أقلام حرة
بديعة النعيمي: الحرب على غزة (70): روبوتات التميمة
إن "المحرقة" التي رسختها الحركة الصهيونية في العقل اليهودي بعد تضخيمها وتعليقها كتميمة في عنق مواطني دولة الاحتلال، باتت صكوك غفران لكل ما ارتكبوه في الماضي وما يرتكبونه اليوم.
فالدولة الصهيونية العلمانية التي قامت بتنحية الدين اليهودي جانبا بعد أن تمردت عليه واستخدمته عند الحاجة فقط منذ بدايات قيامها، في الحقيقة ما كانت لتولد لولا تلك التميمة الثمينة"المحرقة" التي تدخل الرعب في قلب اليهودي كلما تلمسها أو وقع نظره عليها. فمن صنع المحرقة عرف كيف يصنع شعبا روبوتيا يحتضن سلاحه على الدوام، متأهبا للضغط على زناده في لحظة الخطر. ولأن اليهودي يعلم أن دولته لاشرعية قامت على أنقاض شعب آخر هو صاحب الأرض الشرعي، تحتم على معلق التميمة أن لا يغفل لحظة عن هذا الصاحب الذي يهدد بقائه، لأن الثاني لم ينسى أرضه برغم ما فعله الأول بحقه من قتل وتدمير واستلاب.
لكن هذه اليد التي تحمل السلاح وتتأهب على الدوام للضغط على زناده ستصاب بالخدر والشلل وبالتالي نهايته الحتمية لو أفلت الزناد. والسؤال هنا، هل هذه الدولة الخائفة المتوجسة على الدوام ستزدهر يوما ويطول عمرها؟ دولة ترى نفسها الضحية، ما جعلها تتمادى إلى أقصى حدود التمادي، تقضم كل يوم من الكعكة دون رادع، تقيم المستوطنات، تمزق الأرض، تذل الفلسطيني عند كل حاجز، تقتحم البيوت ليلا، تتعدى على الحقوق، تتعامل بدونية وسادية، تمارس فعل التطهير العرقي عن طريق القتل الجماعي والترحيل.
وما تفعله اليوم في حربها على غزة هو نتاج الخوف والرعب الذي دبّ في قلبها جراء مقاومة قلبت موازينها ومرّغت شوفينيتها بوحل الهزيمة. تدّعي الانتصار وهي مهزومة، تنتصر لنفسها بحصار وتجويع وتدمير وترحيل وقتل.
طفل غزة في مهده يرعب دولة الاحتلال، تراه جيشا كاملا، مدججا بأعتى الأسلحة، لذلك تقدم على قتله قبل أن يترك هذا المهد. تقتل الرحم الذي يلد الأبطال، ترى فيه تهديدا لوجودها لأن من ينبت ويكبر بداخله هو الذي سيخرج غدا من تحت الركام يحمل وصايا الجدود، يقاتل من يتحصن داخل دبابة، يدمرها من مسافة صفرهم.
تميمتهم تتحكم بهم مع خليط متناقض من الأساطير المزيفة، تطبخها القيادات المتعجرفة. لكن هيهات فخليطهم محترق وخوفهم سيقتلهم. ودولة قامت على الظلم لن تبقى، ويوم اقتلاعها قد اقترب بإذن الله. والمسألة مسألة زمن ووقت، فأين الفرنجة؟ وأين الصليبيين؟
وسيأتي الزمن لنقول أين هي دولة الاحتلال ؟
***
بديعة النعيمي