نصوص أدبية
جمال مصطفى: ولَدُ الغُبارِ السَهْرَضَوْئِي
مَنْ ذاكَ؟
كانَ السَهْرَضَوءُ يَدُقُّ أخرَسَ
كالنهارِ على فَضايْ
أعشى وقَفْتُ أمامَهُ، قَدَحي تَلَعْثَمَ
والنهارُ بَنَفْسَجٌ غَطّى رؤايْ
وسمعْتُ كيفَ تَغَنَّجَتْ لُغتي أمامَ السَرَضَوَءِ بِلا إزارِ
حتّى كأنَّ أُنوثَةً هطَلَتْ على وَلَدِ الغبارِ
لا نوْمَ جاءَ السَهْرَضَوْءُ:
أميرُ أجراسي وبابُ الفجْرِ في روحي
وعاصِمةُ الصَهيلِ
والسَهْرَضَوءُ: مَضارِبُ التَعَبِ البَهِيِّ
على ضفافِ المُسْتَحيلِ
لا نومَ وشمُكِ غاطِسٌ والليلُ صافي
لا نومَ يا سجّادةَ الأعماقِ أنْزِلُ طافحاً والقلبُ حافي
وَلَدٌ بِلا هُدُبٍ على أسرارِهِ أغضى يَدَيْهْ
عبرَتْ قناطِرُ لَمْ يُكَفْكِفْها
فَلَمْ تَعْبرْ وما بَرِحَتْ تُعانِقُ ضفَّتَيْهْ
سألوا الخُطى عنْهُ فَحارَتْ، ما تَقولُ
قالتْ لَهُمْ سَكَتَتْ وأرْبَكَها الفُضولُ
دَسَّ النخيلَ
ودَسَّ نَهْراً لِلْنَخيلِ
وزَرَّرَ الجَيْبَ المُطَهَّمَ بالجنوبِ
ومَضى: قطيعُ ذُنوبِهِ بَجَعٌ تَلَثَّمَ بِالغُروبِ
أحبو وكوخُ حرائقي يَحْبو معي
والأرضُ يا أمّي جَبَلْ
وحْدي على السَفْحِ الذي تَخْشينَهُ
أحبو لأقْتَنِصَ الحَجَلْ
آنائِيَ اصْطَبَغَتْ بِتُوتِي إذْ يُلَطِّخُ كُلَّ وادْ
كَمْ همْتُ أشعَثَ
هل سَفَكتُ سوى دماءِ التوتِ تَقطرُ
كَيْ تَشي بي أينَ رُحْتُ كأنّها أثَرُ الجَوادْ
وتَصَبَّبَتْ روحي جنوباً في الشمالِ تَصَبَّبَتْ روحي قُرى
ولَدُ الغبارِ أنا هناكَ عُيونُهُ مَطَرٌ وشَهْقَتُهُ ذُرى
زرقاءَ مِن خَلَلِ الغُبارِ يَظُنُّها اكْتَمَلَتْ مَدائِنُهُ الرُخامُ
ولَدٌ ويَنْهَدِمُ الكَلامُ
سَيُجَوْسِقُ الفوْضى ويَقترفُ اليَنابيعَ الكحيلَةَ كُلّما
خَلَبَتْهُ باديةٌ بَتولْ
وتَبَجَّسَتْ خطواتُهُ طُرُقاً يُكاشِفُها ويَزْهدُ في الوصولْ
يا ليتَ لَيْتَ السَهْرَضَوْءَ يُقيمُ عنْدي
أوراقُ غاباتي سَتَتْبَعُهُ إذا يَمْضي
وغِبْطَتِيَ اللعوبُ ولا يَظَلُّ هنا سوى
ولَدِ الغبارِ السَهْرَوحْدي
***
جمال مصطفى
1986