أقلام حرة

علاء اللامي: قانون فرنسي يعيد آثار الدول الأخرى

هل سمع به المسؤولون العراقيون؟

فرنسا تسن قانونا يسهل إعادة الممتلكات الثقافية ومنها الآثار المنهوبة من دول العالم منذ القرن التاسع عشر فهل سمعت الجهات المعنية العراقية بهذا الخبر وتحركت كما تحركت مصر وغيرها لاستعادة أثمن وأندر الآثار العراقية ومنها مسلة قوانين حامورابي الأصلية من المتاحف الفرنسية؟

جاء في تقرير إخباري نشر اليوم في وسائل الإعلام الفرنسية والعربية "أن الحكومة الفرنسية أعلنت عن مشروع قانون جديد يهدف إلى تسريع استعادة الممتلكات الثقافية التي نُهبت خلال الحقبة الاستعمارية، وذلك من خلال تبسيط الإجراءات القانونية وإشراك خبراء من فرنسا ومن الدول المعنية. ويأتي هذا المشروع في إطار توجه رسمي لمعالجة ملف الموروث الثقافي المنهوب، إذ ينص القانون على تسهيل إعادة الأعمال الفنية والمقتنيات التاريخية إلى "الدول التي حُرمت منها نتيجة الاستيلاء غير المشروع" بين عامي 1815 و1972، كإطار زمني للمراجعة، حيث يمثل العام الأول بداية حركة أوروبية لإعادة الأعمال المنهوبة خلال الحروب النابليونية، في حين يشير العام الأخير إلى بدء تطبيق اتفاقية اليونسكو الدولية لحماية الممتلكات الثقافية من الاتجار غير المشروع". وورد في الأخبار أيضا أن عدد من الدول المهتمة باستعادة آثارها الوطنية وفي مقدمتها مصر شكلت لجانا خاصة لاسترجاع تلك الآثار التي سلبت أو استولت عليها السلطات الفرنسية بطرق غير مشروعة منذ الفترة النابليونية. ولدى استفساري من أكثر من صديق متخصص في هيئة الآثار العراقية وفي المتحف العراقي -الذي رفعت عنه صفة "الوطني" لسبب في نفس يعقوب "الأميركي"!- عن الموضوع وعن الاستعدادات والتحضيرات العراقية للقيام بالواجب المقتضى حيال تراثنا الثقافي القديم اتفق جميع من سألتهم على إنهم لم يسمعوا بهذا الخبر ولم يسجلوا أي حركة في هذا الاتجاه من قبل مؤسساتهم!

من الطبيعي أن أصدق ما قاله الأصدقاء فالمنظومة الحاكمة الفاسدة التي تبيع كل شيء في العراق حتى آثاره ومنافذه البحرية كخور عبد الله وتهمل كل شيء حتى مياه الرافدين العظيمين اللذين تحولا إلى قنوات ترابية جافة لن تهتم بموضوع استرجاع آثار العراق ولو تسنى لحكام بغداد لتنازلوا عن تلك الآثار لفرنسا مقابل عدة ملايين من الدولارات وتقاسموا المبلغ حسب المحاصصة الطائفية!

أما من يقول ويتمنى أن تبقى آثارنا في متاحف الدول الغربية بحجة أن ذلك آمن وأضمن لسلامتها بحجة ما فعله مجرمو داعش بأثارنا في محافظة نينوى وغيرها، فأقول: إن كارثة التمرد التكفيري لحظة في تأريخ العراق الطويل ولا ينبغي أن يحوله البعض إلى عقد سوداء هي كل تأريخنا وتراثنا وليس معنى حدوث هذا التمرد وتدمير التكفيريين لبعض آثارنا في محافظة نينوى وغيرها أن نسلم كل بلادنا للأجنبي ليحفظها لنا في متاحفه وقلاعه وقواعده العسكرية. هذا أولا، وثانيا فإن آثارنا وآثار الدول الأخرى المنهوبة لم تكن في أمان تام وقد تعرضت للحرائق والقصف الجوي خلال الحرب العالمية الثانية كما حدث لأكبر متاحف ألمانيا في مدينة دريسدن ومتحف برلين سنة 1945، ومتاحف أخرى مركزية وتم تدمير آلاف القطع الأثرية العالمية واختفت من الوجود كما تم إهمال آلاف الآثار في مخازن أحد المتاحف البريطانية قبل عقدين من السنوات ودمرت بالكامل. وآخر حريق حدث في متحف ألماني كان في 23 شباط 2023، أما في حريق متحف لندن في 27 آذار سنة 2013، فقد نشرت أنباء عن تدمير مئات الآثار المصرية وغيرها في مخازن هذا المتحف، إضافة إلى آلاف جرائم السرقات للآثار والأعمال الفنية في أوروبا والولايات المتحدة واتساع سوق بيع الآثار على الانترنيت وفي مزادات افتراضية في عصرنا يسفه فكرة التخلي عن آثارنا وتركها لدى الدول الغربية الاستعمارية.

ورغم الخشية القوية من فساد المسؤولين العراقيين في حكم المحاصصة العراقية ومن أن يقوم بعضهم بسرقة هذه الآثار المستعادة وبيعها مجددا فإن القانون الفرنسي الجديد مهم ومفيد ويمكن بواسطته استعادة آثارنا الثمينة من المتاحف والخزائن الفرنسية وغيرها ولكن تحت الإشراف الشفاف للرأي العام العراقي وممثلين عن القضاء وبشرط إعلان كل التفاصيل الدقيقة الصغيرة والكبيرة المتعلقة بهذا الموضوع.

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

 

في المثقف اليوم