أقلام حرة
صادق السامرائي: النسب والعطب!!
أمة منشغلة بالأنساب، وعائدية فلان إلى نسل فلان وعلان، دون أدلة موضوعية وبراهين واضحة، وفي زمن التعرف على النسب بواسطة (دي أن أي)، فقدت هذه الإدعاءات قيمتها ومصداقيتها، وعليها أن تأتينا ببرهان يقين.
ثم حتى إذا تبين أنها تنتسب لهذا أو لغيره، فما قيمة ذلك، والمدعي عاطل عن المساهمة بإثراء الحياة وتنويرها بالإبداع والإبتكار والإضافات الأصيلة.
"ليس الفتى من قال كان أبي...إن الفتى من قال ها أنا ذا"
أبناء البلاد كلهم يدّعون بأنهم سادة، ويريدون عبيدا خدما لهم، ولكونهم سادوا فعليهم أن يتسلطنوا في الكراسي ويؤسسوا للدواوين، لترعاها القوى التي وجدت في ذلك وسيلة سهلة للقبض على مصير المواطنين، ولهذا تجد تشجيعا غير مسبوق لهكذا إدعاءات بائسة، خسرانية المعطيات.
ومما لا يقبله العقل، أن بضعة أفراد من نسل فرد، وعبر أقل من خمسين جيل، أصبحوا بالملايين، وكأنهم لم يتعرضوا للأوبئة والحروب وغيرها من المبيدات، التي كانت تقضي على عشرات الآلاف في برهة من الزمن.
العجيب في الأمر أن مجتمعاتنا تتميز بهذا السلوك المفقود في معظم مجتمعات الدنيا وخصوصا المتقدمة منها، وإذا ذكرت نسبك لأحدهم فأنه يبدو نوع من السذاجة ويواجَه بالإهمال.
أحدهم قال أنه من نسل فلان فأثار موجة ضحك لدى الآخرين، فهم ينظرون إليه ولا يعنيهم من أين أتى.
مسيرة الأحداث والوقائع البشرية في أزمانها، تؤكد أن المتبقي أقل من المتوفي بكثير، خصوصا عندما يرتبط الموضوع بشخص واحد دون غيره، ناهيك عن ربط الحالة بالرجل فقط.
أين نسل الخلفاء والقادة والعلماء والفقهاء وأبناء الذين صنعوا أحداث التاريخ بأنواعها؟
ما هي الإثباتات والشواهد على أنهم من نسل أولئك؟
علينا أن نعتمد الأساليب العلمية ونذهب إلى السيد (دي أن أي)، وعندها يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ومن الأرجح فينا خليط من عدة أقوام بسبب التمازج المتواصل والحروب المتكررة، وما أكثر أبناء الجواري في ديارنا.
فهل يوجد نسب أصيل عندنا؟!!
***
د. صادق السامرائي