ثقافة صحية

ثقافة صحية

محمد مسلم الحسينيحمل وباء كورونا الجديد" كوفيد19" تداعيات نفسيّة محسوسة بسبب مخاوف مركبة عند البشر تباينت تأثيراتها وشدتها بين البلدان والأفراد، فالبلدان التي تأثرت بشدة بهذا الوباء وأصبحت بؤرا له حازت على الباع الطويل بهذا الشأن، والأفراد الذين تعرضوا بشكل مباشر أو غير مباشر للوباء هم الأكثر تأثرا بمضاعفات الوباء النفسيّه من غيرهم. أهم ملامح هذه التداعيات النفسيّه المسجّلة هي الزيادة الواضحة في حالات القلق النفسي والكآبة وإضطرابات النوم، فقد بيّنت شركة أدوية "إكسبريس سكريبتس" الأمريكيّة مؤخرا ومن خلال تجربتها الخاصة بأن هناك زيادة ملحوظة في إستهلاك الأدوية المخصصة لهذه الإضطرابات النفسيّة تقدر بـ"34" بالمائة من المعدلات الإستهلاكيّة المعهودة !

رغم أن جميع البشر يشتركون في قلقهم إزاء هذا الوباء الجديد الغريب في خصائله ومميزاته والذي أثبت سرعة إنتشاره وإمكانية فتكه بصحة الإنسان وبمصادر عيشه، فأن"45" بالمائة من الأمريكيين يعتقدون بأن القلق من جراء وباء كورونا أثّر سلبا على حالتهم النفسيّه والعقليّة بشكل ملحوظ، حسبما جاء ذلك في إستطلاع أجرته مؤسسة " كيزر فاميلي" الأمريكيّة مؤخرا. التأثيرات السلبيّة على النفس لهذا الوباء الإستثنائي تتزايد يوما بعد يوم في ظل غبش الرؤيا للمستقبل وفقدان الثقة بوجود علاج حاسم يشفي المرض أو لقاح أكيد متوفر يمنع إنتشاره، فالكل يشعر اليوم بغياب الحصانة على الصعيد الصحي والمعاشي على المدى المنظور في أقل تقدير!

أهم الأسباب الصانعة للتداعيات النفسيّه لكوفيد19 عند الناس تتلخص بالعوامل والأمور الرئيسيّة التالية:

أولا: القلق من الإصابة بالمرض،  نصف الخائفين من تداعيات الوباء يشعرون بالخوف من الإصابة بالمرض و "62" بالمائة من هؤلاء يقلقون على شخص قريب لهم قد يكتسب العدوى والمرض، حسبما صرّحت به جمعيّة الطب النفسي الأمريكيّة. القلق من إمكانية حصول العدوى يكون متزايدا وملحوظا عند الأشخاص الذين يعملون في الخطوط الأماميّة وعلى تماس مباشر مع المرض كالأطباء والممرضين والعاملين في المستشفيات والأسعاف والطوارىء. هؤلاء ليس فقط يعانون من خوف العدوى وإمكانية حصول المرض لديهم فحسب، وإنما يعانون أيضا من ضغوطات مركبة كإرهاصات ما يرون من معاناة المرضى وزيادة عددهم والخسائر الملحوظة في الأرواح من جهة، والجهد الإستثنائي بسبب الزخم الهائل من المرضى الذي قد يجرهم الى الحرمان من الراحة والنوم ومن الإلتقاء بأهلهم وذويهم من جهة أخرى !

ثانيا : الحجر الصحي والمنزلي، التباعد الإجتماعي بين الناس ومنع الإحتكاك بالآخرين مع فراق  الأصدقاء والأحبّة، أثّر ويؤثر سلبا على التوازن العاطفي للإنسان، فالإنسان إجتماعيّ في الطبع وفطرته تحتّم عليه تواصله مع مجتمعه وأهله، فإبتعاده عنهم قد يحمل آثارا سلبيّة على مزاجه وحالته النفسيّة وتفاعلاته العامة. كما يعني الحجر أيضا عزل المرء عن إلتزاماته وهواياته ومواقع أنسه ومتعته، فمنعه من مواصلة أداء شعائره الروحيّة وزيارة أماكن العبادة، ومنع مشاركاته بالأعراف الإجتماعيّة من أفراح وأتراح، أومن ممارسة الرياضة والنزهة أو دخول النوادي ودور السينما أو غيرها من أماكن ثقافية وترفيهيّة، يجعله  يشعر بنقص حاد في مساحة حريته ومتعته. هذا النقص الحاد غير المعوّض قد يدفع المرء لإقتراف أمور قد تسيء للذات أو للغير، فلابد من ملأ هذا النقص وتعويضه خصوصا عند من يشكو من هشاشة في التحمل والصبر. لقد بيّنت الدراسات بأن الحجر الصحي والمنزلي له سلبيات على تصرفات الناس وأفعالهم، حيث لوحظ في فرنسا، على سبيل المثال وليس الحصر، أن النزاعات العائلية أرتفعت في الأسبوع الأول من الحجر المنزلي الى أكثر من"30" بالمائة عن معدلاتها. كما لوحظت زيادات محسوسة في الإقبال على الأكل بشراهة، وإرتفاع واضح في حدة المزاج وإسراف في التدخين وفي تناول الكحول. كما بينت الدوائر المختصة بشكاوي المواطنين زيادة غير مسبوقة بعدد المكالمات الهاتفية من أشخاص يشكون من حالات الإعتداء والقلق والضجر والملل والكآبة وصعوبة النوم وإضطراباته، كما بينت الإحصاءات الرسميّة زيادة ملحوظة في نسب الإنتحار!

ثالثا : الإنكماش الإقتصادي والعوز المالي، أحدث كوفيد19 دمارا واضحا في إقتصاديات العالم أجمع وأدى الى خسائر ماديّه تتفاوت في فداحتها حيث لم يسلم أيّ ركن من أركان المعمورة منها ! فإزدادت البطالة وتوقفت السياحة وتراجع السفر، تضررت الشركات بمختلف أحجامها وأشكالها، تهاوت البورصات وتهاوت البلدان معها على هاوية الإنكماش الإقتصادي والكساد، فتفاقمت الديون الماليه على الدول وتقلّص الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المتضررة، وهكذا فقد الكثير من الناس أو كادوا أن يفقدون مصادر رزقهم وعيشهم. في ظل غموض الموقف وغياب النور في نهاية النفق تبقى الأمور معلقه وتبقى الشكوك سيّدة الموقف طالما لم يُكتشف لقاحا أكيدا أو دواءا شافيا لهذا الوباء الجاثم على صدور الأمم، ويبقى القلق على المستقبل المعاشي وتبقى كآبة الخسائر الماديّة وإنعدام الأمان والأستقرار، مصادر أكيدة للإضطرابات النفسيّة التي يعاني منها البشر هذا اليوم.

رابعا: مضاعفات الإصابة بالمرض، بيّنت البحوث والدراسات الأوليّه بأن وباء كوفيد19 له خصائل إستثنائيّة وغريبة، سواء أكان هذا على مستوى طبيعته وطبيعة إنتشاره السريعة أو على مستوى خواص خيارات إصابته للبشر على مختلف أجناسهم وأعراقهم وأعمارهم. فهو قد يميّز بالإصابة على أسس الجنس والعمر وفصيلة الدم وطبيعة أعراق البشر وربما الوانهم! وفوق هذا وذاك فأعراضه المرضيّة أيضا تختلف من فرد لآخر، فمن الناس من لا يشعر به ولا يحس فيه، ومنهم من تظهر عليه علامات سطحيّة لا تكاد تذكر ومنهم من يكون قاب قوسين أو أدنى من الهلاك والموت ! ميكانيكيّة المرض في حالاته الخطيرة لها أوجه عديدة ومختلفة أيضا، فقد تحصل من جرائه إلتهابات شديدة في الرئه، قد ينتج عنها فشل التنفس أو قد تحصل تجلطات دمويه تنتشر في أوعية الدم وتصيب أعضاء حساسة من الجسم أو قد تفشل أعضاء حيوية أخرى من جراء سمومه وتأثيراته الخطيرة كفشل الكلى مثلا، وقد تحصل عاصفة السايتوكين التي قد تدمر أعضاء حيوية من جسم الإنسان كالكبد أو غيره عند البعض الآخر.

المضاعفات النفسيّه أو العقلية التي قد تنتج جراء الإصابة تختلف في درجتها وتأثيرها من فرد الى آخر. حالة الكآبة بعد المرض تظهر في كثير من الأحيان عند المرضى الذين يتعافون من الأنفلونزا الموسمية العادية، فقد تكون الكآبة ضمن الأعراض التالية بعد الشفاء من وباء كوفيد19 كونه نوع من أنواع الأنفلونزا. كما أن التجلطات الدموية التي يمكن أن تحصل في الدماغ عند البعض من جراء المرض قد تخلف آثارا عصبية وعقلية عند المريض حين شفائه من الوباء. السموم التي يفرزها الفايروس في داخل جسم الإنسان قد تؤثر على الجهاز العصبي بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا قيد البحث حيث يتطلب الموضوع دراسات مستفيضه كون أن المرض جديد وغير معروف سابقا. فوق هذا وذاك فللصدمة النفسيّة الحاصلة بسبب التعرض للإصابة بكوفيد19 أثرا لا يستهان به على المرضى، لأن هذا الوباء أحدث مخاوفا كبيرة عند الناس بسبب قابليته على الفتك بصحتهم، فصار كابوسا وعنوانا مخيفا للجميع. هذه الصدمة النفسيّه من جراء الإصابة قد تكون لها مردودات عكسيّه على نفسيّة الإنسان وعلى مزاجه حتى بعد تعافيه وشفائه، حيث تستحق الحالة البحث والمتابعة. على ضوء ما تقدّم شرحه يمكننا القول بأن معالجة التداعيات النفسيّه الناشئة عن الوباء تبدأ بمعالجة أسبابها قبل كل شيء، وتنتهي بمتابعة المتأثرين بها ومراقبتهم وليس بمعالجة الأعراض المرضيّة النفسيّة فقط .

 

د. محمد مسلم الحسيني

أخصائي علم الأمراض

 

 

1450 عبد العاليتوقع الباحثون أن أزمة كورونا ليست في طريقها للحل في الوقت الراهن خاصة في ظل عدم توفر لقاح، عدا عن أن المعلومات المتاحة حتى الآن عن الفيروس ليست كافية للتنبؤ بسلوكه مستقبلاً؛ مما يفرض علينا تقبل الأمر الواقع وضرورة التعايش مع هذا الفيروس.

وسواء أكنت تعيش في بلد تضربه الجائحة، أو في بلد بدأت برفع القيود المفروضة على الحركة والعودة للحياة شبه الطبيعية، عليك أن تأخذ بعين الاعتبار أن هذا الفيروس لا يزال موجوداً بيننا، وبالتالي هناك إمكانية لحدوث موجة ثانية من الوباء في أي وقت.

عادات جديدة ومجتمع جديد

نحن اليوم أمام تحدٍ كبير لضرورة إحداث تغيير جذري في نمط حياتنا واستبدال عادات اجتماعية بأخرى مغايرة للتقليل من فرص انتقال العدوى وذلك في ضوء شعار جديد لم نألف عنوانه: التباعد الاجتماعي طريق الخلاص.

من العادات الجديدة التي تفرضها طبيعة المرحلة ضرورة التخلي عن عدد من الطقوس العربية في المصافحة والتقبيل والأحضان، كما ضرورة الحفاظ على مسافة المتر فأكثر بين الأشخاص.

ويبدو أن صديقنا كورونا قد بدأ فعلاً يغير من عاداتنا، فاليوم أصبح من المقبول جداً أن نبادر بالسلام بدون أن نقترب أو نمد يدنا بالمصافحة. وقد أكد أنتوني فاوتسي رئيس المعهد الوطني الأمريكي للأمراض المعدية والمناعة لصحيفة وول ستريت جورنال: "لا أعتقد أنه يتعين علينا من الآن فصاعداً المصافحة باليد أبداً".

وبات مد اليد للمصافحة بمثابة تهديد للأشخاص و دعوة لنقل الأمراض إليهم.

كما بات تعقيم الأيدي والابتعاد الجسدي جزء من الثقافة المجتمعية السائدة حول العالم.

من بعض إيجابيات كورونا، عودة الترابط الأسرى في البيوت، وتقديم العائلة والأشخاص المقربين على العلاقات السطحية العابرة. كما أن الطهي المنزلي أصبح البديل الصحي لتناول الوجبات السريعة في المطاعم والشوارع، ليس فقط من ناحية توازنها الغذائي ولكن أيضاً لكونها مصدراً آمناً بعيداً عن امكانية انتقال الفيروس الملعون. كما ظهرت أهمية إلغاء بعض العادات الشعبية، خاصة ضرورة عدم مشاركة الآخرين أدوات الطعام والشراب.

وبدأ الناس بالتعود على عدم وضع اليد على الوجه، وتجنب لمس مقابض الأبواب واستعمال النقود الورقية قدر الإمكان وتفعيل الوسائل الإلكترونية في الدفع. وأصبح الناس أكثر تمسكاً ببعض العادات التي باتت من البديهيات. كاستعمال المناديل الورقية عند العطاس والسعال، وتكرار غسيل اليدين بالماء والصابون لمدة عشرين ثانية على الأقل والاستحمام اليومي بعد العودة من العمل. كما أصبحت الكمامة الزامية في كثير من الدول، ولا بد من ارتدائها في الأماكن العامة والمواصلات والأسواق لحماية الآخرين والحد من انتشار العدوى. وتعتبر الكمامات القماشية خياراً اقتصادياً من ناحية إعادة استخدامها أكثر من مرة بعد تعقيمها بشكل جيد. كما ضرورة غسيل الملابس والمناشف والكمامات القماشية على درجة حرارة تتراوح ما بين 60 و90 لتعقيمها.

وتظهر أهمية قضاء الجزء الأكبر من وقتنا في المنزل وعدم الخروج منه إلا للعمل والضرورة فقط. ويبدو أننا سنضحي بالكثير من وسائل الترفيه والتواصل المجتمعي المباشر والتحول إلى الطرق الافتراضية البديلة.

 

مرض الكوفيد-19 والأمراض المزمنة

يجب أن يكون الاهتمام بجودة الصحة ونمط الحياة اليوم على قائمة أولويات الأنظمة الصحية حول العالم، فهناك أدلة على أن غالبية الأشخاص الذين ينتهي بهم الأمر في المستشفى أو في غرف العناية المركزة يعانون من حالات طبية مزمنة، وقد أظهرت إحدى الدراسات أن 89٪ ممن أدخلوا المستشفى في الولايات المتحدة لديهم حالة واحدة على الأقل من الحالات التالية: ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري من النمط الثاني، البدانة والأمراض التنفسية المزمنة. وأظهر تحليل للبيانات أصدرته هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة أن نسبة 73 ٪ من أدخلوا إلى وحدات العناية المركزة يعانون من زيادة الوزن.

هذه البيانات تدق جرس الانذار إلى أنه قد حان الوقت للبدء جدياً بالاهتمام بنمط الحياة الصحي سواء على مستوى الأفراد أو الدول، ليس فقط للوقاية من أمراض القلب والسكري ولكن أيضاً للوقوف في وجه الفيروس الذي يهدد البشرية اليوم.

يواجه العالم اليوم أكبر جائحة في العصر الحديث لم تكن أكثر الدول تقدماً جاهزة لمجابهتها. هذه الجائحة فضحت وضع الأنظمة الصحية ونقص الاستثمار من قبل معظم البلدان المتقدمة في مجال الطب الوقائي للتعامل مع الأوبئة والحد من انتشار الأمراض المزمنة من خلال أنماط الحياة الصحية.

ويبقى الحفاظ على الصحة المثلى وتنظيم عمل جهاز المناعة هو أهم وسائل دفاعاتنا ضد الوباء حتى يتوفر اللقاح.

ترتكز وسائل تحسين جودة الصحة ودعم عمل جهاز المناعة على ثلاثة أركان أساسية هي: الغذاء-الحركة- الراحة.

1- النظام الغذائي:

 

من المعروف أن الغذاء الصحي المتوازن الغني بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة له دور كبير في انقاص عوامل الخطورة في حدوث الأمراض المزمنة وتنظيم عمل جهاز المناعة. ويبدو أن للفيتامين D دوراً كبيراً في دعم مناعة الجسم، اضافة إلى أهمية تناول كميات كافية من فيتامين C والزنك. وتظهر دراسة حديثة على أن نسبة الوفيات بين المرضى المصابين بمرض الكوفيد-19، تكون أعلى عند الأشخاص ذوي المستويات المنخفضة من فيتامين D . وينصح بتناول مكملات فيتامين D كوقاية خاصة في حال نقص التعرض لأشعة الشمس.

ولتقوية وتنظيم عمل جهاز المناعة: تناول الأطعمة الكاملة الحقيقية كالخضروات والفاكهة والمكسرات والبقوليات والأسماك والدهون الصحية وقلل من تناول الأطعمة المعالجة والمصنعة قدر الامكان.

2- اللياقة البدنية:

تفرض ظروف الحجر المنزلي أهمية التركيز على ممارسة التمارين الرياضية المنزلية أو المشي في الهواء الطلق للوقاية من البدانة والسكري وأمراض القلب والضغط النفسي.

تضيف الرياضة سنوات إلى صحتنا وجودة حياتنا، وترتبط ممارسة الرياضات الهوائية وتمارين التنفس بتحسين لياقة الجهاز التنفسي. اضافة إلى أن الجلوس المديد يؤدي إلى كثير من المشاكل الصحية خاصة مع ضعف العضلات وتفاقم مشاكل الظهر والمفاصل و ركود الدم في الأوردة والشرايين.

3- الإجهاد والضغط النفسي:

إن ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول الذي ينتج عن الضغط النفسي يضعف عمل جهاز المناعة، حيث يمكن للاجهاد المزمن والسترس أن ينقص من عددالخلايا اللمفاوية المقاومة للانتانات. 

مارس الاسترخاء والتأمل، وحاول الحصول على قسط كاف من النوم الجيد، اضافة إلى ضرورة تناول المغذيات الضرورية الغنية بفيتامينات ب والمغنزيوم لمعالجة آثار التعب والضغط النفسي.

إن تحسين نمط الحياة وتعديل نظامنا الغذائي لا يقضي على الفيروس، ولكنه يقلل من خطر حدوث المضاعفات الخطيرة ويقلل من نسبة الوفيات؛ كما يساعد أيضاً في التعافي السريع من المرض.

هذه التغيرات في نمط حياتنا الصحي، يجب أن تسير يداً بيد مع اجراءات الوقاية من انتقال العدوى لإدارة الأزمة الكورونية في المرحلة المقبلة.

 

د. منى كيال

د. محمد فتحي عبد العال

 

 

كثيرا ما نسمع عن وجود سلالات لفيروس كورونا المستجد. الجواب نعم توجد سلالات ولكن ذلك يثير بعض اللغط لعدم وضوح معنى سلالة فايروسية خصوصا باللغة العربية. ادناه هو ما نعرفه حول موضوع الفيروسات التاجية والسلالات (strains, variants, mutants).

كم عدد الفيروسات التاجية الموجودة؟

لم تظهر الفيروسات التاجية في الآونة الأخيرة، فهي عائلة كبيرة من الفيروسات التي كانت موجودة منذ فترة طويلة. كثير منها يمكن أن يصيب الناس عن طريق التنفس أو السعال. قبل تفشي السارس- كوف -2 (SARS-Cov-2) كان يُعتقد أن الفيروسات التاجية تسبب فقط التهابات خفيفة في الجهاز التنفسي عند المصابين.

يعد فيروس كورونا المستجد واحدًا من عدة فيروسات معروفة بإصابة البشر. ربما كانت موجودة لبعض الوقت في الحيوانات. في بعض الأحيان، ينتقل فيروس موجود في الحيوانات إلى البشر. هذا ما يعتقد العلماء أنه حدث مع هذا الفيروس. لذلك هذا الفيروس ليس جديدًا على العالم، ولكنه جديد على البشر. عندما اكتشف العلماء في السنة الماضية أنه يسبب مرضا خطيراً، أطلقوا عليه اسم فيروس كورونا المستجد.

أنواع الفيروسات التاجية البشرية

قسَّم العلماء الفيروسات التاجية إلى أربع مجموعات فرعية، تسمى ألفا، وبيتا، وغاما ودلتا. سبعة من هذه الفيروسات يمكن أن تصيب الناس، منها:

- ميرس-كوف، فيروس بيتا يسبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرز)

- سارز كوف، فيروس بيتا يسبب متلازمة تنفسية حادة شديدة (سارز)

- سارس-كوف-2 الذي يسبب كوفد -19

لماذا تتغير الفيروسات

تحتوي الفيروسات التاجية على مادتها الوراثية في ما يسمى رنا (حامض الريبوزي RNA). وهذا الحامض لديه بعض أوجه التشابه مع الحامض النووي الديوكسي رايبوزي (DNA) ، لكنهما ليس متشابهين تماما.

عندما تصيبك الفيروسات، فإنها تلتصق بخلاياك، وتدخلها، وتصنع نسخًا من الحامض النووي الريبوزي الخاص بها، مما يساعدها على الانتشار. إذا كان هناك خطأ في عملية النسخ، يتم تغيير الحامض النووي الريبوزي. يطلق العلماء على تلك التغييرات بالطفرات.

تحدث هذه التغييرات بشكل عشوائي وعن طريق الصدفة. إنه جزء طبيعي مما يحدث للفيروسات لأنها تتكاثر وتنتشر.

إذا كان للفيروس تغير عشوائي يسهّل إصابة الأشخاص ويسهّل انتشاره، فإن هذه الطفرة (المتغيرة) ستصبح أكثر شيوعًا.

خلاصة القول هي أن جميع الفيروسات، بما في ذلك الفيروسات التاجية، يمكن أن تتغير بمرور الوقت. يطلق العلماء على النسخ المختلفة قليلاً بالسلالات الجديدة.

سلالات فايروس الكورونا المستجد

نظرًا لأن التغييرات عشوائية، لا تحدث بالعادة تغيير يذكر في صحة المصاب. لكنه في أوقات أخرى، قد تسبب المرض. على سبيل المثال، أحد أسباب احتياجك للقاح جديد للأنفلونزا كل عام هو تغير فيروسات الإنفلونزا من عام إلى آخر. فلربما لم يكن فيروس إنفلونزا هذا العام هو نفس الفيروس الذي انتشر العام الماضي.

تأتي نظرية وجود سلالات مختلفة من فيروس كورونا المستجد من دراسة أجريت في الصين. كان الباحثون يدرسون التغييرات في الحمض النووي الريبوزي مع مرور الوقت لمعرفة كيفية ارتباط مختلف الفيروسات التاجية ببعضها البعض. قاموا بفحص 103 عينات من فيروس كورونا المستجد الذي تم جمعه من المصابين، وقارنوها بالفيروسات التاجية من الحيوانات. اتضح أن الفيروسات التاجية الموجودة في البشر ليست كلها متشابهة. كان هناك نوعان، أطلق عليهما الباحثون "L" و "S". إنها متشابهة جدًا، مع اختلافات طفيفة في مكانين على الحامض الرايبوزي. يبدو أن النوع "S" جاء أولاً. لكن العلماء يقولون إن النوع "L" كان أكثر شيوعًا في وقت مبكر من تفشي المرض. لازلنا نحتاج إلى المزيد من البيانات لمعرفة حقيقة ما تعنيه هذه السلالتين بالنسبة للإصابة بالمرض.

بعد ذلك درس باحثون في جامعة كمبردج أسلوب تفشي الفيروس الأصلي وظهور المتغيرات الجديدة من خلال الطفرات الجينية وانتشارها من الصين واسيا والى استراليا واوربا وامريكا الشمالية، حيث تبين لهم وجود متغيرات ثلاثة، سميت "A" و "B" و "C"، وبالرغم من تميزها لكنها كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا ببعضها.

المتغير "A" هو النوع الأكثر تشابهًا مع السلالة الاصلية لتفشي المرض- أي النوع الذي وجد في الخفافيش والبنغولين في ووهان. يشير البحث إلى أن السلالة "B" مشتقة من "A"، ومفصولة عنها بطفرتين، بينما تكون "C" في ذلك الوقت "ابنة" "B". تم التوصل الى هذه البيانات باستخدام عينات مأخوذة من جميع أنحاء العالم بين 24 كانون الاول 2019 و 4 مارس 2020. وباستخدام خوارزمية رياضية لتشخيص جميع الفروع في شجرة انتشار المرض.

وظهر ان النوع "A" هو الأقرب إلى الفيروس في موقع انتشار الوباء الأصلي والى الفيروس الموجود في الخفافيش، بالرغم من انه ليس الأكثر انتشارا. يشير البحث إلى إن هذه السلالة تحتوي على مجموعتين فرعيتين، واحدة في ووهان والأخرى في أمريكا وأستراليا.

النوع "B" هو الفيروس الأكثر شيوعًا في ووهان- يُعتقد أنه مشتق من النوع "A" من طفرتين، ولكنه لم ينتقل بعيدا من دون حدوث طفرات وذلك لربما بسبب ظاهرة اطلق عليها "تأثيرالمؤسس Founder Effect"، او لربما بسبب مقاومة شديدة لانتشاره خارج شرق آسيا. النوع الثالث، هو النوع "C" ، هو "ابنة" النوع "B"، ويعتقد أنه انتشر إلى أوروبا عبر سنغافورة. وهذه السلالة تمثل اختلاف واحد عن النوع الأصلي، أي النوع "B".

هذا علما ان الأدلة تدل بوضوح الى وجود مصدر واحد مشترك لجميع التغايرات او السلالات الموجودة حالياً، وهو الذي نشأ في الخفاش وانتقل الى الانسان، وهذا ليس بالشئ الجديد حيث سبق وان قفزت فيروسات أخرى من الخفاش والى الانسان، ومن المرجح أن يكون الفيروس قد انتقل عبر حيوانات مضيفة ووسيطة أخرى موجودة في سوق ووهان. وما يؤكد العلاقة بين الخفافيش والفيروس هو تشابه جينوم فيروس الخفاش، وجينوم فيروس كورونا المستجد بحوالي 96%. وقد قدمت دراسة صينية نتائج جديدة تدعم بشكل عام دور ووهان كمركز لتفشي المرض، ولا يوجد أي دليل على مصادر أخرى للفيروس الاصلي. مع ذلك يبقى السؤال عن ماهية الظروف التي أدت بالفيروس الى الانتقال لإصابة الانسان.

كما اثبتت دراسة لمجموعة من العلماء من أمريكا وبريطانيا وأستراليا استحالة تصنيع الفيروس مختبريا. اظهروا بيانات جينية بشكل لا يمكن دحضه أن السارس - كوف -2 غير مشتق من أي عمود فقري (سلسلة الجينوم الأساسية) للفيروسات الاخرى. بدلاً من ذلك، يتوفر سيناريوهين يمكن أن يفسرا بشكل معقول أصل السارس - كوف -2: (1) الانتقاء الطبيعي في مضيف حيواني قبل الانتقال للإنسان، و (2) الانتقاء الطبيعي في الانسان بعد انتقال المرض له من الحيوان.

ماذا تتوقع مستقبلا

مع استمرار انتشار الفيروس التاجي في جميع أنحاء العالم، فمن المحتمل أن يستمر في التغير. قد يجد العلماء سلالات جديدة. من المستحيل التنبؤ بكيفية تأثير تغييرات الفيروسات هذه على ما سيحدث بالنسبة لحدة المرض في الانسان. لكن التغيير هو ما تفعله الفيروسات بالعادة!

