شهادات ومذكرات
فالح الحمــراني: من وجوه الآدب الروسي المعاصر: رومان سيتشين

رومان سينتشين (1971) أحد كتاب القصة الروسية المعاصرة المشهورين على الساحة الأدبية الروسية المعاصرة وهو أيضا يكتب في النقد ويمارس الموسيقى. ويندرج من بين موجة أدباء ما بعد البيريسترويكا الذين ينتمون إلى تياريطلق عليه: الواقعية الجديدة المعارض لتيار ما بعد الحداثة الذي طغى على الآدب الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق وغياب مدرسة الواقعية الاشتراكية والرقابة على النشر.
ولد في كيزيل، جمهورية طوفان السوفييتية ذاتية الحكم ، في عائلة من الموظفين المدنيين. بعد الانتهاء من المدرسة، واصل تعليمه في لينينغراد ، ثم قام بخدمته العسكرية النشطة في جمهورية كاريليا .وفي عام 1993، وبسبب تدهور العلاقات العرقية في الجمهورية، غادرت عائلة سينتشين كيزيل وانتقلت إلى إقليم كراسنويارسك ، حيث بدأوا في الزراعة. في أوائل تسعينيات القرن العشرين، عاش رومان سينتشين بالتناوب بين أباكان ومينوسينسك ، حيث عمل كموظف في مسرح مينوسينسك، وبواب ، ومحمل . في عامي 1995 و1996، ظهرت أولى قصص سينتشين في الدوريات المحليةنشرت أولى قصصه في موسكو في مجلة " ناش سوفريمينيك ". ودرس من عام 1996 إلى عام 2001، في المعهد الأدبي المين باسك مكسيم غوركي.
في عام 2009، دخلت رواية "يلتيشيف" القائمة المختصرة للجوائز الأدبية " الكتاب الكبير "، و" البوكر الروسي "، و" ياسنايا بوليانا "، و" الأكثر مبيعًا على المستوى الوطني "، وحصلت على العديد من المراجعات النقدية. في عام 2011، تم إدراج رواية "يلتيشيف" في القائمة المختصرة لجائزة بوكر العقد الروسية
في عام 2012، حصل على جائزة الحكومة الروسية، وفي عام 2015، حصل على جائزة الكتاب الكبير الثالثة عن رواية (منطقة الفيضانات)، وفي عام 2017، حصل على جائزة كاتب القرن الحادي والعشرين في فئة النثر (عن كتاب التوتر المستمر) موسكو: إكسمو، 2017.
وعادة ما يكون رومان سينتشين هو الشخصية الرئيسية أو النموذج الأولي في روايته، واستقبل النقاد أعمال سينتشين بتقديمات متناقضة فالبعض يدرجه ضمن أفضل كتاب القصة المعاصرة التي تستمد أصولها من الأدب الروسي الكلاسيكي، لما تتميز به أعماله من لغة دقيقة وتتناول الواقع الروسي من دون بالوان تخدش الذوق الحساس وترسمه بكل ما فيه من قسوة تبلغ أحيانا حد الوحشية، يرى آخرون بأنه يتعاطى مع الواقع بمباشرة وسطحية مفضوحة ودون الغوص في ما بعد السطح.
وأقدم للقارئ قصته القصيرة "لحم"، كما ترجمتُ له قصة " عالق في الإنترنت" في مجموعة "مختارات من القصة الروسية المعاصرة" التي صدرت عن دار مشروع كلمة في أبو ظبي. تتناول قصة لحم عسف رجال إنفاذ القانون حين يلتقطون المهمشين والمشردين والمفوضين اجتماعا لتسليمهم لرجال الأعمال لاستغلالهم كادي عاملة مجانية، أي تحويلهم لعبيد... القصة من مجموعته؛ "يوم بلا تاريخ".
لحم
عند اقتراب المساء يخيل كان يوم أربعاء، وصلت حافلة من نوع "جاز" ذات قمرة، لإحدى محطات سكك الحديد مثل هذه الحافلات عادة ما تكون لدى مصلحة العطب الفني لدورات المياه والغسل ومراكز إعادة الصحوة للسكارى...
وهبط من الكابين شخصان ببدلة رجال إنفاذ القانون. ومن القمرة شخص ثالث، يلوح انه زميل لهم. وكان بحوزة ملازم أول، جهاز اتصال لاسلكي، وجراب مسدس، ولدى الأخرين هراوات وكتافيه نائب عريف. دخلوا قاعة الانتظار في المحطة. وكان هناك حشد كبير من الناس في القاعة الكبيرة ومطاعم الأكلات الخفيفة وعند نوافذ بيع التذاكر. وكانت الموسم نهاية صيف والناس يتنقلون بكثافة.
وأول من اخذوا عجوزا مستلقيا بين مقاعد الجلوس بمعطف اسود رث، وقد غمر راسه ووجه شعر ابيض طويل. ساقوه الى القمرة
ومن ثم اخذوا من المراحيض المجانية رجلين جلسا عند المغسل يدخنان، لم يقاوما وسارا خلفهم بكسل نحو الحافلة. وفي الطابق الثاني، عثروا عند كشك بيع الجرائد والمجلات، على امرأة تركمانية (أو طاجكية ويمكن إن تكون أوزبكية) بمعية ابنها البالغ 6 أو 7 سنوات، أمروها بإظهار وثائق ثبت الهوية، فظهر أنها لا تمتلك إي وثائق شخصية. فساقوها.
ومن الطابق الثاني أيضا اخذوا شخصا مخمورا. لم يعثروا بجيوبه على أي شيء ثمين أو ذات قيمة ولا وثائق ثبت الهوية.
وعند الرصيف رقم 3 احتجزوا جامعة قناني زجاجية، من الواضح إنها متشردة، وساقوها الى الحافلة. ولاح لهم إن سبعة أشخاص يكفي.
اشتغل محرك الحافلة وغادرت محطة سكك الحديد.
ودارت الحافلة طويلا في المدينة ومن ثم بلغت نهايتها باتجاه الجنوب الشرقي، ومرت بعدة مناطق سكنية مهيئة للهدم، ولكن مازالت هناك أكواخ خشبية، ومرت الى جانب مستودعات وزارة التجارة المهملة وصعدت جسرا عبر نهر، وعقب حوالي خمس دقائق وصلت إلى بوابة مصنع الجلود الحيوانية " الفرو الذهبي".
***
د. فالح الحمــراني