نصوص أدبية
هادية السالمي: شتاء على كتفي
فراغ الغياب يُجدِّف فيه فؤادي ضُحًى
ولا بدرَ في الدرب يرتق ما جرّفته سياط الجوى.
وكلّ الأغاني تلاشت
وذاك العِطاف هوَى
وذاك الجدار الّذي كنتُ أسري إليه
قضى
وحطّ الشّتاء على كتفي
وشظّى العِصِيَّ.
*
تجاويف وجهي
يُجدِّف فيها غبار اللّظى
ويَغشى الدّخان سمائي
وفيها يئنّ الشَّظى
وفيها يرين السّديم
ويطغى الأسى
وهذي الغيوم تُشظّي قصيدي
وتُدمي يدي.
*
ثقيلا يجيء شتاء الحروف ولستَ معي
ولا شيء في الكلمات يُعطّر محبرتي.
ولا سقف يحرس دفء شهيقي وحنجرتي.
فأيُّ مجاز يُطرِّز للّيل أجنحة؟
ولستُ أرى برتقالا بغير ازرقاق أبي
وهذا الغياب يُرصّف في الصّدر أقفاصه.
نوافذ فجري تُغَلِّقها زفرات الغروب، أبي
فأيُّ مجاز به أفتح اليوم للنّور بابا يُدفِّئني؟
أفتّش في الدّار عن وجه أغنية كنتُ ألمسها
فيهمي السّراب على مقلتيَّ كثيفا،
ويرغو الصَدى.
ولا نغمَ اليوم يُو قظ فيَّ الطّفولةَ
أو فيْأَها
ولا عنب اليوم يكتبني
في وميض السماوات أو ريشها.
وأسأل عشب الحديقة عنك،
فلا يبسم.
ويهطل منه سواد
يُغشّي الأديم فينتحب
ويختضّ بين يديّ ترابٌ جَفَته خُطاك
فما التأم.
*
ثقيلٌ، جُؤوم الشّتاء على معصمي، أبتي،
ولستُ أفيق لأقطف نورا يُحدِّثُني.
فيا ليت نجما يجيء إليَّ ويوقظني.
وإنّي لأدعو الّذي علّم الطّيرَ مَغْنَى الهدى
أن يُغيث الفؤاد بنور السّلام
وفيض التّقى
وإنّي لأدعو الرّحيم
يُفيضُ رضاه عليك، فترضى.
***
بقلمي: هادية السالمي دجبي - تونس






