نصوص أدبية

كريم عبد الله: أَيَّتُهَا الضَّوْءُ الَّذِي لَا يَغِيبُ

أَيَّتُهَا السِّرَاجُ الْمُضِيءُ بِلَا زَيْتٍ، إِنَّ نُورَ جَوْفِ قَلْبِكِ خَالٍ مِنَ الْبَاطِلِ لَا يَنْطَفِئُ، تَعَالَيْ لِتُصْبِحِ الْآلامَ الَّتِي قَيَّدَتْكِ أَصْدَاءً فِي فَرَاغٍ بَعِيدٍ، تَتَلَاشَى كَمَا تَتَلَاشَى خُيُوطُ الشَّمْسِ فِي غُرُوبٍ وَرَاءَ تِلاَلِ الْحُزْنِ. اقْتَرِبِي لِتَتَحَوَّلَ الْجِرَاحُ إِلَى نَوَافِذَ مُفْتَحَةٍ تَسْتَقْبِلُ النَّسِيمَ الْعَذْبَ الْقَادِمَ مِنْ أَرَاضٍ أَبْعَدَ مِنَ الذَّاكِرَةِ. تَعَالَيْ لِنَتْرُكَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ لَنَا لِنَمْنحَ لِلْعِشْقِ مَكَانًا آمِنًا وَلْيَتَسَاقَطِ الْمَطَرُ عَلَى قَلْبَيْنَا وَيَزْهَرَ فِيهِمَا النَّرْجِسُ بَعْدَ طُولِ جَفَافٍ. تَعَالَيْ نُفَرِّغُ الرُّوحَ مِنْ زُبَدِ الدُّنْيَا وَنتْرُكُ الْأَرْضُ تَنبتُ زُهُورًا مِنْ ضَوْءِ. تَعَالَيْ نَسْحَبُ أَيْدِينَا مِنْ بَحْرِ الظَّلَامِ لِيُصْبِحَ قَلْبُنَا سَمَاءً بِلَا غُيُومٍ. تَعَالَيْ نَكْسِرُ قُيُودَ الزَّمَانِ وَلْتَمُتْ أَصْدَاءُ الْمَاضِي كَمَا تَمُوتُ النُّجُومُ فِي لَيْلٍ بِلَا قَمَرٍ. تَعَالَيْ لِنَلْتَقِ بِذَاتِنَا الْأُولَى لِتُزْهَرَ حَدِيقَةُ رُوحِنَا أَزْهَارًا لَا ذُبُولَ لَهَا. تَعَالَيْ لِنَتَقَرَّبَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْقٍ أَبَدِيٍّ لَا يَمُرُّ عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَلَا تَطَأْهُ قَدَمَا الفَقْدِ. فَقَطْ تَعَالَيْ لِنَجِدَ أَنْفُسَنَا ثَانِيَةً، كَمَا يَجِدُ الْعُصْفُورُ فِي الرِّيَاحِ جَنَاحَيْهِ الْمَفْتُوحَيْنِ.

***

كريم عبد الله

 

في نصوص اليوم