية، والبيئية، والهندسة الوراثية وتبعاتها الأخلاقية وكيفية التعامل الأخلاقي معها، وصار من الضروري تجديد وتطوير الخطاب الفلسفي) لكي يواكب هذا التطور التكنولوجي ويضع الأسس الأخلاقية التي تؤطره وتنظمه، من أجل أن تتناسب التوصيات الفلسفية مع متطلبات وواقع الإنسان والمجتمع المعاصر، وبسسب هذه التحديات الكثيرة التي يواجهها المجتمع الإنساني مقابل مجتمع الآلات والذكاء الإصطناعي، صار من الضروري أن تهب الأقلام الفلسفية الى الكتابة والبحث والتأليف وفق منظور (واقعي وعلمي عملي) يحدد بشكل واضح المشكلات المعاصرة وسبل التعامل معها، ويعطي حلول عملية واقعية بإستخدام الأدوات الفلسفية من أجل  توليد أفكار جديدة ومفاهيم ونظريات تواكب المشكلات المعاصرة وتكون قادرة على التعامل معها وتقديم الحلول لها، و كذلك تحفيز العقل البشري من خلال التحليل المنطقي، والتفكير النقدي الإبداعي، ويجب أن لايكتفي الباحثون في المجال  الفلسفي بعرض المشكلات بل يجب أن يتمحور دور الأقلام الفلسفية المعاصرة في إعطاء حلول محددة لكل مشكلة بذاتها، مع مراعاة ان لكل مشكلة حلول عملية مختلفة عن غيرها، ومايصلح لمشكلةٍ ما قد لايكون مناسباً لمشكلة أخرى، وما يناسب  فرداً أو مجتمعاً بعينه، قد لايصلح لفردٍ أو لمجتمع آخر، لذلك يجب الحرص على تقديم حلول تتناسب مع الإنسان  وطبيعته، وطبيعة المجتمع والبيئة التي يعيش فيها، لذلك فإن الفلسفة في المجتمع المعاصر اذا أرادت أن تستعيد دورها التاريخي بوصفها آداة من أدوات الإصلاح الإجتماعي صار لِزاماً عليها التعامل مع مشكلات الإنسان والمجتمع بمرونة وواقعية أكثر في سبيل إيجاد حلول عملية للأزمات الإنسانية والمجتمعية المعاصرة.

***

شيماء هماوندي

أستاذة الفلسفة والعلاج الفلسفي

أربيل/ جامعىة صلاح الدين/ كلية الآداب/ قسم الفلسفة

في المثقف اليوم