 

محمد الربيعي / بروفسور الهندسة الخلوية، جامعة دبلن

 

 

1450 عبد العالدرهم وقاية خير من قنطار علاج وقديماً قيل: (إن حرز الشيء الموجود أجلُّ من طلب الشيء المفقود)

واليوم فيروس متناهي في الصغر أتى ليعلمنا دروساً قيمة، ليس فقط من جهة أهمية النظافة واتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي لمنع العدوى وانتشار الوباء، ولكن أيضاً يعلمنا أهمية تقوية عمل الجهاز المناعي والوقاية من الأمراض المزمنة كي نتجاوز الإصابة إن حدثت بأقل الخسائر الممكنة وبدون مضاعفات تذكر.

تدل كل المؤشرات على أن الأشخاص الأصحاء الذين يتبعون أسلوب حياة مناسب من غذاء صحي ونشاط بدني ونوم جيد، يستطيعون بكفاءة أكبر التعامل مع الأمراض الانتانية الحادة كمرض كوفيد-١٩، والذي تكثر فيه المضاعفات عند المسنين والمرضى الذين يعانون من نقص المناعة وأمراض سببها أسلوب الحياة الخاطئ. ومع جائحة كورونا أصبحنا اليوم بحاجه ملحة لتعزيز جهازنا المناعي أكثر من أي وقت مضى.

الجهاز المناعي هو نظام دفاعي يساعد على حماية الجسم من مسببات الأمراض كالبكتريا والفيروسات، والسموم والمواد الغريبة الضارة بل وحتى الخلايا السرطانية، وهو يتألف من مجموعة متنوعة من الخلايا والمواد المناعية التي تشكلها أعضاء مختلفة في الجسم، وهي تعطي للجسم مناعة طبيعية لمجابهة أي كائن غريب.

ومن الاستراتيجيات الطبيعية لتقوية الجهاز المناعي :

١- احرص على تناول غذاء صحي متوازن ومعزز بالفيتامينات:

يتألف جهاز المناعة من عدد كبير من الخلايا ويخضع لآليات عديدة ومعقدة، ولا يوجد مادة أو طعام بعينه يقوي الجهاز المناعي، بل لا بد من العمل على الجهاز المناعي بشكل متكامل.

وعلى الرغم من عدم وجود دراسات تربط بشكل مباشر بين الغذاء والوقاية من كورونا، إلا أنه من المفيد بشكل عام أن نقوي جهازنا المناعي عبر اتباع نظام غذائي متوازن ومدعم بالفيتامينات، خاصة تناول الحمضيات المحتوية على فيتامين سي والفلفل الأحمر فضلا عن تناول البروكلي النصف مطهي أو النيء الغني بالفيتامينات ومضادات الأكسدة. وكذلك الثوم الغني بمادة الأليسين والزنجبيل. اضافة إلى السبانخ الغنية بفيتامين سي وبيتا كاروتين والكركم والشاي الأخضر المحتوى على مضادات الأكسدة.

كما يجب الحرص على الحصول على كميات كافية من الزنك لما لنقص الزنك من تأثير سلبي على مناعة الجسم، ويوجد الزنك خاصة في البقول واللحوم والبيض والمكسرات ومنتجات الألبان.

ولا بد من الإشارة إلى أهمية تناول كمية كافية من دهون الاوميغا 3 الموجودة خاصة في سمك الماكريل والسلمون والمحار، لما له من دور في تعزيز المناعة عبر زيادة خلايا الدم البيضاء. مع ضرورة التعرض اليومي لأشعة الشمس للحصول على حاجتنا من فيتامين دي.

٢- صحة الأمعاء

لا نبالغ اذا قلنا أن أكثر من ٧٠ بالمئة من جهازنا المناعي يوجد في جهازنا الهضمي، وهذا ينقلنا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة ، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم "

ففي الأمعاء تتواجد مليارات الجراثيم التي تساهم في تشكيل خط الدفاع الأول للجسم، وهي تنتج مواد شبيهة بالصادات الحيوية التي تحمي من الإنتانات، إضافة إلى تنشيطها للمناعة الخلوية وإنتاج الغلوبولينات المناعية. فصحة الامعاء الجيدة ضرورية لنظام الدفاع الطبيعي في أجسامنا.

ولتغذية الجراثيم المفيدة، لابد من اتباع نظام غذائي متنوع وغني بالألياف، وكلما زادت كمية الأطعمة النباتية التي نتناولها كان ذلك أفضل. ومن الأغذية المهمة لصحة الأمعاء الأطعمة الغنية بالبكتيريا النافعة كالمخللات وخاصة مخلل الملفوف واللبن الرائب. مع ضرورة الاقلال من تناول السكر الأبيض الذي يساعد على زيادة نمو الجراثيم الضارة على حساب الجراثيم المفيدة، ويجب عدم تناول الصادات الحيوية إلا عند الضرورة، حيث أن هذه الأدوية تقتل الجراثيم المفيدة وبالتالي تضر بمناعة الجسم.

٣- إدارة ساعتنا البيولوجية بحكمة:

تعرف الساعة البيولوجية بأنّها جهاز التوقيت الفطري للكائن الحي الذي يحكم أنشطته الفسيولوجية. ويعتبر هرمون الميلاتونين المسؤول الرئيسي عن تنظيم هذه الساعة البيولوجية طوال حياتنا، ويتم إنتاج هذا الهرمون في الغدة الصنوبرية المتواجدة في الدماغ، و يزداد افرازه في ساعات الليل، بينما يتوقف إنتاجه في ساعات الصباح.

وقد أثبت الباحثون وجود علاقة مباشرة بين إيقاع الساعة البيولوجية والجهاز المناعي، مما قد يؤثر بدرجة كبيرة على الوقاية من الأمراض وعلاجها. وللحفاظ على الساعة البيولوجية دور كبير في تحريض انتاج الخلايا المناعية خاصة اللمفاويات التائية المساعدة، وضبط افراز السيتوكين أثناء عملية الالتهاب.

فالجسم المجهد والقليل النوم هو أكثر عرضة لنزلات البرد والانفلونزا، لذا ينبغي تنظيم ساعات النوم لتكون من سبع إلى ثمان ساعات يومياً.

٤- التمارين الرياضية:

تؤكد الدراسات على أهمية ممارسة التمارين الرياضية من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعياً، حيث يعزز ذلك من كفاءة الجهاز المناعي عبر زيادة تدفق الدم وحركة خلايا الدم البيضاء التي تقينا من الأمراض، إضافة إلى إمداد الجسم بقدر أكبر من الأكسجين.

٥- الضحك لتقوية المناعة

يتأثر الجهاز المناعي إلى حد كبير بالحالة النفسية، وتشير الدراسات إلى دور الضحك في تقوية جهازنا المناعي، تماما كالتمارين الرياضية مما يجعل الأوعية الدموية تعمل بكفاءة أكبر، مما يخفض من ضغط الدم ويزيد من افرازالأندروفين.

فالتماس الضحك واستحضاره عبر مواقف عائلية وأسرية مبهجة هو لقاح واق من الأمراض المختلفة ومنها المتعلقة بأداء الجهاز المناعي. ومن ناحية أخرى فإن اطلاق المشاعر وعدم كتم الدموع ضروري أيضاً، لما في كبت الشعور السلبي من ضرر على صحة الجسم والجهاز المناعي.

واسمع لنصيحة شاعرنا إيليا ابو ماضي الذي كان سابقاً لعصره، حين عزف على أوتار الإيجابية ببراعة بقوله:

قال : الليالي جرّعتني علقما

قلت : ابتسم! و لئن جرعت العلقما

فلعل غيرك إن رآك مرنما

طرح الكآبة جانبا و ترنما

أتُراك تغنم بالتبرم درهما

أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟

 

د. منى كيال

د. محمد فتحي عبد العال

 

محمد فتحي عبدالعالمقدمة: لقد باتت ادواتنا في مواجهة الفيروسات وعلى رأسها الفيروسات التاجية ومنها صاحبتنا الشرسه COVID-19 شديدة القدم فالحجر الصحي يعود إلى عهد النبوة والأدوية إلى القرن السابع عشر والتلقيح والتطعيم إلى القرن الثامن عشر لذا أصبح من الضروري أن نضيف إلى مصفوفة أدواتنا في المواجهة تقنيات جديدة أكثر ذكاءا واستهدافا ومنها استثمار الثورة الهائلة في التعديل الجيني فإن لم يكن هذا موعدها؟ فمتى أذن؟!

تقنية كريسبر:

تعتبر تقنية تحرير الجينات (كريسبر كاس 9 ) (CRISPR-Cas9) من التقنيات الواعدة في مجال العلاج الجيني  فهي أداة جزيئية شديدة الدقة والذكاء في تعديل الجينات فباستطاعتها تحديد الجزء المراد تعديله في مكان معين من الشفرة الوراثية لكائن ما والتعرف عليه بدقه

وتتكون كريسبر من عنصرين: دليل كريسبر الجزيئي الذي يعثر ويرتبط بالجين المُستهدف؛ والمقصّ الجزيئي «كاس9» الذي يرافقه ويقوم بقصّ سلسلة الحمض النووي المستهدفة وإجراء التعديل المطلوب. 

بداية الاكتشاف:

كان التعرف على هذه التقنية لإول مرة في البكتريا حيث اكتشف العلماء اليابانيون وجودها في بكتريا E. Coli حيث تؤدي دورا هاما في الجهاز المناعي لدى البكتريا يحميها من الفيروسات.

استطاع العلماء أن يوظفوا هذا النظام لخدمة البشرية والمساهمة في علاج أمراض السرطان وفقر الدم المنجلي والتليف الكيسي  وفي مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ويقوم نظام كريسبر بأربعة مهام رئيسية هي حذف الجينات الغير مرغوب فيها من الجينوم او إضافة جينات مرغوب فيها إلى الجينوم او تفعيل الجينات الغير عاملة والضرورية لاداء وظائف داخل الخلايا او تعطيل  نشاط الجينات الزائد عن المعتاد.

يعول كثير من العلماء على كريسبر فهي التقنية التي  نعيد بها تشكيل وظائف كثيرة  إلى شكل جديد مغاير لما ألفناه عنها ومن ذلك أن نطور كريسبر لتكون سلاحا  يستهدف بكتريا محددة وقتلها فضلا عن إيقاف عمل الفيروسات وربما  تصبح في المستقبل بديلا للمضادات الحيوية ومضادات الفيروسية التقليدية.

عيوب هذه التقنية:

وعلى الرغم من الامكانيات الهائلة لهذه التقنية ومنها اختبار أدوية ولقاحات جديدة الا أن مخاطر جمة وغير متوقعة قد تصاحب الاستخدام الخاطئ لها و منها احتمالية الإصابة بالسرطان إضافة إلى الاستخدام العبثي عبر التجريب  على البشر؟

فهل هذا حدث فعلا ؟

في عام 2018 أعلن عالم الفيزياء الحيوية الصيني (خه جياكوي) عن   ولادة توأمين معدلين جينيا، يدعوان لولا، ونانا في أول تجربة للتعديل الجيني على البشر عبر إزالة  جينًا يسمى "سي سي أر 5"  وحتى يكسب تجربته بعدا أخلاقيا فقد زعم ان تجربته كانت بقصد حماية البشر ووقاية التوأمين من نقص المناعة المكتسبة   (الإيدز).

فحكمت محكمة الشعب بمقاطعة نانشان الصينية بسجنه لمدة ثلاث سنوات وتغريمة 430 الف دولار فيما حكمت بالسجن على اثنين من مساعديه ايضا.

كريسبر وكوفيد:

استطاع العلماء إحداث تطوير في كريسبر فكانت مؤخرا (CRISPR-Cas 13d) وهي تستهدف الحمض النووي الرنا  على عكس CRISPR-Cas9 والتي تستهدف الحامض النووي الدنا ولان كوفيد-19 من الفيروسات ذات المحتوى النووي الرنا فإن تقنية CRISPR-Cas13 قد تكون حلا سحريا مهيئا لاستهداف الرنا داخل الفيروس المستجد وتفكيكه حيث يعمل Cas 13d على الالتصاق بمنطقتين جينيتين هما الاهم في جينوم الفيروس المستجد يساهمان في تكاثره ويغلفانه ويمنعان الخلية التائية في الجهاز المناعي من التعرف عليه وعبر قص المنطقتين  يمكن القضاء على  قدرة الفيروس على التكاثر داخل الخلايا وبحسب الدراسة المقدمة من الباحث تيم أبوت بقسم الهندسة الحيوية بجامعة ستانفورد وفريقه والتي نشرت بموقع بيو اركايف فباستطاعة التقنية أن تفكك تسلسل المحتوى الجيني للفيروسات التاجية  معمليا بنسبة 90٪

ولكن هل تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع قريبا؟

بالطبع لا فالأمر لا يعدو كونه ورقة بحثية لا تقدم حلا عاجلا او حتى في الغد القريب ولكنها ترسم ملامح علاج ناجع نجني ثماره مستقبلا

 

د. محمد فتحي عبد العال

 

بدأت القصة مع بداية ظهور مرض كوفد 19، وحالا بدأت محاولات انتاج اللقاح، والسبب لأن اللقاح وحده يمكن أن يمنع الناس من الإصابة بالمرض، ولذلك كان لابد من نهاية سعيدة وإلا فالمرض مُقدِم على تحقيق كارثة بحق البشرية.

ومنذ ذلك اليوم بدأ السباق لإنتاج اللقاح فوصل عدد اللقاحات المصممة الى 78 لقاحا شارك في تصميمها حوالي 35 شركة ومعهد بحوث، وخمسة منهم على الأقل توصلوا بالفعل الى تصميم لقاحات تم اختبارها في الحيوانات ودخلت مؤخرا مرحلة التجارب البشرية. في مقدمة هذه اللقاحات هو اللقاح الذي تنتجه شركة مودرنا للتكنولوجيا الحيوية، ومقرها بوسطن.

يرجع الفضل في جزء كبير من هذه السرعة غير المسبوقة إلى الجهود الصينية المبكرة لحل سلسلة الشفرة الوراثية لفيروس سارس كوف 2 (وهو الفيروس الذي تسبب في جائحة كوفد -19). في أوائل كانون الثاني، وضعت الصين الشفرة الوراثية للفيروس على الشبكة العنقودية، وهو ما سمح للشركات الطبية، ولمجموعات البحث في جميع أنحاء العالم بالبدء بتصميم لقاحات ضد الفيروس. ساعد أيضا في بناء التصاميم الحديثة للقاحات ضد الفيروس الجديد وجود دراسات سابقة حول فيروسات الكورونا الأخرى مثل السارس والميرز، ولسبب مشاركة فيروس كورونا الجديد (سارس كوف 2) فيروس السارس القديم (سارس كوف) بما بين 80٪ و90٪ من مادتهما الوراثية، ومن هنا جاء تشابه الاسم.

كيف تعمل اللقاحات؟

تعمل جميع اللقاحات وفقًا لنفس المبدأ الأساسي، وهو تقديم نوع من الدعم لجهاز المناعة البشري عن طريق تحفيز الجهاز على إنتاج أجسام مضادة للكائنات المجهرية الغازية. الأجسام المضادة هي نوع من الذاكرة المناعية التي بعد اثارتها مرة واحدة، يمكن اثارتها بسرعة مرة أخرى إذا ما تعرض الجسم للغزو. الاجسام المضادة لديها هيكل، وغرض واضح، وعملية مثبتة، وأدوار ومسؤوليات محددة. تؤدي مهام بسيطة وعمليات معقدة. إنها تتحشد وتنتشر متى وأينما كان الجسم في أمس الحاجة إليها. تتواصل مع بعضها وتنسق مهامها وتتعاون مع بعضها الاخر. لديها ذاكرة قوية ومعرفة بالقوى الشريرة التي تهاجم الجسم. تكتشف، وتُحّيد وتدّمر. إنها قوية وضعيفة في نفس الوقت. إنها بحاجة إلى الإمدادات ومصادر الطاقة والدعم. وهي باستمرار منكبة على المراقبة وجاهزة للمعارك. هي خط الدفاع الأول والأخير.

تعمل الاجسام المضادة عبر ثلاث طرق هي:

تفرز في الدم والغشاء المخاطي، حيث تلتصق بالأجسام الغازية كالفيروسات، وتعطلها وتقضي عليها.

تعمل على تنشيط النظام المكمل لتدمير الخلايا البكتيرية وذلك بتحللها (عبر احداث ثقوب في جدار الخلية البكتيرية).

تُسّهل بلعمة الاجسام الغريبة من قبل خلايا مبتلعة.

يتم تحقيق التحصين تقليديا باستخدام أشكال ضعيفة من الفيروس او الميكروب، أو جزء منه بمجرد تعطيله عن طريق الحرارة أو المواد الكيميائية. وتستخدم هذه الطرق في انتاج لقاحات الحصبة والنكاف وشلل الأطفال وجدري الماء والأنفلونزا والتهاب الكبد وغيرها. ويتم انتاجها عبر عملية تبدأ بزراعة الفيروس في مزارع خلوية كمثل خلايا اجنة الدجاج لغرض توفير كميات كبيرة منه. وبعد تنقيته من المواد العالقة وبقايا الخلايا يتم بإضافة مواد مساعدة ومثبتات ومواد حافظة. تعمل المواد المساعدة على زيادة الاستجابة المناعية للمستضد، وتزيد المثبتات من عمر تخزين اللقاح بينما تسمح المواد الحافظة باستخدام اللقاح في جرعات متعددة صغيرة.

هذه الطرق لها عيوب. يمكن أن يستمر الشكل الحي في التطور بداخل جسم الانسان، على سبيل المثال، يحتمل أن تستعيد بعض ضراوة الفيروس المعطل مما يؤدي الى مرض المتلقي، بينما يلزم أحيانا إعطاء جرعات عالية أو متكررة من الفيروس المعطل لتحقيق الدرجة الضرورية من الحماية. مع ذلك، تستخدم بعض مشاريع انتاج لقاح كوفد -19 هذه الأساليب المجربة والمختبرة، لكن البعض الآخر يستخدم تقنيات أحدث وأفضل.

إحدى هذه التقنيات الحديثة تتبنى انتاج لقاح مركب "مؤتلف"، تتضمن عملية تصميمه استخدام الشفرة الجينية لبروتين السنبلة الموجود على سطح فيروس سارس كوف 2، ولصقها في جينوم بكتيريا غير مرضية مما يجبر هذه الكائنات الحية الدقيقة على انتاج كميات كبيرة من هذا البروتين كإضافة لبروتينات البكتريا. هناك طرق أخرى أحدث تعتمد على بناء اللقاحات على اساس التعليمات الوراثية نفسها وليس على البروتينات التي تشفر لإنتاجها.

التجارب السريرية للتحقق من نجاعة اللقاح

تلي مرحلة تصميم اللقاح مرحلة التجارب السريرية وهو التي من المرجح أن يتعثر فيها نجاح أي لقاح من اللقاحات المصممة، وهي على ثلاث مراحل. الأولى، تشمل بضع عشرات من المتطوعين الأصحاء، وفيها يختبر اللقاح من أجل التأكد من سلامته، ورصد الآثار الضارة. الثانية، تشمل عدة مئات من الأشخاص، وعادة تجرى في مكان او دولة تضررت من المرض، حيث تدرس مدى فعالية اللقاح. وفي المرحلة الثالثة يتم تجربة اللقاح على عدة آلاف من الناس. وخلال هذه المراحل تبدأ اللقاحات بالتساقط كما يقول بروس جلين، الذي يدير برنامج التحصين العالمي لمؤسسة سابين للقاحات: "ليس كل الخيول التي تبدأ السباق ستصل خط النهاية".

هناك أسباب كثيرة لعدم نجاح لقاح. إما أن المرشح غير آمن، أو أنه غير فعال، أو كليهما. ولهذا السبب لا يمكن تخطي التجارب السريرية أو التعجيل بها. يمكن تسريع الموافقة إذا لم تمانع السلطات الصحية استنادا على الخبرة السابقة. مثلا لقاح الإنفلونزا السنوي يحمي عادة من الإصابة بثلاثة او أربع فيروسات مختلفة يتوقع ان تكون الأكثر شيوعا خلال الموسم اللاحق، ويشمل خط انتاجه تجميع وحدات بحيث يتم تحديث وحدة واحدة أو بضع وحدات كل عام. اما سارس كوف 2 فلكونه مرضا جديدًا لدى البشر فان العديد من التقنيات المستخدمة لبناء اللقاحات غير مجربة. على سبيل المثال، لم تتم الموافقة لغاية اليوم على أي لقاح مصنوع من المواد الوراثية أي الحوامض الوراثية - رنا أو دنا -. لذا يجب معاملة اللقاحات ضد كوفد -19 على أنها لقاحات جديدة تمامًا، وستحتاج إلى إخضاعها لاختبارات السلامة الصارمة بشكل خاص لاستبعاد خطر زيادة حدة الإصابة بالمرض. ولهذه الأسباب لا يمكن توقع ظهور أي لقاح ضد كوفد 19 بأقل من 18 شهرا وهذا يعتبر بحد ذاته سرعة قياسية.

في اثناء ذلك، تبرز مشكلة محتملة أخرى فالقصة لا تنتهي بتصميم اللقاح وثبات نجاحه. فبمجرد الموافقة على اللقاح، ستكون هناك حاجة إليه بكميات كبيرة – بينما العديد من المؤسسات الموجودة في سباق اللقاح كوفد -19 ببساطة ليس لديها القدرة الإنتاجية اللازمة. وعند الموافقة على لقاح كوفد - 19، ستظهر مجموعة إضافية من التحديات، فالحصول على لقاح ثبت بأنه آمن وفعال في البشر يأخذ واحدًا في أفضل الأحوال نحو ثلث الطريق إلى ما هو مطلوب لسد احتياجات برنامج للتحصين العالمي.

الكثير من الطاقة الإنتاجية الضخمة تقع على عاتق شركات الأدوية الكبرى، من مثل اللاعبين الكبار (شركات من مثل سنوفي، وميرك، وكلاكسو سمث كلاين). طبيعة هذه الشركات التجارية تمنعها من زج نفسها في عملية قد لا تضمن تحقيق أرباح لها. لم تكن تجارب هذه الشركات مربحة في حالات الطوارئ الصحية السابقة، فعندما تسابقوا لتطوير وإنتاج لقاحات جديدة قرر العالم في النهاية أنه لا يحتاجها مما أدى الى تعرضها لخسائر كبيرة. اليوم من بين اللاعبين الكبار، فقط شركة جونسون وجونسون اعلنت أنها ستحاول صنع لقاح. ماذا عن الآخرين؟ إذا لم يشارك المنتجون الرئيسيون، فمن الصعب تخيل أنه يمكن أن يكون هناك لقاح بكميات كبيرة. ارجو ان اكون مخطئا!

ثم من ستكون له الأولوية في الحصول على اللقاح؟ تخيل السيناريو التالي، على سبيل المثال، الهند - وهي مورد رئيسي للقاحات الدول النامية- تقرر استخدام إنتاج اللقاح لحماية سكانها البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة أولاً، قبل تصدير أي منه. هل سينتظر العالم الى ان تسد الهند حاجتها من اللقاح؟ ما الذي سيحدث في حالة حدوث حالة طوارئ يحتاج فيها بلد ما كميات كبيرة من اللقاح؟ وبكل الأحوال لربما لا يتوفر اللقاح الا بعد ان يكون الوباء قد بلغ ذروته وانخفض. ومع ذلك فقد تكون نهاية سعيدة للقصة عندما يمكن للقاح أن ينقذ العديد من الأرواح، خاصة إذا أصبح الفيروس متوطنًا أو منتشرا بشكل دائم - مثل الأنفلونزا – ويتفشى بشكل موسمي. ولكن حتى ذلك الحين، أفضل أمل لدينا لتحقيق النصر بالقضاء على الفيروس الشرير هو الاعتماد على العلم بدلاً من الإيمان الأعمى، وعلى التعاون بدلاً من التحامل حتى نتمكن جميعًا من التوجه نحو تحقيق نهاية القصة السعيدة للفوز بالنصر النهائي في هذه الحرب العالمية ضد الوباء.

من السهل اتخاذ الخيارات الصحيحة.

 

محمد الربيعي

بروفسور جامعة دبلن

 

 

محمد فتحي عبدالعالفي خضم محاولات وتجارب لا تنتهي لإيجاد علاج فعال لفيروس كورونا فقد أجري أطباء في الولايات المتحدة وأوروبا تجربة حول استخدام غاز اكسيد النيتريك ليكون عوضا عن أجهزة التنفس الصناعي التي تلاقي تزايدا في الطلب عليها مما حدا بشركة (ميدترونيك) العالمية والرائدة في  أجهزة التنفس الصناعى للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأجهزتها كما شاركت  التصميمات مع الدول الأخرى للبدء فى تصنيعها فورا.

وبحسب تقرير صحيفة الديلي ميل فقد بدأت ثلاثة ولايات أمريكية وثلاث دول أوروبية في تجربة استنشاق غاز اكسيد النيتريك لمرضى كورونا عبر جهاز ( CPAPضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر) ويستغرق العلاج من 20 إلى 30 دقيقة مرتين يوميا لمدة أسبوعين مما قد يقضي على الفيروس ويخفف من تلف الرئة.

فما هو غاز اكسيد النيتريك واستخداماته الطبية؟

هو غاز عديم اللون وعند استنشاقه يعمل على توسيع الأوعية الدموية خاصة في الرئتين مما يؤدي إلى زيادة كمية الأكسجين المتدفقة إليها ولجميع أنحاء الجسم ويستخدم مع جهاز التنفس الصناعي للحيلولة دون فشل الجهاز التنفسي لدى الأطفال حديثي الولادة. كما تشير بعض الدراسات إلى امتلاك غاز اكسيد النيتريك خصائص مضادة للفيروسات التاجية.

هل اكسيد النيتريك بعيدا عن حياتنا العادية؟

انه قريب للغاية فعقار الفياجرا والمستخدم في علاج الضعف الجنسي لدى الرجال يمارس عمله عبر اكسيد النيتريك ذلك أن السيلدينافيل وهو المادة الفعالة في الفياجرا تعمل على تثبيط انزيم فوفسفودايستراز 5 مما يؤدي إلى إطلاق اكسيد النيتريك والذي يعمل على توسيع الأوعية الدموية وتدفق الدم إلى العضو الذكري فضلا عن تدفق الدم والاكسجين في الرئتين لذا فالفياجرا ليست علاجا للضعف الجنسي فحسب بل تستخدم أيضا في علاج ضغط الدم الرئوي وفي بعض حالات  الانسداد الرئوي المزمن (COPD) المصاحبة له.

كما أن الدور نفسه للفياجرا مع اكسيد النيتريك  يلعبه الحمض الأميني (الارجينين) داخل الجسم وكذلك السيترولين (متوفر بالبطيخ) فضلا عن الجينسينج و البيكنوجينول وهو مستخلص نباتى من شجرة الصنوبر.

