نصوص أدبية
مصطفى علي: معالمُ السِرِّ الأبهى

أوْقدْ فوانيسَ القوافي في دمي
واهجرْ صقيعَ العابرِ اليوميِّ طقساً
موحشاً كجليدِ أوهامِ الجِدالْ
*
خاصمْ سَماديرَ الرؤى
واشعلْ بقلبي موقِداً يكوي
فُؤادَكَ أو فؤادي مثلما
يكوي النُهى جمرُ السؤال
*
أيّانَ بلْ كيفَ المولّهُ يَمّحي
حتى فناءِ الذاتِ في عِشْقِ المثالْ؟
*
ويغيبُ مندهشاً ومجذوباً
لِطيفِ الغامضِ المخفيّ
سكراناً بألغازِ القريحةِ والخيالْ
*
قلبي يُحدّثني بأنّهما معاً
ظَمَأٌ وُجوديٌّ بأعماقِ الورى
وَحَنينُهم أبَداً لِفُراتِ ماءِ الروحِ
في قلبِ الرِمالْ
*
سَفَرٌ سَماويٌّ على أجْيادِ عاصِفةِ
المَنايا والرؤى
وعلى جِيادِ الريحِ صاهِلةَ الخُطى
للغيبِ والمجهولِ
والسِرِّ المُحالْ
*
أُرْجوحةٌ سَكرى تَدلّتْ من عُرى أقدارِنا
مابينَ وَعْدٍ دائمٍ في سَرْمَدٍ
وَحَصادِ قَشٍّ زائلٍ
عَصَفتْ بهِ سُحُبُ النهايةِ والزَوالْ
*
أرواحُنا فَرْطَ التَواجُدِ
أطْلقتْ أسمائَهُ
مُتَجَلّياً وَ مُعانِقاً
أشواقَ من فازوا بِقُرْبٍ أو وِصالْ
*
ما كانَ مُطْلَقُها سِوى
أمَلٍ تَفَتّقّ من لظى أشواقِها
وَطَريقةٍ سِحريّةٍ للسائرينَ على الطريقِ يسوقُهم ضمأُ البرايا للكمالْ
*
لِيَعودَ من فَلَكِ الغيوبِ بيارِقاً
تقفو نِداءَ الحقِّ في سوحِ النِزالْ
*
هِيَ رحْلةُ العُشّاقِ في الأسفارِ
ما طالَ السُرى
لِيَضوعَ في الارواحِ فجراً سَرْمَديّاً
ذو الجَلالْ
*
لا تسألِ العُشّاقَ عن أسْفارِهمْ
وأسألْ سِهامَ الروحِ كم طاشتْ
وكم نَفَرَ الغزالْ
*
وإسألْ خُطى القيّافِ إن طال السُرى
كم ذابَ عشقاً حَدَّ قارعةِ التلاشي
في تلابيبِ الجمالْ
*
فَلَكم تَعلّلَ عاشقٌ بِسَرابِ قلبِ
البيدِ يَحْسَبُ موجَهُ
فَرْطَ الغرامِ وَجَمْرِهِ
ماءاً زُلالْ
*
لاتحْسَبنّ سرابَهُ وَهْماً إذا
ما صارَ يُنْبوعاً
تفجّرَ من ينابيعِ الخيالْ
*
فإذا الحقيقةُ أظهرتْ أنوارَها
للعارِفينَ بِسرِّها
هَتَكوا الحِجابَ وعانقوا
أثَراً تراءى كالظِلالْ
*
ياأيُّها الضلّيلُ حَسْبُكَ مُسْرِجاً
خيلَ الشكوكِ العادياتِ ضوابِحاً والمورياتِ على يقينِ الروحِ قدْحاً أو بَريقاً في متاهاتِ الضلالْ
*
سفري طويلٌ ليْتَ راحلتي وَعَتْ
أنّ التجاربَ رحلةٌ نحو البواطنِ والجوى
فيها تَكسّرت النِصالُ على النِصالْ
*
هل أدْركتْ كُنْهَ المسيرِ رَواحلي
هيهاتَ لو عرفت إذن
ما كانَ أدركها الهُزالْ ؟
*
هِيَ رحلةٌ أبَديّةٌ
أشواقُها كَدموعها لا تنتهي
حتى تلاقي الروحُ ما تَعِدُ الضّوالْ
***
د. مصطفى علي