أقلام حرة

صادق السامرائي: مصطفى أتاتورك بين القاهر والظافر!!

هذا استنتاج قابل للنقاش، مبني على تقييم نفسي سلوكي لما جرى في تركيا، بعد إنكسار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ومحاولات الدول المنتصرة عليها، أن تفترسها بقسوة ووحشية سافرة.

إذ تحولت الدولة بما فيها وعليها لملك مشاع للغالبين، وجرت المؤامرات لتمزيقها إربا إربا، والإطاحة بدينها ومحق وجودها.

وبقي الخليفة في الباب العالي دمية أو كالأسير الذي عليه أن ينفذ ما يُطلب منه، لأنه مهزوم.

ويبدو أن العسكري مصطفى أدرك مغزى اللعبة، وقرر أن يواجهها بلعبة تبدو على أنها تحقق مطامع المتنافسين على تدمير تركيا، فانطلق في مشروعه بخطوات عملية توهم أعداءها بأنه يعمل لصالح مشروعهم، القاضي بمحقها كرمز للإسلام وقوة ذات إرادة كبيرة، وكانت اللعبة أن يبدو وكأنه في حرب علنية على الإسلام، ومناهض لمفهوم الخلافة، ففعل الذي فعله بدوافع وطنية بحتة، للحفاظ على بلاده التي أريد لها أن تغيب.

فتوهم الغرب بأن تركيا قد طلقت الإسلام بالثلاث، وأصبحت لها كيانها الخاص المقطوع عن تأريخها المجيد، ومضت الأمور على هذا التصور لبضعة عقود، حتى أخذت تنطلق فيها نداءات الرجوع إلى أصلها، وأن قوتها ومجدها قد تحققا بالدين، فنشأت فيها الأحزاب الداعية لتمثل قيم الإسلام.

ولا يخفى أن الإسلام لم تخمد جذوته في أعماق الشعب التركي بل تأكد وتنامى، فالشعب التركي متدين وملتزم بتعاليم الدين رغم ما حصل.

وبعد أن دارت السنون بعقودها الحامية، وجدنا تركيا تستعيد ذاتها وتلتقي بجوهرها الحضاري، وتتمثل الإسلام بآليات معاصرة، ذات  قدرة على المطاولة والتحدي والإقدام.

ولهذا يمكن القول أن أتاتورك قد حافظ على تركيا بدهائه، ووفر للإسلام حاضنة ذات قدرة على التعبير الأمثل عن قيمه وأخلاقه، والأمور بخواتمها، وفي أقل من ستة عقود ظهرت نتائج ما قام به أتاتورك.

 فهل كان مستشرفا نبيها للمستقبل، ومدركا لعواقب التحديات؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم