قضايا

جمال محمد تقي: بين المثقف العضوي والانتهازي ما صنع الحداد!

ومضات ثقافية (1)

يقول المفكر الامريكي نعوم تشومسكي: "ان معظم تاريخ المثقفين يميل للخنوع للسلطة، واذا لم أخن هذا العرف سوف أشعر بالخجل من نفسي".
ويقول احمد مطر مخاطبا الاعلاميين: احذروا ان تعبثوا بالحقائق، واحذروا بلع اطراف الحروف، فالكلمة حساسة جدا، يمكن تحويلها بلمسة بسيطة غير مسؤولة، من اداة إحياء الى اداة قتل، ان عبئا بكلمة "اعلام" يحولها ببساطة الى "إعدام" !
ويقول ستيف بيكو: اقوى سلاح بيد القامعين هو عقول المقموعين !
ويقول الفيلسوف الكندي آلان دونو في كتابه " نظام التفاهة ": العالم يبرمج بكليته نحو التفاهة وتزييف الحقائق، لنتخيل عالم يقوده حفنة من الحقراء، انهم يتفهون القيم الانسانية والثقافة النزيهة، ببهرجة تسويقية فائقة التسطيح، ويجعلون من النخب دمى تدمن الانتهازية وتتهافت للحاق بركب العرض والطلب، فيسود الادعاء وينحرف الشرف الاكاديمي والثقافي النبيل لمصلحة الخسة والابتذال !
اما المفكر الايطالي غرامشي فقد توصل الى: أن قدرة اي طبقة اجتماعية على الصعود وتحقيق الهيمنة على المجتمع تكمن في قدرتها على تكوين مثقفين عضويين مرتبطين بها، وبالتالي ضرورة الهيمنة الثقافية من اجل نجاح اية سلطة، فتفوق اي مجموعة اجتماعية يظهر عبر طريقتين، سيطرة وقيادة فكرية، ووجدانية !
وقال الفيلسوف جورج لوكاش في كتابه " التاريخ والوعي الطبقي": ان دور الوعي بالذات يوازن قوة القوانين الموضوعية التي تحكم التاريخ، بل يتفوق احيانا على فعلها، وقد وجه باهمية الوعي النقدي للراسمالية التي تجدد استبضاعها لمجمل النشاط البشري وتحديدا الفعل الثقافي والمعرفي ناهيك عن الاجتماعي الاقتصادي، فتحويل البشر ووعيهم الى اشياء يمكن تبضيعها يحط من انسانية البشر وقيمهم الثقافية بما يخل بسويتها الحرة لمصلحة الاغتراب الكلي الذي يجعل من البشر مسيرين بفعل قوانين السوق نحو التشيء !
في اعقاب اغتيال غسان كنفاني 1972 قالت غولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل وقتئذ: اليوم تخلصنا من لواء فكري مسلح !
وقال محمود درويش عن عطاء كنفاني الثقافي والفكري: لدى قراءة كنفاني اليوم نكتشف اولا ودائما، انه في عمق وعيه كان يدرك ان الثقافة اصل عدة اصول للسياسة، وانه ما من مشروع سياسي دون مشروع ثقافي !
جوزيف غوبلز وزير الدعاية اثناء الحكم النازي نموذجا مثاليا لما يمكن ان يؤديه الانحراف الفكري والتنظير الكاذب من ادوار خطيرة يكون لفعلها أعمق الاثر في العقول لتقاد الجموع كالقطعان نحو الجحيم، من اشهر مقولاته: كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها، اعطني اعلاما من دون ضمير اعطيك شعبا من دون وعي، اكذب واكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس !
***
جمال محمد تقي

 

في المثقف اليوم