نصوص أدبية

سنية عبد عون رشو: صانعة القلق

تغرق في بحر من الخرافة واللامعقول تلك المرأة التي تمتلك مسحة من جمال رباني.. لا تعرف مساحيق التجميل ولا تعيرها أهمية في حياتها تبدو كفتاة ريفية تحمل سحر الطبيعة رغم بلوغها عقدها الثالث.. لم تحصل على فرصة للتعليم سوى انها تجيد القراءة والكتابة..

لكنه أحبها وتعلق قلبه بهذه المرأة فهي تمتلك براءة طفلة أحيانا وأحيانا أخرى قد يصفها البعض بالسذاجة وقلة الادراك..

تعاني من نحافة معتدلة لكنها تعتبرها احدى منغصات حياتها اضافة الى مشكلتها الرئيسية والتي تؤرق مضجعها وتشعرها ان الحياة غير عادلة معها..

عدم قدرتها على الانجاب جعل منها متطفلة على شؤون الآخرين لكن زوجها يبدي لها حبه ويحاول ان يمحي من تفكيرها ضرورة هذه المسألة أو أهميتها لديه.. وقد آمن بهذه المقولة.. ان الذرية من الله سبحانه..

تبقى هي غريبة الأطوار.. وخصوصا في تعاملها مع جاراتها ربما لملء فراغها ولكن يبقى تدخلها الغير مبرر بمشاكلهن قد يغيظ مشاعر زوجها ويقلق روحه.. فقد تبرعت لجارتها بإحضار دواء لشيخ عليل عندهم.. (وللعمر متاعبه)..

جلبت له نبتة وتراهن بحماس وانفعال وتجزم انها علاجه الشافي.. تسترجع أنفاسها وتمضي في بيان قدسية هذه النبتة وان احدى النساء المباركات قد زرعتها بجانب نخلة مباركة ايضا وانها قد تجشمت عناء المسافة لتجلبها لهم وقد وجدتها فكرة رائعة لتقديم المساعدة لهذا الشيخ العليل الذي طالما كان يواسيها ويستمع لتكرار أحاديثها..

لكن الشيخ شعر بتوعك أشد من الأمس وغدت ساقاه غير قادرتين على حمله وكلامه أخذ يتباطأ.. ثم ضاقت أنفاسه..

وجدت نفسها على حافة هاوية وهي تتحاشى

ضربات النسوة الموجعة على أم رأسها في عزاء الشيخ..

يتأفف زوجها غضبا وهي تقص عليه الحادثة جملة وتفصيلا.. لكنه في النهاية ينفجر ضاحكا وهي تضمد جروحها وتتألم وتشعر بحرقة شديدة في عينيها.. تهرع الى باب دارها مرات عديدة.. للتأكد انهم لم يلحقوا بها..

اما قصتها مع جارتها الأخرى وصاحبتها المقربة فتبدو أشد غرابة من سابقتها..

كانت تواسي جارتها وتشاركها احزانها لخيانة زوجها لها الذي تزوج من امرأة أخرى متناسيا عهده القديم لها وقصة الحب التي جمعتهما وحبه لطفليه..

نصحتها هي ان تجمع أغراضها وتأخذ طفليها وتتوجه لبيت أهلها فهو لا يستحق ان تبقى معه..

قدمت نصيحتها لجارتها.. لكنها أحست ببرودة تسري في قدميها وشعرت بضربات قلبها أقوى من المعتاد..

أخذ الشك يداهم روحها هي الاخرى ثم يتسرب الى مسامات عقلها فيوحي لها بأفكار غريبة قاتمة بشأن زوجها هي.. يصاحبها القلق والأرق وهي تراقب تحركاته ورسائله واتصالاته تلفونيا وربما دفعتها هذه الشكوك ان تتبع خطواته خارج المنزل.. فربما يخونها هو الاخر ثم يتزوج من امرأة أخرى..

تقصد قارئة الفنجان ليطمئن قلبها.. وقد سردت لها كل القصة ومخاوفها على زوجها.. فما كان من قارئة الفنجان الا ان تستغل هذه المعلومات ولتخبرها ان فنجانها يحمل لها أخبارا سيئة وبأن زوجها قد تزوج فعلا بامرأة أخرى منذ زمن بعيد.. فتصاب بنكسة قلبية..

***

قصة قصيرة

سنية عبد عون رشو

في نصوص اليوم