ثقافة صحية

هل يغدو اكسيد النيتريك طوق النجاة لتعويض النقص في أجهزة التنفس الصناعي؟

محمد فتحي عبدالعالفي خضم محاولات وتجارب لا تنتهي لإيجاد علاج فعال لفيروس كورونا فقد أجري أطباء في الولايات المتحدة وأوروبا تجربة حول استخدام غاز اكسيد النيتريك ليكون عوضا عن أجهزة التنفس الصناعي التي تلاقي تزايدا في الطلب عليها مما حدا بشركة (ميدترونيك) العالمية والرائدة في  أجهزة التنفس الصناعى للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأجهزتها كما شاركت  التصميمات مع الدول الأخرى للبدء فى تصنيعها فورا.

وبحسب تقرير صحيفة الديلي ميل فقد بدأت ثلاثة ولايات أمريكية وثلاث دول أوروبية في تجربة استنشاق غاز اكسيد النيتريك لمرضى كورونا عبر جهاز ( CPAPضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر) ويستغرق العلاج من 20 إلى 30 دقيقة مرتين يوميا لمدة أسبوعين مما قد يقضي على الفيروس ويخفف من تلف الرئة.

فما هو غاز اكسيد النيتريك واستخداماته الطبية؟

هو غاز عديم اللون وعند استنشاقه يعمل على توسيع الأوعية الدموية خاصة في الرئتين مما يؤدي إلى زيادة كمية الأكسجين المتدفقة إليها ولجميع أنحاء الجسم ويستخدم مع جهاز التنفس الصناعي للحيلولة دون فشل الجهاز التنفسي لدى الأطفال حديثي الولادة. كما تشير بعض الدراسات إلى امتلاك غاز اكسيد النيتريك خصائص مضادة للفيروسات التاجية.

هل اكسيد النيتريك بعيدا عن حياتنا العادية؟

انه قريب للغاية فعقار الفياجرا والمستخدم في علاج الضعف الجنسي لدى الرجال يمارس عمله عبر اكسيد النيتريك ذلك أن السيلدينافيل وهو المادة الفعالة في الفياجرا تعمل على تثبيط انزيم فوفسفودايستراز 5 مما يؤدي إلى إطلاق اكسيد النيتريك والذي يعمل على توسيع الأوعية الدموية وتدفق الدم إلى العضو الذكري فضلا عن تدفق الدم والاكسجين في الرئتين لذا فالفياجرا ليست علاجا للضعف الجنسي فحسب بل تستخدم أيضا في علاج ضغط الدم الرئوي وفي بعض حالات  الانسداد الرئوي المزمن (COPD) المصاحبة له.

كما أن الدور نفسه للفياجرا مع اكسيد النيتريك  يلعبه الحمض الأميني (الارجينين) داخل الجسم وكذلك السيترولين (متوفر بالبطيخ) فضلا عن الجينسينج و البيكنوجينول وهو مستخلص نباتى من شجرة الصنوبر.

لكن هل حل مشكلة توافر أجهزة التنفس الصناعي كفيلة ان تبعد مخاطر هذا الفيروس القاتل عن الرئة؟

 بحسب التقارير الصحفية الواردة من الولايات المتحدة الأمريكية والصين وبريطانيا  فهناك ارتفاع في معدلات الوفيات بشكل غير طبيعي بين المرضى الموضوعين على أجهزة التنفس الصناعي مما جعل الأطباء يحاولون تلافي الضرر عبر وضع المرضى في أوضاع مختلفة لمحاولة الحصول على الأكسجين في أجزاء مختلفة من رئاتهم أوإعطائهم الأكسجين عبر أنابيب الأنف أو إضافة اكسيد النيتريك إلى علاجات الأكسجين.

ولكن بقى اللغز المحير لماذا تكون النهاية احيانا مع أجهزة التنفس الصناعي؟ !

في بحث متواضع وشيق قدمه مهندسين صينين في مجال تكنولوجيا المعلومات والمعلوماتية الحيوية  وبتحليل وظيفة بروتينات فيروس كورونا عن طريق الحاسوب تبين أن بروتينات الفيروس تهاجم الهيموجلوبين أو خضاب الدم وهو بروتين محمول داخل خلايا الدم الحمراء ويحتوي على ذرات الحديد (Fe). يلتقط الأوكسجين في الرئتين ويسلّمه إلى الأنسجة للحفاظ على حياة الجسم وما يفعله كوفيد بحسب الدراسه لعرقلة دور الهيموجلوبين هو أن ينزع عنه جزئ الحديد الموجود في شق (الهيم) به وبالتالي يفقده القدرة على حمل الأكسجين إلى باقي أجزاء الجسم وهو ما يفسر الفشل التام لاعضاء الجسم وهو سبب الوفاة بفيروس كورونا كما فسرت الدراسة تلف الرئة أنه نتيجة للحديد الذي أصبح طليقا بالدورة الدموية  وقد حاولت الدراسة أن تجعل هذا السيناريو هو السبب في قدرة الكلوروكين على التصدي لكورونا عبر منعها من إصابة الهيموجلوبين كما يفعل مع طفيليات الملاريا سواء بسواء .. ولكن يبقى البحث نظريا وبآليات شديدة التواضع لذلك لابد من التريث لفهم هذا الفيروس الذي يتحدى العلم الحديث باصرار وتحدي كبيرين.

 

د. محمد فتحي عبد العال

صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية ودبلوم الدراسات العليا في الميكروبيولوجيا التطبيقية ورئيس قسم الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية بمصر سابقا

 

في المثقف اليوم