أقلام حرة

صادق السامرائي: المجرشة تجرشنا!!

" ذبيت روحي عالجرش.. وادري الجرش ياذيها، ساعة واكسر المجرشة.. والعن أبو راعيها"

المجرشة قصيدة طويلة  للشاعر الشعبي الملاعبود الكرخي (1861 - 1946)، إستحضرتها، لأننا أصبحنا جريشا  وتنوعت المجارش التي تسحقنا ومنها:

أولا: مجرشة المحاصصة

مفردة مدمرة وضعها الذي كتب الدستور لألف غاية  وغاية في نفس يعقوب، وقبلتها الأطراف المغفلة وصارت طُعما لها، فتناثرت أوصال مجتمع معتصم بحبل الوطن.

ثانيا: مجرشة الطائفية

من أخطر السلوكيات التي عززتها القوى الطامعة بالبلاد والعباد بأنواعها، ووفرت لها الوسائل والعوامل الكفيلة بتطويرها وتحويلها إلى داء وخيم، فأخذت المجتمع إلى ميادين الذل والهوان.

ثالثا: مجرشة المناطقية

القوى المفترسة لوجودنا قسمت البلاد إلى مثلثات ومربعات، وفقا لنوايا سيئة تهدف لإذكاء الصراعات البينية، وتبديد القدرات وإذلال أبناء المجتمع وزرع العداوات بينهم، وتسهيل قتلهم لبعضهم وفقا لمنطلقات آثمة.

رابعا: مجرشة الفساد

إنطلق مشروع الفساد بمؤازرة الطامعين وقطع أشواطا بعيدة، وتحول إلى وباء أصاب البلاد من أعلاها إلى أسفلها، وصارت ثروات المواطنين تغادر الوطن وتحط في المصارف الأجنبية بتسهيلات غير مسبوقة، حتى غدت سرقة المليارات سلوكا مقبولا وربما عاديا.

خامسا: مجرشة التبعية

التبعية صارت أمرا مفروضا بعد أن تمزق المجتمع وتحول إلى كينونات متناحرة، وكل منها تريد مَن يمدها بما يساعدها على السيطرة والبقاء، فـتأمنت مصالح المتبوعين، وتأكدت أدوارهم في تقرير مصير البلاد، والتابعون ينفذون ما يؤمرون به.

سادسا: مجرشة المُلك المشاع

من العجائب السائدة أن ما تحت الأرض وفوقها مجهول الملكية، وهو غنيمة وملك مشاع، يحق لمن هب ودب أن يضع يده عليه ويدّعيه، فلا مالك لثروات البلاد، والشعب أرقام على يسار الرقم المتسلط ولا قيمة له فهو يساوي صفرا.

سابعا: مجرشة اللاوطن

القوى المؤدينة المهيمنة على مقدرات البلاد والعباد، لا تعترف بوطن، وهذا من صلب عقائدها ومنهاج عملها، فالذين يتحدثون عن الوطن والوطنية أن يستوعبوا بواعث السلوك، ولهذا فأن الخطاب الوطني لا وجود له، ويحسب من أدبيات الهذيان.

فهل لدينا القدرة على تحطيم المجرشة، ونلعن أبو راعيها؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم