قضايا

غريب دوحي: هل اعتنق تولستوي الدين الإسلامي؟

شهدت روسيا عدد من عمالقة الادب معظمهم كان في العهد القيصري باستثناء (مكسيم غوركي) الذي عاصر الثورة الروسية التي وقعت عام 1917، وابرز هؤلاء الادباء: تولستوي 1910- 1828 وهو روائي، تور جنيف: روائي، دستوفسكي: روائي، بوشكين وهو شاعر وكان لهؤلاء دورهم الكبير في الاحداث السياسية التي شهدتها روسيا في ظل القياصرة حتى قيام الثورة الروسية فقد شغلوا الساحة الفكرية ردحاً من الزمن برواياتهم واشعارهم الامر الذي هيأ اذهان الشعب الروسي لتقبل الأفكار الثورية التي حدثت عام 1905 ثم ما تلتها من احداث سياسية غيرت الواقع الروسي وقلبته رأساً على عقب وكان دورهم يشبه دور فولتير ومونتسكيو وجان جاك روسو في احداث الثورة الفرنسية عام 1789 م

جاء في الموسوعة السياسية لعام 1974... (يعتبر تولستوي بين رواد الفكر الاشتراكي العالمي والغريب ان تولستوي كان من الطبقة العليا من الشعب فقد ورث (3000) فدان يعمل فيها (330) فلاحاً، ومكانة تولستوي كأديب قصص اعظم بكثير من مكانته كمفكر سياسي،وقد تنازل تولستوي عن ثروته ولقبه وكان يأكل كالفلاحين ويرتدي زياً كأزيائهم ويرقق حذائه بيده ....)

تدل مسيرة تولستوي على انه كان رجلاً عظيماً وغنياً متواضعاً محباً للسلام ونابذاً للعنف الذي يؤدي الى الكراهية والحروب فعندما أعلن عن تحرير الفلاحين في روسيا أنشأ على نفقته الخاصة مدرسة لتعليم اولاد الفلاحين وقام بالتدريس في هذه المدرسة، وكان يعتبر الحرب ظاهرة غير طبيعية تناقض المبادئ الانسانية ويعتبرها قضية غبية، كان يقول عن نفسه (.. كان يحدث معي شيء غريب فتأخذني الحيرة والكآبة..) وكان يرى انه في حضارة الشرق مخرجاً للأزمات التي كان يعاني منه.

وعلى الرغم من وجود هذه الصفحات المشرقة من حياة هذا الرجل الا انه لم يسلم من النقد والتجريح فقد اتهمه اعداءه بأنه فوضوي أي انه كان في افكاره يميل الى (الفوضوية) التي كان يتزعمها (باكونين) وانصاره ذلك لأنه كان يحلم بتنظيم المجتمع بلا ملكية وبلا دولة لكنه لم يؤمن بالعنف الذي كانت تؤمن به الفوضوية واتخذ من الدين خلاصاً لروحه الباحثة عن الخلاص بشرط ان يكون الدين خالصاً لله بدون خوف ولا طقوس، وكان يقول ان الحب هو مشكلة الانسان التي تضيء حياته ولهذا كان يرى ان الحب المسيحي لا يتلائم مع ما ترتكبه الدولة من إثم لان الدولة تمنح نفسها القدسية وتضطهد المواطنين وترسلهم الى الحروب .

يرى بعض الباحثين الروس ان تولستوي اعتنق الاسلام وقد نشرت وسائل الإعلام في الدول العربية والاسلامية بفرح غامر باعتبار ان الاسلام قد كسب أشهر روائي روسي في القرن التاسع عشر وقد استدل هؤلاء الباحثين على عدد من المعطيات التي تثبت اسلام تولستوي منها:

1-انه تعلم اللغة العربية على يد اساتذة متخصصين كي يقرأ وليفهم آيات القرآن

2-انه عندما ذهب الى الشيشان صلى مع المسلمين في أحد المساجد

3-كان يقول: ان الدين الإسلامي ابعد الأديان عن الخرافات

4-انه امتدح النبي محمد وشعار الإسلام (لا إله الا الله) وقال ان الإسلام لم يجعل لله شريكاً ولا ولداً وانما هو عبادة خالصة الى الله

 5-أوصى ان يدفن كمسلم، ولم توجد على شاهدة قبره علامة الصليب الا ان اعتناقه للإسلام لا يزال موضع شك.

لقد تأثر عدد من الشخصيات العالمية بعقيدة اللاعنف التي جاء بها تولستوي أبرزهم (غاندي) ابو الهند الذي تزعم حركة (اللاعنف) في الهند لهذا يمكننا ان نقول لقد كان تولستوي هو المؤسس لمبدأ (اللاعنف) النظري فإن غاندي هو الزعيم الميداني لها خلال (50) عاماً وانه عرف كيف يوجه هذه العقيدة في مسألة تحرير الاوطان ومقاومة الافكار الشريرة وكانت النتيجة حصول الهند على استقلالها من بريطانيا من خلال عقيدة اللاعنف هذه.

ومن الذين تأثروا بحركة (اللاعنف) مارتن يوشركنج الزعيم الامريكي الاسود المطالب بحقوق السود في الولايات المتحدة الأمريكية وقد حقق كنج عدة انتصارات في كفاحه ضد التفرقة العنصرية حتى اغتياله عام1968.

كانت علاقته بزوجته علاقة سيئة، لقد تحول من روائي الى مصلح اجتماعي فقد كان مشغولا بالإنسانية وزوجته مشغولة بالأملاك ومصير املاكه بعد وفاته، كانت زوجته توبخه عندما يلبس ملابس مثل الفلاحين وترى ان هذا لا يتناسب مع مكانته الاجتماعية، يقال ان سبب وفاته انه تشاجر مع زوجته وخرج غاضباً وكان الطقس بارداً فأصيب بالتهاب رئوي مات على إثره، لقد بكى الفلاحون خلف نعشه، بكته النخبة وفقراء الريف.

***

غريب دوحي

 

في المثقف اليوم