هايكو
سعد جاسم: الطبيعة هايكو.. الحياة سينريو
بدمٍ أَزرق
يكتبُ الغرقى
وصاياهم الاخيرة
**
مسجونة في زجاجة
مكتوبة بحبر البحر
رسائل الغرقى
**
في ميناءِ البحر
سفنٌ وزوارقٌ نائمة
لا تكترثُ للعواصفِ الهوجاء
**
برغمِ شراسةِ الريح
على سريرِ البحرِ
نوارسٌ تتشمّسُ هانئةً
**
يحلمونَ بالوصول
الى فراديسِ اوربا
اطفالُ العوائلِ الغريقة
**
غرقى أَمْ منتحرونْ؟
هؤلاء البشرُ الطافونْ
فوق زبدِ البحر؟
**
بحبرِ البحر
الغرقى يكتبون
ذكرياتهم المريرة
**
لا جثثُهم ولا رسائلهم
تصلُ الى أهاليهم
ضحايا القواربِ البحرية
**
أحلامُهم لمْ تَمتْ
متشبثينَ بخيوطِ أمل
غرقى تايتانك الجديدة
**
في مملكةِ الماء
تنامُ هانئةً
حورية البحر
**
مراهقة مُتَبرّجة
تحتضنُ "اركَيلةً" بالتفاح
عائلةٌ عربيةٌ مُتحررة
**
صبايا متمردات
"يؤركَلنَ" في الكافيهات
عصرُ الحريّةِ المنفلته
***
في بيوتِ الهوى
يبعْنَ الملذّات
بناتُ الليل
**
بحثاً عن المُتْعة
فتيانٌ وبناتٌ
يُعكًرونَ مزاجَ الليل
**
رغيفٌ ساخنُ جداً
يخرجُ للتوِّ من فرن
نحتفي بهِ فرحينَ: فيحرقُنا
**
تشْهقُ آخرَ انفاسِها
عديمة الرؤية والرؤيا
بلادُ الرافدين
**
قطرةُ دمٍ مُتَجَمّرة
تُذكّرني بقنّاصٍ مُتهّور
جمرةُ سيجارةٍ بالظلام
**
يموتُ واقفاً
على ضفافِ الانهار
شجرٌ لايتسوّلُ الماء
**
خالية من البشر
الكلاب / المجانين
مدينةٌ بانتظار حربٍ أُخرى
**
واقفةً تحتضرُ ببطءٍ
من لوعةِ العَطَش
عمَّتُنا النخلةُ العراقية
**
بكلِّ حواسّهِ يُبْصرُ
يرى العالمَ ببصيرتهِ
حكيمٌ أعمى
**
من كوّةِ سجنٍ صحراوي
تسطعُ ضاحكةً بدفءٍ
شمسُ الحبِّ والحريّة
**
من ثقبٍ ما بزنزانتِه
يرى ظلَّ القمر
سجينٌ أَبدي
**
لمْ تعُدْ طبيعية
عواصف / اعاصير/ براكين
الطبيعةُ الآن
**
من الزهورِ النديَّة
تختلسُ عسل القُبُلات
نحلاتُ الربيع
**
تحلمُ أَنْ تكونَ
شجرةَ حُب
امرأةٌ عاشقة
**
تغارُ من رفيفِها
راقصاتُ الباليه
فراشاتُ الحقولِ القزحيّة
**
عيونُهُ المُتوهّجة
تُشْعِلُ الغاباتِ الليلية
نمرٌ البراري
**
من سطحِ البيت
أراها برتقالةً حمراء
شمس الغروب
**
يُحاولُ العودةَ
الى نبعهِ الأوّل
نهرٌ ضيّعَ مجراه
**
ينهشُ كلَّ شيء
الا قلوب العشّاق
وحشُ السرطان
**
شيطانٌ خبيث
يغزو ارواحَ الناس
الحزن المُتوحّش
**
فايروسٌ شيطاني
ينهشُ العالم
وباءُ الجوع
**
كل ليلةٍ تحلمُ
أنّها حاملٌ بثلاثة
امرأَةٌ عاقر
**
كل ليلةٍ تحلم
بفارسٍ بلا ملامح
امرأةٌ وحيدة
**
كل ليلةٍ تحلم
بحفلةِ عرسٍ مُدهشة
امرأةٌ عانس
**
أَجنحةٌ للتحليق
جدرانٌ نستندُ عليها
الأصدقاءُ الحقيقيون
**
بكلِّ قوّةٍ وعناد
تقاوم ُالعواصف
شجرةُ التوتِ البرّي
**
بدهشةٍ تنظرُ للفراشات
تتمنى الطيرانَ مثْلَها
طفلة ٌحالمة
**
فراشةٌ مُلوَّنة
ترفرفُ فوقَ زهرة
ظلُّها فراشة ٌ أُخرى
**
نحلةٌ فوتغرافية
مشغولةٌ بتصويرِ الطبيعة
شاعرةُ هايكو
**
بعينيهِ اللمّاحتين
يقتنصُ اروعَ الهايكوات
" هايكست " مُحترف
**
يفتحُ نافذةَ غرفتَه
فيطيرُ منها قلبُهُ
أسرعَ من ضوء
**
تتفتحُ كل صباح
برغم قسوة الجليد
زهور الثلج
**
ملاكٌ صغير
يسقطُ في البئرِ سَهْواً
" ريّانُ " الغريق
**
لا للحربِ / المجاعات
كلَّ صباحٍ اكتبُ
على شجرةِ الأمنيات
**
للطيورِ تنظرُ بدهشة
تتمنى الطيرانَ مثْلَها
طفلة ٌحالمة
**
وجوهُهم مُلطّخةٌ
بالمساحيقِ والأَقنعة
أَشباهُ رجالْ
**
ملامحٌ مشوَّهة
َأَسماءٌ مُسْتعارة
نساءٌ مسترجلاتْ
**
سعد جاسم
.........................
* مختارات من كتاب هايكوي جديد يشتغل عليه الشاعر، وسوف يصدر في العام القادم