نصوص أدبية
جودت العاني: صور عابرة!!
أولاً- صورة كالحة:
اطلت من فتحة الخيمة..
فأغمضت عينيها من سطوة ضوء الشمس..
غبار يلف الخيمة المهترئة، والشمس عمودية في وقت الظهيرة..
ومن بين ساقيها، ظهرت يد طفل يتعلق بثوبها البالي
دمعتان انسابت على خد الطفل وهو يونون (أووووو).
حفنة من رمال الصحراء صفقت وجهها المحمر لحد الاحتقان من الشمس ومن الغضب..
قالوا إنهم نازحون ..!!
ثانياً- صورة قاتمة:
ركن جسمه النحيل في ظل سيارة عاطلة ليستريح ويأكل مما تبقى من صمونة الفطور.. بنطاله شبه ممزق ويداه متسختان.
سألته صاحبة السيارة العاطلة، كم عمرك يا صغيري الأسطة؟
قال لها باستحياء .. احد عشر عاماً .
هل انت في المدرسة؟
كنت الى الصف الخامس وتركتها..
لماذا تركت المدرسة؟
أبي مات وأمي واخوتي الصغار يحتاجونني..
نظرت السيدة الشابه الى الاعلى .. غراب ينعق على سلك الكهرباء المنقطع على الدوام.. إنه صوت شؤم ..
هناك جيل يعمل في ورش التصليح، يكبرون دون شهادات .. مهنيون بدون شهادات، وربما عاطلون عن العمل .. جيش جاهل ..
قالوا: يخرجون جيلا جاهلا، ويتساءلون لماذا يزداد الفقر؟
(3) صورة مشوشة:
لا احد يستطيع النظر من وراء زجاج متسخ .. والإتساخ جملة من الأوضاع .. قد يكون غباراً وقد يكون إهمالاً وقد يكون تعمداً أو إزدراءاً أو حقداً أو موتاً بطيئاً .. أياً من هذه الأوساخ ألتصق بصطح الزجاج، الذي يراه البعض صافياً والبعض الآخر عكراً وأخرون يرونه إمعاناً في الخراب..
ينعق الغراب، على سلك مقطوع..
من يمسح الزجاج حتى يرى الأطفال والنساء والكبار
عالمهم الفسيح المشنوق ..!!
***
د. جودت العاني
20 / 11 /2024