لكن هل حل مشكلة توافر أجهزة التنفس الصناعي كفيلة ان تبعد مخاطر هذا الفيروس القاتل عن الرئة؟

 بحسب التقارير الصحفية الواردة من الولايات المتحدة الأمريكية والصين وبريطانيا  فهناك ارتفاع في معدلات الوفيات بشكل غير طبيعي بين المرضى الموضوعين على أجهزة التنفس الصناعي مما جعل الأطباء يحاولون تلافي الضرر عبر وضع المرضى في أوضاع مختلفة لمحاولة الحصول على الأكسجين في أجزاء مختلفة من رئاتهم أوإعطائهم الأكسجين عبر أنابيب الأنف أو إضافة اكسيد النيتريك إلى علاجات الأكسجين.

ولكن بقى اللغز المحير لماذا تكون النهاية احيانا مع أجهزة التنفس الصناعي؟ !

في بحث متواضع وشيق قدمه مهندسين صينين في مجال تكنولوجيا المعلومات والمعلوماتية الحيوية  وبتحليل وظيفة بروتينات فيروس كورونا عن طريق الحاسوب تبين أن بروتينات الفيروس تهاجم الهيموجلوبين أو خضاب الدم وهو بروتين محمول داخل خلايا الدم الحمراء ويحتوي على ذرات الحديد (Fe). يلتقط الأوكسجين في الرئتين ويسلّمه إلى الأنسجة للحفاظ على حياة الجسم وما يفعله كوفيد بحسب الدراسه لعرقلة دور الهيموجلوبين هو أن ينزع عنه جزئ الحديد الموجود في شق (الهيم) به وبالتالي يفقده القدرة على حمل الأكسجين إلى باقي أجزاء الجسم وهو ما يفسر الفشل التام لاعضاء الجسم وهو سبب الوفاة بفيروس كورونا كما فسرت الدراسة تلف الرئة أنه نتيجة للحديد الذي أصبح طليقا بالدورة الدموية  وقد حاولت الدراسة أن تجعل هذا السيناريو هو السبب في قدرة الكلوروكين على التصدي لكورونا عبر منعها من إصابة الهيموجلوبين كما يفعل مع طفيليات الملاريا سواء بسواء .. ولكن يبقى البحث نظريا وبآليات شديدة التواضع لذلك لابد من التريث لفهم هذا الفيروس الذي يتحدى العلم الحديث باصرار وتحدي كبيرين.

 

د. محمد فتحي عبد العال

صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية ودبلوم الدراسات العليا في الميكروبيولوجيا التطبيقية ورئيس قسم الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية بمصر سابقا

 

مع انتشار كوفد -19، انتشر خوفنا من لمس الأسطح. هناك الآن بعض المشاهد المألوفة في الأماكن العامة في جميع أنحاء العالم حيث يحاول الأشخاص فتح الأبواب بأكواعهم، ويتجنبوا الإمساك بمقابض الابواب، ويمسحوا بالمطهرات مكاتبهم وكراسيهم.

في المناطق الأكثر تضررا من الفيروس التاجي الجديد، تم إرسال فرق من العمال يرتدون الملابس الواقية لرش المطهرات في الساحات والحدائق والشوارع العامة. وتمت زيادة وسائل التنظيف في المكاتب والمستشفيات والمحلات التجارية والمطاعم. في بعض المدن، يغامر المتطوعون بالخروج ليلاً لمسح لوحات المفاتيح لأجهزة الصراف الآلي. وفي العراق تواصل فرق التطهير، رش المعقمات والمطهرات في الشوارع والمدارس والمساجد في محاولة للحد من تفشي الفيروس.

ومثل العديد من فيروسات الجهاز التنفسي، بما في ذلك الأنفلونزا، يمكن أن ينتشر كوفد -19 في قطرات صغيرة تخرج من أنف وفم شخص مصاب. يمكن أن ينتج السعال الواحد ما يصل إلى 3000 قطرة. ويمكن أن تهبط هذه الجسيمات على اجسام أشخاص آخرين، وعلى مأكولات وملابس وأسطح من حولهم، لكن بعض الفيروسات العارية يمكن أن تبقى في الهواء. وهناك أيضًا بعض الأدلة على أن الفيروس يبقى لفترة أطول في براز المريض، لذلك يمكن لأي شخص لا يغسل يديه جيدًا بعد زيارة المرحاض أن يلوث أي شيء يلمسه.

احدى الأمور المهمة هي إلى متى يمكن أن يستمر الفيروس التاجي الجديد حياً على الأسطح؟

الجواب هو أننا لا نعرف بالضبط. لكن بحث نشر في الأصل في قاعدة بيانات في 11 مارس، ومن ثم نشر كنسخة منقحة في 17 مارس، في مجلة علمية رصينة من قبل علماء في جامعة برينستون وجامعة كاليفورنيا، أكد على:

أن الفيروس يمكن أن يبقى في الهواء لمدة تصل إلى 3 ساعات،

وعلى النحاس لمدة تصل إلى 4 ساعات،

وعلى الورق المقوى لمدة 24 ساعة،

وعلى البلاستيك والفولاذ حتى 72 ساعة.

وخلصت الدراسة إلى أنه إذا كان هذا الفيروس التاجي الجديد يشبه الفيروسات التاجية البشرية الأخرى، أي مثل "أبناء عمومته" الذين يتسببون في الإصابة بمرض السارس والميرز، فأنه يتمكن من البقاء حياً على الأسطح - مثل المعادن أو الزجاج أو البلاستيك - لمدة تسعة أيام (وبالمقارنة فأن فيروسات الإنفلونزا لا يمكنها من البقاء حية على الأسطح لأكثر من 48 ساعة فقط). وجد المؤلفون أيضًا أن هذه الفيروسات التاجية يمكن أن تقتل بفعالية بواسطة المطهرات المنزلية.

على سبيل المثال، يمكن للمطهرات التي تحتوي على 62-71 ٪ من الكحول، او 0.5 ٪ بيروكسيد الهيدروجين أو 0.1 ٪ هايبوكلوريد الصوديوم (المبيض) من القضاء على الفيروسات التاجية "بكفاءة" في غضون دقيقة، وفقًا للدراسة. وكتب الباحثون في إشارة إلى الفيروس التاجي الجديد "نتوقع تأثيرًا مشابهًا ضده مثل تأثيرها على فيروس السارس". ولكن على الرغم من أن الفيروس التاجي الجديد يمثل سلالة مماثلة للفيروس سارس، فإنه ليس من الواضح ما إذا كان سيتصرف بنفس الطريقة.

من الظاهر ان محاليل التبييض المنزلية المخففة، والمحاليل التي تحتوي على 70٪ من الكحول، ومعظم المطهرات المنزلية الشائعة لابد ان تكون فعالة في تطهير الأسطح ضد الفيروس التاجي، وفقًا لتوصيات السلطات الصحية العالمية. على سبيل المثال يذكر مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي في مجموعة من التوصيات أنه يمكن تحضير محلول التبييض (هايبوكلوريد الصوديوم) عن طريق خلط 4 ملاعق صغيرة من المبيض لكل لتر من الماء.

أخيرا، لابد من عدم الاستهانة من قدرة الفيروس على البقاء لفترة طويلة، لذا نؤكد على أهمية تعليمات منظمة الصحة العالمية في التعامل مع فيروس الكورونا المستجد للوقاية من العدوى به، وهو تجنب المناطق المزدحمة وإن أمكن، البقاء على بعد مترين على الأقل عن الآخرين، وتنظيف وتطهير الاسطح الصلبة والاشياء التي يتعامل معها الانسان على مدار اليوم. 

 

محمد الربيعي (أ.د.)

 

محمد مسلم الحسينيتباينت النسب في معدلات الوفيات جراء الإصابه بوباء كورونا الجديد" كوفيد19" بين بلدان العالم بشكل مثيرللإنتباه، مما يدعو للبحث والإستبيان. فلو تفحصنا نسب الوفاة الناتجه عن الإصابه بكوفيد19 والمعلنه  في بعض بلدان العالم لوجدناها كما يلي : نسبة عدد الوفيات الناتجه عن الإصابه بكوفيد19  في إيطاليا هي : 9.5 بالمائه من مجمل عدد الإصابات المعلنه، وفي إيران : 7.8 بالمائه، وفي أسبانيا : 6.8 بالمائه، وفي الصين : 4 بالمائه، بينما في ألمانيا 0.4 بالمائه. أي ان الفروقات شاسعه بين النسب الكبرى والصغرى للوفيات والتي تنم عن وجود أسباب لابد التحري عنها.

هناك جملة من الأسباب يمكن أن تفسّر الى حد كبير هذا التباين الحاصل في معدلات الوفاه عند الإصابه بهذا الوباء وأهمها: أولا، المسح الصحي للوباء : بعض البلدان تجري مسحا روتينيا عاما على مواطنيها للتحري عن حالات الإصابه فتكتشفها بين الناس الذين لا يشكون من أعراض مرضيه مطلقا من جهة، وبين من يشكون من أعراض بسيطه للمرض لا تجعلهم يستشيرون أطباءهم أو الذين يشكون من أعراض أوليه لبدايات المرض من جهة أخرى. هذا المسح الصحي الإستشرافي تقوم به بعض الدول التي تتوفرالإمكانيات التقنيه لديها حيث تجري ألمانيا، على سبيل المثال وليس الحصر، ما يقرب من 160 ألف فحص تحري عن الفايروس على مواطنيها كل أسبوع. على هذا الأساس يكون العدد المعلن للوفيات في ألمانيا متطابق الى حد كبير مع العدد الحقيقي للإصابات. بينما على الطرف النقيض من ذلك نجد من البلدان ما ليس لها قابلية إجراء مسح صحي عام على مواطنيها كما هو الحال في إيطاليا وأسبانيا وإيران، وذلك لعدم توفر مادة الفحص الكافيه من جهة، ولزيادة عدد الإصابات وعدد المرضى عندها من جهة أخرى. أعداد الإصابات المتوافده على المستشفيات في هذه البلدان تستنزف قابلية إجراء مسوحات صحيّه عامه للمواطنين الآخرين، وهذا ما يجعل عدد الإصابات المعلنه معتمده على ما تفحصه المستشفيات من مرضى ومراجعين مشتبه بهم. لهذا تكون نسبة الوفيات في ألمانيا متناسبه مع العدد الكلي للإصابات الحقيقيّه وتضم من أصابهم الوباء سواء أكانوا حاملين للفايروس دون أعراض أو من لهم أعراض بسيطه، إضافة الى المرضى الذين يشكون من اعراض محسوسه وقويه. أما نسبة عدد الوفيات في إيطاليا فتكون محسوبة على أساس عدد المرضى الذين يراجعون المستشفيات ويتم فحصهم دون غيرهم، وهذا لا يعطي النسبه الواقعيه لحالات الوفاه مقارنة بالعدد الحقيقي للإصابات. التقارير الأوليه الوارده عن عدد حالات الإصابه الحقيقيه في إيطاليا تشير الى أنها أكبر بأضعاف مضاعفه قد تصل الى عشرة أضعاف العدد المعلن رسميّا، وهذا دون شك يرفع النسبه المئويه لعدد الوفيات لأنها متناسبه مع عدد الإصابات المعلنه وليس مع العدد الحقيقي للإصابات!.

العامل الثاني الذي يفسر إختلافات النسب بحالات الوفاه هو : توفر العنايه الطبيه الضروريه. دون شك هناك تباين في مستويات العنايه الطبيه الموجهة لهذا الوباء بين بلدان العالم، والإختلافات بهذا المجال ليست ضروريّا أن تكون بسبب التباين بالمستوى الطبي والتقني أو بتوفر الكادر الطبي المختص فقط. إنما قد تكون هناك أسباب أخرى تحددها كثافة زحمة أعداد المرضى ودرجات شدة المرض الحاصل عندهم جراء هذا الوباء. الإزدحام الحاصل في مستشفيات إيطاليا وأسبانيا وإيران بسبب كثافة أعداد المرضى أدى ويؤدي الى شحه او عدم كفايه في أدوات علاج المرض من جهة والى ضغوط  الطلبات المكثفه على الكادر الطبي الذي يجب أن يقاسم بدوره جهده على أعداد المرضى المتزايدين بإضطراد. أعداد المرضى في بؤر الوباء في تزايد مستمر والإمكانيات الطبيه قد أصبحت لا تتوازن مع نداءات الطلب. النقص بالكوادر الطبيه وشحة الإسرّه الفارغه في غرف الإنعاش، والطلب المتزايد على أجهزة التنفس والأوكسجين وأجهزة غسل الكلى، إضافة الى شحة عدد الكمامات الطبيه الوقائيه ومعدات الوقايه الأخرى، كلها لعبت دون شك أدوارا هامه في عدم تعافى المرضى بسهوله أو حتى موتهم.

العامل الثالث هو : عمر المصابين . من خلال تراكم المعرفه عن مجريات الوباء وخصوصياته تبين أن بلدان العالم قد لا تشترك بكل الصفات التي عرفناها عن هذا الوباء في بعض التفاصيل. فرغم أن النسبه الكبيره من المرضى الذين يشكون من أعراض خطيره بهذا الوباء تكون عادة ضمن كبار السن وذلك لكونهم لا يمتلكون المقاومه الكافيه للتصدي لهذا الوباء، فإن الإحصائيات الأخيره بينت إختلافات ملموسه قد حصلت على هذا النحو في بعض البلدان. ففي ألمانيا مثلا بينت التقارير الصحيه الوارده أن عدد الإصابات بين الشباب ومتوسطي العمر أكثر منه بين كبار السن، وأن عدد الإصابات عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن أقل من 45 سنه أكثر في بلجيكا مما عليه الحال في بلدان أخرى!. هذه التباينات في مجرى الإصابه  حسب فصائل العمر المختلفه تلعب دورا هاما في تقليل أو زيادة عدد الوفيات، حيث أن الشباب ومن هم في عمر ما قبل الكهوله يستطيعون مقاومة المرض أكثر من كبار السن، وهكذا فالمنافسه على غرف الإنعاش تكون على ضوء ذلك أقل في البلدان التي يكون فيها عدد المصابين أكبر لدى من هم في مقتبل العمر وما قبل الكهوله نسبة لكبار السن. هذه الحقيقه قد خففت الزحمه على المستشفيات في ألمانيا وعلى غرف الإنعاش فيها أي على عكس الحاله المرصوده في كل من أسبانيا وإيطاليا اللتين نسبة الإصابات فيهما كبيره في الأعمار المتقدمه. في المحصله كانت النتائج تشير الى أن عدد الوفيات في هذين البلدين أكبرمما عليه الحاله في المانيا، لأن شدة المرض عند كبار السن تكون أقسى وأخطر مما عليه الحال عند غيرهم ، وبالمقابل فوفرة العنايه المركزه في مراكز العلاج بسبب قلة الحاجه لها وقلة الضغط عليها في المانيا زاد من فرص شفاء المرضى عندها.

