ثقافة صحية

آيات حبه: التوحد.. وحش كسر قلوب الامهات (1)

كم من طفل مسلوب من مرحلة الطفولة ومنعزل عن العالم، كم من ام تموت باليوم بعدد اللحظات عندما ترى طفلها ضائع بعالم مجهول لا تعلم عنه شي. سابقا وصف المصابون بالتوحد في مجال الطب ووسائل الإعلام بأنهم أشخاص لا عواطف لديهم وقد كتبت إحدى الصحف عن "متلازمة اسبرجر" عام 1990 تصف التوحد بأنه "المرض الذي يصيب الأشخاص الذين ليست لديهم المقدرة على الإحساس"، كما وصفت الأشخاص المصابين بالتوحد بأنهم قساة، ولا قلوب لهم. لكن الحقيقة مختلفة تماما.  

في البداية تعالو نتعرف على مفهوم اضطراب طيف التوحد والذي يعرف على انه أحد الاضطرابات العصبية التي تتسم بمشاكل في التواصل والسلوك، وعادة ما تبدأ أعراضه بالظهور قبل عمر الثلاث سنوات. يعاني مصابو التوحد من اضطراب في النمو العصبي حيث يؤثر على عملية معالجة البيانات في الدماغ، ما يتسبب في ضعف التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وحدوث أنماط سلوكية متكررة. ولهذا المرض درجات تم اعتمادها وفقا للتشخيص وهي :متلازمة أسبرجر،اضطراب التوحد،اضطراب الطفولة التحللي، الاضطراب النمائي الشامل. ولكن حديثًا ووفق دراسات عديدة تم دمج هذه الأنواع تحت اسم اضطراب طيف التوحد، وهي فئة واحدة تضم 3 مستويات مختلفة وتشمل:

المستوى الأول (التوحد الخفيف) وفيه يكون الطفل قادرًا على التحدث بعبارات كاملة، ولكنه يواجه بعض المشاكل في القدرة على تبادل الحديث بطلاقة مع الآخرين، وصعوبة فهم الإشارات ولغة الجسد، لذلك فهو يحتاج إلى رعاية

والمستوى الثاني (التوحد المتوسط) وفيه يواجه الطفل صعوبة أكبر في التواصل فيقتصر حديثه على عبارات بسيطة، كما ينخرط في سلوكيات متكررة، ويحتاج إلى رعاية ودعم كبير.

اما المستوى الثالث فهو أشد درجات التوحد وفيه يحتاج الطفل إلى رعاية شاملة، حيث يعاني من صعوبة شديدة في التواصل، وعدم القدرة على التحدث بوضوح، ونادرًا ما يتفاعل مع الآخرين، كما تظهر عليه الأعراض السلوكية بصورة أكثر حدة.

ويبقى السؤال ما سر هذا المرض؟ في الحقيقة لم تعرف أسباب التوحد بدقة حتى الآن، ولكن التشخيص الارجح انه قد ينجم عن مشاكل في أجزاء من الدماغ مسؤولة عن معالجة المدخلات الحسية، وهناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة به، منها: الجنس، حيث يعد الذكور أكثر عرضة للإصابة بالتوحد بمعدل 4 مرات عن الإناث، وجود تاريخ عائلي من الإصابة بتوحد، كبر عمر الأبوين، حيث يزيد خطر توحد الطفل كلما كان الأب أو الأم أكبر في العمر عند إنجابه. واستخدام بعض الأدوية أثناء فترة الحمل، أو التعرض للمواد الكيميائية، أو إصابة الأم الحامل ببعض الأمراض، مثل مرض السكري، أو السمنة، أو عدوى فيروسية، كذلك انخفاض وزن الطفل عند الولادة، وحدوث بعض الطفرات الجينية، والتعرض للسموم البيئية والمعادن الثقيلة.

وعادة ما تظهر على طفل التوحد أعراض واضحة في مرحلة الطفولة المبكرة بين عمر 12 إلى 24 شهرًا، ولكنها يمكن أن تظهر قبل هذا العمر أو بعد ذلك.

 وتختلف أعراض التوحد عند الأطفال، حيث تتراوح من أعراض خفيفة إلى شديدة، وتتضمن هذه الأعراض انخفاض التواصل البصري،عدم الاستجابة عند مناداة الطفل باسمه،مقاومة الحضن أو حمله وتفضيل اللعب بمفرده، افتقاد مريض التوحد القدرة على التعبير بالوجه أو فهم مشاعر الآخرين، التأخر في الكلام وعدم استطاعة نطق الكلمات أو تكوين جمل، التحدث بنبرة غير طبيعية أو بطريقة تشبه الإنسان الآلي،عدم استطاعة بدء المحادثات أو الاستمرار فيها،تكرار كلمات وعبارات مرارًا وتكرارًا.

وللمقال بقية..يتبع.....

***

د. آيات حبه

في المثقف اليوم