أقلام حرة

صادق السامرائي: بوصلة الوهم!!

نبدو وكأننا كالقاطنين في كهف ونحسب الحياة ما ينعكس على جدرانه، فتفاعلاتنا لا تمت بصلة لواقعنا، ولا تحمل أجوبة صائبة على التحديات التي تواجهنا.

كل واحد منا يغني على ليلاه القابعة في دياجير وعيه المتمترس في منطلقات وتصورات فانية.

الأجيال مرهونة بأوهامها، وهي أضاليل وتصورات منبعثة من ينابيع النفوس الأمارة بالسوء والبغضاء، فتأخذ الناس إلى مواطن سقر.

الوهم يستعبد الناس ويسوّغ لهم ما يتوارد لأذهانهم من عجائب التفاعلات السيئة، خصوصا عندما يرتبط بقوة كونية كبرى، فيصبح المتوهم أداة طيعة لتنفيذ إرادة الوهم الفاعل فيه.

وهم العقائد والأديان متجذر في الناس منذ أقدم الأزمان، ولا يمكن محاورة صاحب عقيدة أو دين لأن الوهم يتملكه ويمع عنه التفكير والنظر، فهو عبد مطيع لوهمه الطاغي على رؤاه وتصوراته، ومن المستحيل زحزحة الوهم وتحرير صاحبه منه , أو مساعدته على وضعه على طاولة النظر والتفاعل المتعقل معه.

الوهم سلطان مستبد عنيد، ولا حل أمامنا إلا القبول بالأوهام والتعايش معها، فلكل فرد ومجتمع أوهامه المهيمنة على وعيه والمسيرة لأيامه والرافعة لأركان حياته.

أوهامك مقدسة وأوهامي مقدسة، فدع المقدسات الوهمية في مكامنها ولا تضعها على طاولة التفاعلات اليومية، لأنها ستتقاتل وتسفك الدماء، فالأوهام تجرد عبيدها من المسؤولية.

بعضهم يريد لأوهامه أن تطغى على أوهام الآخرين، ولن يكون ذلك إلا بالإبادات المروعة والتطهير العرقي، مما يضع المجتمعات في أوعية الخسران والصراعات البينية الفتاكة.

توهّمْ كيفما تهوى، ولكنْ

على أوهامِ غيركَ لا تراهنْ

هي الأوهامُ قائدنا لحتفٍ

فصن وطناً وعشْ أبداً مواطنْ

بنا الدنيا بأوهامٍ تواصتْ

وفي وهمٍ على زمنٍ نداهنْ

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم