ثقافة صحية
لقاح أكسفورد المجاز.. أسئلة لابد منها
يأمل مسؤولو الصحة في بريطانيا قريباً في تطعيم مليون شخص في الأسبوع، في الوقت الذي نرى فيه المستشفيات مزدحمة بحالات الإصابة بنوع جديد أكثر عدوى من فيروس الكورونا أو الكوفيد19.
فقد أصبحت بريطانيا اليوم أول دولة في العالم تمنح تصريحًا طارئًا للقاح فيروس كورونا الذي طورته شركة أسترازينيكا بالتعاون مع جامعة أكسفورد، مما يفتح الطريق أمام لقاح رخيص الكلفة وسهل التخزين، يعتمد عليه الكثير من دول العالم للمساعدة في إنهاء الوباء. .
ففي قرار جريء لتسريع التطعيمات، وجهت هيئة أستشارية تابعة للحكومة البريطانية الأطباء، لإعطاء أكبر عدد ممكن من الأشخاص جرعتهم الأولى من لقاح فيروس كورونا، دون حجز الإمدادات للجرعات الثانية المخطط لها.
وقالت الحكومة اليوم إنه بدلاً من إعطاء الجرعتين من اللقاح في غضون شهر، سينتظر الأطباء لمدة تصل إلى 12 أسبوعًا لمنح المرضى جرعاتهم الثانية، وهو قرار ينطبق على لقاح أكسفورد-أسترازينيكا.
ومع بدء طرح التطعيم ببطء في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، كان المسؤولون البريطانيون يستجيبون لدعوات لتأجيل الجرعات الثانية كطريقة لمنح المزيد من الناس الحماية الجزئية لجرعة واحدة. وقال مات هانكوك، وزير الصحة البريطاني، إن الناس سيبدأون في تلقي اللقاح أوائل الأسبوع المقبل.
وبالنسبة لبريطانيا، فالبلاد غارقة في حقيقة الأمر بسبب طوفان من حالات الأصابات بنوع جديد أو قل سلالة جديدة أكثر عدوى من الفيروس، ليأتي قرار هيئة تنظيم الأدوية اليوم ببعض الأمل حيث تستعد دوائر الخدمات الصحية لتطعيم مليون شخص في الأسبوع تقريبًا في مواقع مؤقتة في ملاعب كرة القدم ومضمار السباق، وهو تحدٍ جديد ليس سهلاً في وقت أزمة الكورونا وأنشغال العاملين في الصحة بعلاج الأصابات الواصلة للمستشفيات.
وبالنسبة للقاح أكسفورد فمن المحتمل جداً أن يصبح الشكل المهيمن للتلقيح في العالم، حيث أن كلفته لا تتجاوز 3 دولارات إلى 4 دولارات للجرعة الواحدة، والتي هي جزء بسيط من تكلفة بعض اللقاحات الأخرى. كما ويمكن شحن وتخزين لقاح أكسفورد/أسترازينيكا في درجات حرارة التبريد العادية لمدة ستة أشهر، بدلاً من المجمدات فائقة البرودة التي تتطلبها اللقاحات المنافسة من شركة فايزر وموديرنا، مما يسهل إعطائها للأشخاص في المناطق الفقيرة والتي يصعب الوصول إليها.
ومن المهم علمياً أن نقول أنه عند إعطاء لقاح أكسفورد في جرعتين كاملتي القوة، أظهر اللقاح فعالية بنسبة 62 بالمائة في التجارب السريرية، وهي أقل بكثير من الفعالية التي تبلغ 95 بالمائة تقريبًا التي حققتها لقاحات أخرى ضد الكورونا . ولأسباب لا يفهمها العلماء بعد، أظهر لقاح أكسفورد فعالية بنسبة 90 في المائة في مجموعة أصغر من المتطوعين الذين تم إعطاؤهم جرعة أولية تعادل نصف كمية أو قوة الجرعة الأصلية.
وعند الإعلان عن التفويض اليوم الأربعاء الثلاثين من ديسمبر، لم تحدّد وزارة الصحة البريطانية على الفور نظام الجرعات المصرح به، أو ما إذا كان سيتم منح الأطباء مهلة للاختيار بين الاثنين.
بالإضافة إلى الأسئلة المتعلقة بالجرعات وهو من المهم، يجب على الخدمات الصحية في بريطانيا أيضًا معرفة كيفية إقناع الناس بأخذ لقاح يبدو أقل فعالية من اللقاحات المتاحة الأخرى، ومع ذلك فأن هذا الأمر يمكن أن يسرّع في نهاية الوباء الذي يقتل مئات الأشخاص كل يوم في بريطانيا وآلاف أخرى حول العالم.
وقد أعتمد التفويض العلمي للقاح اليوم على بيانات من التجارب السريرية في مرحلة متأخرة في بريطانيا والبرازيل. ومن المتوقع أيضًا أن تقرر الجهة المنظمة للأدوية في الهند قريبًا ما إذا كانت ستوافق على اللقاح، الذي يتم تصنيعه هناك من قبل منتج اللقاح المحلي، معهد المصل.
وفي الأيام الأخيرة، خاض علماء أكسفورد الذين طورّوا اللقاح، في نقاش على جانبي المحيط الأطلسي حول ما إذا كان سيتم تأخير الجرعات الثانية المخطّط لها من هذا اللقاح وغيره من اللقاحات كوسيلة لمنح المزيد من الأشخاص الحماية الجزئية لجرعة واحدة. قال أندرو بولارد ، مدير مجموعة أكسفورد للقاحات، في مقابلة إذاعية يوم الإثنين الماضي 28ديسمبر أنه "من المنطقي جدًا البدء مع أكبر عدد ممكن من الأشخاص من خلال تأخير الجرعة الثانية".
الدكتور عامر هشام الصفّار