نصوص أدبية
مجيدة محمدي: حياتي قَصِيرَة

ذرة غبارٍ في مَهبِّ الاحتمالات، أنا!
نقطةُ ضَوءٍ مُنْكَمِشَة في زجاجِ نوافذِ الأبَد.
أدركتُ متأخرًة أنّ حياتي قصيرة،
أنني لن أعيشَ بما يكفي
لأعرف كلَّ الفصول التي كتبتْها الريحُ على وجهِ البحر،
لأسمعَ كلَّ الأغنياتِ العالقةِ في فمِ الليل،
لأقرأ كلَّ الرسائلِ التي خبأها المطرُ في طياتِ العُشْب.
*
حياتي قصيرة،
أقصرُ من أن أنتظرَ اعتذارًا من الصمت،
أو وعدًا من الغدِ المتلعثمِ على أعتابِ المجهول،
أو تفسيرًا مُرضيًا لِكُلِّ الأسئلةِ الَّتي تَتَوالَدُ داخِلي كالنَّجُومِ في كَونٍ مُتَفَجِّر.
*
فماذا أفعلُ بهذا العمرِ القليل؟
بهذه الأوراقِ البيضاءِ التي لن أملأها؟
بهذه الأغنياتِ التي لن أُكْمِلَهَا؟
بهذه الأبوابِ التي لن أقرعها؟
بهذه الوجوهِ التي لن أعرفها، ولن تعرفني؟
*
حياتي قصيرة،
لكنّها كافية لأن أُشْعِلَ فَجرًا في عَيْنَيْ مَنْ يُحِبُّني،
كافية لأن أتركَ خلفي أثرًا يُشْبِهُ وَشمَ السَّمَاءِ على زُرْقَةِ المَاءِ،
كافية لأن أكونَ ظِلا يَحْفَظُ شَكْلَ الضَّوْء.
*
سأسرقُ لحظاتٍ من بين أنيابِ الزمن،
وأخبِّئُها في جيبي كقصاصاتِ شعرٍ مبتورة،
سأكسرُ ساعتي، وأمضي
في زقاقٍ لا يُفَرِّقُ بين الراحلينَ والعائدين،
وسأضحكُ بصوتٍ عالٍ
لأُخْبِرَ السماء أنني، ولو للحظة،
كُنتُ حَيًّة بما يَكْفِي.
***
مجيدة محمدي