أقلام حرة

ضياء محسن الاسدي: الصراع بين رجال الدين والمدنية حنين إلى الماضي

يطل علينا بعض رجال الدين وبعض المؤسسات الدينية بين الحين والآخر مناقشة بعض القوانين لإثارة الجدل بين السلطة الدينية والتشريعية والقانونية والمجتمع بحجة ضمان حقوق الفرد العراقي أن إثارة مثل هكذا قوانين تثير حفيظة الناس والأسرة وتزيد من انقسامات المجتمع لما يتضمنه من تشريعات جديدة مقترحة علما أن المجتمع العراقي والعالمي يحتاج إلى ضمانات منيعة من السلطة القضائية والعرفية للحفاظ على كينونته وكذلك الدولة ومؤسساتها كون أن المجتمعات تسعى نحو الحداثة والتطور في أسلوب العيش والتعامل اليومي للفرد داخل أطار العقائد والدين الإسلامي ضمن قوانين خاصة تنظم له العلاقات المجتمعية وعلاقة الفرد مع الله تعالى أن هذه العلاقات الخاصة مع الله تعالى ينظمها التيار الديني الصحيح الخاضع للدستور الإسلامي المتمثل بالقرآن الكريم أما التيار المادي المدني المتمثل بالحكومة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية هي الوحيدة لها الحق في رسم الحدود للعلاقات المجتمعية وفق تطورات المجتمع والتغيرات المستحدثة بعدما ما كانت السلطة الدينية هي المتربعة على عرش السلطة الدينية والدنيوية ولا يسمح للتيار المدني والمادي في أخذ دوره في حلقات الحياة الاجتماعية منذ عدة قرون خلت خلافا لما وضعه النبي الأكرم محمد بن عبد الله صلوات الله عليه حين بنا دولة مدنية عصرية منظمة بجميع الطوائف والأعراق والأديان دولة واحدة مبنية على المساواة والعدل يقودها بنفسه وصحابته الكرام لكن الانقلاب الذي حصل بعد رحيله رسخ التيار الديني الهيمنة على أسلوب العيش للمجتمع ووضع برامج الحياة وفق رؤيا يقودها هذا التيار بعيدا عن المدنية وتطوراتها وحداثتها وبعد زمن تطورت نمط الحياة للفرد وصعبت عليه واحتاج المجتمع إلى حلول جديدة أكثر تتطورا تتناغم مع الحياة الجديدة عجزت عنها كثير من رجال الديني المتطرفين والسلفي منهم وبدأ الصراع بين التيارين للحصول على مكاسب أكثر خصوصية ومنافذ نفعية من قبل بعض رجال الدين والمؤسسات الدينية التي كانت تسيطر على المجتمع وفي الآونة الأخيرة أحس هؤلاء أن المجتمع يسحب البساط ويقيد نفوذهم وحريتهم ومفاهيمهم السلفية التي هي أقرب إلى النفعية منها إلى الفقهية لهذا أن البعض منهم يسعى لأعادة الهيمنة على المجتمع الذي بدؤوا يفقدون السيطرة عليه فلآن نجد أن البعض من رجال الدين وفي كل مرحلة زمنية يحاولون افتعال الأزمات التي تثير حفيظة المجتمع التي تمس شريحة معينة فيه وإثارة النقاش والجدل لأبعاد النظر عن المشاكل التي يعاني منها نتيجة الضغط الحياتي المتواصل على المواطن مقابل الإهمال الحكومي المتعمد ومؤسساته بدلا من المساهمة في وضع الحلول لها عبر قنوات هذه المؤسسات ورعاية المنظمات المجتمعية والدوائر القضائية للرقي والتطور.

***

ضياء محسن الاسدي

في المثقف اليوم