العامل الرابع هو : غبش الشفافيه.... بعض السلطات الصحيّه في بعض البلدان تعمدت في البدايه إخفاء العدد الكلي للإصابات الحقيقيه بهذا الوباء، ربما لأغراض إقتصاديه أو سياحيّه أو نفسيّه حيث لا تريد خلق حاله من الرعب في نفوس مواطنيها، أو ربما لأسباب أخرى. التناقض الحاصل في إعلاناتها اليوميه عن سيرة الوباء تبين تناقض واضح بين عدد الوفيات وعدد الإصابات حيث لا تلتقي النسب مع المدى الطبيعي الذي نسمع عنه! فمعدل نسبة الوفيات الى عدد الإصابات الكلي يتراوح بين 2-4 بالمائه عالميا، لكن حينما تكون نسبة الوفيات المعلنه أكثر من 10 بالمائه من عدد الإصابات الكلي هنا النتائج تثير الشك والتعجب!.

رغم أن وباء كوفيد19 إتسم بأنه وباءا مجتمعيّا بإمتياز أي أنه ينتقل بواسطة أفراد المجتمع وينتشر بجهل المجتمع ويقضى عليه بوعي المجتمع، فقد تباينت فيه الرؤى والسياسات والأفكار والنزعات، مما أضاف ثروة معلوماتيه عن كيفية التعامل معه أو مع غيره  في قابل السنين والأزمان. سياسات الدول لعبت دورا أساسيّا في طبيعة إنتشار هذا الوباء، فديمقراطية التعامل مع الوباء أثبتت فشلها ودكتاتورية التعامل معه أثبتت نجاحها! روح التماهل والتساهل التي إتسمت بها سياسات الغرب إزاء هذا الوباء عجلت من سرعة إنتشاره، حيث أن الحزم المطلوب في التصدي للأوبئه، وكما جاءت به كتب الطب والبحوث الوبائيه، لم يكن مطروحا على الطاوله في بداية الأمر عندهم، حتى توغل تسونامي الوباء وأصبح كل شيء متأخرا بعده! دكتاتورية الصين كانت أنجع في تعاملها مع وباء جديد لم يعرف به أحد من قبل، فإكتشفته وشخصته وسيطرت عليه وحمت مواطنيها منه بفتره تكاد تكون سريعه، غير أنه رغم إكتشاف الوباء من قبل، أساءت بعض الدول التصرف في التحفظ منه!. رأسمالية التعامل المتطرفه مع الوباء فشلت أيضا في تعاملها معه، وإنسانية تعامل البعض مع الوباء أتت أكلها. حينما بدأ الوباء يطرق أبواب الغرب بثت وسائل إعلام السلطات الصحيه عند بعض الدول أخبارا مغلوطه تطمئن الناس في ساحات الوهم. نشروا معلومات خاطئه مفادها أن الوباء ليس أخطر من الإنفلونزا الموسميه فلا داعي للإكتراث أوالخوف، ثم تركوا أبوابهم مفتوحه مع بؤر الوباء ولم يمنعوا مواطنيهم من السفر والسياحه لها. تركوا المدارس والجامعات وأماكن اللقاءات المزدحمه مفتوحه أبوابها أمام الجميع حتى وقت متأخر، مما سرّع بإنتشار الوباء. فوق هذا وذاك، فهم لم يتهيؤا فعليّا لصد الوباء والتحضير له ولمضاعفاته، دون التحسب لدقات نواقيس الخطر. كان وراء هذه التصرفات نزعات إقتصاديه سياسيّه متطرفه أفرزها ثقل كفة المتطرفين بآرائهم ونزعاتهم من السياسيين الجدد الذين سيطروا أو على الأقل ثقل وزنهم في إدارة دفات الحكم في غالبية البلدان الغربيه، ومن يتطرف بآرائه السياسيّه قد يتطرف بنواياه الإنسانيه الغريبة أيضا والثمن المدفوع عندها يكون غاليا!.

 

د. محمد مسلم الحسيني

أخصائي علم الأمراض

 

عامر هشام الصفارمن المعروف فأن فايروس الكورونا هو أحد أنواع فايروسات الأنفلونزا والتي تتسبب بأعراضها المرضية المعروفة عند المرضى. وهذه الأعراض تتمثل بالحمى التي تأتي نتيجة تفاعل جسم الأنسان مع الفايروس المتغلغل فيه، فيسبب رد الفعل المناعي ارتفاعا ملحوظا في درجة حرارة الجسم. أضافة الى أرتفاع درجة حرارة جسم الأنسان لما يزيد عن الحد الطبيعي (37 درجة مئوية) فقد يعاني المريض بفايروس الكورونا من السعال الجاف المستمر وأعراض الرشح والتعب وآلام الجسم عامة. وما الفايروس الحالي والذي أطلق عليه العلم أسم الكوفيد 19 الاّ واحدا من فايروسات الكورونا ولكنها مستجدة بطفرتها الوراثية وتركيبها الذي أستعصى على اللقاح لحد الآن.

قد تعاني المرأة الحامل وفي مراحل الحمل الأولى من ضعف في مناعة الجسم ضد أنواع الجراثيم والفيروسات، وبذلك تكون عرضة للأصابة بالألتهابات المختلفة بسبب المناعة المنخفضة. وقد لوحظ أن فايروس الكورونا أذا أصاب المرأة الحامل فأنه لا يسبب مضاعفات شديدة عندها بل أن الكورونا الكوفيد 19 قد تكون أصابة السيدة الحامل به خفيفة الى متوسطة دون المعاناة من ألتهاب الرئتين..كما أن الفايروس لا يسبب الأجهاض عند الحوامل ولا يسبب الولادات الخديجة أو الولادات قبل موعد أتمام فترة الحمل (39-40 أسبوعا). ومما ثبت من خلال الدراسات الوبائية الطبية أن الفايروس هذا لا ينتقل من الأم الى جنينها وبالتالي فلا نتوقع أصابة الجنين بفايروس الكورونا.

ولابد من الأشارة الى أهمية ألتزام المرأة الحامل بمواعيد الفحص في العيادات الخاصة بالحمل، وهي الضرورية لمتابعة الحالة الصحية للأم ولجنينها. كما أنه من الضروري التزام الحوامل بالنصائح العامة التي تحيل دون الأصابة بفايروس الكورونا. ومن هذه النصائح هو غسل اليدين بمواظبة والعمل من البيوت اذا كانت المرأة الحامل موظفة وعدم الأختلاط مع الآخرين وتجنب وسائل المواصلات العامة.

 

د. عامر هشام الصفار

 

 

صائب خليللضمان أكبر احتمال للسلامة تجاه الكورونا، علينا ان نحاربها على ثلاث جبهات، تعتمد فيها استراتيجيتنا على فهم المرض:

الجبهة الأولى هي: السعي لتجنب الإصابة

يعتمد نجاحنا في هذه الجبهة على معرفتنا بالمرض وخواصه والتي تتخلص في طريقة انتقاله ومدى بقاء الفيروس على قيد الحياة، وليس لدي ما أقوله هنا سوى تكرار المعروف: تجنب الخروج الى المناطق المزدحمة، غسل اليدين، تجنب لمس الأشياء في الخارج قدر الإمكان باليد، استعمال الكفوف او الملابس، تجنب لمس الأنف او العين إلا بعد غسل اليد، عدم الاقتراب من الاخرين لمسافة اقل من متر ونصف، وربما لبس الكمامات.

بالطبع، ان تمكنا من الانتصار في هذه الجبهة فلن نحتاج الى الجبهتين الباقيتين

الجبهة الثانية: المحافظة على وضع صحي للجسم.

كيف ينتصر المصاب بالكورونا على الفيروس، وكيف يحدث العكس؟ يجب ان نفهم ان الصراع مع الفيروس حتى الآن يعتمد على مناعة الجسم وليس على الأدوية، فبشكل عام لا يملك الطب ادوية لقتل الفيروسات. ويدور الصراع في المصاب في جهازه التنفسي، حيث يقوم الفيروس بمهاجمة خلايا الرئة واتلافها. وينتج عن ذلك ضيق متزايد في التنفس. في هذه الاثناء يقوم جهاز المناعة في الجسم بمحاولة فهم الفيروس والتعرف عليه للتعامل معه وابتلاعه. لذلك فهي معركة سباق مع الزمن. وقد يبلغ المرض الحاجة الى إعطاء المريض جهاز تنفس الاوكسجين للتعويض عن نقص حجم الرئة الفعال، وهذا اهم ما تقدمه المستشفى للمريض، لإطالة المعركة وإعطاء جهاز المناعة الوقت الكافي للتغلب على الفيروس.

إذا فهمنا هذا، يصبح من الواضح أن أفضل ما نستطيع عمله هو ان نكون متهيئين للمعركة بجسم سليم نشط. ويتم ذلك بممارسة الرياضة قدر الإمكان أولاً، فهذا يساعد على صمود الرئة والقلب في حالة حصول المرض. كما ان تنشيط الخلايا الخاملة في الرئة له تأثير إيجابي ايضاً. ويمكن ذلك من خلال تمارين الاستنشاق العميق وحفظ النفس ثم الزفير. وكذلك من خلال ممارسة الرياضة التي تجعل الانسان يلهث، لأنه بذلك يستخدم كل رئته ويتصرف كما لو كان في حالة المرض ككل، وخاصة الرئتين والقلب.

النقطة الأخرى المهمة جداً في قوة جهاز المناعة هي: النوم الكافي! ولعلها أخطر واهم نقطة على الاطلاق بالنسبة لجهاز المناعة. فنحن نلاحظ مثلا اننا ان أصبنا بالرشح، فان اهم ما نستطيع ان نفعله هو النوم. قد تكون المشكلة هنا ان ظروف الاضطرار للبقاء في البيت ستجعل الشخص اقل قدرة على تنظيم وقته والنوم في الوقت المناسب. علينا ان ننام جيدا وكفاية (لا اقل من 7,5 ساعة في اليوم) رغم كل ذلك.

واخيراً من المهم ان يحصل المرء على طعام جيد من الفواكه والخضر، وألا يعاني من نقص الفيتامينات وخاصة فيتاميني آ (A) و د (D) فهما مهمان للمناعة.(1)

كذلك من المهم بالنسبة للمرضى خاصة السكر وضغط الدم والقلب، الالتزام بدقة وبشكل أكثر من المعتاد بالتعليمات الطبية في هذه الفترة.

الجبهة الثالثة والأخيرة هي: الحالة النفسية!

ليس من السهل المحافظة على الحالة النفسية بشكل جيد في ظروف الأوبئة، والحجر المرافق لها، والاضطرار الى البقاء في البيت وربما انتفاء الخصوصية الضرورية، وصعوبة الترفيه عن النفس إلا بحدود معينة. طبيعي ان ليس للحالة النفسية تأثير مباشر على الإصابة بالفيروس، لكنها بشكل عام تضعف مقاومة الجسم في حالة الإصابة. ولكن أوضح من هذا تأثيرها غير المباشر. فالمنزعج نفسياً سيجد صعوبة في النوم بشكل منتظم، وبتحمل القواعد والالتزام بها لفترة طويلة، مثل عدم الخروج والتسوق قدر الإمكان والالتزام بالحركة والرياضة والانتباه لعدم لمس الأشياء الخ.

من العوامل المساعدة على المحافظة على الصحة النفسية قيام المرء بعمل مفيد، يشعر من خلاله ان الأيام لا تمضي سدى. لذلك يجب محاولة ملئ الوقت بأعمال مفيدة أو هوايات مسلية ونافعة، كالقراءة أو الرسم او تعلم شيء ما من خلال الانترنت.

سنقدم لاحقاً بعض الاقتراحات المفيدة، وحتى ذلك الوقت، اقترح عليكم متابعة صفحتنا "فيديوات لفهم العالم"(2) ففيها عدد من الفيديوات الرائعة والمفيدة جداً، ويتم هذه الفترة بالذات نشر فيديوات رائعة من كتاب "التاريخ غير المروي للولايات المتحدة" للسينمائي اوليفر ستون، كما ان الصفحة تحتوي على فيديوات أخرى مهمة وافلام.

أخيراً أتمنى لكم ولجميع اهلكم واصدقائكم السلامة والصحة.

.

صائب خليل

...........................

(1) Vitamin effects on the immune system: vitamins A and D take centre stage

 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2906676/

(2) فيديوات لفهم العالم - Home

 https://www.facebook.com/vid2understand/

 

 

 

نيرمين ماجد البورنورغم الحملات التوعوية التي تطلقها الجهات المختصة بحماية المرضي النفسيين، ولكن لا تزال فكرة زيارة العيادات النفسية تصنف ضمن الأماكن المحظورة والمخجل زيارتها وشديدة الحساسية لدي البعض، ويعود ذلك الى أن طبيعة المجتمعات العربية ما زالت لا تتقبل وتخاف من ردة فعل أفراد المجتمع لأنه بالنهاية سيحكم عليه "بالجنون المطلق" وأن العيادات النفسية للمجانين فقط، وربما يعود الى أن طبيعة الأدوية النفسية التي تدخل ضمن دائرة الأدوية الخطرة التي تسبب الإدمان، وربما لان بعض الاطباء في الطب النفسي مقتنعين بأن المريض لا يستطيع أن يحل المشاكل بنسبة  100%وأن مسؤولية الطب النفسي يقتصر على التخفيف ومواساه المريض عبر العقاقير المنشطة والمخدرة، وان المريض هو وحده من يعيش ويفهم طبيعة مشكلته من جميع جوانبها فهو فقط يستطيع أن يعالج نفسه بنفسه من خلال مراجعه مشاكلة وتفاصيلها والتفكير بها من جميع الجوانب.

النظرة الخاطئة للطب النفسي حرمت الكثير من الناس حقهم في طلب العلاج الصحيح، وتركتهم يصلون إلى حالة يصعب بعدها العودة إلى حياتهم الطبيعية، هذه النظرة السلبية فتحت الباب أمام الدجالين والمشعوذين ليمارسوا تجارتهم على حساب آلام الناس وأوجاعهم، لان الطب النفسي بالعادة لا تظهر نتائجه بشكل سريع ومن هنا يكمن ويتضح الفرق بينه وبين الأعمال السحرية، فالسحر يعطي مفعوله بنفس الوقت بينما العلاج النفسي يتقضى الانتظار حتى ينتهي المريض من الطاقات السلبية والأوجاع وضغوط الحياة العادية، وجعلت العديد من المرضي يبحثون عن مساحة للبوح بحرية عن المكنونات عبر منصات إلكترونية للعلاج النفسي بعيدا عن أروقة عيادات الأطباء النفسيين والتي أضحت تجارة باهظة الثمن والانتظار بات يشكل خطرا وخجلا في قاعاتها، وأحيانا ينكر الأفراد أنهم مرضي نفسيين بل يعزوا المبررات الى أسباب غريبة مثل مس الجان وأعمال السحر فيتهم المصاب بضعف الإيمان والتقصير في الواجبات الروحية والدينية والحسد، والغريب بالأمر ان الناس يتجاهلون أن عادة لا يأتي للعيادات النفسية المرضي بل ضحاياهم.

يعيش معظم الناس في حالة من القلق والرعب بسبب الأخبار المتداولة والفيديوهات والصور التي تعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن فايروس كورونا لموتي واصابات وحرق للجثث بالجملة، الا ان حالة الهلع والرعب سيطرت على الناس بشكل غريب، فلا حديث للعالم في منازلهم ولا أعمالهم سوى عن فايروس كورونا أو "كوفيد 19" ولا شغل لرواد مواقع السوشيال ميديا سوى الحديث عنه وبث روح الرعب عن هذه الكارثة، لا شك ان هذه الحالة تؤثر في حالتهم النفسية وتسبب القلق ويزيد ويرفع من شعور الانسان بعبثية الحياة وهذا ما يقوده للتفكير بوضع حد لحياته فتسيطر عليه فكره الانتحار بسبب فقدان الأمل، و بسبب سيل الأخبار المتدفق فأصابهم بالقلق المستمر والرعب، ويؤكد الخبراء والأطباء النفسيين أن الهلع قد يكون أكثر وأشد خطورة من الفيروس نفسه، حيث وصل الحال انه لو صار هناك اشتباه اصابة أي شخص من الأشخاص بالفايروس يصاب الآلاف حوله بحالة من الهستيريا والرعب والقلق والبكاء، ووصل الحال بالبعض انه اذا عطس أحدهم يبتعد عنه ويقول كورونا بدلا من يرحمك الله، وانعكست هذه الحالة على سلوكيات البعض فكثرت المشاحنات والمشاجرات داخل البيت وكثرة الطلاق والحرد والعنف والضرب وظهرت صور أخرى مثل العصبية الزائدة والاكتئاب والانسحاب الاجتماعي والانزواء بالإضافة الى اضطراب النوم والكوابيس واضطراب الأكل والانشغال بالتفكير بالموت وتتبع أخبار الوفيات الناتجة عن الفايروس وتأثرت حالة الأطفال النفسية وأصبحوا أكثر تأثرا من أي فرد في الأسرة.

حالة الخوف والقلق التي سيطرت على الكثير من الناس جعلت معدلات كرات الدم البيضاء في الدم منخفضة وبالتالي يصبح الجهاز المناعي ضعيفا مما تجعلهم أكثر عرضا للإصابة بالفايروس وعلى النقيض الانسان المتفائل الذي يشعر بيقظة ذهنية ووعي كامل حيث يتم زيادة افراز الكرات البيضاء في الدم مما يجعله أكثر مقاومة وصلابة للمرض واذا تعرض للإصابة بأي مرض تكون مقاومته للمرض أقوي وبذلك يشفي منه بشكل أسرع، لذا ينصح بضرورة البعد عن الحديث بالأخبار المتعلقة بالفايروس طيلة الوقت لان كثرة الاستماع للحديث عن الموضوع يزيد من حدة الهلع ويعمق من نوبات الفزع وخصوصا للمرضي الذين يعانوا من الأمراض المزمنة كالقلب والسكري والضغط والسرطان وغيرهم من الأمراض، وضرورة المحافظة على النظافة والتعقيم واتخاذ التدابير الوقائية والانشغال بتحديد أوقات للقراءة والكتابة والحديث مع أفراد الأسرة وتناول الطعام الصحي والاستمرار في أداء الأنشطة البعيدة عن الخروج من المنزل مع تقليل الكلام عن المرض والموت وتخيل السيناريوهات غير الواقعية، لأنه يزيد من الدعم والتماسك الاجتماعي وبالتالي سيؤدي الى انخفاض نسبه الحدة والخوف والقلق والرهاب المتعلق بالأمراض.

الكثير من حالات القلق والانتحار تعود سببها إلى الخوف من المجهول وانتظار حدوث شيء ما، والسبب هنا هو فيروس كورونا المنتشر على نطاق واسع، لكن هل فكر أطباء النفس والمنظمات والمتخصصين بحال الأفراد الذين يعانوا فعليا من الفوبيا والتوتر والقلق الدائمين والخوف من الإصابة والخوف على أهاليهم وأحبابهم، والذين يخضعون لجلسات وأدوية مهدئه، وهل تم العمل على المساعدة الفعلية للتعامل مع الضغط النفسي والتوتر والخوف من خلال تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي المجاني عبر استخدام تطبيقات الاتصال المرئي أو تقديم الاستشارة والدعم عبر حلقات عبر الانترنت أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أم فكروا بارتفاع أجور "فيزيتا"  الاستشارة والدعم والتي تثقل كاهل المحتاجين للعلاج لان "العامل النفسي، كما يعلم الجميع، هو من أهم عوامل هزيمة أي مرض كان، وليس فقط فيروس كورونا،" لان الجميع يعلم كلما طالت مدة الحجر الصحي، ازدادت معها التبعات على الصحة الذهنية"، مع انتشار المخاوف على الصحة والمستقبل والعائلة، وسط تفشي فيروس كورونا الجديد، استعان نادي ريال مدريد الإسباني بفريق من الأطباء النفسيين لمساعدة لاعبيه على الاسترخاء الذهني، فبماذا استعان العالم العربي اليوم؟

 

د. نيرمين ماجد البورنو

 

دفعت المخاوف من الاصابة بفيروس الكورونا الكثير منا الى البحث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن وسائل الوقاية من المرض وانتشرت لذلك الكثير من المعلومات الخاطئة خصوصا حول كيفية تقوية وتعزيز جهاز المناعة.

لم يثبت أي طعام فردي أو علاج طبيعي أنه يعزز جهاز المناعة لدى الشخص أو يقي من مرض الكورونا. لكن هذا لم يمنع الناس من تقديم ادعاءات خادعة. هناك وصفة تتداول على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي أن الثوم المسلوق يساعد. الأطعمة الشائعة الأخرى التي توصف بخصائصها المعززة للمناعة هي الزنجبيل والحمضيات والكركم وزيت الأوريجانو ومرق العظام والزنك. هناك دراسات صغيرة تشير إلى فائدة لبعض هذه الأطعمة، ولكن لا توجد أدلة قوية بانها تعزز جهاز المناعة تجاه الإصابة بالفيروسات. تقول الدكتورة كريستينا وودز، عالمة الأوبئة والمدير الطبي للوقاية من العدوى في مستشفى جبل سيناء ويست: "هناك الكثير من المنتجات التي تروج لخصائص تعزيز المناعة، لكنني لا أعتقد أن أيًا من هذه الأدوية أثبتت فعاليته الطبية. هناك أشخاص يذكرون قصصًا حول شعورهم بالرضا بعد اخذ دواء او مكمل غذائي. قد يكون ذلك صحيحًا، ولكن لا يوجد علم يدعم ذلك".

هل هناك أغذية تعزز الجهاز المناعي؟ وهل تساعد الفيتامينات في تقوية المناعة؟

إليك ما توصلت اليه مما ينجح من خلال بحثي في الادبيات العلمية والطبية والعامة.

ما هو جهاز المناعة؟

هو عبارة عن شبكة معقدة من الخلايا والأنسجة والأعضاء تعمل جنبًا إلى جنب لحماية الجسم من العدوى ضمن نظام حيوي للمناعة. ويحدد نظام المناعة هذا عوامل غير موروثة إلى حد كبير، بينما تلعب الجراثيم التي نتعرض لها على مدى الحياة، بالإضافة إلى عوامل نمط الحياة مثل الإجهاد والنوم والنظام الغذائي وممارسة الرياضة دورًا في تحديد قوة استجابتنا المناعية في مكافحة الامراض.

خلاصة القول هي أنه لا توجد ادوية سحرية أو طعام محدد مضمون لتقوية جهاز المناعة لديك وحمايتك من فيروس الكورونا المستجد. ولكن هناك طرق حقيقية للاعتناء بنفسك ومنح جهازك المناعي أفضل فرصة للقيام بعمله ضد أمراض الجهاز التنفسي. وهي كالتالي:

الاجهاد والتوتر

يقوم جسمك بعمل أفضل لمحاربة الامراض وشفاء الجروح عندما لا يكون مجهدا او تحت الضغط. أساليب التخلص من الإجهاد او تحجيمه، مثل التأمل والتنفس العميق والتمارين الرياضية والاسترخاء والتحدث عن مشاكلك والهوايات هي أفضل الطرق لمساعدة جهازك المناعي على البقاء قويًا.

النوم

يعد التركيز على عادات النوم الأفضل طريقة جيدة لتقوية جهاز المناعة لديك. أفضل فترة للنوم هي من ست إلى سبع ساعات في الليلة. التزم بوقت النوم والاستيقاظ. تجنب الأكل وممارسة الرياضة قبل النوم مباشرة.

فيتامين د

إذا كنت قلقًا بشأن مناعة جسمك، فمن المهم فحص مستوى فيتامين د والتحدث مع طبيبك حول ما كان ضروريا تناول الفيتامين كمكمل غذائي. من المهم معرفة أنه لا توجد توصيات طبية لتناول فيتامين د من أجل تحسين صحة المناعة، على الرغم من أن التوصية القياسية لصحة العظام هي من 600 إلى 800 وحدة دولية في اليوم. في دراسة لأمراض الجهاز التنفسي، تم اقتراح جرعة تعادل حوالي 3330 وحدة دولية يوميًا. يمكن العثور على فيتامين د في الأسماك الدهنية، مثل سمك السلمون، وفي الحليب أو الأطعمة المدعمة بفيتامين د. بشكل عام. تميل مستويات فيتامين د إلى التأثر بدرجة التعرض للشمس وبلون البشرة.

اما بشأن فيتامين سي فبالرغم من الترويج له لأول مرة في نزلات البرد في السبعينيات وعلى الرغم من استخدامه على نطاق واسع، يقول الخبراء أنه لا يوجد دليل يذكر على أن له أي تأثير على نزلات البرد. هذا علما انه لا يوجد أي اثبات علمي لعلاقة فيتامين سي بتعزيز جهاز المناعة.

الافراط في شرب الكحوليات

تجنب الإفراط في الشرب. وجدت العديد من الدراسات وجود صلة بين الاستهلاك المفرط للكحول والوظيفة المناعية. تظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يشربون أكثر من اللازم هم أكثر عرضة لأمراض الجهاز التنفسي والالتهاب الرئوي ويتعافون من العدوى والجروح بشكل أبطأ. يمكن أن يؤدي الكحول المفرط إلى تلف الرئتين، وإضعاف جهاز المناعة المخاطي، وهو أمر ضروري لمساعدة الجسم على التعرف على مسببات الأمراض ومحاربة العدوى.

التدخين

للتدخين اثار وخيمة على الصحة وعلى جهاز المناعة بالخصوص تتضمن زيادة في استعداد الجسم للعدوى بأمراض مثل الالتهاب الرئوي والانفلونزا. ويضر التدخين بتوازن الجهاز المناعي مما يزيد من خطر العديد من اضطرابات المناعة والمناعة الذاتية (الحالات التي تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ خلايا وأنسجة الجسم الصحية). وجدت أدلة جديدة أن التدخين هو سبب التهاب المفاصل الروماتزمي، وهو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه جهاز المناعة المفاصل ويسبب التورم والألم.

الغذاء المتوازن وممارسة الرياضة

النظام الغذائي الصحي والتمارين الرياضية مهمان للحفاظ على نظام مناعة قوي. ومع ذلك، لم يثبت أي طعام فردي أو علاج طبيعي أنه يعزز جهاز المناعة لدى الشخص أو يقي من المرض. من جانب اخر، إذا كنت تستمتع بالأطعمة التي توصف بأنها معززات مناعية، فلا ضرر في تناولها كجزء من نظام غذائي متوازن. تأكد فقط من أنك لا تهمل النصائح الصحية الثابتة- مثل غسل يديك وعدم لمس وجهك - عندما يتعلق الأمر بحماية نفسك من الأمراض الفيروسية. كما لا تنسى ان تبقى في البيت ولا تخرج الا في الضرورة القصوى.

 

أ.د. محمد الربيعي

 

باسم عثمانتمهيد وتوصيف: الوسواس القهري هو نوع من الاضطرابات النفسية المرتبطة بالقلق، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تكرار بعض التصرفات إجباريًا (قهريا)، مما يعوق الحياة والسلوكيات اليومية.

أحيانًا يكون الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري، واعين تماما لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية غير منطقية ويحاولون تجاهلها أو تغييرها، لكن هذه المحاولات تزيد الشعور بالضيق والقلق، لذلك تعتبر هذه التصرفات بالنسبة إليهم إلزامية للتخفيف من الشعور بالضيق،،اذا، هو مجموعة أفكار غير منطقية وتصرفات إجبارية ناتجة عن القلق.

لذلك ،في هذه المرحلة الاستثنائية والدقيقة، والتي يٌطلب فيها التشدد في إجراءات النظافة المتخذة بهدف الوقاية من فيروس كورونا المستجد، نرى ان التحوّل في الذهاب إلى الحدود القصوى في النظافة الشخصية والبيئية وصلت إلى درجة المسألة العادية، لا بل هي المطلوبة جدا والضرورية للحد من خطر الوباء. لكن لا بد هنا، من الالتفات إلى الأشخاص الذين يعانون اضطراب الوسواس القهري تجاه النظافة الشخصية والمنزلية، وأيضا تجاه التوتر الزائد من سماع اخر الاخبار المتعلقة بالفيروس وانتشاره، ومن مجموع الاشاعات المتداولة وغالبا ما تكون غير دقيقة وغير علمية بخصوص وباء كورونا وطريقة الوقاية منه، حيث تعتبر هذه الأيام الأشد وطأة عليهم وفي "غاية الصعوبة" بالنسبة لهم، لعدم قدرتهم على السيطرة على هواجسهم ومخاوفهم ووسواسهم القهري؟

متطلبات جديدة:

تبدلت الأمور اليوم، بين تعليمات غسل اليدين المتكرر والتعقيم والنظافة ووضع الكمامة وارتداء القفازات، وأصبحت المبالغة فيها أحيانا من ضمن إجراءات الوقاية وتدابير النظافة الطبيعية والضرورية، بل لا بد منها حفاظاً على السلامة الشخصية والاجتماعية، ولتجنب التقاط العدوى أو نقلها إلى الآخرين.

وفي فترة قصيرة، تحوّلت سلوكيات الناس إلى ما يشبه اضطراب الوسواس القهري في مواجهة هذا الوباء، والتي تبدو النظافة في مواجهته السلاح الأكثر فاعلية للتغلب عليه، أما الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري، فيبدو هذا السلوك أكثر صعوبة عليهم من الاخرين، لاعتبار أن نظرته إلى هذه الأمور مختلفة وأكثر تعقيداً.

الوسواس القهري؟

من يعاني اضطراب الوسواس القهري، هو شخص جدا عادي في نمطه السلوكي والفكري، لكن ينتابه نمط من الأفكار الغير منطقية والغير معقولة والمبالغ فيها، ما يدفعه غالبا وبضغط نفسي إلى اعتماد سلوكيات متكررة بطريقة قهرية في الأنشطة اليومية، فتسبب له انزعاجاً كبيراً وتوترا دائما وتؤثر سلباً على ادائه وسلوكه الاجتماعي في علاقاته مع الاخرين،ضمن العائلة والعمل ومحيطه الاجتماعي، خصوصاً اذا كان هذا الشخص يكرر السلوك نفسه مرات عديدة في سعيه للتأكد في ان ما قام به هو الشكل الأمثل والنموذجي للسلوك المطلوب، وهو ما يساهم في هدر الوقت وسلبية التأثير على نمط حياته وتفاعلاته الاجتماعية. وتتركز هذه السلوكيات عادةً ليس على النظافة فحسب، إنما على الخوف من التلوث والعدوى ايضا، ومن الشكوك ما إذا كان الشخص قد أغلق الباب أو أطفأ النور أو غيرها من التفاصيل؟!، حيث تتحول هذه السلوكيات تدريجيا إلى هواجس ومخاوف مقلقة.

وثمة أمور كثيرة يمكن أن ترتبط بها هذه الهواجس، غير ارهاصات سلوك النظافة المفروض علينا لخصوصية المرحلة، حيث انه قد يبدو لنا شخص معين يبالغ في السلوكيات التي يعتمدها ويكررها في سلوكه في الأيام العادية بدون ضغوطات المرحلة الراهنة، و نحن لا نقصد هنا بالتأكيد، هذه المرحلة التي تبدو فيها كافة السلوكيات لجميع الناس مبالغ فيها حسب الضرورة، وهذا الشخص المعني – بالوسواس - لا يشعر بأنه يبالغ بسلوكه أوأنه يعاني اضطراباً سلوكيا -حتى في أيامه العادية- الخالية من الارهاصات الجديدة، فيما يبدو للأخرين المحيطين به عكس ذلك.

لقد تبدّلت الأمور والنظرة إلى هذه السلوكيات كليا في هذه المرحلة الاستثنائية التي نعيشها، لأنه من الواضح والطبيعي في هذه الفترة  أن الناس عامةً دون استثناء، قد طوّروا سلوكيات وتقاليد متكررة نتيجة القلق الزائد لديهم من حمى الفيروس الفتاك، ما دفعهم إلى الاستناد إلى معايير مبالغ فيها بشكل أكثر من المطلوب نتيجة خطورة الوضع القائم، لذلك فان ما يحصل اليوم، هو تخطي لتوصيات الجهات الطبية المختصة بشكل مبالغ فيه من قبل كل الناس، وتحوّل السلوكيات لتصبح أقرب إلى الهواجس المرضية كما يفعل البعض، حين يمضون النهار بطوله في التعقيم والتنظيف لتأمين الحماية والوقاية من الفيروس، وهو أقرب إلى تسميته "اضطراب الوسواس القهري".

في السياق نفسه، الهاجس المتواتر بشأن الإصابة بالفيروس، وإجراء الفحوص المتكررة للتأكد من السلامة بهدف الحد من توتره الانفعالي – للشخص المعني بالوسواس -، والشكوى الدائمة والمتكررة من وهم الإصابة او المعاناة من الم ما، كل هذه الأمور وغيرها من السلوكيات، تدفع الاشخاص المحيطين به إلى الاعتقاد بان الأمور قد خرجت عن السيطرة لديه، ليصبح بشكل او باخر عبئا اجتماعيا ثقيلا على العائلة ومحيطه الاجتماعي،،لعدم تفهم هواجسه وسلوكياته القديمة – الجديدة، استيعابها ومساعدته في التخلص من بعضها، وربط سلوكه بالسلوك الجماعي للعائلة وابرازه بأنه السلوك العادي والمطلوب وفق مقتضيات المرحلة، وهو الذي كانت هواجسه فبل ذلك تدفعه إلى عدم الخروج من المنزل خوفاً من الانفلونزا في موسمها الطبيعي، وبالتالي هذه الهواجس موجودة لديهم بغض النظر عن وجود فيروس كورونا المستجد من عدمه.

إن هذه المرحلة صعبة جداً على من يعانون اضطراب الوسواس القهري، الذين ترتفع نسبتهم حول العالم، والذين يُسجنون داخل أفكارهم وهواجسهم وسلوكياتهم، وعندما تتحوّل الأمور في هذا الاتجاه، يشعرون أن العالم يشكل خطراً عليهم وأنه لا إمكان من التحرر من هذه المخاوف؟!، فكيف بالأحرى إذا كانت بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بمعلوماتها الغير دقيقة والغير علمية تؤكد وتزيد من هواجسهم ومخاوفهم؟!،وكأن هذه الهواجس أصبحت حقيقة واقعة، فتؤكد لهم أن سلوكهم و خوفهم منطقي ومبرر وقائم، وسيزيده  تخوفاً مما سيحصل عاجلا ام اجلا. وكما يبدو ان ظروف اليوم مواتية جدا لتبرير هواجسهم وسلوكياتهم، وهذا ما يجعل من هذه المرحلة الأكثر صعوبة بالنسبة اليهم، فيعانون كثيراً وتزداد معاناتهم مع مرور الأيام، لانهم بالأساس يعانون من مشاكل كثرة التعقيم والتنظيف والخوف من المرض في الحالات الطبيعية، وزيادة السلوكيات الجديدة زادت إلى حد كبير من هواجسهم وقلقهم، بعد ان وجدوا ما يبررها،ويسوغها من متطلبات المرحلة الجديدة،،وانهم كانوا على صواب في سلوكياتهم قديما.

إرشادات:

- التعرض وعدم الاستجابة: هو السبيل الى وقف السلوك القهري والقلق من تعزيز بعضهما البعض، لأنك لوبقيت في موقف ضاغط طويلا فأنك تعتاده تدريجيا ويختفى القلق، وهكذا تدريجيا تواجه الموقف الذي تخشاه (التعرض)، ولكنك تمنع نفسك من القيام بالطقوس المعتادة، مثل الفحص أو التنظيف (منع الاستجابة)، فالعلاج المعرفي هو العلاج النفسي الذي يساعدك على تغيير ردود الافعال للأفكار بدلا من محاولة التخلص منها، أي التخلص من السلوك القهري بدلا من التخلص من الفكر الوسواسي.

- لا تتابع الأخبار على مدار الساعة، بل في أوقات معينة لمعرفة المستجدات فقط.

- اعتمد المصادر الموثوق بها لأخذ المعلومات واحذر الأخبار الشائعة المفبركة على وسائل التواصل الاجتماعي.

- طرح الأسئلة على الخبراء في حال الشكوك، كالطبيب أو وزارة الصحة العامة.

- الالتزام بمعايير الوقاية اللازمة، والتي تتحدث بشكل مفصل عن غسل اليدين واستعمال السائل المعقم عند لمس الأسطح خارج المنزل والتعقيم عند العودة إلى المنزل من دون مبالغة، مثال: (لا جدوى من التعقيم في المنزل في حال عدم الخروج).

- اشغل نفسك بنشاط مفيد كالقراءة والرياضة.

- الابتعاد عن الأشخاص السلبيين والمهولين في تعاطي الأمور، لأن الخوف والسلبية لا يفيدان.

- مارس اهتماماتك وحياتك الطبيعية مع الانتباه لمتطلبات المرحلة دون التمادي بها.

 

د. باسم عثمان

 

محمد فتحي عبدالعالدواء قديم عاد للحياة منذ اعلان الصين وفرنسا واخيرا الرئيس الأمريكي ترامب عن فاعليته ضد فيروس كورونا المستجد حتى أصبح عقار الهيدروكسي كلوروكين والمعروف تجاريا بالبلاكنيل حديث الساعة هذه الأيام... فما هو هذا العقار وما هي آليات عمله وفيما يستخدم؟ كانت البداية لاستخدام هذا العقار عام 1955 للوقاية والعلاج من مرض البرداء او الملاريا وفي أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي طويل المدى. الآلية التي يعمل بها الهيدروكسي كلوروكين ليست معلومه بالشكل الكامل ولكن نظريا يتطلب دخول الفيروسات المغلفة في الخلايا اندماج الغشاء المحيط بالفيروس مع غشاء الخلية المصابة للسماح بإطلاق الجينوم الفيروسي في السيتوبلازم. وفي حالة COVID-19 فالفيروس يرتبط بمستقبلات للإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2) على سطح الخلايا ثم يدخل الخلية مكملا رحلته المرضية حيث يستغل الخلية لتكون مصنع لاستنساخ ومضاعفة محتواه من الرنا الفيروسي . خطوة اندماج الأغشية الفيروسية والخلوية تحتاج إلى خفض الأس الهيدروجيني الحمضي في فجوة الليسوسوم للخلية ومهمة الهيدروكسي كلوروكين هي رفع الأس الهيدروجيني وبالتالي يمنع الاندماج ودخول الفيروس للخلية. كما يثبط من إنتاج وتحرر السيتوكينات الضارة بالخلايا. لكن هل يمكن لأي شخص ان يتناول هذا العقار من تلقاء نفسه ودون أن يكون قيد الرعاية الصحية في إحدى المستشفيات؟ بالطبع لا فلازال الدواء قيد التجريب حتى الآن إضافة إلى أعراضه الجانبية الضارة في حالة تجاوز الجرعات الآمنة منه ومن هذه الأعراض صعوبات الرؤية والقراءة و اعتلال شبكية العين المرتبط بالجرعة حتى بعد التوقف عن استخدامه لذلك ينبغي فحص العينين بشكل دوري مع استخدامه وكذلك تغير تصبغ العين وفرط تصبغ الجلد والطفح الجلدي والدوار وفقر الدم وحب الشباب والكوابيس والاكتئاب إضافة إلى عدم الانتظام في ضربات القلب كما يقلل مؤقتا من عدد خلايا الدم البيضاء مما يزيد من فرصة الإصابة بالعدوى كما قد يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم عند تناوله مع بعض الأدوية كما يزيد من سوء حالة كل من الصدفية والبرفيريا. لذلك ينبغي زيادة الوعي لدى الناس بعدم استخدامه الا بعد انتهاء الاختبارات السريرية من جانب الهيئات البحثية لحساب الجرعة العلاجية المعطاة في حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديد حتى لا يؤدي إلى أضرار جسيمة ثم اقراره بشكل كامل من جهة الجهات الصحية المعنية. د. محمد فتحي عبد العال صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية ودبلوم الدراسات العليا في الميكروبيولوجيا التطبيقية ورئيس قسم الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية بمصر سابقا

 

د. محمد فتحي عبد العال

 

الصفحة 3 من 3

في المثقف اليوم